تعود نشأة حديقة "الحامة" في العاصمة الجزائرية إلى عام 1832، أي بعد عامين من الاستعمار الفرنسي للجزائر. وكانت تقدر مساحتها آنذاك بنحو 100 هكتار، إلا أن التوسع العمراني قلص مساحتها إلى 32 هكتارًا فقط.
تتوسط الحديقة حي البلكور الشعبي في الجزائر العاصمة، ومنذ نشأتها كانت حديقة الحامة أرضًا للتجارب العلمية التي يجريها الاستعمار الفرنسي على النباتات التي يحضرها من المستعمرات الأفريقية الأخرى، حيث يتم زراعتها في الحديقة لتتأقلم مع المناخ المتوسطي، ثم يصدرها إلى أوربا بعد ذلك. كانت تستخدم الحديقة أيضًا كمشتل لأنواع الكرم والزيتون والفواكه، وتوزع على مزارع المعمرين الفرنسيين "الكولون" في الجزائر.
يتميز مناخ حديقة الحامة عن مناخ العاصمة، حيث تتراوح درجة حرارة العاصمة ما بين 6 درجات شتاء و38 درجة صيفًا، بينما لا تنخفض درجة الحرارة في الحديقة عن 15 درجة شتاء، ولا تزيد عن 25 درجة أثناء الصيف. ولا يوجد تفسير علمي لهذه الظاهرة سوى أنها قدرة الله عز وجل كما قال الدكتور فيصل حفاصي مدير الحديقة السابق في حديثه لـ"إسلام أون لاين.نت".
نباتات نادرة
لم يساعد هذا المناخ الدافئ على تنوع النباتات في الحديقة فحسب، بل وفي عمرها المديد أيضًا. حيث ينمو في ربوع الحديقة ما يربو عن 2500 نوع من الأشجار والنباتات من مختلف أنواع المناخ والبيئة في العالم تأقلمت مع مناخ الحديقة المتميز. بعض هذه النباتات والأشجار لا يوجد إلا في حديقة الحامة مثل شجرة دراسينا "Dracaena" أو Dragonia"" وتعرف بشجرة التنين، ويعود عمرها إلى عام 1847.
ويزين ممر الحديقة الفرنسية المجاورة للبحر أشجار النخيل المروحي المسمى "واشنطونيا"، وتبعد الحديقة الفرنسية عن البحر بنحو مائتي متر فقط، وسميت بهذا الاسم لتشابهها مع حدائق قصر فرساي بفرنسا، وأنشئت في عام 1903.
كما توزعت في أرجاء الحديقة بتنسيق جميل أشجار "Cicos" عمرها 98 سنة. إلى جانب أنواع أخرى مثل الفيكوس والبامبو التي غرست في الحديقة عام 1847. وتأسف الدكتور حفاصي لوجود 120 نوعًا من هذه الثروة النباتية مهدد بالانقراض؛ نظرًا للشيخوخة التي أصابتها.
تشبيب نباتات الحديقة
وقد صرح الدكتور فيصل حفاصي لـ"إسلام أون لاين.نت" أن مختبر الحديقة يقوم بتجارب لتجديد خلايا الأشجار المهددة بالانقراض، وعرض أمامنا عينات في المختبر لتشبيب الأشجار الشائخة.
ورفض الدكتور حفاصي البوح بالطريقة التي يجددون بها خلايا الأشجار الهرمة، وبعضها يزيد عمرها عن مائتي عام؛ لأنها غرست في الحديقة وعمرها لا يزيد عن ثلاثين عاما.
تُعَدّ حديقة الحامة إحدى ثلاث حدائق تاريخية في العالم. بعد حديقتين، الأولى في بريطانيا والثانية في الولايات المتحدة الأمريكية. وتُعتبر مكتبة عالمية للنبات. وكانت قبل اندلاع الأزمة الجزائرية عام 1991 تحفة فنية لكثرة التماثيل فيها، منها تمثال المرأة المستحمة، وهو الوحيد في العالم. واختفى التمثال خلال سنوات أزمة العنف التي اكتوت فيها الجزائر. وظهر التمثال العام الماضي لدى عائلة ميسورة لها علاقات بجهات نافذة بالسلطة، وقد ابتاعته ممن هرّب أو سرق التمثال فقط بـ400 ألف دينار جزائري (حوالي 5760 دولارًا أمريكيًّا)، وذلك حسبما ذكرت الصحف الجزائرية. في الوقت الذي لا يُقدر فيه هذا التمثال بثمن، حيث يعود تاريخ نحته إلى عام 1841. وتسبب اختفاؤه وظهوره مرة ثانية في عزل مدير الدكتور فيصل حفاصي بتهمة الإتلاف لكنوز أثرية.