من خطابات السيد القائد سماحة ولي أمر المسلمين الإمام الخامنئي (دام ظله)
فلسطين ومسؤولية العالم الإسلامية
إن الواجب يدعونا شعباً وحكومة ويدعوا سائر الشعوب والحكومات الإسلامية الأخرى إلى تقديم الدعم لهذا الشعب المظلوم قدر المستطاع انه واجب ديني وواجب إنساني وواجب عقلاني يفرضه العقل وهو واجب تاريخي.
إن ما يعبّر اليوم عن كلمتنا وموقعنا هو أن مسألة فلسطين من الناحية الإسلامية تعتبر مسألة أساسية لكل المسلمين بما فيهم نحن وان كل علماء الشيعة والسنة السالفين يصرخون ويؤكدون انه إذا ما احتل جزء من الأراضي الإسلامية من قبل الأعداء فإن الواجب يدعوا الجميع إلى الدفاع لاستعادته كلّ حسب مقدرته انه واجب كل شخص بما يملك وبأي شكل يستطيع مسؤول إزاء قضية فلسطين أولا من الناحية الإسلامية الأرض هي أرض إسلامية احتلت من قبل أعداء الإسلام ويجب استردادها ثانياً ثمة ثمانية ملايين مسلم بعضهم مشرد والبعض الآخر في الداخل ووضعه أسوء من المشردين لا يجرءون على القيام بحياتهم العادية ولا يسمح لهم بإبداء آرائهم ولا أن يكون لهم ممثلون في إدارة شؤون بلدهم يمنعون أحياناً عن أداء صلواتهم والمسجد الأقصى قبلة المسلمين يتعرض للتهديد وتضرم النيران فيه قبل سنوات وما يقوم به الصهاينة من عمليات حضر غير مشروعة بهدف محو الشكل الإسلامي للمسجد الأقصى قبلة المسلمين كل هذه الأمور تفرض واجباً على كل المسلمين فليس من مسلم يستطيع التنصل عن عبء هذا الواجب فكل ّ بما يستطيع وبما يقدر
إن الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين والدول الداعمة لها تسعى لجعل أحداث فلسطين مسألة داخلية تخص الكيان الصهيوني فقط.
والأمر ليس كذلك, فالمسألة ليست داخلية, فلو فرضنا أن لا أحد من الشعب الفلسطيني انتفض بوجه الصهاينة فسيبقى المسلمون خطراً للكيان الصهيوني وحماتهم لأن الأمر مرتبط بفلسطين فكيف وان الشعب الفلسطيني قام وانتفض اليوم, أنها قضية العالم الإسلامي وأنها كذلك من خلال وجهتي نظر:
الأولى : إن فلسطين هي جزء من الأراضي الإسلامية ولدى المذاهب الإسلامية الشائعة بأجمعها لا يوجد خلاف بينهم وبإجماع الفقهاء: إن اقتطعت أرض من ارض المسلمين واحتلتها دولة معادية للإسلام, فواجب الجميع الشرعي أن يسعوا ويجاهدوا من اجل إعادة هذا الجزء المغتصب إلى الجسد الإسلامي.
لذا فإن الشعوب الإسلامية في كل مكان من العالم يدركون واجباتهم, ولعل الكثيرين لا يستطيعون القيام بعمل ما ولكن على كل من يمتلك القدرة على العمل يجب أن يعمل وبأي شكل من الأشكال.
ثانياً : إن إقامة دولة يهودية وبمصطلح كيان صهيوني في هذه المنطقة من العالم الإسلامي إنها من اجل هدف استعماري بعيد المدى, أقاموا هذه الدولة في المنطقة الحساسة التي تعد قلب العالم الإسلامي، حيث إن أفريقيا تعد غربي العالم الإسلامي, وآسيا والشرق الأوسط هي منطقة شرقي العالم الإسلامي وهي تعد منطقة الوصل والمرور بين آسيا وأفريقيا وأوروبا.
وإنما اقتطعوا هذا الجزء الحساس والاستراتيجي من يد المسلمين وأعطوه لليهود وأقاموا الكيان الصهيوني من اجل استمرار سلطة المستعمرين وعلى رأسهم إنكلترا آنذاك على العالم الإسلامي وبقائها أطول فترة وان تكون سدّاً مانعاً أمام أي دولة إسلامية يمكنها أن تنشأ في المنطقة كالدولة العثمانية سابقاً وتشكل خطراً على نفوذ المستعمرين من الإنكليز والفرنسيين وغيرها من القوى, إنما عمدوا إلى صنع موقع لهم. لذا فإن إقامة دولة صهيونية طبقاً للوثائق التاريخية التي تنص على رغبة اليهود بوطن قومي ليس سوى ضجة استعمار تذرعت إنكلترا بها للكثيرين من اليهود وهم يؤمنون انهم ليسوا بحاجة إلى دولة ووجود مثل هذه الدولة ليست لصالحهم أي أنها لم تكن رغبة وحاجة يهودية.. بل حاجة استعمارية وإنكليزية على الخصوص.
وفيما بعد تحولت سياسة العالم والقوة الاستعمارية من يد بريطانيا وتحولت جميع أسباب القوة والاستعمار إلى أمريكا, والأمريكان يحاولون استغلال هذا الحدث ويعملون على استغلاله اليوم بكل جهدهم.
ولهذا فإن قضية تحرير فلسطين ومحو دولة الكيان الصهيوني الغاصب قضية ترتبط وتنسجم مع مصالح شعوب المنطقة ومن ضمنها مصالح بلادنا إيران العزيزة, ولم يخطئ الساسة في بداية الثورة في برامج السياسة الدولية من اختيار التصدي والمقاومة لنفوذ وقوة الكيان الصهيوني, ولهذا فإن كل مفكري العالم الإسلامي والحكام الأحرار وكل أولئك الذين لم تلوث أيديهم بسياسة أمريكا يعتقدون بضرورة التصدي للكيان الصهيوني وذلك انطلاقاً من شعورهم بمصالح بلادهم.
الانتفاضة ومسيرة الاستسلام
إن الانتفاضة هي ثورة شعب نفض يده من كل أساليب التسوية وفهم أن النصر رهين مقاومته لقد تكبد الشعب الفلسطيني في انتفاضته السابقة خسائر جسيمة وقدم على طريق الإسلام وتحرير الأرض الإسلامية كثيراً من الشهداء والجرحى. لكن محادثات أوسلو قضت بإيقافها في النهاية وماذا كانت نتيجة أوسلو ؟ فحتى المخططين الفلسطينيين في تلك المحادثات اليوم لا يدافعون عنها لأنهم أدركوا عملياً أن إسرائيل كانت تريد فقط أن تتخلص من ورطتها أي أن تتخلص من مواجهة ثوار الحجارة وتقلل مما يوجهها من أخطار وإذا أعطت شيئا شحيحاً للجانب الفلسطيني وأعطت بعض الامتياز فإنما كان بفرض إخماد شعلة الانتفاضة والتقليل من احتمالات الأخطار وما أن رأت مشكلتها قد انحلت وأحسّت خطأ أن الشعب الفلسطيني لم يعد قادراً على استئناف الانتفاضة والمقاومة والمواجهة حتى أوقفت ذلك الضئيل من الامتيازات وكشفت عن أهدافها الذاتية التوسعية. إن مسيرة الاستسلام في مشروع أوسلو وضعت الشعب الفلسطيني في طريق واحد لا غير هو طريق الانتفاضة حيث أن المحور الأساسي في الانتفاضة الثانية هو المسجد الأقصى أي أن الشرارة التي فجرت غضب الشعب الفلسطيني هي تدنيس الصهاينة للأقصى. الشعب الفلسطيني انطلق من خلال إحساسه بالرسالة الخطيرة التي يحملها في حراسة واحد من اقدس الأماكن الدينية الإسلامية ودخل الساحة بقوة وأضرم شعلة المقاومة والنضال ضد المحتلين بتضحية وفداء لقد أدّت مسيرة الاستسلام وبشكل خاص أوسلو, إلى تشتيت الفلسطينيين لكل هذه الانتفاضة المقدسة المباركة استطاعت أن تعيد الوحدة الوطنية إلى الساحة الفلسطينية وتلاحظون إن كل فئات الشعب حاضرة في هذا النضال والفصائل الإسلامية والوطنية متكاملة بل حتى أولئك الذين لا تزال قلوبهم في مكان آخر هم مضطرون إلى مماشاة هذا التحرك العظيم.
تقديم
لواءمحمدباقر
التعديل الأخير تم بواسطة شهيدالله ; 10-04-2010 الساعة 08:24 PM.