العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية منتدى الجهاد الكفائي

منتدى الجهاد الكفائي المنتدى مخصص للجهاد الكفائي الذي أطلق فتواه المرجع الأعلى السيد السيستاني دام ظله

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية kumait
kumait
عضو برونزي
رقم العضوية : 65773
الإنتساب : May 2011
المشاركات : 452
بمعدل : 0.09 يوميا

kumait غير متصل

 عرض البوم صور kumait

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي اخبار دولية
قديم بتاريخ : 21-10-2012 الساعة : 07:12 AM



بريطانيا.. على مفترق طرق
استفتاء 2014 قد يؤدي إلى استقلال اسكوتلندا وبداية تفكك المملكة المتحدة
لندن: عبد اللطيف جابر

«أريد أن أكون رئيس الوزراء الذي حافظ على وحدة المملكة المتحدة»، هذا ما قاله ديفيد كاميرون بعد توقيعه هذا الأسبوع مع رئيس الحكومة المركزية، الزعيم الاسكوتلندي أليكس ساموند، على اتفاقية، يتم بموجبها تنظيم استفتاء في أواخر عام 2014 ويعطي اسكوتلندا حق الانفصال عن بريطانيا. لو أجاب الاسكوتلنديون بكلمة «نعم» للانفصال في الاستفتاء، وهذا ما يفضله القوميون، وخصوصا الحزب القومي الاسكوتلندي الحاكم في برلمان ادنبره المحلي، والذي يتزعمه أليكس ساموند، فإن ذلك سيضع نهاية للاتحاد بين لندن وأدنبره والذي دام أكثر من 300 عام، أي منذ التوقيع على اتفاقية الاتحاد بينهما عام 1707 والتي ربطت شمال البلاد بجنوبها. ومنذ ذلك التاريخ شكلت اسكوتلندا مع إنجلترا وإقليم ويلز وشمال آيرلندا، ما يسمى بالمملكة المتحدة. وقد يكون هذا التاريخ الجديد بداية تفكك الاتحاد.. وقد يشجع انفصال اسكوتلندا أقاليم أخرى لاتخاذ الخطوة نفسها.

وبعد التوقيع مباشرة توجه كاميرون إلى ميناء لبناء السفن الحربية في منطقة «فايف» باسكوتلندا حيث يجري بناء حاملة طائرات بريطانية جديدة لصالح سلاح الجو الملكي. الزيارة تنطوي على الكثير من الرموز، إذ أراد كاميرون جلب الانتباه إلى أهمية الاتحاد بين ادنبره ولندن بخصوص قضايا الدفاع ووضع بريطانيا الاستراتيجي في العلاقات الدولية، وهذا ما ستفقده اسكوتلندا المستقلة التي لن تكون على الأرجح عضوا في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لأن الحزب القومي الاسكوتلندي الحاكم يعارض السياسات النووية للحلف.

وقال أليكس ساموند الذي يمتلك حزبه الأغلبية في البرلمان الإقليمي في إدنبره «إنه يوم تاريخي لاسكوتلندا». وأضاف بعد توقيع الاتفاقية «سننتصر من خلال وضع رؤية إيجابية». وعلى الرغم من أن حكومة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تعارض بشدة خطوات اسكوتلندا للاستقلال فإنها وافقت على مضض إجراء الاستفتاء. وقال كاميرون «أنا عاطفي تجاه الاتحاد. يجب أن نحافظ على العائلة معا». «ولكن ومع ذلك، فمن الصائب أن (تحترم) الحكومة البريطانية إرادة الشعب الاسكوتلندي وتسمح لهم بالاستفتاء». وبعد أشهر من المشاورات الصعبة، التقى كاميرون مع ساموند في مقر الحكومة المحلية في اسكوتلندا ووقعا بالأحرف الأولى على «اتفاق ادنبره» ثم تصافحا. وقال كاميرون «أعتقد بقوة أن اسكوتلندا ستبقى» بريطانية. لكنه أضاف أن بريطانيا «لا تستطيع بأي حال إبقاء بلد متحد معها ضد إرادة شعبه».

وأوضح أن الاسكوتلنديين «انتخبوا حزبا كان يريد إجراء استفتاء. وأعتقد أن من الضروري احترامهم»، لكنه أعرب عن الأمل «بأن تبقى بريطانيا موحدة، لأننا معا نكون أكثر غنى وأكثر قوة ونتمتع بمزيد من الأمان». وقالت نائبة رئيس الوزراء الاسكوتلندية نيكولا ستورجن لـ«بي بي سي»، «قدم الجانبان تنازلات لكنني راضية للتوصل إلى اتفاق يضمن تنظيم الاستفتاء». ونجحت السلطات الاسكوتلندية في الحصول على تنظيم الاستفتاء في 2014 في حين كان تريد لندن أن ينظم في أسرع وقت ممكن. كما وافقت لندن على خفض السن للمشاركة في الاستفتاء إلى 16 عاما وهو مطلب آخر للقوميين الذين يعتقدون أن الشباب الاسكوتلندي ميال إلى الاستقلال. ويرغب اليوم ثلث الاسكوتلنديين وعددهم 5,2 مليون في الاستقلال عن المملكة المتحدة، حسب آخر استطلاع لتلفزيون «إي تي في». إلا أن التنازل الاسكوتلندي تمثل في أن يتضمن الاستفتاء خيارا واحدا لا غير وهو تأييد أو رفض الاستقلال، وهذا ما تريده لندن، في حين كان يرغب القوميون في إضافة سؤال آخر في الاستفتاء حول الحصول على حكم بصلاحيات أكبر في حال رفض الاستقلال لتجنب فوز المعسكر المعارض للاستقلال.

اختيار ساموند لعام 2014 للاستفتاء كان مقصودا، إنها الذكرى الـ700 لمعركة بانوكبيرن وهي المعركة الوحيدة التي انتصر فيها الاسكوتلنديون على الإنجليز، ويعتقد المعلقون أن ساموند أراد من هذا التاريخ تأجيج الشعور القومي الاسكوتلندي ضد إنجلترا ولندن. وتخشى السلطات البريطانية من أن يؤدي انفصال اسكوتلندا إلى إحداث مزيد من الانشقاقات في المملكة المتحدة. وبحسب استطلاع أخير للرأي تراجع عدد أنصار الاستقلال خصوصا مع اندلاع الأزمة المالية في أوروبا وخصوصا بعد أن قامت لندن بضخ المليارات في البنوك الاسكوتلندية من أجل إنقاذها.

لقد ضخت بريطانيا ما قيمته 187 مليار جنيه إسترليني في البنوك الاسكوتلندية، وهذا أكبر من الدخل القومي الاسكوتلندي الذي يقدر بـ122 مليار جنيه إسترليني. وفي مقابلة سابقة مع القناة الرابعة البريطانية قال ساموند إنه سيحصل على 90 في المائة من مداخيل بحر الشمال التي تقدر بـ10.5 مليار جنيه إسترليني سنويا. حقول النفط والغاز في بحر الشمال تحتوي 24 مليار برميل والتي تقدر قيمتها بـ1.5 تريليون جنيه إسترليني. إلا أن حكومة لندن تقول إن حصة اسكوتلندا هي 8 في المائة من مبيعات غاز بحر الشمال. ويعتقد بعض الخبراء أنه حتى في حالة حصول اسكوتلندا المستقلة على حصة الأسد من مبيعات بترول وغاز بحر الشمال (بعد الحسم جغرافيا للمياه الإقليمية بين البلدين) فإن التذبذب في أسعار السوق لن يكون دائما لصالح اسكوتلندا، كما أن احتياطي النفط في حالة تراجع. أضف إلى ذلك أن ملكية الآبار ستثير معارك قانونية بين البلدين.

وقال البروفيسور جون كيرتيس من جامعة ستراثكلايد إن على ساموند إقناع الناخبين بأن «أوضاعهم الاقتصادية ستكون أفضل في اسكوتلندا المستقلة على المدى البعيد». للبرلمان الاسكوتلندي حاليا صلاحيات في مجالات التربية والصحة والبيئة والعدل. إلا أن المسائل المتعلقة بالشؤون الخارجية والطاقة والضرائب والدفاع تبقى من صلاحية لندن. ووعد كاميرون الاسكوتلنديين بمزيد من الحكم الذاتي» إذا ما قالوا «لا» للاستقلال. ولهذه المسألة دعم واسع مع جميع الأحزاب البريطانية في البرلمان ومع الطبقة السياسية البريطانية. من جانبه، جعل ساموند الاستفتاء أبرز نقاط معركته ووصف الاتفاق بـ«اليوم التاريخي» لاسكوتلندا، معربا عن ثقته بفوز «نعم». وقال «لدى الحكومة الاسكوتلندية رؤية طموحة لاسكوتلندا: بلد أوروبي مزدهر، ينجح ويعكس القيم الاسكوتلندية.. اسكوتلندا تشغل مكانا جديدا في العالم».

وذكر الوزير البريطاني المكلف ملف اسكوتلندا مايكل مور بـ«المخاطر» التي يطرحها في نظره الاستقلال خصوصا من الناحية الاقتصادية أو لجهة النفوذ الدولي. وتتهم لندن أنصار الاستقلال بترك مسائل عدة عالقة خصوصا ملكية الاحتياطي النفطي الهائل في بحر الشمال أو مستقبل اسكوتلندا المستقلة داخل الاتحاد الأوروبي والسياسة الدفاعية. وكتبت صحيفة «سكوتيش صن» الاثنين أن «المعركة حول مستقبل اسكوتلندا تبدأ اليوم». وتساءلت الصحيفة تحت صورة المسؤولين وهما يتشاجران على صورة لاسكوتلندا ملتقطة عبر الأقمار الاصطناعية «هل علينا أن نصدق أليكس سالموند عندما يعد بمستقبل زاهر لاسكوتلندا مستقلة أم ديفيد كاميرون».

ارتبطت اسكوتلندا مع إنجلترا بمعاهدة، تعود إلى أكثر من 300 عام، بنيت خلالها بريطانيا أكبر إمبراطورية في تاريخ البشرية. وحتى بعد تلاشي نفوذها الجغرافي المباشر، ما زالت بريطانيا واحدة من أعظم اقتصادات العالم. فماذا يعني انفصال اسكوتلندا عن المملكة المتحدة.. سياسيا.. واقتصاديا.. واجتماعيا.. وحتى عسكريا؟ كيف يمكن تفكيك قواتها المسلحة، المكونة من شعوب المملكة المتحدة، التي تنتشر قواعدها العسكرية على كامل أراضي المملكة المتحدة وأسلحتها وغواصاتها النووية في مياهها الإقليمية؟ ومن سيبقى من جنودها الموجودين في مهمات عسكرية خارج البلاد؟ ومن سيستحوذ على مقعدها الدائم في مجلس الأمن؟ وماذا سيحدث لسفاراتها؟ حتى العلم سيصبح محل نقاش، وسيتم فصل ألوانه التي تتشكل من اللونين الأحمر والأبيض (علم سانت جورج الإنجليزي، والأبيض والأزرق علم اسكوتلندا). وأخيرا وليس آخرا، هل ستبقى اسكوتلندا ملكية وتبقى إليزابيث الثانية ملكة على اسكوتلندا أيضا؟ أم تصبح جمهورية؟

وعلى الرغم من تأكيدات الوزير الأول الاسكوتلندي أليكس ساموند أنه على علاقة وثيقة مع العائلة المالكة، فإن الأسئلة تبقى. وقال ساموند إن الملكة ستبقى رئيسة الدولة كما هو معمول به بالنسبة لدول الكومنولث، أي دول التاج البريطاني. إلا أن هناك اعتقادا بأن اسكوتلندا المستقلة ستجري استفتاء آخر حول بقاء الملكية.

