بعض الادلة على ايمان سيدنا ابو طالب ومولاتنا فاطمة بنت اسد [&]
بتاريخ : 03-10-2009 الساعة : 10:41 PM
من كتاب أبهى المداد في شرح مؤتمر علماء بغداد لآية الله الشيخ محمّد جميل حمّود:2/335 ـ 354
(1) لقد شنّ المخالفون حملة عظيمة على سيّد البطحاء "أبي طالب" وزوجه الطاهرة فاطمة بنت أسد (عليها السَّلام)، فنسبوا إليهما أنهما كانا مشركين، بل إن أبا طالب مات على الكفر بعد المبعث، كل ذلك لأنهما والدا أمير المؤمنين عليّ (عليه السَّلام).
ونحن سنتطرق إلى إيمانهما قبل البعثة وبعدها من خلال نقطتين:
الأولى: فيما يتعلق بإيمان السيّدة المطهّرة فاطمة بنت أسد (عليها السَّلام).
الثانية: فيما يتعلق بإيمان الصدّيق الوصي أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب (عليه السَّلام).
أما بيان النقطة الأولى:
إن السيّدة الصدّيقة المباركة مولاتنا فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف القرشية الهاشمية والدة أمير المؤمنين عليّ وطالب وعقيل وجعفر.
قال الزهري: هي أول هاشمية ولدت لهاشمي، وهي أيضاً أول هاشمية ولدت خليفة، ثم بعدها فاطمة بنت رسول اللَّه ولدت الحسن (عليه السَّلام).
ولها بنتان: الأولى: أم هانىء واسمها جعدة، وقيل: فاختة وقيل: هند، وهي التي صلّى رسول اللَّه في بيتها يوم الفتح.
والثانية: قيل اسمها ريطة، وقيل أسماء أخرى.
وكانت فاطمة (عليها السَّلام) قبل الإسلام تدين بدين الحنيفية الإبراهيمية، كما كانت من أوائل المؤمنات برسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، بل هي أول امرأة آمنت برسول اللَّه قبل خديجة (عليها السَّلام) وذلك: لمّا جاءت إلى أبي طالب لتبشّره بمولد النبيّ فقال لها أبو طالب: اصبري سبتاً أبشرك بمثله إلاّ النبوّة. فيدل على إيمانها بالنبيّ قبل ولادته، نعم جددت إسلامها أو أكّدته بعد مبعث النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم). كما كانت أول امرأة هاجرت إلى النبيّ من مكة إلى المدينة على قدميها، وكانت من أبرّ الناس برسول اللَّه.
· قال ابن الجوزي الحنفي: وهي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، أسلمت وهاجرت إلى المدينة، وتوفيت بها سنة أربع من الهجرة، وشهد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه [وآله] وسلّم جنازتها، وصلّى عليها ودعا لها، ودفع لها قميصه فألبسها إياه عند تكفينها.
ثم قال: وقال الزهري: وكان رسول اللَّه يزورها ويقيل عندها في بيتها وكانت صالحة.
ثم قال: عن ابن عباس: وفيها نزلت ]يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ[.
قال: وهي أول امرأة هاجرت من مكة إلى المدينة ماشية حافية، وهي أول امرأة بايعت محمّداً رسول اللَّه بمكة بعد خديجة.
· قال الزهري: سَمِعَتْ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه [وآله] وسلّم يقول: يُحشر الناس يوم القيامة عراة، فقالت: واسوأتاه!، فقال لها رسول اللَّه: فإني أسأل اللَّه أن يبعثك كاسية.
قال: وسمعَتْه يقول أو يذكر عذاب القبر، فقالت: واضعفاه! فقال: إني أسأل اللَّه أنّ يكفيك ذلك.
· قال ابن الصباغ المالكي: أمّه (أي أم الإمام عليّ (عليه السَّلام))؛ فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف تجتمع هي وأبو طالب في هاشم، أسلمت وهاجرت مع النبيّ صلّى اللَّه عليه [وآله] وسلّم وكانت من السابقات إلى الإيمان بمنزلة الأمّ من النبيّ صلّى اللَّه عليه [وآله] وسلّم، فلما ماتت كفّنها النبيّ بقميصه وأمر أسامة بن زيد وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطاب وغلاماً أسود فحفروا قبرها، فلما بلغوا لحدها حفره رسول اللَّه بيديه وأخرج ترابه، فلما فرغ اضطجع فيه وقال: "الحمد للَّه الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت، اللهم اغفر لأمّي فاطمة بنت أسد، ولقّنها حجّتها، ووسع عليها مدخلها بحق نبيّك محمّد والأنبياء الذين من قبلي، فإنك أرحم الراحمين". فقيل: يا رسول اللَّه، رأيناك وضعت شيئاً )الأصح: صنعت( لم تكن وضعته (صنعته) بأحد قبلها؟
فقال صلّى اللَّه عليه [وآله] وسلّم: ألبستها قميصي لتلبس من ثياب الجنّة، واضطجعت في قبرها ليخفف عنها من ضغطة القبر، إنها كانت من أحسن خلق اللَّه صنعاً إليّ بعد أبي أبي طالب (عليه السَّلام).
