[jnoob99]

تعتبر مدينة كركوك اكثر مدينة عراقية عقدة" في تركيبتها الاجتماعية والسكانية ، نظرا" لطبيعتها الجغرافية التي تنفرد بها عن باقي المدن العراقية ، كما لاننسى ماحباه الله عز وجل من النعم ومنها توافر البترول في باطن ارضها وبكثرة قل نظيرها في باقي المدن العراقية بعد البصرة الفيحاء.
وما ان سقط الصنم في نيسان 2003 حتى بدأت الاصوات النشاز تتعالى حول مظلمومية كركوك وهل هي عربية ام كردية متناسية تلك الاصوات ان كركوك جزءا" من ارض العراق ، وبالطبع كان مع الاسف نوعية الخطاب السياسي المتشنج للقادة الكورد حول كركوك قد ساعد دعاة القومجية كثيرا" في التنظير والترويج لبضاعتهم الفاسدة وتسويقها اعلاميا" في الاوساط العربانية وكأن مسألة كركوك اصبحت وكأنها( قميص عثمان واصابع نائلة) كما رفع ذلك النزق بن النزق معاوية وازلامه ، فاعطى القادة الكورد الفرصة الذهبية للقومجية في الوقوف بوجه مطاليبهم المشروعة في ضم كركوك لاقليم كوردستنان، وقد ساعدت وسائل الاعلام العربية المعادية لعملية التغيير الجديد في العراق ومنها الوهابيين الناصبيين ودويلات الخليج الكارتونية ومليك الاردن وضبع سوريا وبقرة مصر.
وللرجوع الى الوراء تاريخيا":
فقد اجمعت المصادر التاريخية والجغرافية العربية السنية على ان كركوك جزءا" من اقليم بلاد الجبل
ويقصد به ( بلاد الاكراد) وهو اقليم يمتد من جنوب كركوك الى حدود بلاد ارمينية ، وقد سكن الاخوة الكورد هذه المنطقة وسميت باسمهم وكانت لهم دول خاصة بهم مثل ( الدولة المروانية ) في القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي وأتابكية اربل في القرن الخامس والسادس الهجريين/ الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين ، كما ان الكورد كان لهم وجود في ادارة الدولة العباسية في بداياتها ولكن بعدد محدود جدا" في بغداد والكوفة وكان منهم من عمل في الادارة والجيش ومنهم فقهاء وعلماء .
وبعد انسياح السلاجقة في ايران والعراق بعد اسقاطهم للحكم البويهي في العراق في منتصف القرن الخامس الهجري ، فقد شجع السلاجقة ابناء جلدتهم على السكن في العراق وبالاخص المناطق الشمالية من العراق في تكريت والموصل وسنجار وكركوك ، مع الاعتراف بوجود اقليات تركمانية فيها قبل دخول السلاجقة ، فأصبحت القبائل التركمانية هي الغالبة على مدن الموصل وتكريت والانبار وسنجار وحلب ودمشق وحمص وحماة وغيرها من المناطق ، ولم يكن لهم وجود يذكر في وسط وجنوب العراق نظرا" لسيطرة القبائل العربية على تللك المناطق ومنها قبيلة بني مزيد الاسدية وامارة البطائح في جنوب العراق وغيرها من القبائل .
وعلى مر الزمن تحولت مناطق كركوك والموصل وسنجار وتكريت تدريجيا" الى اغلبية تركمانية بفضل جهود السلاطين السلاجقة الذين امتد نفوذهم الى بلاد الاناضول واسيا الصغرى في اوج قوتهم ، كما انه من الملاحظ غلبة العرب على التركمان في مناطق جنوب بلاد الشام مثل فلسطين التي قطنها بنو الجراح وبنو كلب وهم من العرب ، وقد يعزى ذلك الى صعوبة تأقلم الاتراك مع جغرافية المناطق الجنوبية كونهم انحدروا من مناطق تمتاز بالبرودة ويصعب عليهم التأقلم في المناطق الحارة مثل جنوب العراق .