هذه مجرد بعض المشكلات التي ستكون شائكة وتحتاج إلى سنين من المفاوضات القانونية والعملية بين البلدين والتي سيواجهها طلاق اسكوتلندا عن باقي المملكة المتحدة، التي بدأ المعلقون يطرحونها بصراحة ويرون أنها ستكون معضلة حقيقية للجهتين، خصوصا أن هناك حركة إنسانية مستمرة ولمئات السنين بين شعوب المملكة المتحدة. فالتعداد السكاني لاسكوتلندا (مثلا) يصل إلى خمسة ملايين ونصف المليون، ويعيش أكثر من مليون منهم، أي 20 في المائة، في إنجلترا.. هذه معضلة عبرت عنها صحيفة «التايمز» في افتتاحياتها عندما طرح موضوع الاستفتاء في يناير (كانون الثاني) الماضي تحت عنوان «سلطة دون مسؤولية». كتبت «التايمز»، التي تعكس عادة تفكير النخبة السياسية البريطانية، تقول إن على الوزير الأول الاسكوتلندي زعيم الحزب القومي الاسكوتلندي أليكس ساموند أن يحدد ما يريد.. ويحدد بالضبط كل الأمور مثل الدفاع والخارجية والسياسات المالية. وقالت صحيفة «التايمز» بأن على أليكس ساموند أن يقرر هل يريد الاستحواذ على مداخيل مبيعات الغاز والبترول من بحر الشمال فقط، لكنه لا يريد الديون المترتبة على اسكوتلندا، خصوصا بعد عملية إنقاذ البنوك التي قامت بها حكومة غوردن براون، التي ضخت المليارات في البنك الملكي الاسكوتلندي لإنقاذه. وقيل آنذاك إنه لو كانت اسكوتلندا مستقلة وقت وقوع الأزمة المالية العالمية لأعلنت إفلاسها مثل آيسلندا. هذه الأفكار عكسها أيضا وزير الخزانة السابق أليستر دارلينغ في مقابلة مع «بي بي سي» هذا الأسبوع التي اتهم فيها أليكس ساموند بأنه يؤجج الشعور القومي للاستقلال، من خلال هجومه على المحافظين الإنجليز، ويرفض الدخول في حوار جدي حول الأمور المالية.

وتثير «التايمز» أسئلة تعتقد أن على أليكس ساموند الإجابة عنها مثل: هل ستكون الحكومة الاسكوتلندية قادرة على إصدار سندات خزينة بالجنيه الإسترليني إذا احتفظت بالعملة نفسها؟ وهل تريد من حكومة لندن إنقاذ البنوك في حال التدهور المالي لها، مثلما عملت في السابق مع البنك الملكي الاسكوتلندي؟ ومن يحدد سعر الفائدة.. البنك المركزي في لندن أم بنك مركزي أسكوتلندي؟ وهذا يعني خلق سياسات مالية متناقضة بين لندن وإدنبره. وهل الاستقلالية بالقرارات المالية تعني أن جزءا من الديون سيتم تحولها إلى ميزانية الدولة الاسكوتلندية؟ وهل يريد أليكس ساموند فقط المداخيل من بحر الشمال، أما بالنسبة للديون فإنه يريدها أن تبقى مسؤولية لندن؟ وماذا عن مسؤولية الدفاع والخارجية؟ وإذا قررت بريطانيا إرسال قواتها إلى الخارج كما حصل في حالة العراق وأفغانستان، فهل ستخالف القرار وتسحب الجنود الاسكوتلنديين من المعركة؟

وبعد التوقيع على اتفاقية الاستفتاء قال وزير الخزانة البريطاني الحالي جورج أوزبورن إن أليكس ساموند لم يحدد بعد شكل الاتحاد المالي بين البلدين، ويعتقد أيضا أن سعر الفائدة سيكون أعلى بالنسبة للدولة المستقلة. أضف إلى ذلك أن اسكوتلندا ستواجه نفس المشكلات التي تواجهها بعض الدول الأوروبية بخصوص سعر الفائدة والبنك المركزي الأوروبي واليورو. وفي ظل الأزمة الاقتصادية العالمية والمصير غير المعروف لليورو ومنطقة اليورو، يقول أليستر دارلينغ إن اسكوتلندا ستواجه مشكلات أكبر في حالة الانفصال ودخولها الاتحاد الأوروبي كبلد كامل العضوية. إذا قررت دخول الاتحاد الأوروبي فعليها قبول اليورو كعملة قانونية لاقتصادها. لكن ساموند نوه سابقا بأن اسكوتلندا المستقلة قد تبقي على الجنيه الإسترليني عملة متداولة. لكن يرى بعض المعلقين أن ذلك لن يلبي طموحات اسكوتلندا الوطنية لأن إعطاء بنك إنجلترا المركزي الحق في تحديد سياسات اسكوتلندا الضريبية سيعيد الأمور إلى سابق عهدها، وهذا ما تعاني منه بعض الدول الأوروبية الجنوبية مثل اليونان والبرتغال وإسبانيا وغيرها ممن قد تجبر على الانفصال عن منطقة اليورو لاحقا. ويقول دارلينغ الاقتصادي المحنك: «الجوانب السلبية للانفصال مخيفة وكذلك المخاطر، ولهذا لا أعتقد أنها تستحق المغامرة». آراء أليستر دارلينغ عوملت من قبل الكثير من وسائل الإعلام على أنها أساس لحوار جاد حول موضوع الاستقلال يضع النقاط على الحروف ويواجه رد الفعل القومي الاسكوتلندي الذي «يختبئ» وراءه أليكس ساموند، الذي اتهم من معظم الأحزاب البريطانية والكثير من المعلقين بأنه يحاول دائما تمييع الأمور بخصوص التداعيات المالية لمستقبل اسكوتلندا. وأصبح ينظر إلى دارلينغ - على الرغم من أنه عمالي وناقد شديد لسياسات ديفيد كاميرون - على أنه الشخص المثالي ليقود حملة الدفاع عن وحدة المملكة المتحدة وإبقاء اسكوتلندا فيها. ولهذا يعتبر دارلينغ أنه من المهم جدا مواجهة ساموند بالقضايا الاقتصادية المهمة. ويطرح ثلاثة سيناريوهات بهذا الخصوص. يقول إن ساموند لم يتكلم بوضوح حول السياسات المالية المستقبلية.

ويتساءل: هل يريد أن يبقي «الباوند»، أي الجنيه الإسترليني، كعملة لاسكوتلندا المستقبلية؟ وهذا ما نوه به ساموند في مناسبات مختلفة، قائلا إن «اسكوتلندا المستقلة قد تحتفظ بعلاقات مالية مشتركة مع إنجلترا حتى بعد الانفصال». بهذه الحالة، الجنيه يصبح عملة بين بلدين، أي إنه اتحاد مصغر لمنطقة اليورو. لكن دارلينغ يقول: «إذا جلست مع باقي أعضاء المملكة المتحدة ووافقت على عملة مشتركة، فإن الأعضاء سيقولون له: هل سترفع سقف الضرائب؟ وهل ستستمر بمستوى الصرف العام نفسه على الخدمات، وتزيد من ديونك دون سقف واضح». وهذا ما يواجهه بعض أعضاء منطقة اليورو. عندما تكون هناك عملة مشتركة، فإن ذلك يعني ليس اتحادا اقتصاديا فقط، لكنه يصبح اتحادا سياسيا، وإذا كان هذا هو المطلوب إذن، «لماذا كل هذا التعب والمطالبة بالانفصال من أجل أن تجد نفسك مرة ثانية في نقطة البداية؟ ولهذا فإن العملية غير مجدية». كما أن الخيار الثاني، وهو أن تتجه اسكوتلندا لاختيار عملتها الخاصة، أمر مليء بالمخاطر. ويقول دارلينغ: «تصور كيف تفيق في صباح يوم الاثنين وتجد أن كل مدخراتك في البنوك لا تساوي شيئا، لأنه لا أحد يعرف إلى أين تتجه الأمور بعد أن تقرر دولة استخدام عملة خاصة بها في بداية الأسبوع. وإذا خاف الناس قبل ذلك بيوم واحد وقرروا سحب مدخراتهم ووضعها في بنوك أخرى بعملة مختلفة، فإن ذلك قد يطيح بالنظام المصرفي الاسكوتلندي».

أما المخاوف الأخرى التي يطرحها دارلينغ فهي اتجاه اسكوتلندا المستقلة لاتخاذ اليورو عملة لها. ويقول إن دخول الاتحاد الأوروبي دولة مستقلة سيجبر اسكوتلندا أيضا دخول منطقة اليورو وهذا ما تنص عليه اتفاقية الاتحاد الأوروبي. ولهذا ما الفائدة أيضا أن تصبح اسكوتلندا عرضة للتقلبات وسياسة سعر الفائدة التي يحددها البنك المركزي الأوروبي؟ «فما الجديد بالنسبة لاسكوتلندا، التي تطالب بالانفصال عن بريطانيا من أجل التنازل السياسي والاقتصادي للاتحاد الأوروبي». ويعتقد دارلينغ أن «العالم يتجه لبناء تكتلات اقتصادية عالمية ضخمة. وما الهدف من فلسفة اللجوء إلى تكتل اقتصادي أوروبي وفي الوقت نفسه تحاول الابتعاد عن جارك؟».

من مواضيع : kumait 0 تأملات في فتوى جهاد النكاح
0 وجه واحد!
0 هل الهاتف المحمول كان موجودا عام 1938؟
0 الاعلام العربي و أشكالية الضمير..
0 الأرض تستعد لمواجهة «عاصفة شمسية مدمرة»

الصورة الرمزية kumait
kumait
عضو برونزي
رقم العضوية : 65773
الإنتساب : May 2011
المشاركات : 452
بمعدل : 0.09 يوميا

kumait غير متصل

 عرض البوم صور kumait

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : kumait المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي شافيز.. للمرة الرابعة
قديم بتاريخ : 21-10-2012 الساعة : 07:24 AM



شافيز.. للمرة الرابعة
يبيع «الاشتراكية» لفقراء فنزويلا.. ويحصل على أصواتهم للبقاء في السلطة
واشنطن: هبة القدسي

بعد فوز الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز بولاية جديدة الأسبوع الماضي، أدرك الأميركيون أن أمام أميركا اللاتينية وقتا طويلا حتى تنحسر السياسات الاشتراكية أو تتراجع حالة العداء السياسي بين واشنطن وكراكاس. ويعد فوز شافيز تحديا أمام المراقبين في دول النصف الشمالي من الكرة الأرضية، فهو بذلك الفوز رسخ أقدامه ليظل لمدة ست سنوات مقبلة رئيسا لفنزويلا وزعيما للحركات الاشتراكية في أميركا اللاتينية وربما في العالم، بل يأتي فوزه دفعه للاشتراكية في المنطقة.

