قلت : وهو محتمل مع ما فيه من نظر ، قال القرطبي : لا تدل قصة عائشة هذه على أن الغيرى لا تؤاخذ بما يصدر منها ، لأن الغيرة هنا جزء سبب ، وذلك أن عائشة اجتمع فيها حينئذ الغيرة وصغر السن والإدلال ، قال فإحالة الصفح عنها على الغيرة وحدها تحكم ، نعم الحامل لها على ما قالت الغيرة لأنها هي التي نصت عليها بقولها " فغرت " وأما الصفح فيحتمل أن يكون لأجلالغيرة وحدها ، ويحتمل أن يكون لها ولغيرها من الشباب والإدلال . قلت : الغيرة محققة بتنصيصها ، والشباب محتاج إلى دليل ، فإنه صلى الله عليه وسلم دخل عليها وهي بنت تسع وذلك في أول زمن البلوغ ، فمن أين له أن ذلك القول وقع في أوائل دخوله عليها وهي بنت تسع . وأما إدلال المحبة فليس موجبا للصفح عن حق الغير ،
بخلاف الغيرة فإنما يقع الصفح بها لأن من يحصل لها الغيرة لا تكون في كمال عقلها ،
فلهذا تصدر منها أمور لا تصدر منها في حال عدم الغيرة ، والله أعلم . (11/135)
[ 2439 ] ( إني لأعلم اذا كنت عني راضية واذا كنت علي غضبى إلى قولها يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك )
قال القاضي
مغاضبة عائشة للنبي صلى الله عليه و سلم هي مما سبق من الغيرة التي عفى عنها للنساء في كثير من الأحكام كما سبق لعدم انفكاكهن منها حتى قال مالك وغيره من علماء المدينة يسقط عنها الحد اذا قذفت زوجها بالفاحشة على جهة الغيرة قال واحتج بما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال ما تدري الغيراء أعلى الوادي من أسفله
ولولا ذلك لكان على عائشة في ذلك من الحرج ما فيه
لأن الغضب على النبي صلى الله عليه و سلم وهجره كبيرة عظيمة
(15/203)
الكتاب : المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج
المؤلف : أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي