ردا على النواصب الأمية صفة خاصة لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم
بتاريخ : 10-08-2009 الساعة : 09:30 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل وسلم على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واهلك عدوهم
وصف الله سبحانه وتعالى رسوله الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في الآية الكريمة (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمي… ) بكونه أمياً، وهي صفة خاصة به دون غيره من الأنبياء والمرسلين. وهذه هي الصفة الثالثة التي وصفه الله تعالى بها في الآية الكريمة.
أقوال المفسرين في المراد منها
وقد اختلف المفسرون في المراد من قوله تعالى (الأمي): فقيل نسبه الله تعالى إلى مكة، وذلك من قوله تعالى مخاطباً إياه(وَكَذَلِكَ أَوْحيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) [سورة الشورى: 8].
وقوله تعـالى(وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) [الانعام/ 93].
و(أم القرى) هي مكة المكرمة كما يقول المفسرون، ودعيت مكة بأم القرى لأنها أول قرية وبقعة من الأرض خلقها الله تعالى، ثم دحاها من تحت الكعبة – أي بسطها على وجه الماء – فخلق منها بقية القرى والأراضي(1)، فلذلك دعيت بأم القرى، ويقال لأهلها (أميون) نسبة لها.
وهذا التفسير مروي أيضاً عن بعض أئمة الهدى(عليهم السلام)(2).
هل كان النبي يقرأ ويكتب ؟
وقيل: (الأمي) هو الذي لا يكتب ولا يقرأ والنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان كذلك لا يكتب ولا يقرأ وكانت نبوته ورسالته – مع كونه أمياً – من جملة معاجزه العظام.
وبيان ذلك أن تعلم الكتابة والقراءة أمر سهل التناول، فإن أقل الناس ذكاء وفطنة يتعلم الخط كتابة وقراءة بأدنى سعي، وعدم تعلم الإنسان ذلك – بحسب العادة المطردة – يدل على نقص بين في الفهم والذكاء والعقل والعلم، والحال أن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم كان مع أميته أعظم الناس فهماً وأحدهم ذكاء وأكملهم عقلا وأغزرهم علماً، فكان الجمع بين هاتين الحالتين المتضادتين جارياً مجرى الجمع بين الضدين وذلك مستحيل حسب العادة، فلا بد إذن من الجزم والقطع بأن الله عز وجل هو الذي أفاض عليه ما أفاض وأعطاه ما أعطاه من الفهم والذكاء والعقل والعلم ما فاق به جميع العالم من الأولين والآخرين، ليكون ذلك برهانا بينا ومعجزا عظيماً على نبوته ورسالته.
ثم إنه(صلى الله عليه و آله) أتى أمته بالقرآن الكريم من عند الله عز وجل وهو معجزه الخالد، فلو كان يقرأ ويكتب لوجد الجاحدون والمبطلون طريقاً إلى الشك في معجزه هذا ولقالوا: إن هذا القرآن جمعه من كتب الأولين لأنه يكتب ويقرأ ونحن لا نكتب ولا نقرأ.
لأن أكثر العرب بل كلهم إلا قليلا منهم كانوا أميين ولكنه لما ساواهم في المولد والمنشأ وكان أمياً كما كانوا أميين، ثم أتى لهم بما عجزوا عنه وجب أن يعلموا علماً قطعياً أنه من عند الله عز وجل لا من عنده، إذ لم تجر العادة أن ينشأ إنسان بين قوم يشاهدون أحواله من صغره إلى كبره في حضره وسفره لا يتعلم شيئاً من غيره ولا يطالع كتاباً قط ثم يأتي من عنده بكتاب فيه تبيان كل شيء يعجز الكل عنه بل عن بعضه، ويقرأ عليهم قصص الأولين ويخبرهم بأنباء الآتين. هذا ما لا تجري به العادة، فإذن لا بد من أن يكون من عند الله تعالى لا من عنده وقد صرح القرآن الكريم بهذا المعنى، حيث قال عز من قائل مخاطباً رسوله الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) [العنكبوت/49].
والآية كما ترى صريحة كل الصراحة على أنه(صلى الله عليه و آله) ما كان يقرأ ولا يكتب أي كتاب قبل إنزال القرآن عليه، وصرحت الآية أيضاً أن العلة في ذلك هي أنه لو كان يقرأ ويكتب قبل بعثته لحصل الريب – أي الشك – عند المبطلين من أهل الكفر والعناد في كون القرآن من عند الله تعالى، وتكون لهم بذلك شبهة.
هذا ما صرحت به الآية الكريمة وأجمعت عليه كلمة المسلمين أجمعين أنه ما كان يكتب ولا يقرأ قبل بعثته، أما بعد بعثته وإنزال القرآن عليه فاختلف المسلمون في أنه هل كان يعرف الكتابة والقراءة بتعليم إلهي أو لا يعرفهما ؟