فالرئيس هوغو شافيز، 58 عاما، الذي تولى السلطة منذ عام 1999 وتنتهي ولايته «الرابعة» إلى عام 2019، سيكون قد حكم بلاده عقدين كاملين. ويدخل ولايته الجديدة بكل أفكاره القديمة ضد الولايات المتحدة والإمبريالية والرأسمالية لترسيخ الاشتراكية في فنزويلا ودول أميركا اللاتينية. يقول المحللون إنه يملك كاريزما خاصة يستغلها لجذب الطبقات الفقيرة إلى سياساته وأفكاره الاشتراكية في بلد يعيش أكثر من ربع سكانه في حالة فقر شديد. وتبدو أفكاره الاشتراكية واضحة في سياسات التأميم التي مارسها في الكثير من الصناعات مثل صناعة الصلب وصناعة الذهب وقطاع البناء والنفط والقطاع المالي والزراعي.

وحصل شافيز في الانتخابات الرئاسية على نسبة 55% فيما حصل منافسه على 44% من الأصوات. وحسب المجلس الوطني للانتخابات في فنزويلا فإن ما يقرب من 15 مليون شخص شاركوا في التصويت، وهو ما يعد إقبالا قياسيا لهذه الدولة التي يبلغ عدد سكانها 30 مليون نسمة. البعض يرجع أسباب فوزه الساحق لأن سياساته تجد شعبية واسعة، ولدية كيمياء خاصة مع الفقراء، فخلال ولاياته الثلاث السابقة استخدم شافيز ثروة البلاد النفطية لإعطاء الفقراء فرصة عمل ورعاية صحية ومنازل، وقام بإنفاق حكومي كبير على المشاريع الخدمية في الأحياء الفقيرة.

لكن المعارضون لسياساته يرون أن تلك السياسات زادت من سيطرة الدولة، وأدت إلى تأكل القطاع الخاص، وانتشار الفساد والمحسوبية وضعف البنية التحتية، وسوء إدارة عائدات النفط وانقطاع التيار الكهربائي في بلد غني بموارد الطاقة. واتهمت المعارضة شافيز باستخدام قوة الدولة في شراء الأصوات واستقطاب الناخبين، لكن لا أحد يستطيع أن ينكر أن الانتخابات جاءت في جو ديمقراطي وكانت حرة ونزيهة ولم تشهد أي تزوير، بل لا أحد يجادل أن كثيرا من الناخبين يريدون شافيز. وقد وصف الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر - الذي أشرف على الانتخابات - نظام التصويت في فنزويلا بأنه الأفضل في العالم.

ويثير شافيز الجدل أينما حل وكلما تحدث، فهو يطلق لكلماته العنان دون رابط يهاجم يمينا ويسارا. يدافع عن الشعوب والفقراء والمطحونين ضد تسلط حكامهم تارة، ويدافع عن الحكام الديكتاتوريين تارة أخرى. وهو أحد الشخصيات اليسارية الرائدة في أميركا اللاتينية، وواحد من أكثر المنتقدين للولايات المتحدة وأكثرهم صخبا. وهو من أقرب الأصدقاء المقربين للرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.

يظهر شافيز دائما بمظهر المثقف الفيلسوف والذي يستشهد بالكلمات المأثورة لأشهر الكتاب في أميركا اللاتينية، ويلقي خطبه للشعب الفنزويلي وهو جالسا على مكتبه، وأمامه عدة كتب مفتوحة وكأنه يقرا عدة كتب في وقت واحد. ويحلل القضايا الداخلية والدولية لساعات، وهي دائما، في رأيه، وراءها مؤامرة امبريالية وتحالف دولي. فقد اعتبر فوزه وهزيمة منافسة هنريك كابرليس هو انتصار على القوى الخارجية التي تحاول الإطاحة به، وقال عقب فوزه «لم انتصر فقط على منافسي بل على التحالف الدولي فلم تكن الانتخابات مجرد معركة داخلية». واتهم شافيز الولايات المتحدة وأوروبا بإرسال 500 ألف رسالة إلكترونية للناخبين لحثهم على انتخاب هنريك كابرليس. وفي رأي شافيز فإن أميركا والدول الامبريالية تقف وراء كل المصائب في العالم بل إنه يري أن واشنطن تقف وراء مرض السرطان الذي أصاب خمسة رؤساء دول في أميركا اللاتينية بما في ذلك شافيز نفسه.

ويعشق شافيز الملابس الصارخة الألوان مثل علم فنزويلا، فمعظم ملابسه تتنوع ما بين الأحمر والأصفر والأزرق. وعندنا انتخب لأول مرة في ديسمبر (كانون الأول) 1998، فاز شافيز بأغلبية ساحقة وكان عمره 44 عاما ليصبح أصغر رئيس يتولى الحكم في فنزويلا. ومن ميزات شافيز قدرته على تبديل مظهره ومنطقه بسهولة لافتة فيظهر مرة في لباس المظليين ومرة أخرى في بدلة أنيقة. وهو يستعير عبارات لماو تسي تونغ وهو يرفع صليبا ويحمل بعنف على «الإمبراطورية الأميركية» التي يبيعها نصف إنتاجه النفطي. ويقول شافيز المدافع عن حقوق الفقراء «من أجل القضاء على الفقر يجب إعطاء السلطة للشعب». ويروق لهذا الرجل الأب لأربعة أولاد الذي سبق وطلق زوجتين أن يقول عن نفسه إنه «متزوج بالوطن». وهو يندد بنبرة المبشرين الملهمين بـ«طريق الرأسمالية التي تقود إلى الجحيم» مؤكدا أنه لو «عاد المسيح لكان صوتا للثورة».

وشافيز يطل كل يوم أحد على المواطنين مباشرة عبر برنامج تلفزيوني مطول بعنوان «آلو سيدي الرئيس»، كما يهوى المنابر الدولية والمداخلات الصاخبة ويوضح الكاتب ألبرتو باريرا في سيرة للفتنانت كولونيل السابق بعنوان «شافيز من دون اللباس العسكري» أن «فورته الكلامية هي تكتيك عسكري يقوم على الاستفزاز»، ويشير إلى أن «البعض يشدد على صفات الزعامة لديه والبعض الآخر يرى فيه روحا تبشيرية أو شعبوية جموحة لكن لا يمكن لأي كان إنكار الكاريزما التي يتمتع بها». ويمكنه أن يمزج في خطاب واحد أغنيات شاعرية وشتائم وإبداء معرفة ثقافية واسعة. أسلوبه في الحكم غير تقليدي يستند فيه إلى حدسه وما تعلمه من تدريبه العسكري. وهو لا ينام إلا قليلا ولا يأخذ عطلة، ما دفعه إلى الاعتراف بأنه ارتكب «خطأ أساسيا» بإهمال صحته طيلة سنوات.

وتعتبر المؤرخة مرغاريتا لوبث مايا التي كانت حليفته وأصبحت معارضة له، أن «شافيز مزيج متناقض من الميل إلى اليسار والنزعة العسكرية ويحب امتلاك السلطة. وأحد أكبر دوافعه هو البقاء في الحكم بلا قيود». وقد حاول شافيز أن يرسم لنفسه دورا على الساحة الدولية من خلال محاولة تنظيم اتحاد يساري في أميركا اللاتينية يضم كوبا ونيكاراغوا وبوليفيا والإكوادور والأرجنتين ليكون تحالفا ضد الولايات المتحدة. وبمساندة إيران وبالقيام بتدريبات بحرية مشترك مع روسيا.

وهو صاحب شخصية مناضلة، مثله الأعلى هو سيمون بوليفار، ونضاله لم يقتصر فقط على المجال السياسي فقد خاص شافيز معركة مع مرض السرطان خلال عام 2011 وخضع للعلاج في كوبا لأكثر من 16 شهرا وخضع لثلاث عمليات جراحية في منطقة الحوض إلى جانب العلاج الإشعاعي والكيميائي. وسرت وقتها شائعات بقرب نهايته لكنه عاد إلى فنزويلا بعد شهور من العلاج معلنا انتصاره على المرض وشفاءه منه، وبدا خلال حملته الانتخابية أنه الشخص الذي لا يمكن هزيمته. وهناك تكهنات أن تكون حالته الصحية أكثر خطورة مما تم الكشف عنه.

علاقته بالحكام العرب غريبة، فقد كان الصديق المقرب للزعيم الليبي السابق معمر القذافي، وهاجم بشدة الطريقة الوحشية التي مات بها وألقى باللوم على الولايات المتحدة وأوروبا. وقد نعى شافيز القذافي وقال إنه شهيد ومناضل وثائر. وهو يساند نظام الرئيس السوري بشار الأسد ويعتبره الزعيم الشرعي لسوريا، ويصف المعارضين لنظام الأسد بالإرهابيين، ويعتبر دعم المتمردين السوريين محاولة للإطاحة بالرئيس بشار الأسد. وفي إحدى خطبه قال شافيز «إنه أمر محزن أن العالم دخل حقبة جديدة من الامبريالية وحكومة الولايات المتحدة هي واحدة من أكثر المسؤولين عن هذه الكارثة في سوريا». وقارن شافيز بين الوضع في سوريا والوضع في ليبيا عندما تم الإطاحة بمعمر القذافي. وتقوم فنزويلا بإرسال شحنات من النفط لسوريا لسد الفجوة الناجمة عن العقوبات المفروضة على سوريا.

يعشق شافيز التحدي والوقوف في وجه التيارات، ففي خضم الهجوم الدولي على إيران ومطالبتها بالالتزام بتعهداتها الدولية ووقف طموحها لامتلاك سلاح نووي، قام شافيز بتعزيز علاقات فنزويلا بإيران وقام بزيارة طهران ثلاث عشرة مرة مند بدء حكمه في عام 1999 فيما زار أحمدي نجاد فنزويلا ست مرات منذ عام 2005. ووقع البلدان أكثر من 270 اتفاقية تعاون في عدد من المجالات التي تشمل النفط والغز الطبيعي والتجارة. ووصف كل من شافيز وأحمدي نجاد علاقة البلدين بأنها «تحالف استراتيجي» بهدف القضاء على النظام العالمي الحالي. ويتشابه شافيز مع الزعيم الراحل معمر القذافي في تحليله التآمري للأحداث، وفي عشقه لإلقاء الخطب السياسية الطويلة التي تستمر لساعات، والكثير منها كان موجها لانتقاد الولايات المتحدة، وفي تبني أفكار مخالفة، ومثيرة للجدل دائما، وحب السلطة، لكنه لا يحمل ألقابا كثيرة كما يحملها القذافي.

وكان شافيز معارضا للغزو الأميركي لأفغانستان وحرب العراق. ومن أشهر خطبه السياسية، خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2006 حيث وجه انتقادات حادة للرئيس جورج بوش ووصفه بالشيطان، والسيد الخطر. وكان خطابه بعد خطاب بوش مباشرة، فقال بعد أن وصل إلى المنصة.. «إني أشم رائحة الشيطان هنا». وطالب شافيز بمحاكمة بوش أمام المحكمة الجنائية الدولية لقيامه بارتكاب جرائم إبادة جماعية. وفي مقابلة وصف شافيز الولايات المتحدة بأنها مثل «مصاص الدماء دراكولا». لكن عداءه للولايات المتحدة لم يقلل من مساندته للرئيس الأميركي باراك أوباما، فقد أعلن شافيز عدة مرات أنه لو كان أميركيا لصوت لصالح إعادة انتخاب أوباما. ووصف شافيز أوباما بقوله «إنه رجل جيد» وفي مقابلة تلفزيونية بعد فوزه قال شافيز «بعد انتصاري، وبعد الانتصار المحتمل للرئيس أوباما، آمل أن نتمكن من بدء مرحلة جديدة من العلاقات الطبيعية مع الولايات المتحدة». وفي واشنطن هنأ البيت الأبيض الشعب الفنزويلي على الانتخابات الرئاسية، وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض «لدينا خلافات مع الرئيس شافيز لكننا نهنئ الفنزويليين بالعملية الانتخابية السليمة». وعلى الرغم من هذا العداء الآيديولوجي والفكري السياسي بين فنزويلا والولايات المتحدة، فإن حسابات الاقتصاد تخرج من دائرة العداء، ففنزويلا هي أكبر خامس دولة نفطية في العالم من ناحية الإنتاج أو الاحتياطي، وهي تصدر 90% من هذا النفط للولايات المتحدة.

