تزويج الإمام علي عليه السلام إحدى بناته لعمر بن الخطاب ...!!
بتاريخ : 27-08-2009 الساعة : 11:22 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
قد حاول بعض علماء أهل السنّة ، أن يثبت تزويج أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ابنته أُمّ كلثوم من عمر بن الخطّاب ، لأغراض عديدة أهمّها :
أنّ التزويج دليل على اعتراف الإمام ( عليه السلام ) بصحّة خلافة عمر ، وإلاّ لو كان علي يعتبر عمراً غاصباً للخلافة لما زوّجه ابنته أبداً .
من هؤلاء العلماء الذين ذكروا خبر التزويج :
ابن سعد (1) ، والدولابي (2) ، والحاكم النيسابوري (3) ، والبيهقي (4) ، وابن عبد البر (5) ، وابن الأثير الجزري (6) .
ولكن عند المراجعة لأسانيد هذه الكتب يتبيّن : أن لا حجّية لأصل الخبر فيها ، فضلاً عن جزئياته ومتعلّقاته ، وذلك بالنظر إلى أُصول أهل السنّة ، وقواعدهم في علم الحديث ، واستناداً إلى كلمات علمائهم في علم الرجال :
1ـ إنّه حديث أعرض عنه البخاري ومسلم ، فلم يخرجاه في كتابيهما المعروفين بالصحيحين ، وكم من حديث صحيح سنداً لم يأخذوا به في بحوثهم المختلفة ، معتذرين بعدم إخراجهما إيّاه .
2ـ إنّه حديث غير مخرّج في شيء من سائر الكتب المعروفة عندهم بالصحاح ، فهو حديث متّفق على تركه بين أرباب الصحاح الستّة .
3ـ إنّه حديث غير مخرّج في المسانيد المعتبرة ، كمسند أحمد بن حنبل ، الذي قال أحمد وجماعة تبعاً له : « بأنّ ما ليس فيه فليس بصحيح … » .
بالإضافة إلى أنّ جميع أسانيد الخبر فيها ساقطة ، لأنّ رواته بين مولى عمر ، وقاضي الزبير ، وقاتل عمّار ، وعلماء الدولة الأُموية ، فرجال أسانيده بين كذّاب ووضّاع ، وضعيف ومدلّس ، فلا يصحّ الاحتجاج به ، والركون إليه ، هذا ما اعترف به نفس علمائهم .
وأمّا متون خبر التزويج فيها ودلالته ، فكلّها متضاربة متكاذبة ، لا يمكن الجمع بينها بنحو من الأنحاء ، فيكون دليلاً آخر على أن لا حجّية لهذا الخبر .
وأغلب الظنّ ، كون السبب في وضع هذا الخبر وحكايته ، هو أنّ القوم لمّا رأوا أنّ عمر بن الخطّاب من رواة حديث : « كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة ، إلاّ سببي ونسبي » الدال على فضيلة ومنقبة لأهل البيت ( عليهم السلام ) بالأخصّ الإمام علي ( عليه السلام ) ، حتّى أنّ الحاكم أورده في فضائل علي ، كما قال المنّاوي (7) ، عمدوا إلى وضع خبر خطبة عمر ابنة علي ، وربطوا الحديث المذكور به .
والنتيجة : أنّ خبر التزويج المروي في كتبهم ، وبطرقهم ساقط سنداً ودلالة ، باعتراف نفس علمائهم .
وأمّا ما ورد من خبر التزويج بسند معتبر ، والموجود في كتبنا ، فينكره بعض علمائنا من أصله ، لوجود التضارب في مضامين الأخبار ، والمناقشة في الدلالة ، ويقرّ به البعض الآخر منهم ، بهذا المقدار المستفاد من رواياتنا وهو : أنّ عمر خطب أُمّ كلثوم ، وعلي ( عليه السلام ) اعتذر بأنّها صبية ، وبأعذار أُخرى ، فلم يفد اعتذاره ، فهدّده عمر بعدّة تهديدات ـ أشار الإمام الصادق ( عليه السلام ) إلى هذا التهديد ، بقوله : « ذلك فرج غُصب منّا » ـ إلى أن اضطرّ الإمام ( عليه السلام ) ، فأوكل الأمر إلى عمّه العباس ، فزوّجها العباس ، وانتقلت البنت إلى دار عمر ، وبعد موته أخذ علي ( عليه السلام ) بيدها ، وانطلق بها إلى بيته (8) .
أمّا أنّه دخل بها ، وكان له منها ولد أو أولاد ، فلا دليل عليه في رواياتنا ، وأيّد هذا المطلب الزرقاني المالكي بقوله : « وأُمّ كلثوم زوج عمر بن الخطّاب ، ومات عنها قبل بلوغها » (9) .
ثمّ أنّ هذا المقدار الموجود في رواياتنا لا يدلّ على فضيلة لعمر ، كما لا يدلّ وقوع هكذا تزويج على المصافاة والمحاباة بين علي وعمر ، فلا يدلّ على صحّة خلافة عمر .
ــــــــــــــ (1) الطبقات الكبرى 8 / 463 . (2) الذرّية الطاهرة : 116 . (3) المستدرك على الصحيحين 3 / 142 . (4) السنن الكبرى للبيهقي 7 / 70 . (5) الاستيعاب 4 / 509 . (6) أُسد الغابة 5 / 614 . (7) فيض القدير 5 / 27 . (8) الكافي 5 / 346 و 6 / 115 . (9) شرح المواهب اللدنية 7 / 9 .