· قال الشيخ المفيد: وأمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، وكانت كالأم لرسول اللَّه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) في حجرها، وكان (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) شاكراً لبرّها، وآمنت به في الأوّلين وهاجرت معه في جملة المهاجرين، ولمّا قبضها اللَّه تعالى إليه، كفّنها النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) بقيمصه ليدرأ عنها هوام الأرض وتوسّد في قبرها لتأمن بذلك ضغطة القبر، ولقّنها الإقرار بولاية ابنها أمير المؤمنين (عليه السَّلام) لتجيب به عند المسألة بعد الدفن، فخصّها بهذا الفضل العظيم لمنزلتها من اللَّه عزّ وجل ومنه عليه السلام، والخبر بذلك مشهور.
· قال العلامة الأربلي: وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، وكانت من رسول اللَّه بمنزلة الأمّ، ربّته في حجرها، وكانت من السابقات إلى الإيمان وهاجرت معه إلى المدينة، وكفنها النبيّ بقميصه....
· وقال ابن الأثير الجزري:
"إن رسول اللَّه كفّن فاطمة بنت أسد في قميصه واضطجع في قبرها، وجزّاها خيراً، وروي عن ابن عبّاس نحو هذا، وزاد، فقالوا: ما رأيناك صنعت بأحد ما صنعت بهذه؟ قال: "إنه لم يكن بعد أبي طالب أبرّ بي منها، إنما ألبستها قميصي لتكسى من حُلل الجنّة، واضطجعت في قبرها ليهون عليها عذاب القبر".
· وقال الكليني رضي اللَّه عنه:
"سمعت أي فاطمة رسول اللَّه يقول: إن الناس يحشرون يوم القيامة عراة كما ولدوا، فقالت: واسوأتاه، فقال لها رسول اللَّه؛ فإني أسأل اللَّه أن يبعثك كاسية.
وسمعته يذكر ضغطة القبر، فقالت؛ واضعفاه، فقال لها رسول اللَّه: فإني أسأل اللَّه أن يكفيك ذلك، وقالت لرسول اللَّه يوماً: إني أريد أن أعتق جاريتي هذه، فقال لها: إن فعلت أعتق اللَّه بكل عضو منها عضواً منك من النار... فبينما هو ذات يوم قاعد إذ أتاه أمير المؤمنين (عليه السَّلام) وهو يبكي فقال له رسول اللَّه ما يبكيك؟ فقال: ماتت أمي فاطمة، فقال رسول اللَّه: وأمي واللَّه وقام مسرعاً حتى دخل فنظر إليها وبكى، ثم أمر النساء أن يغسّلنها وقال (صلّى الله عليه وآله وسلَّم): إذا فرغتنّ فلا تحدثن شيئاً حتى تعلمنني، فلمّا فرغن أعلمنه بذلك، فأعطاهن أحد قميصيه الذي يلي جسده وأمرهنّ أنْ يكفِّنَّها فيه وقال للمسلمين: إذا رأيتموني قد فعلت شيئاً لم أفعله قبل ذلك فسلوني لمَ فعلته، فلما فرغن من غسلها وكفنها، دخل (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فحمل جنازتها على عاتقه، فلم يزل تحت جنازتها حتى أوردها قبرها، ثم وضعها ودخل القبر فاضطجع فيه، ثم قام فأخذها على يديه حتى وضعها في القبر ثم انكب عليها طويلاً يناجيها ويقول لها:
ابنك ابنك ابنك ثم خرج، وسوّى عليها، ثم انكب على قبرها فسمعوه يقول: لا إله إلا اللَّه، اللَّهم إني أستودعها إياك، ثم انصرف، فقال له المسلمون إنّا رأيناك فعلت أشياء لم تفعلها قبل اليوم، فقال: اليوم فقدت برّ أبي طالب، إذ كانت ليكون عندها الشيء فتؤثرني به على نفسها وولدها وإني ذكرت القيامة وإن الناس يحشرون عراة، فقالت: واسوأتاه، فضمنت لها أن يبعثها اللَّه كاسية، وذكرت ضغطة القبر فقالت: واضعفاه، فضمنت لها أن يكفيها اللَّه ذلك، فكفنتها بقميصي واضطجعت في قبرها لذلك، وانكببت عليها فلقنتها ما تسأل عنه.. وسئلت عن وليها وإمامها، فارتج عليها، فقلت: ابنك..".
