|
شيعي محمدي
|
رقم العضوية : 30624
|
الإنتساب : Feb 2009
|
المشاركات : 3,716
|
بمعدل : 0.64 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
تشرين ربيعة
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
بتاريخ : 04-10-2009 الساعة : 06:46 AM
الحلقة الثانية والعشرون
رأينا فى الحلقات السابقه كيف إنقلبت دفة الأمور فى كركوك لصالح التحالف الشيوعي الملائي وكيف تم إبعاد كافة العناصر العربيه والتركمانيه التى كان من الممكن ان تكون حائلا دون وقوع المجزره المعده لتركمان المدينه، وكان القائد الجديد للفرقه قد بدأ مهام عمله بإستقبال الملا مصطفى البرزاني للتشاور وتلقى التوجيهات بشأن مايمكن عمله نحو تصفية الوجود التركماني فى كركوك وتدبير مذبحه مروعه قد تؤدي إلى إزاحة هذه المجموعه العرقيه العنيده المتشبثه بالمدينه والتى صارت حائلا دون تنفيذ مخططات الملا التآمريه بشأن الإنفصال وإقامة جمهورية كوردستان البرزانيه، وكانت إحتفالات الأول من مايو ١٩٥٩ (عيد العمال العالمي) فرصه ذهبيه لهذه العناصر الفوضويه لإظهار القوه وفرض العضلات وإرهاب التركمان، حيث قدم إلى كركوك الملا مصطفى البرزاني واستقبله البارتيون والشيوعيون إستقبال الفاتحين، وتبارى الخطباء فى إضفاء صفات البطوله والعبقريه عليه، وفي اليوم التالي عزم الملا على زيارة قائد الفرقه فى مقره وهناك تدافعت الجموع المدنيه والعسكريه للملائيين والشيوعيين وهي تهتف بالموت لدعاة القوميه المزيفه (القوميه العربيه) وللطورانيين (التركمان).
وقد خاطب الملا جماهير الملائيين والشيوعيين والفوضويين من شرفة القياده، وكان من المكر والدهاء لدرجة أن خشي من أن تعالي الهتاف بإسمه ونعته بالزعيم ورفع الجماهير لصوره من المحتم أن يوغر صدر كريم قاسم عليه، لذلك ناشد الجماهير أن تهتف بكريم قاسم زعيما أوحدا واصفا نفسه بالخادم المطيع للزعيم عبد الكريم، بيد أن تقارير كانت قد سلمت بالفعل لعبد الكريم قاسم أظهرت مدى غطرسة الملائيين وتجاوزهم لكل الحدود ورفعهم لصور الملا البرزاني وهتافهم بإسمه فغضب لما حدث من تصرفات هؤلاء، فضلا عن تقارير أخرى عن تحركات عسكريه مشبوهه أثارت الشكوك عن عزم الملائيين والشيوعيين قيادة إنقلاب ضده.
وقد بينت تلك التقارير أن داؤود الجنابي قد كلف ضابط ركن الحركات الرائد على حسين جاسم بإعداد تمرين تعبوي لحركة لواء على طريق بغداد ـ كركوك مع بيان الإنفتاح والتعسكر على الخريطه ولم يوضح الهدف منه، وهو مافسر على انه تدريب على مؤامره شيوعيه ملائيه للسيطره على الحكم، كما أن التقارير كانت تصل يوميا لعبد الكريم قاسم مؤكدة بأن داؤود الجنابي المدعوم من جماعة الملا ومن الحزب الشيوعي يضمر الشر لعبد الكريم قاسم وأنه كثير الإنتقاد لشخصه، وأنه عبر عن إستهانته به عندما رفع خمسة عشر صوره لعبد الكريم قاسم على شكل دبوس كان يعلقها على صدر سترته وقام بإلقائها فى نفاضة السجاير، وهو ماجعل قاسم يسرع فى إستدعاء الجنابي إلى بغداد وقام بعزله من قيادة الفرقه وعين محله العميد محمود عبد الرازق، وقد ثارت ثائرة المنظمات الشيوعيه والبارتيه لهذا القرار وعبرت عن غضبها بتنظيم الإجتماعات والتظاهرات المطالبه بعودة القائد المعزول داؤود الجنابي لمقر قيادته.
