عبـد الرسـول زيــارة
هذه هي الايام التي ينتاب فيها القلق قلوب السياسيين وتؤرق الهموم المزعجة اعينهم التي فتحوها للتو فلطالما ناموا عن هموم الناس واخلدوا الى نوم اهل القبور حتى دقت اجراس الانتخابات معلنة عن بدء السباق المحموم للفوز بصولجان المملكة وتاج السلطان والنفوذ.
وهذه هي الايام التي يصبح فيها التغاضي عن عداوات الامس واختلافاته امراً لا احد يثير من حوله الغبار فالجميع بحاجة الى الجميع وليس هناك من في تاريخه الحديث ما يغري به الناخبين فيفوز لوحده بالكعكة لا يقاسمه احد فيها ابداً.
فمنذ عدة اسابيع والناس تقترب من بعضها وتعقد صداقات وعلاقات لم تخطر لهم ببال وقد امحت الذنوب واسقط الجميع ما عندهم من الدعاوى ضد من يخالفونهم في كل شيء وكأن شيئاً لم يحدث.
فمن اجل ماذا يبدي هذا استعداده للعمل مع ذاك وهو يعلم علم اليقين بان لا اتفاق بينهما مهما كانت الظروف؟ أهي المصالح الشخصية تلك التي تؤلف بين القلوب المتباغضة ام مصلحة الوطن كانت قد دفعت باعداء الامس الى ميدان الاخوة والصداقة الشريفة.
ربما سيعترض احدهم ويؤاخذنا على سوء الظن ويتهمنا بما نحن منه براء فيقول ولماذا تعترضون على هذه النحالفات أليس في اجتماع الامة ماهو خير لها؟.
ونجيب بشيء من السخرية والاستغراب ولماذا في هذا الوقت فقط؟
ألم يكن ثمة ما يدعوكم للتحالف قبل هذا التاريخ فقد تعرضت البلاد الى الازمات الخطيرة وحل بالناس ما حل من تصاريف المأساة فلم تزدكم الى ابتعاداً وعداوة وكرها.
اذاً ليس هو الوطن ما يجعلكم الين قلوباً واحب صورة الى خصومكم التقليديين.
فلتعلموا ايها السادة ان اعراسكم هذه لن تدوم ما دمتم بعيدين عن الوطن قريبين عن مصالحكم واهدافكم الخاصة فمن قبل كان الهدف المشترك هو كل ما كان يجمع بينكم ولم يكن عندكم ما يؤسس للاختلاف ويدعو الى التنابذ والتناحر.
اما اليوم فقد ذاق بعضكم ما تعنيه السلطة وعرف ان لا شيء يعدلها، وفداها الوطن والحليف والصديق فكيف ستلتقون وما بينكم هو مابين الاعداء وليس الحلفاء؟.
وقد يقول قائل انها لعبة السياسة ومن فصولها ان يهادن الفرقاء بعضهم بعضاً حتى اذا امسك احدهم بزمام الامور انقلب على رأسه وراح يفتش عن المعاذير التي يخرج فيها الحليف من حلفه ويحوله الى ما كان عليه من الخصومة والعداوة.
واذا كان هناك من يعذر ويجد في ان يبحث لكم عن معاذير اخرى فان الشعب والتاريخ لم يغفر لاحد منكم زلته فقد سأم من هذه الألاعيب وليس عنده من الوقت والصبر ما يبرر استمراركم باللعب والضحك على الذقون وحتى لا يلعن التاريخ احداً منكم ويصبح كما اصبح الذين من قبله مذموماً مدحوراً فان عليكم ان تعلنوا عن مواقفكم بوضوح.
فترحموا انفسكم..
وترحموا هذا الشعب الذي طالت به ليالي العذاب.