ملاحظة:
"قوله في الخبر (ارتج عليها) غير صحيح بل هومن صنع الدساسين في الأخبار، لأن هذا مخالف لمروياتنا الصحيحة أنها كانت على علم بوصيّها وإمامها وهو ابنها عليّ بن أبي طالب، لا سيّما ما ورد من أن أبا طالب بشّرها بأنّها ستلد صبياً هو بمثابة رسول اللَّه".
وفي خبر آخر قال لها: وتتعجبين من هذا أنك تحبلين وتلدين بوصيه ووزيره.
وحديث الدار فيه دلالة قطعية على إمامة أمير المؤمنين في السنة الثالثة للبعثة حينما رفع النبيُّ يد الإمام (عليه السَّلام) وقال: هذا أخي وحبيبي ووصيي عليكم فاسمعوا له وأطيعوا. إنها أمّ النبيّ حسبما عبّر عنها ذلك هو (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) حيث قال لما ماتت: "جزاك اللَّه من أمّ خيراً، لقد كانت خير أم، وكانت ربت النبيّ" كما أنه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) كبّر عليها أربعين تكبيرة.
وروى صاحب مرآة العقول بإسناده عن أنس بن مالك قال: لمّا ماتت فاطمة بنت أسد دخل إليها رسول اللَّه فجلس عند رأسها وقال:
رحمك اللَّه يا أمي، كنت أمي بعد أمي، تجوعين وتشبعينني، وتعرين وتكسينني، وتمنعين نفسك طيب الطعام وتطعمينني، تريدين بذلك وجه اللَّه والآخرة.
والسؤال المطروح:
هل صحيح ما يقوله أعداء آل البيت (عليهم السَّلام) أنها كانت كافرة قبل الإسلام "معاذ اللَّه"؟
والجواب:
لم يثبت عندنا نحن الإمامية ذلك، بل الثابت هو العكس لقرائن وشواهد كثيرة أهمها:
1 أنها كانت على دين الحنيفية، بدليل أنها كانت زوجة أبي طالب (عليه السَّلام) وصي الأنبياء، ومن كان هكذا يبعد في حقه أن يتزوج مشركة، تماماً كما كان آباء النبيّ وأجداده كانوا جميعهم موحدين وصدّيقين.
2 أنها لمّا ولِدَ الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) استبشرت بمولده، مما يدل على أنها كانت من المنتظرين لمجيئه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم)، فقد روى الكليني والصدوق والمجلسي عن الإمام أبي عبدفاللَّه (عليه السَّلام) قال: إن فاطمة بنت أسد جاءت إلى أبي طالب (عليه السَّلام) تبشّره بمولد النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) فقال لها أبو طالب: اصبري سبتاً آتيك بمثله إلاّ النبوة. وقال: السبت ثلاثون سنة، وكان بين رسول اللَّه وأمير المؤمنين ثلاثون سنة.
3 ما ورد بالمستفيض من مناجاتها مع اللَّه عزّ وجل عندما أتاها الطلق حول بيت اللَّه وهي حامل بمولانا أمير المؤمنين عليّ (عليه السَّلام) فقالت: "أي ربي إني مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب، وإني مصدّقة بكلام جدي إبراهيم الخليل وأنه بنى البيت العتيق، فبحق الذي بنى هذا البيت، وبحق المولود الذي في بطني إلاّ ما يسّرت عَلَيَّ ولادتي..".
وهنا أتبرك بما ورد عنها (عليها السَّلام) رزقني اللَّه شفاعتها، فأروي عن كشف الغمة عن بشائر المصطفى، والبحار عن غيبة النعماني ومعاني الأخبار وعلل الشرائع، عن سعيد بن جبير قال:
قال يزيد بن قعيب: كنتُ جالساً مع العبّاس بن عبد المطلب وفريق من بني عبد العزى بإزاء بيت اللَّه الحرام، إذ أقبلت فاطمة بنت أسد أمّ أمير المؤمنين (عليه السَّلام) وكانت حاملة به لتسعة أشهر، وقد أخذها الطلق، فقالت: يا ربّ إني مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب، وإني مصدّقة بكلام جدي ابراهيم الخليل... إلاّ ما يسّرت عليّ ولادتي.