خلفية شافيز الفقيرة صاغت الكثير من ملامح شخصيته وأفكاره، فقد جاء شافيز من بيئة متواضعة، كان والده بن هوغو دي لوس ريبس شافيز، ووالدته إيلينا فرياس دي شافيز يعملان مدرسين. وولد شافيز في 28 يوليو (تموز) عام 1954 في سابانيتا وهي مدينة في ولاية باريناس في فنزويلا. وتعكس الحياة في فنزويلا جانبا كبيرا من التناقضات السياسية والاقتصادية حيث تتسع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، وبين الأقلية الغنية التي تحتكر 77% من الأراضي الزراعية والأغلبية من الفقراء الذين يعيشون تحت خط الفقر.

وتأثر شافيز في سن مبكرة بسيمون بوليفار الجندي والسياسي الفنزويلي الذي قاد حركة لتحقيق استقلال أميركية اللاتينية من الحكم الإسباني في أوائل القرن التاسع عشر. ووضع شافيز نفسه في قالب بوليفار وهو يخوض ثورته الخاصة «الشافيزية». أنصاره يعتبرونه البطل الأسطورة الذي يأخذ من الأغنياء ويعطي الفقراء على غرار روبن هود الشخصية الأسطورية. ويصفه معارضون بأنه السياسي الداهية والديكتاتور المستبد الذي يستغل الثروات النفطية في البلاد للبقاء في السلطة. ووفقا للبنك الدولي يشكل النفط أكثر من 30% من الناتج المحلي الإجمالي لفنزويلا و90% من صادراتها و50% من دخلها المالي.

كان صعود شافيز في عالم السياسة مليئا بالأحداث، فقد كان يحلم بأن يصبح لاعبا محترفا لكرة البيسبول لكنه انضم للجيش بعد تخرجه من الأكاديمية العسكرية في كراكاس في فنزويلا عام 1975، وبدأت ميوله وتوجهاته الاشتراكية اليسارية في الظهور أثناء دراسته وخدمته العسكرية. ودرس أيضا العلوم السياسية في جامعة سيمون بوليفار في كاراكاس في عامي 1989 و1990 وبعدها حصل على درجة الدكتوراه.

في عام 1992 كان شافيز يشغل منصبا كبيرا في الجيش برتبة مقدم، واستغل موجة الغضب الشعبي من النخبة السياسية وسياسات التقشف الاقتصادي وقاد حركة انقلاب فاشلة ضد الرئيس أندريس بيريز كارلوس، وألقي بعدها في السجن لمدة عامين. وأطلق سراحه الرئيس الجديد رافائيل كالديرا رودريغيز، خرج بعدها شافيز ليشكل حركة باسم الجمهورية الخامسة، التي استغلها كحركة معارضة للحكومة ووسيلة لانتقاد الفساد الحكومي ونظام الحزبين في فنزويلا، متهما النخبة الحاكمة بإهدار ثروة البلاد النفطية. وسرعان ما التقت الطبقات الفقيرة واليسارية حول شافيز وحركته المعارضة.

وظهر شافيز على الساحة السياسية بقوة باعتباره شخصية معارضة وجذب المناصرين والمؤيدين له بتعهداته بحل الكونغرس وإعادة توزيع الثروة النفطية في البلاد وهو ما جعله يفوز بالسلطة في فبراير (شباط) عام 1999، وبعد أدائه اليمين وضعت حكومته دستورا جديدا عام 2000 وبموجبه أعيد انتخاب شافيز لرئاسة فنزويلا لمدة ست سنوات. في خلال عامي 2001 و2002 واجه شافيز نكسات كبيرة، ومعارضة واسعة لأجندته الاجتماعية، بلغت ذروتها في احتجاجات واسعة النطاق. وقاد الجيش انقلابا ضده وأحل محله بيدرو كارمونا، لكن كارمونا قام بحل البرلمان وعلق العمل بالدستور مما دفع الجيش إلى إجباره على الاستقالة. وفي صورة من صور لعبة الكراسي الموسيقية، تولى نائب شافيز ديوسدادو كابيلو منصب الرئيس ثم أعاد شافيز إلى السلطة خلال أيام.

أحكم شافيز سيطرته على خيوط اللعبة السياسية في فنزويلا وأحكم قبضته على السلطة وبحلول نهاية عام 2006 أعيد انتخاب شافيز لفترة ولاية ثالثة بأقل قليلا من ثلثي الأصوات. وشهدت تلك الولاية أكثر التغييرات الدستورية التي قام بها لتعزيز بقاءه بالسلطة، ومنها إقرار إمكانية إعادة الانتخاب لأجل غير مسمى دون تحديد مدد للرئاسة. وقلص شافيز في التغييرات الدستورية من صلاحيات الهيئات الرقابية، وألغى مجلس الشيوخ بحيث أصبح لفنزويلا مجلس تشريعي وحيد. وتحول الدستور الذي وعد بإصلاحه إلى أداة في يد شافيز لجمع مقاليد السلطة في يده. وضاق صدره بالمعارضة فقام بإغلاق محطات الإذاعة المعارضة وضيق الخناق على حركات المعارضة.

على الرغم من أن شافيز ينفي سعيه «لإقامة ديكتاتورية»، فإنه حذر المعارضة من أنها لن تعود «أبدا إلى السلطة» فيما لا يتصور أن يتخلى هو نفسه عن الرئاسة قبل 2021 على أقل تقدير، في الذكرى المئوية الثانية لآخر المعارك الكبرى ضد العرش الإسباني في فنزويلا. وعلى الرغم من ذلك فهو يعد الحاكم المستبد ناشر الديمقراطية بطريقته الخاصة، والثائر الاشتراكي البازغ نجمه في عتمة انحسار الشيوعية وانهيار الاشتراكية. وسيظل أسطورة الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية وبطل التحديات والتناقضات في أفكاره وآرائه وسياساته.

من مواضيع : kumait 0 تأملات في فتوى جهاد النكاح
0 وجه واحد!
0 هل الهاتف المحمول كان موجودا عام 1938؟
0 الاعلام العربي و أشكالية الضمير..
0 الأرض تستعد لمواجهة «عاصفة شمسية مدمرة»

الصورة الرمزية kumait
kumait
عضو برونزي
رقم العضوية : 65773
الإنتساب : May 2011
المشاركات : 452
بمعدل : 0.09 يوميا

kumait غير متصل

 عرض البوم صور kumait

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : kumait المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي ميليباند.. رئيس وزراء بريطانيا المنتظر
قديم بتاريخ : 21-10-2012 الساعة : 07:36 AM



ميليباند.. رئيس وزراء بريطانيا المرتقب
من «إد الأحمر» إلى «إد الواقعي البراغماتي»
لندن: عبد اللطيف جابر

هل صحيح أن التناحر الآيديولوجي بين الرأسمالية والاشتراكية قد وصل إلى نهايته، بسقوط الكتلة الشرقية، في نهاية حقبة الثمانينات، وأن العالم قد دخل في مرحلة الرأسمالية الليبرالية، كما يقول المنظر اليميني فرانسيس فوكوياما، الشهير بكتابه «نهاية التاريخ»، أم إن الصراع ازداد حدة كما يروج منظرون يساريون في ذاك الوقت، من أمثال الأميركي ناعوم تشومسكي أو التشيكي سلافوي جيجيك، الذين يرون على أن الرأسمالية تواجه أزمة حقيقية؟ وحاليا ومع مع بروز الأزمة المالية التي عصفت بالعالم، خصوصا الولايات المتحدة وأوروبا، عاد الحديث عن الصراع الآيديولوجي من جديد.

على هذه الخلفية يمكن تسليط الضوء على توجهات زعيم المعارضة العمالية في بريطانيا، إد ميليباند، الذي يرى العديد من المعلقين السياسيين أن خطابه الذي ألقاه 4 اكتوبر في مؤتمر الحزب السنوي قد وضعه في موقع جديد في الوسط بين تلك الصراعات الآيديولوجية، محاولا كسب مكانة سياسية جديدة تخوله أن يكون منافسا جديا لتولي سدة الحكم في البلاد ويعيد حزبه إلى السلطة التي خسرها في الانتخابات العامة البرلمانية عام 2010، مما جعل وسائل إعلام ومنظرين ومحللين سياسيين يطلقون عليه لقب «رئيس الوزراء المنتظر».

لكن إد ميليباند في وضع لا يحسد عليه. الطريقة التي تم انتخابه بها زعيما بعد هزيمة حزب العمال عام 2010 في الانتخابات العامة واستقالة رئيس الوزراء السابق غوردن براون كانت مؤلمة وصعبة على مستويين؛ أولا أنه خاض المنافسة ضد شقيقه ديفيد، وزير الخارجية الأسبق، المحسوب على تيار توني بلير، وهذه المنافسة أدت إلى بروز حواجز عائلية، إن لم تكن قطيعة، مع شقيقه؛ إذ لم يصبحا يلتقيان كما كان معمول به سابقا مع والدتهما يوم الأحد من كل أسبوع، حتى لا يجلسان تحت سقف واحد، كما صرحت والدتهما.

ثانيا لقد فاز إد ميليباند في المنافسة ضد شقيقه بسبب دعم النقابات العمالية له، التي جاء صوتها حاسما وكانت تميل لصالح الشقيق الأصغر، وبهذا، وحسب المنطق، فإنه يصبح مدينا لها أخلاقيا وسياسيا. الصحافة البريطانية الشعبية المحافظة أطلقت عليه اسم «إد الأحمر» أي الشيوعي. النقابات كانت تطمح إلى أن ينحاز إد إلى جانبها في أي معركة مع الحكومة المحافظة بخصوص الزيادة في الأجور والدعم في حالة اللجوء للإضرابات. إلا أن إد حاول هذا الأسبوع في خطابه وفي مناسبات سابقة، خصوصا في مؤتمر النقابات الذي جاء بعد فترة قصيرة من انتخابه، أن يبعد نفسه عنها.

وفي أول خطاب له أمام مؤتمر الحزب بعد فوزه، أرسل إد ميليباند رسالة واضحة إلى النقابات التي دعمته والتي كانت تخطط وما زالت لسلسلة من الإضرابات العمالية ضد سياسة التقليص للحكومة الائتلافية. وفي الوقت نفسه الذي هاجم فيه سياسة تقليص الخدمات للحكومة، طلب من النقابات أن لا تتبع سياسة «غير مسؤولة» لأن ذلك سيفاقم من المشكلات الاقتصادية التي تواجهها البلاد. لقد فاجأ النقابات بموقفه، مؤكدا أنه غير مدين لها بشيء، الأمر الذي أغضب بعضها وصاح بعض النقابيين بأعلى صوتهم في القاعة خلال إلقاء خطابه متهمين إد بأن ما تفوه به هو «القمامة نفسها».

