من خلال قراءتي لجريدة البينة الجديدة في الفترة الاخيرة لاحظت انها اكثرت من الاعتذارات بسبب نقلها لاخبار عارية عن الصحة وبعيدة عن الواقع والحقيقة وبالرغم من اني احمل الكثيرمن التقدير والاحترام لرئيس تحريرها الاستاذ ستار جبار صاحب القلم الجرئ والنزيه , والذي ندعو له بالشفاء , الا اني اعجب من نشر الجريدة لاخبار تمس في بعض الاحيان بالسيادة وسمعة العراق , من مثل الخبر الذي نشر يوم امس وعلى متن صفحتها الاولى وبالخط العريض والذي يتحدث عن فضيحة كبرى حصلت في خلال زيارة رئيس الوزراء نوري المالكي للولايات المتحدة , وقبل لقاءه ببايدن , يقول الخبر انه قبل دخول المالكي على نائب الرئيس الاميركي بايدن طلب سفيرنا السيد سمير الصميدعي منه الدخول قبله للتعريف به وعلى حسب البروتوكول , فما كان من احد مرافقي المالكي الا ان تقدم وصفع الصميدعي سفيرنا في اميركا وكادت تحدث فضيحة كبرى لولا تغاضي السفير عن حقه وتنازله , ثم تضيف الجريدة في خبرها وسبقها الصحفي ؟؟, ان رئيس موظفي البيت الابيض تحدث بالامر هازئا , وقال (حسب ما جاء في الجريدة ) بأن ما حصل يمثل فضيحة لا تليق بالمكان وانه سيوثق ذلك في سجل الزائرين . .
عادت الجريدة اليوم وتنازلت وادرجت اعتذار وتكذيب للخبر الذي ظهر انه عاري عن الصحة وخالي تماما من كل ما يمت للحقيقة بصلة , بل انها قامت بالاعتذار الشخصي من رئيس الوزراء كما جاء على متنها والاعتذار من الشخص المعني واظنه رئيس الوفد المرافق . محتجة بأنها نقلت الخبر عن احد مواقع الانترنت وقالت الصحيفة انها كان يجب عليها ان تتوثق من مدى مصداقية المواقع في نقلها للاخبار, قبل ان تقوم بعرضها وتبنيها .
طيب انا اقول انه من المحتمل ان يقوم اصحاب الحق بالتنازل عن مقاضات الجريدة , ولكن من يعتذر للقارئ , خصوصا وقد يكون من قرأ الجريدة يوم امس لم يحصل على نسخة منها اليوم , ومن يغير قناعته التي بناها على ما قراءه يوم امس , ومن يعتذر للوطن الذي اصبح اضحوكة يوم امس بسبب خطأ الجريدة , الذي قد يكون غير مقصود , وربما يكون عن سابق اصرار وتعمد , انها والله مصيبة بل كارثة ان يقوم الاعلامي بمثل هكذا اعمال , كيف لاعلامي المفروض انه يتمتع ببعد نظر ثقافي وعلمي ينظر من خلاله للمخاطر المحدقة بالوطن والمواطن, فيقوم وحسب واجبه وما مفروض منه بتشخيص المشاكل ووضع اصبعه عليها وتاشيرها للقارئ ,ووصف العلاج الناجع لها , كيف لهذا الاعلامي ان يصبح داءا بدلا من الدواء وكيف يصبح مشكلة تضاف للمشاكل بدلا من ان يكون حلالا ومحللا لها .
كيف لاعلامي لايحس ولا يشعر بخطورة عمله , ويتصور انه جالس في مقهى يتحدث عن ريال او برشلونه , وهل يعرف معنى السلطة الرابعة, ولماذا سميت بالسلطة , ومن اعطاها تلك السلطة , التي لم ينص عليها قانون او دستور , فمن اين اتتها السلطة , اذا كانت بعيدة عن الصدق والمصداقية , هل يعرف مثل هذا الاعلامي مدى خطورة عمله , ام انه يتصور انها ما هي الا كلمات يطلقها ليس لها تأثير او فعل , او رد فعل , وهل يكفي الاعتذار في مثل هذه الحالات , لا يمكن لاحد ان يصف هؤلاء بأنهم اعلاميون محترفون والا لقدروا عواقب تصرفاتهم تلك , ولعرفوا انهم بكذبتهم تلك لم ينالوا من المالكي بل حاولوا النيل من الوطن , وجعله اضحوكة , ولن اتحدث عما يمثله هذا الوفد ومن يمثل وباسم من يتحدث (وحسب الدستور ) حتى لا تحتسب على انها دعاية انتخابية , ولكني وبصدق حينما قراءت الخبر يوم امس تألمت كثير ليس على المالكي وليس على غيره , بل على الوطن , الذي ليس لنا غيره .
وحتى لا تحتسب علي اني انما اردت النيل من صحيفة ما او اسم ما فأني اقول ان اعلامنا اليوم ليس بأفضل حالا مما ذكرت انفا , ولا يستطيع المتتبع والدارس لحال الاعلام والاعلاميين اليوم الا الخروج بنتيجة هي انه بعيد كل البعد عن الاحتراف والمهنية وانه يمثل اعلام هواة لا يستطيعون التمييز بين ما يضر وما ينفع , على اقل تقدير , كما انه ابعد ما يكون عن الاعلام الهادف , الذي يرتجى منه الوقوف مع الشعب بمحنته ومساعدته على الوقوف بوجه العواصف العاتية التي تضرب بالوطن من كل جانب ومن كل جهة ,وقد يتحجج البعض بالتمويل وحاجة الاعلام له , وهذه حجة اقبح من ذنب , فمتى كان الاعلام الشريف الهادف سلعة تباع وتشترى , ومتى كان دمية بيد اصحاب الاموال او السلطة , الاعلام اخواني رسالة نبيلة , لاتقل بنبلها عن مهنة الطبيب الذي ينقذ الارواح ويخفف الالام , بل هو اخطر وانبل , فأن اخطأ طبيب قتل شخص واحد , وان اخطأ الاعلامي دمر جيل ودمر وطن .
واذا كان الاعلام لسان للذي يدفع اكثر , فمن يكون صوتا للفقراء والمعدمين , فهل يشعر اعلاميونا بمسؤوليتهم , وهل يقدروا شرف مهنتهم حق قدرها ,خصوصا وان المسؤولية اليوم مضاعفة نتيجة لما يمر به البلد من كوارث وازمات موروثة ومستحدثة , وخصوصا وان المعدن الاصيل لا يظهر بريقه الا بالاحتكاك والصقل ,
وان رسالة الاعلام اكبر من الاحزاب والانتماءات . .