قال يزيد بن قعيب: فرأيت البيت قد انشقّ عن ظهره، ودخلت فاطمة فيه، وغابت عن أبصارنا وعاد إلى حاله والتزق الحائط فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح، فعلمنا أن ذلك أمر من أمر اللَّه عزّ وجلّ، ثم خرجت في اليوم الرابع وعلى يدها أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السَّلام)، ثم قالت: إني فضّلت على من تقدّمني من النساء، لأن آسية بنت مزاحم عبدت اللَّه عزّ وجلّ سراً في موضع لا يحب اللَّه أن يعبد فيه إلا اضطراراً، وإنّ مريم بنت عمران هزّت النخلة اليابسة بيدها حتى أكلت منها رطباً جنياً، وإنّي دخلت بيت اللَّه الحرام فأكلت من ثمار الجنّة وأرزاقها، فلمّا أردت أن أخرج هتف بي هاتف: يا فاطمة، سمّيه عليّاً، فهو عليّ واللَّه العليّ الأعلى، يقول إني شققت اسمه من اسمي، وأدّبته بأدبي، وأوقفته على غامض علمي، وهو الذي يكسّر الأصنام في بيتي، وهو الذي يؤذّن فوق ظهر بيتي ويقدّسني ويمجدني، فطوبى لمن أحبّه وأطاعه، وويل لمن أبغضه وعصاه.
قالت: فولدت عليّاً ولرسول اللَّه ثلاثون سنة، وأحبّه رسول اللَّه حباً شديداً وقال لها: اجعلي مهده بقرب فراشي، وكان يلي أكثر تربيته، وكان يطهّر عليّاً في وقت غسله، ويوجره اللبن عند شربه، ويحرّك مهده عند نومه، ويناغيه في يقظته، ويحمله على صدره ورقبته ويقول: هذا أخي ووليي وناصري وصفيي وذخري وكهفي وصهري ووصيي وزوج كريمتي وأميني على وصيتي وخليفتي، وكان رسول اللَّه يحمله دائماً ويطوف به جبال مكة وشعابها وأوديتها وفجاجها صلّى اللَّه على الحامل والمحمول".
وهل يفتح اللَّه تعالى جدار الكعبة مع أن للكعبة باباً يمكن الدخول والخروج منه لكافرة حاشاها ؟
وهل أن اللَّه تعالى يعجزه أن يضع نطفة عليّ المرتضى خليفة اللَّه وخليفة رسوله في رحم طاهرة؟ معاذ اللَّه إنه ربها أحسن مثواها إنه على كل شيء قدير.
(4) إن أبا طالب (عليه السَّلام) دعا وزوجته فاطمة ربَّهما في أنْ يلهمهما في اسم وليدهما الذي سوف يولد، حينما كانت تسميه وهو في بطنها بإسم أبيها "أسد" فلم يرض أبو طالب بهذا الاسم فقال: هلمّ حتى نعلوا أبا قبيس ليلاً، وندعوا خالق الخضراء، فلعله أن ينبئنا في اسمه، فلما أمسيا خرجا وصعدا أبا قبيس، ودعيا اللَّه تعالى، فأنشأ أبو طالب شعراً:
يا رب هذا الغسق الدجي والفلق المبتلج المضي
بيّن لنا عن أمرك المقضي لما نسمي ذلك الصبي
فإذا خشخشة من السماء، فرفع أبو طالب طرفه، فإذا لوح مثل زبرجد أخضر فيه أربعة أسطر فأخذه بكلتا يديه وضمّه إلى صدره ضماً شديداً، فإذا مكتوب:
خصصتما بالولد الزكيّ والطاهر المنتجب الرضي
وسامه من قاهر العليّ عليٌّ اشتق اسمه من العليّ
فسر أبو طالب (عليه السَّلام) سروراً عظيماً، وخرّ ساجداً للَّه تعالى وعقّ بعشرة من الإبل وكان اللوح معلّقاً في البيت الحرام يفتخر به بنو هاشم على قريش حتى غاب زمان قتال الحجاج ابن الزبير.