وقال بوب كرو النقابي الذي يقود نقابة عمال السكك الحديدية والمواصلات البحرية، والتي تعتبر من أكثر الاتحادات راديكالية، إن النقابات تفكر جليا في قطع علاقاتها بحزب العمال، مضيفا أن «إد ميليباند، الزعيم الجديد، فضل الذهاب إلى الحفلة الصيفية التي أقامها قطب الإعلام روبرت ميردوخ بدلا من حضور الحفلة التي أقامها عمال المناجم في منطقة ديرهام. إد ميليباند طلب من المدرسين وموظفي الجهاز الإداري مقاطعة الإضراب الذي دعت إليه النقابات قبل عام.. «عند الإضراب، إما أن تأخذ جانب العمال أو تنحاز إلى جانب أرباب العمل» قال كرو. لكن إد حاول عدم الانحياز لأي منهما. لكن كيف سيقنع إد ميليباند جمهور الناخبين ليصل إلى سدة الحكم. لحد الآن ومنذ فوزه بقيادة الحزب والصحافة والمعلقين السياسيين ينتقدون إد ميليباند على أدائه في مجلس العموم وأنه لم يسجل أي ضربات سياسية تذكر ضد الحكومة أو خصمه زعيم حزب المحافظين رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.

لكن حدد في خطابه، الذي دام 65 دقيقة (لم يكن مكتوبا ومن دون أي ملاحظات مدونة) سياساته للفترة المقبلة، بعيدا عن النقابات وقريبا من سياسات شد الأحزمة واضعا الحزب في خانة الوسط مع الميل قليلا إلى اليسار. وتلقى المعلقون خطابه بإيجابية وقالوا إنه يعكس «عقلانية وبراغماتية إد» ومؤهلاته القيادية ليكون «رئيس الوزراء المنتظر».

الزعيم العمالي قدم نفسه حاميا لمصالح بريطانيا وليس لطبقة اجتماعية أو تكتلات سياسية، قائلا: «لا يوجد مستقبل لحزب يدافع عن مصالح فئة اجتماعية»، أي إنه ليس مع العمال ضد الرأسماليين. وردد عبارة «أمة واحدة» 44 مرة في خطابه. التعبير جاء اقتباسا من بنيامين ديزرائيلي رئيس الوزراء المحافظ في الربع الأخير من القرن التاسع عشر. وفي هذا يحاول ميليباند أن يسحب البساط من تحت ديفيد كاميرون، الذي اعتاد على ترديد عبارة: «نحن جميعا في خندق واحد» ليبرر سياسة شدد الأحزمة. لكنه توقف عن استخدامها عندما أصبحت أداة سخرية للكوميديين والمتهكمين بسبب الأوضاع المزرية لملايين من العاطلين عن العمل.

وحدد ميليباند بالضبط أين يقف، وقال إن بريطانيا كانت متحدة في الحرب وفي السلام، أي إنها كسبت الحرب العالمية الثانية وكانت متحدة بصفتها أمة وكذلك ازدهرت بصفتها أمة واحدة في أيام السلم. «في كل مرة واجهت بريطانيا التحديات انتصرت بصفتها أمة واحدة. وهذا ما ينساه السياسيون. الآن نواجه هذا التحدي (الاقتصادي)، ولهذا نحتاج إلى أن نتوحد من أجل هذه المهمة». إلى أنه أضاف: «لن أقبل اقتصادا يؤدي إلى اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء. بالنسبة لمعتقداتي - لا أعني هنا معتقداتي الدينية- فإن عدم المساواة قضية مركزية ومهمة.. في مجتمع متحد تقع المسؤولية على الجميع وتصل إلى قمة الهرم.. أغنى الأغنياء في المجتمع عليهم مسؤولية كبيرة تجاه الضعفاء والفقراء». ميليباند اتهم ديفيد كاميرون بتقسيم البلاد إلى «شمال وجنوب وقطاع خاص وقطاع عام، وبين من هم منخرطون في وظائف والعاطلين عن العمل».

ووجد ميليباند ضالته في الزوبعة التي سببها أحد وزراء كاميرون الذي هاجم أحد رجال الشرطة أخيرا. وقال ميليباند مخاطبا رئيس الوزراء ديفيد كاميرون: «كيف يمكنك أن تقود البلاد وأحد وزرائك يوجه الإهانات للشرطة ويقول لهم إنكم مجرد أفراد من عامة الشعب»، وهذا يعني أن حكام البلاد المحافظين ينتمون إلى الطبقات العليا ولا ينتمون لعامة الشعب. وقال إن سياسات الحكومة لم تقدم أي حلولا للمشكلات الاقتصادية المستعصية، ولهذا «إذا لم يؤد الدواء مفعوله، فعلينا ليس فقط تغيير الدواء وإنما الطبيب أيضا».

حاول ميليباند إبعاد حزب العمال تحت قيادته عن تيار توني بلير، الذي ما زال متنفذا في الحزب من خلال العديد من أعضاء حكومة الظل.. «ليس هناك أي مجال للرجوع إلى أيام حزب العمال الجديد»، قال ميليباند بوضوح، واضعا حدا لجناح بلير في الحزب، الذي يعتبر شقيقه ديفيد من أكثر المتحمسين له.

إد ميليباند، 42 عاما، أصبح أصغر زعيم للحزب منذ تأسيسه قبل أكثر من قرن من الزمان. كما أن منافسه على زعامة الحزب شقيقه الأكبر ديفيد، الذي عمل وزيرا للخارجية وكان الأصغر في هذه الوظيفة في تاريخ بريطانيا بعد ديفيد أوين، وزير خارجية حكومة جيم كلاهان العمالية في سبعينات القرن الماضي.

يعترف كل منهما بتركة والدهما السياسية وتأثيره عليهما، أي على أهمية العمل السياسي، وأن الأفكار أساسية في آلية التغيير من أجل العدالة الاجتماعية. وعندما سئل إد خلال المنافسة على زعامة الحزب حول تأثير والده رالف ميليباند على قراره في دخول المنافسة على زعامة الحزب، جاء رده قائلا: «إنني قررت ذلك بسببه، ولكنني لم أقم بذلك من أجله»، مؤكدا أن والده وجهه إلى الانخراط في العمل السياسي، لكنه لم يستق أفكاره منه.

الراحل رالف ميليباند، الأكاديمي الماركسي كان واحدا من أهم منظري اليسار في القرن العشرين في أوروبا الغربية. لكن، على الرغم من ذلك، فإنه لم يحاول أي منهما أن يحمل الشعلة الماركسية من والدهما. طبعا هذا من المتطلبات الأساسية في الحياة السياسية في بريطانيا لأحزاب المؤسسة الحاكمة خصوصا عندما يكون عليك أن تقود واحدا من أهم الأحزاب العمالية في أوروبا الغربية. أن تكون ماركسيا وقائدا سياسيا يعني أنك ضد المؤسسة الحاكمة بكل أطيافها السياسية، بما في ذلك حزب العمال، الذي يعمل على حمايتها وحماية النظام الحاكم وليس قلبه.

والدهما الذي قدم إلى بريطانيا مع والده اليهودي من بلجيكا لاجئا سياسيا هربا من النازية بعد احتلالها عام 1940 درس العلوم السياسية في معهد لندن للعلوم السياسية والاقتصادية بجامعة لندن، وأصبح محاضرا فيها وفي أعلى وأهم المؤسسات الأكاديمية في بريطانيا والولايات المتحدة.

رالف الأب انتمى لفترة وجيزة لحزب العمال وحضر بعض مؤتمراته السنوية، لكنه وصل إلى قناعاته بعد فترة قصيرة بأن هذا الحزب هو حزب المؤسسة الحاكمة، وليس حزبا اشتراكيا، ولن يعمل لصالح الطبقة العاملة. لكن ابنيه أصبحا وزيرين في الحكومة العمالية السابقة في الوقت نفسه، ديفيد وزيرا للخارجية وإد وزيرا للبيئة، وهذا لم يحدث منذ 1938 في بريطانيا، أي أن يجلس شقيقان على الطاولة نفسها في اجتماعات الحكومة. الخلافات بين معتقدات الأب وأبنائه أصبحت مادة دسمة في أوساط المثقفين اليساريين. وأصبحت النكتة المتداولة بأن «رالف ميليباند آمن بأن حزب العمال ليس اشتراكيا ولن يعمل أي شيء لصالح الطبقة العاملة، والآن جاء دور أبنائه ليثبتا صحة نظريته».

ووالدتهما ماريون ميليباند، هي الأخرى مهاجرة يهودية من بولندا، وعملت هي الأخرى في الحقل الأكاديمي وشاطرت زوجها الكثير من الأفكار السياسية والماركسية وما زالت ناشطة اشتراكية وفي منظمات سياسية يهودية متضامنة من حقوق الشعب الفلسطيني، خصوصا في منظمة «يهود من أجل العدالة للفلسطينيين». ويقال إن إد هو الأقرب إلى والدته من شقيقيه ديفيد.

وحاول في مناسبات عدة أن يتكلم عن الوضع في الشرق بتعاطف واضح مع الحقوق الفلسطينية، كما أنه حضر اجتماعات تضامنية داخل البرلمان نظمها «أصدقاء فلسطين في حزب العمال»، ويقال إن هذا هو بسبب تأثير والدته عليه، كما أنه يحاول دائما أن يبعد نفسه عن قرار الحرب في العراق. بدأ مشوار إد السياسي منذ أيام الدراسة في مدرسته في شمال لندن، والتي درس فيها العديد من زملائه في الحزب وفي البرلمان إضافة إلى العديد من المشاهير في الحياة الثقافية والأكاديمية. على الرغم من أن المدرسة حكومية، فإنها استقطبت العديد من أبناء النخبة اليسارية الأثرياء ممن يقطنون في المناطق الفاخرة في شمال لندن.
وفي خطابه أمس، حاول التركيز على هذا الجانب من خلفيته المدرسية ليميز نفسه عن زعيم حزب المحافظين وأعضاء الحكومة الذين درس معظمهم في مدارس خاصة مثل كلية إيتون الشهيرة.

الكاتبان مهدي حسن وجيمس ماكنتاير في كتابهما «إد: الأخوان ميليباند وزعامة حزب العمال» يقولان إن إد يحمل معه برنامجا سياسيا مختلفا عن شقيقه ديفيد، إلا أن صفحات الكتاب تبين مدى المنافسة «الأخوية» التي تطغى في معظم الأحيان على زعامة الحزب. إد خاض الكثير من المعارك، كما يبين الكتاب، التي أكسبته الحنكة السياسية وصقلته في مشواره السياسي منذ الأيام الجامعية، والتي كلفته الكثير على الصعيد الأكاديمي، إذ لم يحالفه النجاح، مثلما حالف شقيقيه، الذي تخرج في موضوعه (سياسة وفلسفة واقتصاد) من الكلية نفسها في جامعة أكسفورد بامتياز، لانشغاله في بعض النشاطات والحملات الطلابية التي أبعدته ولو قليلا عن تحصيله الأكاديمي كما كان متوقعا، وكانت النتيجة أنه تخرج بتقدير جيد جدا.

لكن إد تتبع خطوات شقيقه بحذافيرها: المدرسة في شمال لندن وجامعة أكسفورد وكلية كوربوس كريستي ودراسة السياسة والفلسفة والاقتصاد وحتى انخراطه في بعض النوادي السياسية في الجامعة ثم الالتحاق بجامعة هارفارد للدراسة ومن ثم التدريس فيها ودخول البرلمان البريطاني ومن ثم الوزارة. لكن أوجه الشبه وصلت إلى نهاية المطاف، ولم يكن طريق آخر غير خوض المنافسة وجها لوجه على زعامة الحزب.

