خَفَّت ـ بعد سقوط الأمويّين ـ الضغوطُعلى المحدّثين لإرغامهم على اختلاق الأحاديث في فضائل بني أُميّة، وزال الخوفالشديد الذي كان يلازم التحديث بفضائل أهل البيت عليهم السّلام.
وهذا الوضعالجديد دفع بعضَ محدّثي أهل السنّة ممّن يُكنّون لآل محمّد صلّى الله عليه وآلهالودّ والاحترام إلى التحديث بمناقب أهل البيت، وقد اتُّهم هؤلاء الأفراد بالتشيّعمن قِبل المتعصّبين، مع أنّهم لم يكونوا شيعة بالمعنى المصطلح عليه.
ذكر الذهبيّـ على سبيل المثال ـ رجلاً يُدعى عبدالله بن عبدالقدّوس، وذكر أنّ أصله من الكوفة،وأنّه سكن في « الريّ »، ثمّ وصفه بأنّه رافضيّ، وأنّ جميع رواياته تتعلّق بفضائلأهل البيت(52).
وقد قَدِم ابنُ إسحاق صاحبالسيرة إلى « الريّ » فقرأ سيرته على بعض علمائها، فاتُّهم بالتشيّع لدلائلمشابهة(53)؛ ويُراد بهذا التشيّع ـ في حقيقةالأمر ـ نقل بعض فضائل آل محمّد صلّى الله عليه وآله.
وجسّد نقلُ فضائل أهلالبيت عليهم السّلام الخطوةَ الأولى في التنصّل من النَّصْب لهم، وشكّل اللبنةَالأولى التي مهّدت لرواج التشيّع في المراحل اللاحقة.
وكانت البداية الأولىللتشيّع الأصيل في الريّ في أواخر القرن الثاني للهجرة من خلال ارتباط بعض أهلالريّ بأئمّة الشيعة عليهم السلام، والرواية الأولى التي تحدّثت عن مثل هذهاللقاءآت مرتبطة بلقاء شيعة الريّ بالإمام الكاظم عليه السّلام.
وتُشير هذهالروايات إلى أنّ حاكم الريّ في تلك الفترة كان من الشيعة، وأنّه كان يُحامي عنالشيعة ويُدافع عنهم وراء ستار من التقيّة. وقد عَهِدنا في عصر الإمام الكاظم عليهالسّلام وجودَ مثل هؤلاء الأفراد الذين كانوا يعملون ظاهراً مع الجهاز الحاكم،ويوظّفون نفوذهم في حماية القواعد الشعبية لأئمّة أهل البيت عليهم السّلام، ومنهؤلاء الأفراد: عليّ بن يقطين.
وجاء في الرواية المذكورة أنّ رجلاً من أهل الريّكان عليه دَين مِن خَراج في زمن أحد