بيد أن قاسم الذي بدأ يشعر بخطر الملائيين والشيوعيين لم يعر هذه الإحتجاجات ثمة إهتمام وأصر على قراره،.. ولنقرأ شهادة العقيد الركن إسماعيل حمودي الجنابي ضابط ركن الفرقه الأول (رئيس الأركان) حول ظروف إبعاد داؤود الجنابي عن كركوك.. يقول:
"بعد ثورة الشواف سيطر الشيوعيون والبارتيون على وحدات الفرقه الثانيه والمنطقه الشماليه قاطبة وخاصة فى مقر الفرقه فى كركوك، وكان الموجه للخط المدني والعسكري للحزب الشيوعي في الشمال قائد الفرقه الزعيم الركن داؤود الجنابي، وكانت مراجعاتهم مستمره ليل نهار، وتلفوناتهم لاتنقطع تطلب التوجيهات منه مباشرة وأصبح مركز قوه عند الشيوعيين فى الشمال، يكاد يكون مزاحما لمركز القوه لعبدالكريم قاسم.
ولوأتيحت الفرصه للشيوعيين لعزلوا عبدالكريم قاسم ونصبوا داؤود الجنابي، مع أنه لم يكن سويا فكان يختلي مع نفسه يومين أو ثلاث لا يرى احدا ولايراه أحد، وكان يتناول حبوبا مهدئه وأدويه فى فتره الخلوه هذه.
لقد تنامى نفوذ داؤود الجنابي بشكل سريع وكبير مما أزعج عبدالكريم قاسم. ومع أن داؤود الجنابي كان ينتقد الملا مصطفى البرزاني بقوله: إن الملا رغم قضائه ثلاثة عشر سنه في الإتحاد السوفيتي لايزال مخه محجر، لم يفهم عن تطورات العالم شيئا ولم يتعلم ولايزال مخه مثل مخ الملالي.. ومع هذا كان لايرد طلبا للبارتيين.
وبعد ذهاب داؤود الجنابي إلى بغداد لم يعد إلى كركوك، وهذا مما زاد فى غضب الشيوعيين والبارتيين. وقد ذهبت عدة وفود مدنيه شيوعيه وبارتيه من كركوك لمواجهة عبدالكريم قاسم والطلب منه إعادة الزعيم داؤود الجنابي ولكنه رفض ذلك وسلمت الفرقه إلى العميد محمود عبدالرازق مما أغضب البارتيين والشيوعيين معا."
ورغم إبعاد داؤود الجنابي عن كركوك إلا أنه كان قد إتخذ من الإجراءات مايكفى لتهيأة الأجواء لحدوث المجزره، فقد أبعد عن كركوك كافة العسكريين العرب والتركمان، وأمر بإعتقال آلاف الشباب التركمان، وقام بإبعاد العديد من القيادات والعناصر التركمانيه النشطه إلى الجنوب، وقام بغلق الصحف التركمانيه، ومكن البارتيين والشيوعيين من السيطره على كل مجريات الأمور فى كركوك مدنيا وعسكريا وكان بحق أحد الأسباب المباشره فى حدوث المجزره الرهيبه..
ولنقرأ رأى المرحوم ناظم الطبقجلي فى خلفه فى قيادة الفرقه.. يقول:
"إن خلفي فى قيادة الفرقه الثانيه الزعيم الركن المتقاعد الرفيق داود الجنابي قد ترك وراءه ذكرى لن تنساها الأجيال، ذكرى سوداء لطخت ثورتنا بدماء الشهداء الأبرياء بسبب عقيدته بسبب ميوله إن ضحايا مجزرة كركوك دفنوا أحياء ومثل بهم سحلا وتقتيلا وتشويها، هذه إنسانية الشيوعيين، الإنسانيه التى يفهمونها هم وحدهم، وعن غير هذا السبيل لايمكن لهم الوصول إلى غاياتهم إلا على بحر من الدماء وهو القانون والدستور الذى يعمل به الفوضويون للإباده. إبادة كل من يخالفهم فى عقيدتهم واتجاهاتهم، إنها عقيدة العملاء وهذا أنا لم تخضب يدي بدماء ابناء وطني وكفى"
وكفى أيضا ما أوردناه من شهادات حول دور الملا البرزاني فى مجزرة كركوك على أن نستكمل بقية الوثائق وشهادات الشهود فى الحلقه المقبله.
وللحديث بقيه،
(* وردت شهادة العميد الركن إسماعيل حمودي الجنابي فى موسوعة ١٤ تموز - ثورة الشواف (٣) للعميد المتقاعد خليل إبراهيم حسين - ط دار الحريه للنشر بغداد، ١٩٨٨ - رقم الصفحه ٢٠٧، * ووردت شهادة المرحوم ناظم الطبقجلي فى ذات المرجع رقم الصحيفه ١٥٧)
|
|
|
|
|