وليس صحيحاً ما روي في خبر ضعيف: أن فاطمة سمّت ابنها بإسم أبيها بعد خروجها من الكعبة، فإن ذلك يعتبر تحريفاً لمضامين الأخبار المتضافرة التي دلت على أن اللَّه تعالى أمرها وهي في الكعبة أن تسميه علياً، فالأولى طرح ذاك الخبر بتقديم ما أشرنا إليه، أو أننا نجمع بين الأخبار المتعارضة بحمل ذاك الخبر على أنها سمته بإسم أبيها قبل أن تلد الإمام (عليه السَّلام)، ثم لمّا دخلت الكعبة سماه اللَّه عليّاً، أو أن أبا طالب بعد ولادة زوجته جاءه التأكيد مرة أخرى من اللَّه على تسميته بعليّ. أو يكون "حيدر" من ألقابه الشريفة، فكانت أمه تناديه بحيدر لما عرفت منه القوة والشجاعة والبطولة والحمية، وهل هناك مثل أمير المؤمنين عليّ إلاّ رسول اللَّه محمّد؟ صلى اللَّه على محمّد وعليّ وآلهما.
(5) كشف المعصوم (عليه السَّلام) عن طهارة آباء الإمام الحسين (عليه السَّلام) وأجداده ومنهم فاطمة بنت أسد، بقوله (عليه السَّلام):
"يا مولاي يا أبا عبدفاللَّه أشهد أنك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهّرة لم تنجسّك الجاهلية بأنجاسها ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها..".
إن التقلُّب في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهّرة يستلزم أن تكون أي هذه الأرحام والأصلاب مؤمنة باللَّه تعالى لا مشركة، قال تعالى: ]الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ، وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ[.
ومعناها: تقلّبك في الموحدين من نبيٍّ إلى نبيٍّ حتى أخرجك نبيّاً. وكذا أئمة آل البيت (عليهم السَّلام) تقلبوا في الأصلاب والأرحام المطهّرة عن السفاح والكفر والفسق والفجور وما شابه ذلك.
(6) دلت السيرة العقلائية القريبة من عصر النص، على طهارتها قبل الإسلام، لذا مدحها الشعراء والأدباء بقصائدهم للتدليل على علو شأنها، وممن أنشد الشاعر الكبير "الحميري" في قصيدة قال فيها:
ولدته في حرم اللَّه وأمنـــــــه والبيت حيث فناؤه والمسجد
بيضاء طاهرة الثياب كريمة طابت وطاب وليدها والمولد
في ليلة غابت نحوس نجومهـــا وبدت مع القمر المنير الأسعد
ما لفّ في خرق القوابل مثله إلا ابن آمنـــــــة النبيّ محمّــــــــد
وأما النقطة الثانية:
لا ريب أن أبا طالب (عليه السَّلام) كان مؤمناً قبل البعثة وبعدها، وهذا ما أجمع عليه شيعة أهل البيت (عليهم السَّلام)، بل يظهر من الأخبار أنه كان من الأوصياء حسبما ورد في بعضها عن الإمام السبط الحسين بن عليّ عن والده أمير المؤمنين (عليه السَّلام) أنه قال: "...والذي بعث محمّداً بالحق إنّ نور أبي طالب يوم القيامة ليطفىء أنوار الخلائق إلاّ خمسة أنوار: نور محمّد ونور فاطمة ونور الحسن ونو الحسين ونور ولده من الأئمة، ألا إن نوره من نورنا، خلقه اللَّه من قبل خلق آدم بألفي عام.
وجلّ الأدلة التي سيقت على إيمان زوجه فاطمة بنت أسد، هي بنفسها حجة على إيمانه، "وقد ألف في إثبات إيمانه الكثير من السنّة والشيعة، وقد أنهاها بعضهم إلى ثلاثين كتاباً، ومنها كتاب: أبو طالب مؤمن قريش للأستاذ عبدفاللَّه الخنيزي، الذي كاد أن يدفع حياته ثمناً لهذا الكتاب، حيث حاول الوهابيون في السعودية تنفيذ حكم الإعدام فيه، بسبب كتابه هذا.
وقد نقل العلاّمة الأميني أسماء الكتب في إثبات ذلك، كالبرزنجي في أسنى المطالب، والأجهوري والإسكافي، وأبي القاسم البلخي، وابن وحشي في شرحه لكتاب: شهاب الأخبار، والتلمساني في حاشية الشفاء، والشعراني وسبط ابن الجوزي، والقرطبي والسبكي، وأبي طاهر، والسيوطي وغيرهم.
"بل حكم جماعة منهم كأحمد بن الحسين الموصلي الحنفي المشهور بابن وحشي في شرحه على الكتاب المسمى بشهاب الأخبار للعلاّمة القضاعي المتوفى 445ه: إن بغض أبي طالب كفر، ونص على ذلك أيضاً من المالكية العلاّمة الأجهوري في فتاويه، والتلمساني في حاشيته على الشفاء قال: لا ينبغي أن يذكر إلاّ بحماية النبيّ لأنه حماه ونصره بقوله وفعله، وفي ذكره بمكروه أذية للنبيّ، ومؤذي النبيّ كافر، والكافر يقتل، وقال أبو طاهر: من أبغض أبا طالب فهو كافر".