ويقول مهدي حسن وجيمس ماكنتاير إن إد ميليباند زعيم أعاد للحزب مكانته وتوجهاته السابقة التي كان عليها قبل أن يسيطر عليه تيار توني بلير، الذي اختار الطريق الثالث في السياسة البريطانية، والتي أصبحت معروفة باسم مشروع «حزب العمال الجديد» تحت قيادته إلى أن تمكنت من الفوز بثلاث انتخابات عامة متتالية، وهذا لم يحصل في تاريخ الحزب. وتمثلت هذه السياسة في الانحياز إلى سياسة السوق المفتوحة مع تقليص دور الدولة والقطاع العام وكذلك دور النقابات العمالية في الحياة السياسية، إضافة إلى سياسة دفاعية قائمة على التدخلات الخارجية وعلاقة أقوى مع واشنطن، كان من نتائجها الحرب في أفغانستان والعراق، وسياسة أكثر انحيازا إلى جانب إسرائيل.

المنافسة على زعامة الحزب، بين الشقيقين، تركزت على هذه النقاط، أو هكذا حاول إد ميليباند أن يصور الخلافات بينه وبين شقيقه ديفيد، الذي كان مصمما على الاستمرار في مشروع توني بلير لو حالفه الحظ بالفوز بالزعامة، ويقال إن هذا كان السبب وراء خسارته أمام شقيقه.

منذ أن أعلن إد دخوله المنافسة حاول أن يلخص ما يؤمن به من سياسات، وكان صريحا في هجومه على «حزب العمال الجديد»، أي بمعنى آخر هجومه على شقيقه ديفيد، الذي كان وحتى اللحظات الأخيرة من إعلان النتيجة مقتنعا بأنه الأحق والأوفر حظا في قيادة الحزب. لكن على الرغم من ذلك، فإنه فشل، كما يعتقد العديد من المعلقين، خلال الفترة السابقة من قيادته للحزب في تقديم سياسات تمييز قيادته وتشكل رؤيته للحكم في المستقبل. وما زال منتقدوه من تيار شقيقه يشكون في قدراته السياسية، وأن منافسته شقيقه ديفيد كانت مجرد منافسة تقليدية بين أشقاء وأنها خالية من أي مضمون.

ومن هنا جاء أيضا تعليق أحد أصدقاء إد وحلفائه السياسيين، دوغلاس أليكساندر، أحد الوجوه الصاعدة في حزب العمال الذي يقوم حاليا بوظيفة وزير خارجية الظل. أليكساندر دعم ديفيد في المنافسة ضد صديقه إد لاعتقاده بأنه من الخطأ جدا أن ينافس الشقيق الأصغر شقيقه على زعامة الحزب، كما أنه يعتقد أن الدافع وراء قرار إد للفوز بزعامة الحزب هو إثبات نفسه أمام شقيقه، «وإذا كانت الغيرة الأخوية هي الدافع وراء قراره، فهذا يعني أنه تمت التضحية بالحزب لإشباع غرائز إد، ولهذا فإن الحزب سيدفع الثمن غاليا في المستقبل».

لقد تبين بعد إعلان النتيجة أن شقيقه ديفيد حصل على أعلى نسبة أصوات من عدد أعضاء الحزب في مجلس العموم وكذلك عضوية الحزب بشكل عام، ولولا دعم النقابات لإد لما فاز بزعامة الحزب، ولهذا سيبقى، كما يعتقد كثير من المحللين، أسير سياسات النقابات العمالية والتي ينظر إليها على أنها غير «مسؤولة وغير واقعية» في مطالبها خصوصا في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية والإضرابات التي تعصف بالعديد من المجتمعات الأوروبية نتيجة سياسات التقشف والتقليص لخدمات الدولة. وفي هذا الأسبوع، وفي خطابه، أوضح إد موقفه من هذه القضية ووقف موقفا ثابتا في وجه النقابات التي تقف ضد تقليص النفقات، وتطالب بزيادة الأجور، وتدعو إلى الإضرابات التي يقف إد ضدها.

ويقول حسن وماكنتاير إن إد قادر على أن يشد إليه التيارات السياسية المختلفة داخل الحزب ويبعد نفسه عن النقابات التي أوصلته إلى القيادة. كما أنه قادر على أن يتصرف باستقلالية وبعيدا عن سياسة «الولاء» والعشائرية تجاه حلفائه السياسيين. ما زال الطريق طويلا أمام إد ليثبت أن قيمه السياسية تختلف عن قيم شقيقه ديفيد، إلا إذا قرر الأخير أن ينافس شقيقه مرة أخرى قبل نهاية الفترة البرلمانية الحالية، أي قبل أن يتمكن إد من خوض الانتخابات العامة المقبلة وهو على رأس الحزب، وهذا ما زال ممكنا من الناحية النظرية.


من مواضيع : kumait 0 تأملات في فتوى جهاد النكاح
0 وجه واحد!
0 هل الهاتف المحمول كان موجودا عام 1938؟
0 الاعلام العربي و أشكالية الضمير..
0 الأرض تستعد لمواجهة «عاصفة شمسية مدمرة»

الصورة الرمزية kumait
kumait
عضو برونزي
رقم العضوية : 65773
الإنتساب : May 2011
المشاركات : 452
بمعدل : 0.09 يوميا

kumait غير متصل

 عرض البوم صور kumait

  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : kumait المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي السعودية وبريطانيا واستحقاقات التغيير السياسي
قديم بتاريخ : 24-10-2012 الساعة : 07:19 PM


السعودية وبريطانيا واستحقاقات التغيير السياسي

التهديدات التي اوصلتها الحكومة السعودية لبريطانيا بتجميد التعاون الاقتصادي ما لم يتوقفالبرلمانيون البريطانيون عن ما اسمته 'التدخل في شؤون دول مجلس التعاون الخليجي خصوصا البحرين' لها دلالاتها السياسية والاخلاقية. فقد ذكرت بي بي سي ان الرياضمنزعجة جدا من تعاطي بعض اعضاء البرلمان البريطاني مع الثورة في البحرين، وان ذلك امر مزعج للسعودية بشكل خاص. فمنذ ان عبرت قواتها الجسر بين البلدين في منتصف شهراذار (مارس) 2011 للمشاركة في قمع الاحتجاجات السياسية وضرب المعتصمين بدواراللؤلؤة، اصبح الوضع السياسي في البحرين قرارا سعوديا.

وقد استطاعت الرياض منعاي موقف غربي ضد ذلك الاجراء الذي يعتبره البحرانيون 'احتلالا'، بينما يراه الكثيرون مغامرة لا تختلف جوهريا عن الاجتياح العراقي للكويت في 1990. وكانت لجنةالعلاقات الخارجية بالبرلمان البريطاني قد انتقدت موقف وزارة الخارجية ازاء ما يجري في البحرين، وطالبتها بتصنيفها ضمن الدول 'المثيرة للقلق'. وتطرقت اللجنة في تقريراصدرته مؤخرا لما اعتبرته من مبررات لذلك التصنيف اهمها فشل حكومة ذلك البلد في القيام باي اصلاح حقيقي او تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق او الالتزام بحقوق الانسان.

ومع استمرار الحراك الميداني في البحرين، والاحتجاجات اليومية في شوارعها ووصول تلك الاحتجاجات الى العاصمة في الاسابيع الاخيرة، تشعر السعودية انعليها تشديد الحصار الاعلامي على ثورة ذلك البلد الصغير بحجمه، الكبيربمشاكله.يضاف الى ذلك ان التوتر السياسي الذي بدأ في ذلك البلد الصغير قد انتقلالى عواصم خليجية أخرى، آخرها الكويت التي توترت الاوضاع فيها مؤخرا بعد حل مجلس الامة، وتصاعد نغمة المطالبة بالاصلاح واستهداف امير الكويت شخصيا بالنقد اللاذع،كا فعل مسلم البراك، عضو مجلس الامة.

وشهدت الكويت في الايام الاخير مسيرات ضخمة هي الاكبر في تاريخ الكويت المعاصر تطالب باسقاط الحكومة واعادة النظر في قانون الانتخابات. واعتقلت السلطات عددا من النشطاء والنواب السابقين الذين اعتبرتهم قادة المظاهرة ولكنها افرجت عنهم لمنع تفاقم الاوضاع. وشهدت الامارات، هي الاخرى، توترا امنيا باعتقال اكثر من خمسين شخصا من المحسوبين على حركة الاخوان المسلمين وغلق جمعية الاصلاح التي تعتبر واجهتهم الدينية والسياسية.

من خلال هذه الحقائق تدرك الرياض عددا من الامور:

اولها ان تدخلها العسكري في البحرينلم يحقق هدفه الاساسي وهو القضاء على الثورة، بل زاد المحتجون حماسا للاستمرار في الاحتجاج. واصبح انتقاد العائلة الحاكمة في البحرين يعنيها بشكل اساسي لانها منذ ذلك التدخل اصبحت اللاعب الاول في الساحة، بتواجدها العسكري ودعمها السياسيوالمالي. وتخشى كذلك من تبعات اية مناقشة للوضع البحراني وانعكاساته على اوضاعهاالداخلية وحالة الاحتقان الشديد في مجتمعها وما قد يتمخض عنه من انفجار امني مستقبلا. فاي حديث عن انتهاكات حقوق الانسان يصبح موجها للسياسة السعودية، ولاتستطيع الرياض التنصل من مسؤولية ما توصلت اليه لجنة التحقيق التي تشكلت بزعامة الدكتور شريف بسيوني، بضغط دولي.

ومن ذلك: التعذيب الممنهج الذي لم يتوقف حتى الآن،والقتل خارج القانون وهدم المساجد واعتقال الاطباء وطرد اكثر من اربعة آلاف موظف بحراني من وظائفهم. واصبح جليا ان السعودية تمثل المعوق الاكبر لاية محاولة لاقامة نظام ديمقراطي في الدول العربية. وقد وقفت بوضوح امام ثورة مصر واسقاط حسني مبارك،واستقبلت الرئيس التونسي المخلوع، الديكتاتور زين العابدين بن علي، وتدخلت بقوة لمنع حدوث التغيير المنشود في اليمن، وسعت للتأثير على مسارات ثورتي ليبيا وسوريا. وعندما لا تنجح بشكل كامل تحرك المجموعات التي تمولها للقيام باعمال التخريب وهدم المساجد.

ويشعر المحتجون في البحرين بانهم مستهدفون بشكل مباشر من قبل القواتالسعودية التي ما تزال تعمل في الخطوط الخلفية، ويرتدي افرادها زي القوات البحرينية لمواجهة الاحتجاجات والتظاهرات التي تجري يوميا بدون انقطاع نهارا وليلا. وقدتدخل الامريكيون والبريطانيون امنيا بارسال خبراء شرطة بزعامة الامريكي جون تيمونيوالبريطاني جون ييتس، لادارة الملف الامني. وبرغم ما تدعيه واشنطن ولندن بان وجود هؤلاء الخبراء انما هو بهدف 'تدريب' القوات البحرينية على مراعاة حقوق الانسانعند مواجهة المحتجين او اعتقالهم، فان عدد من قتل من المواطنين سواء في الاحتجاجات ام السجون ام نتيجة الاستخدام المكثف للغازات الكيماوية ومسيلات الدموع يفوق اضعافاعدد الذين سقطوا قبل اجتياح البحرين. السعودية تعلم ان اي انتقاد لممارسات نظام الحكم في ذلك البلد يمسها بشكل مباشر لانها المسؤولة المباشرة عما يجري في شوارعالبحرين وسجونها، ولا تستطيع التنصل من مسؤولية ما يجري لانها هي التي وفرت لنظام الحكم القدرة على مواجهة ثورة الشعب. ويستحيل على اي نظام ديكتاتوري ان يحترم حقوق الانسان او يلتزم بالمواثيق الدولية في مواجهة الاحتجاجات او يتخلى عن تعذي بمعارضيه والتنكيل بمن يعبر عن رأيه علنا.