وبعد ان سيطر المغول على العراق والمشرق تضاؤل الوجود التركماني في العراق عامة وكركوك خاصة بسبب السياسية القمعية التي انتهجها ضدهم قادةالمغول وهاجروا الى بلاد تركستان وارمينية بعيدا" عن قبضة المغول ، وعلى اثر تجدد الصراع العثماني والصفوي على العراق وسيطرة الاتراك تارة والصفويين تارة اخرى فقدشجع العثمانيون على اعادة توطين التركمان في كركوك مرة ثانية بعد ان هجروها لحين ، كما وحاولوا الاجهاز على الكورد في مناطقهم ولكن الكورد شكلوا ستارا" حديديا" ضد اطماع العثمانيين في شمال العراق ، وقد انتهج السلطان سليمان ومراد سياسة التنكيل بحق الكورد
من جهة وبحق التركمان الشيعة من جهة اخرى لعوامل طائفية كونهم كانوا يعتبرون انفسهم (نصيرا" للسنة) مقابل الصفويين ( نصيرا" للشيعة) ولذا فقد اصطبغ الصراع العثماني الصفوي بصبغة طائفية بينما هو في حقيقته سياسي وليس طائفي .
كما عملت الانظمة العراقية بعد تأسس الدولة العراقية الحديثة عام 1920م على قمع كل صوت كوردي فرفع الكورد شعار المعارضة من اجل اثبات هويتهم القومية التي حول قادة السنة في العراق سلخها بدأ" من حكومة جعفر النقيب مرورا" بحكومة ياسين الهاشمي ومحسن السعدون ذوي الصبغة الطائفية السنية ، فلم يكن للكورد تمثيلا" في البرلمان ولم يكن لهم وزيرا" واحدا" في الحكومة العراقية وكذلك الشيعة وزيرا" واحدا" في وزارة غير مهمة وهو السيد عبد المهدي والد الدكتور عادل عبدالمهدي
الذي يعتبر هو ومحمد باقر الشبيبي من دعاة انصاف الشيعة والكورد ابان تلك الحقبة وقد وصفهما محسن السعدون في رسالته الى الملك فيصل ب ( الجعفرية الطائفيين) وقد تعرض الكورد مثل الشيعة الى اقسى عمليات التهميش والقتل ابان الحكم الملكي من قبل الساسة والقادة العسكريين السنة امثال ياسين الهاشمي وغيره .
وتنفس الكورد الصعداء في حكم الزعيم عبد الكريم قاسم لكنهم لم يألوا جهدا" في الدفاع عن حقوقهم المسلوبة ومنها استعادة كركوك لاقليمهم ، وبعد ان جاء عبدالسلام عارف والقومجية الى الحكم عام 1962 مارس بحق الكورد ابشع انواع الاضطهاد السياسي والقتل على الهوية بدعم عربي من قبل عبدالناصر وملوك ال سعود وشن حرب ابادة جماعية بحقهم ، كما وحرص على اصباغ محاربة الكورد صفة دينية فقد استمال علماء السنة الى جانبه بشراء ذممهم بالاموال الى جانب حقدهم على الاقليات
فافتوا بوجوب محاربة الكورد وافتوا بحلة اموالهم وسبيهم ولم يعارض ذلك سوى الامام محسن الحكيم (رض) رعيم الطائفة الشيعية الاوحد في زمانه الذي افتى بحرمة مقاتلة الكورد لانهم مسلمين وليسوا كفارا"
ونرى العجب من اولئك العلماء ففي الوقت الذي تتسع سيطرة الصهاينة على فلسطين نراهم يوجهون سهامهم الخبيثة نحو نحور المسلمين .
اما في عهد العفالقة المجرمين فغير خافي جرائم البعث الكافر ضد الكورد ومحاولة محو ثقافتهم وانتهاجة لسياسة التعريب في كركوك والمناطق الكوردية بالتزامن مع عمليات القتل والتهجير القسري للكورد الى مناطق جنوب العراق في السبعينيات ونحن عشنا تلك الاحداث عن كثب في الناصرية والبصرة والسماوة
ناهيك عن اعماله الاجرامية في الانفال وحلبجة وضربها بالاسلحة الكيمياوية وقتله للاطفال الرضع وعمليات الابادة الجماعية
ونخلص الى القول ان كركوك اصلا" كوردية ولكن لعوامل سياسية فقد قطنها الاخوة التركمان ايضا"
وهي بالتالي من حق الكورد والتركمان وليس للعرب حق فيها وانما دخلاء عليها.
وامنيتي ان يجد الاخوة الكورد والتركمان حلا" جذريا" للمشكلة بعيدا" عن تدخل القومجية الاغراب
عن المدينة واهلها .


جنوب 99