ومن الأدلة على إيمان أبي طالب ما يلي:
1 ما ورد من المديح على لسان المعصومين (عليهم السَّلام) دلالة عظمى على جلالة خطره وعِظم أمره وعلو شأنه، وأهل البيت (عليهم السَّلام) أدرى بأجدادهم من كل أحد، من هذه الأخبار ما رواه المجلسي بإسناده عن الكراجكي بسند معنعن إلى أمير المؤمنين (عليه السَّلام): أنه كان جالساً في الرحبة والناس حوله، فقام إليه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين إنك بالمكان الذي أنزلك اللَّه وأبوك معذّب في النار، فقال: مه فضّ اللَّه فاك، والذي بعث محمّداً بالحق نبيّاً لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفّعه اللَّه فيهم، أبي معذّب في النار وابنه قسيم الجنّة والنار؟ والذي بعث محمّداً بالحق إن نور أبي طالب ليطفىء أنوار الخلائق إلاّ خمسة أنوار: نور محمّد ونور فاطمة ونور الحسن ونور الحسين ونور ولده من الأئمة، ألا إن نوره من نورنا، خلقه اللَّه من قبل خلق آدم بألفي عام.
· وعن الكراجكي بإسناده إلى ابان بن محمّد قال:
كتبت إلى الإمام عليّ بن موسى (عليه السَّلام): جعلت فداك إني شككت في إيمان أبي طالب قال: فكتب "بسم اللَّه الرحمن الرحيم، ومن يبتغ عير سبيل المؤمنين نولّه ما تولّى" إما إنك إن لم تقر بإيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النار.
· وعن محمد ابن عليّ بن بابويه مثله.
ملاحظة:
إن الحكم بالمصير إلى النار لأجل الشك بإيمان أبي طالب (عليه السَّلام) دلالة كبرى على أن الاعتقاد بإيمانه هو من صلب العقيدة، ولو لم يكن على درجة عالية من الإيمان واليقين بل والعصمة لما كان الشك بإيمانه موجباً لدخول النار، وهل الشك بإيمان رجل عادي موجب للدخول في النار؟!
· وعن ليث المرادي قال:
قلت لأبي عبد اللَّه (عليه السَّلام): سيدي إن الناس يقولون: إن أبا طالب في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه، قال (عليه السَّلام): كذبوا واللَّه إن إيمان أبي طالب لو وضع في كفة ميزان، وإيمان هذا الخلق في كفة ميزان لرجح إيمان أبي طالب على إيمانهم.
إلى غيرها من الأخبار الكثيرة بفضله، ويكفي أن اللَّه تعالى أمر النبي (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) أن يخرج من مكة لما مات أبو طالب، فليس بعده ناصر.
2 الأخبار الدالة على أنه كان من المنتظرين لولادة النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) وابنه الوصي عليّ لمّا جاءت فاطمة بنت أسد تبشّره، فقال لها: اصبري سبتاً يأتيك مثله، وقد تقدّم الحديث.
وما ورد في روضة الكافي عن الإمام أبي عبدفاللَّه (عليه السَّلام) قال: كان حيث طلقت آمنة بنت وهب، وأخذها المخاض بالنبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) حضرتها فاطمة بنت أسد امرأة أبي طالب، فلم تزل معها حتى وضعت، فقالت إحداهما للأخرى: هل ترين ما أرى؟ فقالت: وما ترين؟
قالت: هذا النور قد سطع ما بين المشرق والمغرب، فبينما هما كذلك، إذ دخل عليهما أبو طالب، فقال لهما: ما لكما؟ من أي شيء تعجبان؟ فأخبرته فاطمة بالنور الذي قد رأت، فقال لها أبو طالب: ألا أبشّرك؟ فقالت: بلى، فقال: أَمَا أنك ستلدين غلاماً يكون وصي هذا المولود.
وهذان الحديثان يدلان على أن أبا طالب (عليه السَّلام) كان وصيّاً من أوصياء الأنبياء، ويؤكد ما قلنا ما رواه الصدوق: "من أن عبد المطلب كان حجة، وأبو طالب كان وصيّه". ولما رواه الكليني: إن أبا طالب كان مستودعاً للوصايا فدفعها إلى النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم).