ثانيها: ان الرياض تدرك ان قبضتهاالحديدية على مجلس التعاون بدأت تتداعى. فسعت لاسترجاع الهيمنة على المجلس ولكن باساليبها المعهودة غير الناجحة، مستغلة نفوذها المالي على المجموعات او المؤسسات المختلفة، او النفوذ الديني عبر المجموعات السلفية التي تنضوي تحت عباءتها. ومايجري في الكويت من احتقان متصاعد ليس منفصلا عن التأثير السعودي على المجموعاتالقبلية والسلفية. فالكويت انتهجت سياسة مختلفة مع كل من العراق وايران، كما هي سلطنة عمان، الامر الذي اظهر مجلس التعاون متباينا ليس في اوضاعه الداخلية فحسب، بل في سياساته الخارجية ايضا. وليس مستبعدا ان يكون الاحتقان في الكويت بتحريك من الرياض هدفه اعادة حكومتها الى بيت الطاعة تحت العباءة السعودية. وبرغم ما يبدو من نتناغم في المواقف بين الرياض والدوحة، فالسعودية ليست مرتاحة لقفز الاخيرة علىالدور السعودي في القضايا الاقليمية، خصوصا خلال الربيع العربي الذي برزت قطر فيه كلاعب اساسي.

وجاء التدخل السعودي في البحرين ليس لحماية حكم العائلة الخليفية فحسب، بل لايصال الرسالة واضحة لقطر والامارات: بان السعودية قد تسكت طويلا ولكنهالن تتردد في اتخاذ القرار الحاسم اذا اقتضت الحاجة. وانزعجت السعودية بشكل خاص عندما سعى امير الكويت العام الماضي للقيام بمبادرة سياسية لحل الازمة والتقىم مثلوه ببعض زعماء المعارضة السياسية في البحرين، وهي مبادرة سرعان ما رفضهاالسعوديون بشكل حاسم. وكان ذلك رسالة واضحة لحكومات الخليج، بعدم محاولة القفز على الدور السعودي خصوصا في محيط مجلس التعاون. السعودية تتعامل مع دول المجلس بانهاتابعة لها وليست مستقلة الا ضمن اطر محدودة، ولا تتردد في استخدام اية وسيلة لضمان عدم التمرد. وربما نجحت في ذلك لو لم تسع لالغاء سيادة عائلات الحكم في الدولالاخرى بانتهاك حدودها والسيطرة على مساحات من اراضيها، فقد احتلت مساحة واسعة منارض دولة الامارات تشمل حقل الشيبة النفطي، الامر الذي ادى الى توتر العلاقات بين البلدين حتى الآن. وما تزال تحتل مساحات كويتية خصوصا في الجنوب وفي محيط ماكان يسمى سابقا 'المنطقة المحايدة' على الحدود المشتركة في غرب الكويت. وبرغم الصمت الحالي، فان العلاقات بين السعودية وقطر فاترة جدا، لان قطر تمارس دورا اقليميا ساهم في تقزيم الدور السعودي، الامر الذي ازعج الحكومة السعودية واشعرها بان نفوذهاضمن منظومة مجلس التعاون يتراجع تدريجيا. ولا يستبعد ان يكون تحريك الاوضاع في الكويت رسالة لقطر والامارات ايضا، بان لدى السعودية مفاتيح قادرة على فتح بوابات الصراع الداخلي في تلك البلدان.

ثالثها: انه بدلا من القضاء على ثورة البحرين،انتقلت الثورة الى العمق السعودي. وبعد الاجتياح السعودي للبحرين في منتصف اذار (مارس) 2011 انتفض مواطنو المنطقة الشرقية ضد ذلك التدخل وطالبوا باصلاحات سياسية يستحيل على الحكم الملكي تحقيق شيء منها. وتواصل الحراك الميداني في القطيف والعوامية وغيرهما وادى الى استشهاد اكثر من 15 شخصا برصاص قوات الجيش والشرطة،واعتقل المئات من مواطني تلك المنطقة لتتصاعد اعداد السجناء بشكل متصاعد. وقد اصبحت قضية السجناء السياسيين واحدة من اكبر التحديات التي تواجه الحكم السعودي.

فهناك اكثر من عشرين الف معتقل في سجون عديدة، مضى على بعضهم اكثر من عشرة اعوام واعتقل هؤلاء بتهم شتى من بينها الانتماء لتنظيم القاعدة او القيام بانشطة سياسية ترفضهاالعائلة السعودية. ويقضي هؤلاء السجناء سنوات عمرهم في السجن بدون محاكمات عادلة. ويمكن القول ان استمرار سجن هؤلاء يمثلون واحدا من اكبر التحديات للنظام السعودي. فان اطلق سراحهم فستغضب الولايات المتحدة الامريكية التي تخشى انتماءهم لتنظيم القاعدة، ويمثل اطلاق سراحهم تهديدا للامن الامريكي وضربة لسياسة الحرب على الارهاب. وان استمرت في سجنهم فسوف تتواصل الانتقادات للنظام السعودي، لان ذلك يمثل انتهاكا فاضحا لحقوق الانسان.

وقد بدأت عائلات هؤلاء السجناء تعبر عن غضبهاالشديد ضد النظام السعودي بسبب استمرار سجن ابنائها بالتظاهر بشكل شبه يومي في شوارع المدن السعودية كالرياض والجوف والقصيم والمدينة. وقد اصبح سجن الطرفية فيالرياض مسرحا للاحتجاجات المطالبة بالافراج عن السجناء. انها ازمة متواصلة لنتتراجع بسهولة، بل ستضغط على الحكم السعودي ومن شأنها ان تنفجر في شكل تظاهرات واحتجاجات خصوصا مع استمرار سياسات القمع والاستبداد وغياب حكم القانون المؤسس على خيار الشعب. وهنا يتضح فشل سياسة التدخل السعودية في شؤون الشعوب الجارة. وقد سبقان تكبد الجيش السعودي خسائر كبيرة عندما اجتاح الاراضي اليمنية قبل بضع سنوات. واستطاعت مجموعة الحوثيين القليلة العدة والسلاح صد التدخل السعودي وأسر العشرات منجنوده، الامر الذي اضطر القوات السعودية للانسحاب بدون تحقيق اهدافها.

رابعها: لقداصبح واضحا تراجع الدور السعودي على الصعيد الاقليمي. ولذلك اسبابه الموضوعية منبينها شيخوخة الجيل الحاكم من ابناء عبد العزيز وتشوش منظومة الحكم ازاء قضاياالتطوير السياسي والدور الاقليمي للمملكة. كما ان صعود انظمة جديدة في مصر وتونسوليبيا اصبح يصادر الدور السعودي تدريجيا. فوجود انظمة حكم منتخبة في هذه البلدان يحاصر منظومة الحكم السعودية المؤسسة على تغييب دور الشعب عن الحكموالادارة والشراكة السياسية. كما ان تراجع السياسة الامريكية في المنطقة ادى الى اضعاف موقف واشنطن ومعها السعودية، الحليف الاكبر للولايات المتحدة، وذيلها السياسي في المنطقة.

ويتوقع صعود دور مصر الاقليمي تدريجيا وان كانت السعودية تسعى لمنع ذلك. وأظهر الصراع في سوريا تباين اولويات الدول التي وقفت ضد نظام بشار الاسد،وتعمق الصراع على النفوذ في ما بينها. فتركيا لم تستطع اثبات دورها بوضوح وفاعلية،وكذلك السعودية التي اتسمت سياستها بالغموض من جهة والسعي لاستكمال مشوار التناف سمع تركيا من جهة اخرى. وقد تقزم الدور السعودي باستعادة مصر، بعد انتخاب الدكتورمحمد مرسي، جانبا من دورها الاقليمي. وثمة ظاهرة آخذة في التصاعد تتمثل باستيعاباطراف سياسية عديدة في الثورات العربية حقيقة استهداف المساجد ودور العبادة في هذهالبلدان. وقد دفعت ليبيا اغلى الاثمان حيث استطاعت الميليشيات المدعومة من السعوديةتدمير قطاع واسع من المساجد التاريخية في عدد من المدن والبلدات الليبية. ويشعرالليبيون بخسارة كبيرة بضياع هذا الإرث التاريخي الانساني ويحثون الآخرين على التصدي لعملية ابادة التاريخ ومعالمه.

وهكذا الامر في مصر التي استهدفت فيهامساجد الصوفيين وحدثت في اثر ذلك محاولات عديدة لاحتواء الظاهرة السلفية بدون جدوى. وقد تعمقت نقمة قطاعات واسعة من المواطنين ضد السعودية التي يعتبرونها اساسالاستهداف المذهبي والطائفي، وان بعض الحركات السلفية تحولت الى اذرع امنيةللسعودية تصفي بها الحسابات مع الجهات التي تختلف معها سياسيا او مذهبيا. حالةالاستقطاب لغير صالح الحكم السعودي اضعفت دوره وموقعه على الصعيد العربي وهمشته بشكل غير مسبوق.

يضاف الى ذلك ان هناك قلقا من تداعيات الوضع السوري الذي قديؤدي الى تقسيم سوريا في حال استمرت تلك التداعيات. فان حدث ذلك اصبحت تركيا والعراق ومصر والسعودية مهددة بالتقسيم، على غرار ما حدث في السودان.

فالسعودية ليست شعبا متجانسا بل اقاليم غير متجانسة وغير منسجمة نتيجة سياسات الحكم المركزيفي الرياض، وان ضعف القبضة الامنية سيؤدي الى انفراط الوحدة القلقة التي فرضهاالملك عبد العزيز بقوة السيف.

فالى اين يتجه الوضع السعودي؟
وهل ستستطيع الرياض ان تبحر في هذا البحر اللجي باستخدام مهاراتها القديمة المؤسسة على استعمال الدولارالنفطي لبسط النفوذ الاقليمي؟
هذه التساؤلات تقلق حكام السعودية وتزعجهم وتفرض عليهم اعادة النظر في حساباتهم وافتراضاتهم.

د. سعيد الشهابي كاتب وصحافي بحريني يقيم في لندن


من مواضيع : kumait 0 تأملات في فتوى جهاد النكاح
0 وجه واحد!
0 هل الهاتف المحمول كان موجودا عام 1938؟
0 الاعلام العربي و أشكالية الضمير..
0 الأرض تستعد لمواجهة «عاصفة شمسية مدمرة»

الصورة الرمزية kumait
kumait
عضو برونزي
رقم العضوية : 65773
الإنتساب : May 2011
المشاركات : 452
بمعدل : 0.09 يوميا

kumait غير متصل

 عرض البوم صور kumait

  مشاركة رقم : 5  
كاتب الموضوع : kumait المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي ميت رومني: أضواء على رئيس الولايات المتحدة المحتمل
قديم بتاريخ : 02-11-2012 الساعة : 08:46 PM



ميت رومني: أضواء على رئيس الولايات المتحدة المحتمل
محمود حمد

"طلب الصعاب يقوي الرجال"
"The pursuit of the difficult makes men strong"
من مقولات ميت رومني المفضلة نقلا عن والده 1

لا يعتبر ويلارد ميت رومني المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية من الشخصيات المعروفة خارج الولايات المتحدة، وبالذات في الوطن العربي. ومن ثم فان طبيعة شخصية رومني، وبالتالي سياسياته المتوقعة -إذا قدر له الجلوس على سدة الرئاسة في المكتب البيضاوي- تعد لغزا كبيرا للمتخصصين وغير المتخصصين على حد سواء.

