إذا ساءت علاقة طهران بواشنطن قالوا صراع فِيلة. وإذا تحسّنت قالوا «تآمر». وإذا شكّك أحمدي نجاد في الهولوكوست قالوا «تهريج». وإذا شكّك فيها روبر فوريسون قالوا «وثيقة». وإذا دعمت إيران لبنان قالوا «تدخل». وإذا دعمه الآخرون قالوا «تضامن».
وإذا حّذر إمام جمعة طهران المؤقت من إمبريالية أميركية قالوا «ديماغوجيا». وإذا تحدّث عن ذلك هربرت شيللر قالوا «إنصاف». وإذا أشار آية الله علي خامنئي إلى غزو ثقافي قالوا «تهويل». وإذا قال بوش إنه يقود حرباً صليبيةً قالوا «زلّة لسان».
وإذا قال هاشمي رفسنجاني إن تعذيب العراقيين في أبوغريب هو عارٍ على جبين واشنطن قالوا «دعاية». وإذا وثّق ذلك ستيفن مايلز في كتابه «خيانة القسم» قالوا «الاعتراف بالذنب فضيلة». وإذا تحدث آية الله أحمد خاتمي عن نهاية «إسرائيل» قالوا «خطاب ملالي». وإذا أكّد ذلك فريدريك توبن قالوا «نبوءة».
وإذا حُوكِم إيرانيٌ لتجديفه في الدين قالوا «قمعاً لحرية الرأي». وإذا حُوكِم وأقيل نائب رئيس مديرية سانت جنوب غرب فرنسا برونو غيغ لانتقاده الكيان الصهيوني قالوا «إن القضاء الفرنسي مستقل».
وإذا أصدرت محكمة إيرانية حكماً على الجاسوس علي أشتري قالوا إن «الحكم سياسي». وإذا صرّح القاضي الأميركي بأن الحكم القاسي الذي أصدره ضد العميل الصيني تشي ماك هو «لردع الصين عن أية محاولة لإرسال عملاء سريين إلى الولايات المتحدة» قالوا «عدالة».
وإذا استخدم المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية صلاحياته لنقض تشريع برلماني مرة واحدة منذ تولّيه ولاية الأمر قالوا «تسلّط». وإذا استخدم جورج بوش حق النقض ضد مشروع الكونغرس الخاص بقانون للإنفاق العسكري في العراق مرتين في أقل من سنتين قالوا «حق جمهوري».
وإذا وصل التضخّم في إيران إلى خمسة عشر في المئة قالوا «فضيحة». وإذا وصل التضخم في دولة ثريّة مجاورة إلى أربعة عشر في المئة قالوا «تنمية». وإذا حقّقت إيران نمواً بنسبة 8 في المئة قالوا «إخفاقاً». وإذا حقّقت دولة حليفة للغرب نمواً بنسبة 4 في المئة قالوا «إنجازاً».
وإذا سجّلت إيران خلال الثماني سنوات الماضية 16400 اختراع قالوا «بحوث خردة». وإذا ظهر اختراع في الغرب قالوا «فتح إنساني». وإذا بنى الإيرانيون مفاعلاً نووياً قالوا «تعدّي»، وإذا فعل ذلك الصهاينة قالوا «دفاعاً عن النفس».
وعندما يُعدم تسعة وعشرون من المتاجرين بالمخدرات في إيران قالوا «هتك لحقوق الإنسان». وعندما يُعدم ستة وستون أميركياً في الولايات المتحدة قالوا «عدالة». وإذا صادرت إيران 231 طناً من الأفيون في بحر عام (حسب رئيس مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة أنطونيو ماريا كوستا) قالوا «حديث صحف». وإذا تستّر بيل كلينتون على صفقة الكوكايين (بقيمة 750 مليون دولار) عندما كان حاكماً لولاية أركنساس لتمويل حملته الانتخابية قالوا «إشاعة».
وقد أفهم الآن لغز الكلمات ومراميها واستخداماتها وتأويلاتها وتوظيفاتها، حين يتم اختطافها بغرض التجنيد في معارك السياسة. وما بين «إذا» إيران و «إذا» خصومها تضيع الحقيقة