3 لو كان أبو طالب كافراً لكان شنَّع معاوية وحزبه والزبيريون وأعوانهم على الإمام عليّ المرتضى (عليه السَّلام) مع أن أمير المؤمنين (عليه السَّلام) كان يذمهم ويزري عليهم بكفر الآباء والأمهات ورذالة النسب.
4 ورد في نصوص عدة أن أبا طالب أمر ولده جعفراً أن يصل جناح ابن عمه رسول اللَّه محمّد في الصلاة، كما أمر حمزة بالثبات على الدين، هذا مضافاً إلى أنه أظهر سروره بالنبيّ عندما جهر بدعوته، فكان المدافع القوي عن ابن أخيه النبيّ محمّد والمحامي الوحيد له من المشركين، كما أنه أطاع النبيّ عندما أمر أعمامه بإتباع مولانا أمير المؤمنين عليّ (عليه السَّلام) يوم الدار في السنة الثالثة للبعثة.
5 لو كان أبو طالب كافراً لما أمر ابنه المؤمن بل الإيمان متجسد به بتولية أمره، ولكان الكافر حينئذٍ أحقّ به، مع أن الخبر قد ورد مستفيضاً بأن جبرائيل قال لرسول اللَّه عند موت أبي طالب: إن ربك يقرئك السلام ويقول لك: اخرج من مكة فقد مات ناصرك، وهذا يبرهن عن إيمانه لتحققه بنصرة رسول اللَّه.
6 ترحم الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) عليه عندما مات، واستغفاره له باستمرار، وجزعه عليه، وواضح أنه لايصح الترحم ولا الاستغفار للمشركين، من هنا قال النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) لسفانة بنت حاتم الطائي: "لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه".
هذا مضافاً إلى مرثيات أمير المؤمنين عليّ (عليه السَّلام) بأبيه لدلالة على إيمانه، منها ما ورد:
أبا طالب عصمة المستجير وغيث المحول ونور الظلــــــــــم
لقد هدّ فقدك أهل الحفاظ فصلّى عليــــــك وليُّ النعـــــــم
ولقّاك ربك رضوانــــــــــــــه فقد كنت للطهر من خير عم
فلو كان كافراً ما كان أمير المؤمنين (عليه السَّلام) يرثيه بعد موته، ويدعو له بالرضوان من اللَّه تعالى.
7 لو كان كافراً لما أبقاه مع زوجه فاطمة بنت أسد مع أنه (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) قد فرّق بين ربائبه وأزواجهن عتبة وعتيبة على ما تقدم. ورد متواتراً أن الإمام عليّ بن الحسين (عليه السَّلام) سئل عن أبي طالب أكان مؤمناً؟
فقال: نعم، فقيل له: إن ههنا قوماً يزعمون أنه كافر، فقال: واعجباه! أيطعنون على أبي طالب أو على رسول اللَّه؟ وقد نهاه اللَّه أن يقر مؤمنة مع كافر في غير آية من القرآن، ولا يشك أحد أن بنت أسد من المؤمنات السابقات، وأنها لم تزل تحت أبي طالب حتى مات أبو طالب رضي اللَّه عنه.
8 الأشعار الصادرة عن عبد مناف بن عبد المطلب "أبو طالب" تدل على إيمانه باللَّه تعالى وبرسوله. ومن شعره في مدح الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) مطمئناً إياه من أنه لا يسلمه للأعداء، ولا تاركه لشيء أبداً حتى يهلك دونه فقال:
خليليَّ ما أُذني لأوّل عـــــــــــــــــاذلٍ بصغواء في حق ولا عند باطــــــــــلِ
ولمّا رأيت القوم لا ودَّ فيهــــــــــــــــم وقد قطعوا كل العرى والوسائـــــــــلِ
وقد صارحونا بالعـــــداوة والأذى وقد طاوعوا أمر العدوّ المزايــــــــــلِ
وقد حالفوا قوماً علينـــــــــــــا أظنّةً يعضّون غيظاً خلفنا بالأنامــــــــــــــلِ
صبرت لهم نفسي بسمراء سمحة وأبيض عضب من تراث المقــــاولِ
أعوذ برب الناس من كل طاعـــــــنٍ علينا بسوء أو ملحّ بباطــــــــــــــــــلِ
ومن كاشحٍ يسعى لنا بمعيبـــــــــــــة ومن مُلحق في الدين ما لم نحــــاولِ
وثور ومن أرسى ثبيراً مكانـــــــــه وراقٍ ليرقي في حراء ونــــــــــــازلِ
وبالبيت حقّ البيت من بطن مكة وباللَّه إنّ اللَّه ليس بغافـــــــــــــــــــــلِ
وبالحجر المسودّ إذ يمسحونــه إذا اكتنفوه بالضحى والأصائلِ
كذبتم وبيت اللَّه نترك مكـــــة ونضعن إلاّ أمركم في بلابـــــــــــلِ
وعرضت ديناً قد عرفت بأنـــــــه من خير أديان البريّة دينــــــــــا
لولا المخافة أن يكـــــــون معـــــــــرة لوجدتني سمحاً بذاك مبينــــا
ولمّا جمع أبو طالب بني هاشم وبني عبد المطلب في شعبه وكانوا أربعين رجلاً، فحلف أبو طالب لئن شاكت محمّداً شوكة لآتين عليكم يا بني هاشم، وحصّن الشعب وكان يحرسه بالليل والنهار، وفي ذلك يقول:
وأن الذي علّقتم من كتابكـــــــــم يكون لك يوماً كراغية السقـــــــــــب
أفيقوا أفيقوا قبل أن تحفر الزبى ويصبح من لم يجن ذنباً كذي الذنــب
هذه جملة من شعر أبي طالب (عليه السَّلام) الطافح من كلّ شطره الإيمان الخالص، والإسلام الصحيح. قال العلاّمة ابن شهراشوب المازندراني في كتابه متشابهات القرآن عند قوله تعالى: ]ولينصرنّ اللَّه من ينصره[ في سورة الحج: إن أشعار أبي طالب الدالة على إيمانه تزيد على ثلاثة آلاف بيت يكاشف فيها من يكاشف النبيّ ويصحّح نبوته.
والعجب كيف لا تكون كثرة أشعاره دليلاً عند المعاندين على إيمانه وإسلامه؟ ولو وُجد واحدٌ منها في شعر أي واحد من كبرآهم وساداتهم أو نثره لأصفق الكلّ على إسلامه، لكن جميعها لا يدل على إسلام أبي طالب بنظر المعاندين.
ولا عجب من هذا أن القوم زمّروا لإسلام أبوي أبي بكر دون أبوي رسول اللَّه والإمام عليّ، وذلك بعد أن عجزوا عن الوقيعة في الولد فوجّهوها إلى والديه، مع أن سيرته لو اتصف بشطر منها أبو قحافة لعلّقوها على الأعواد تتلى على الناس سراً وجهراً، ولكنّه أبو طالب سيّد البطحاء وكفيل صاحب الرسالة، ودرعه من كل سوء وعادية، حيث أبى الباطل إلا أن يكون ضداً للحق والحقيقة.
9 تواتر عنه (عليه السَّلام) أنه استسقى بالنبيّ يوم أصاب مكة قحط، أخرج ابن عساكر في تاريخه عن جلهمة بن عرفطة قال: قدمت مكة وهم في قحط، فقالت قريش: يا أبا طالب! أُقحط الوادي، وأجدب العيال، فهلمّ واستسق فخرج أبو طالب ومعه غلام كأنه شمس دجن تجلّت عنه سحابة قتماء وحوله أغيلمة فأخذه أبو طالب فألصق ظهره بالكعبة، ولاذ بإصبعه الغلام، وما في السماء قزعة فأقبل السحاب من هنا وهناك وأغدق واغدودق وانفجر له الوادي وأخصب البادي والنادي، ففي ذلك قال أبو طالب:
يلوذ به الهُلاَّك من آل هاشــــم فهم عنده في نعمةٍ وفواضــــــلِ
وميزان عدل لا يخيس شعيرةً ووزّان صدق وزنه غير هائلِ
مضافاً إلى سروره عند ولادة ابنه الإمام علي وما فعله على جبل أبي قبيس.
10 ما قاله النبي الكريم (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) معظّماً ومبجّلاً لأبي طالب بقوله: "يا عم كفلت يتيماً وربّيت صغيراً ونصرت كبيراً، فجزاك اللَّه عني خيراً، ثم أمر عليّاً بغسله".
ويروى أن أبا طالب (عليه السَّلام) قال لرسول اللَّه: أتفقه الحبشة؟ قال: يا عمّ إن اللَّه علّمني جميع الكلام، قال: "يا محمّد اسدن لمصافا قاطالاها" يعني أشهد مخلصاً: أن لا إله إلا اللَّه، فبكى رسول اللَّه وقال: إن اللَّه أقرّ عيني بأبي طالب.
والحزن الذي صدر من النبيّ عندما توفى أبو طالب، حتى أنه سمّى ذاك العام بعام الحزن حباً له ولخديجة، لدلالة مهمة على أهمية أبي طالب كركنٍ من أركان الرسالة يومذاك.