ويمكن القول بوجود ثلاثة مفاتيح لسبر أغوار شخصية المرشح الجمهوري الذي قد يكون في أشهر قليلة الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة: المفتاح الأول لفهم شخصية رومني هو خلفيته الدينية المختلفة عن كل رؤساء أميركا السابقين، أما المفتاح الثاني فيركز على أصول رومني العائلية، وسنيّ النشأة الأولى، ومشواره الدراسي، وأخيرا، فان المفتاح الثالث هو تجاربه المهنية والسياسية.

أولا: الخلفية الدينية

ينتمي رومني لكنيسة يسوع المسيح لقديسي اليوم الآخر المعروفة إعلاميا بطائفة المورمون، وهو في ذلك يختلف عن كل رؤساء الولايات المتحدة السابقين. فباستثناء جون فيتزجيرالد كيندى الكاثوليكي، انتمى كل رؤساء الولايات المتحدة إلى طائفة المسيحيين الإنجيليين وهى ديانة الأغلبية تاريخيا. والمورمون إحدى الأقليات الدينية الصغيرة في الولايات المتحدة، فهم يشكلون نحو 1.7% من السكان وهى نسبة تقارب عدد اليهود وتفوق عدد المسلمين والبوذيين. ويقدم المورمون أنفسهم باعتبارهم مسيحيين، ولكن الكثير من المسيحيين وبخاصة الأصوليون منهم يشككون في ذلك2 .

وتعتبر المورمون ديانة أميركية بامتياز؛ فقد تأسست الطائفة في ولاية نيويورك على يد جوزيف سميث الذي نادى بنفسه نبيا مرسلا3 . وفي إبريل/نيسان 1840 وبعد نشر كتاب المورمون أسس سميث مع خمسة من أتباعه كنيسة يسوع المسيح لقديسي اليوم الآخر في ولاية ميسوري، ولكن أهل الولاية تصدوا لهم وقاموا بطردهم، فهاجروا إلى ولاية إلينوي. وقد حققت الدعوة نجاحا لافتا في الفترة الأولى، ولكن الكثيرين وصموا سميث وأتباعه بالهرطقة، ولذلك أمر حاكم الولاية بإيداعه السجن هو واثنين من أتباعه لحين محاكمتهم، وفي 1844 ادعى جوزيف سميث بأنه قد تلقى إعلانا إلهيا بتعدد الزوجات، فثار عليه أهل المدينة، وهاجموا السجن، وحدثت معركة قتل فيها جوزيف وله من العمر 39 عاما. وعقب قتل جوزيف سميث تولى القيادة بعده بريجهام ينج، فقاد المئات من أتباعه إلى ما يعرف الآن بولاية يوتاUtah هربا من الاضطهاد، حيث عملوا بالزراعة، وقاموا ببناء حاضرة كبيرة في الصحراء "سولت ليك سيتي".

وتاريخيا استمر تعرض أبناء الطائفة للاضطهاد، الأمر الذي دفع الكثيرين من أبناء الطائفة وبينهم جد رومني للهجرة إلى المكسيك حيث ولد جورج رومني. ولكن الأسرة اضطرت للعودة للولايات المتحدة بعد اندلاع الثورة في المكسيك وقيام الثوار بتهديد الرعايا الأميركيين.

ويؤمن أتباع الطائفة بالإنجيل، وإن كانوا يعتقدون أنه قد أصابه التحريف، ولذلك، فإن كتاب "مورمون" هو كلمة الله غير المحرفة. ويدعي المورمون أنهم قد أحيوا الكنيسة الحقيقية التي أسسها السيد المسيح، وأن المسيحية قد عاشت في الارتداد والوثنية لمدة 18 قرنا حتى جاء سميث فأعلن الحق وأعاد الإنجيل الصحيح الذي فُقد (إنجيل المورمون).

ويؤمن المورمون كذلك بأن السيد المسيح سيبعث في القدس، ولكنه سيؤسس دولته في القارة الأميركية، وتحديدا في ولاية ميسوري. ويمتنع المورمون عن المسكرات وشرب الشاي والقهوة، ويحرصون على زيادة عدد أعضاء الكنيسة، ولذلك يتزوجون مبكرا وينجبون العديد من الأبناء كما يحرصون على التبشير بديانتهم في الولايات المتحدة وخارجها4 . وتعتبر الأسرة من الركائز المقدسة في المجتمع المورموني ويمتنع أبناء الطائفة عن إقامة علاقات خارج إطار الزواج، كما تقف الكنيسة موقفا صلبا ضد الإجهاض ومثلي الجنس.

وقد سببت الاختلافات العقائدية وبخاصة تعداد الزوجات الكثير من الإشكالات السياسية تاريخيا للكنيسة. فقد منع الكونجرس الاعتراف بيوتاه كولاية مستقلة، ووضعت "مقاطعة الصحراء" كما كانت تعرف تحت الحكم الفيدرالي المباشر من واشنطون. وبهدف الحصول على الاعتراف بمقاطعتهم كولاية أصدرت الكنيسة بيان 1890 الذي حظر تعداد الزوجات، وتم النص على هذا الحظر في دستور الولاية كشرط من شروط الانضمام إلى الولايات المتحدة.

وتعمل الكنيسة على زيادة النفوذ السياسي للطائفة، حيث يعتبر المرمون من الأقليات الفاعلة في الساحة السياسية الأميركية، ولا يفوقهم في حجم تمثيلهم السياسي بين الأقليات على المستوى الفيدرالي غير اليهود. فعلى الرغم من أن المورمون يشكلون 1.7% من المجتمع، ولأن أغلب هذه النسبة من الأطفال دون الثامنة عشرة الذين لا يحق لهم التصويت، فإن عدد أعضاء الكونجرس من أبناء الطائفة يبلغ العشرة بنسبة تبلغ 2.3%، وتزيد النسبة إلى 5% في مجلس الشيوخ بمن فيهم زعيم الأغلبية الحالي السيد هارى ريد.


شكل 1: النسبة المئوية لتمثيل الأديان المختلفة في المجتمع ومجلسي النواب والشيوخ (2011-2013)

وعلى الرغم من هذا النفوذ السياسي، وتحسن النظرة المجتمعية نسبيا في السنوات الأخيرة، فإن رجل الشارع لا يعرف الكثير عن هذه الطائفة التي تُبقى طقوسها وعقائدها سرا لا يطلع عليه الغرباء من غير أبناء الطائفة 5. ولذلك، فقد حرص ميت رومني على عدم لفت الأنظار لانتمائه الديني، وبخاصة خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري حيث تنتمي كتلة كبيرة من الناخبين لليمين الديني المحافظ. ومن الملاحظ أن الفيلم الدعائي الرسمي الذي أصدرته حملته الانتخابية ومدته أكثر من عشر دقائق يخلو من أى ذكر عن الدين، وهو أمر شديد الغرابة لمرشح ينتمي للحزب الجمهوري حيث أغلب مناصري الحزب من المتدينين 6. كما يخلو التقديم الرسمي من أية إشارة للفترة التي قضاها رومني في فرنسا للتبشير بديانته. وربما تكون هذه الخلفية أهم الأسباب التي دفعت رومني لاختيار بول راين كشريك في التذكرة الانتخابية الرئاسية. فراين الكاثوليكي المعروف بانتمائه الديني المحافظ يعد من الشخصيات السياسية المفضلة لدى قطاعات عريضة من الناخبين المتدينين الذين مافتئوا يساورهم الشك في معتقدات رومني الدينية.

ثانيا: النشأة والتعليم

ولد ميت رومني في ولاية ميتشجان في 12 مارس/آذار 1947، وهو ينتمي لذلك إلى جيل Baby Boomer الذي ولد في أعقاب الحرب العالمية الثانية بعد عودة المقاتلين من جبهات القتال. وقد ولد ميت لعائلة ميسورة وذات نفوذ سياسي كبير؛ فوالده جورج رومني كان من كبار رجال الأعمال والسياسة في ولاية ميتشجان؛ فرومني الأب شغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة السيارات الأميركية AmericanMotors Corporation بين عامي 1954-1962، ثم انتخب حاكما لولاية ميتشجان لثلاث دورات 1963-1969، وبعد ذلك شغل منصب وزير الإسكان والتنمية الحضرية 1969-1973.

وقد سعى السيد رومني للحصول على ترشيح الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة عام 1968، ولكنه خسر بطاقة الترشيح إمام ريتشارد نيكسون الذي حظي بتأييد الحزب وانتخب رئيسا. أما والدة ميت، السيدة ليونور رومني، فقد انخرطت في الحياة السياسية، وترشحت دون توفيق عن الحزب الجمهوري في انتخابات مجلس الشيوخ عن ولاية ميتشجان عام 1970. ويبدو أثر العائلة كبيرا في حياة ميت رومني، الذي تتبع خطوات والده ووالدته في مجال المال والأعمال ومن ثم الترشح للمناصب السياسية على مستوى الولاية والحكومة الفيدرالية.

وقد تلقى رومني تعليمه في مدرسة كرانبروك الخاصة في ضواحي ديترويت، وهى المدرسة المفضلة لأبناء النخبة في المدينة. وبعد انتهائه من دراسته الثانوية التحق رومني بجامعة ستانفورد المرموقة ولكنه ترك دراسته بعد عام واحد للقيام بخدمة الكنيسة. ومثله مثل والده، وكحال الكثير من أبناء طائفة المورمون، فقد تطوع ميت رومني للتبشير في الخارج حيث قضى في فرنسا 30 شهرا كاملة 7. وتمنح فترة التبشير في الخارج أبناء الطائفة فرصة الاحتكاك بالعالم الخارجي وتعلم اللغات الأجنبية. ولذلك، فإن أبناء الطائفة من أكثر الطوائف تمثيلا في بعثات الولايات المتحدة في الخارج. وبعد عودته من بعثته التبشيرية التحق ميت رومني بجامعة بيرجهام ينج حيث حصل على درجته الجامعية الأولى.

وتعتبر الجامعة المعروفة اختصارا بـ BYU من أفضل جامعات الولايات المتحدة، ويمتاز طلابها بالدأب والرغبة في التحصيل. ولكونها جامعة الكنيسة، ولإيلائها اهتماما خاصا بتدريس الديانة المورمونية، فإن الأغلبية الساحقة من طلابها من أبناء الطائفة، ومعظمهم قد قام بتأدية بعثته التبشيرية، ولذلك فهم أكبر سنا وأكثر نضجا من نظرائهم من طلاب الجامعات الأخرى. وعند تخرجه، التحق ميت بأحد أكثر البرامج تميزا بجامعة هارفارد العريقة، حيث حصل رومني على إجازة الحقوق وماجستير إدارة الأعمال في آن معا8. ويبدو أن اختيار هذا الطريق المزدوج وليد تنازع الاهتمامات الشخصية والضغوط العائلية في تشكيل مستقبل السيد رومني، فبينما فضل ميت دراسة إدارة الأعمال بهدف العمل في القطاع الخاص، كان رومني الأب يدفع ابنه لدراسة الحقوق، وهى الباب الأبرز للولوج في عالم السياسة في الولايات المتحدة. وفى النهاية فقد اختط رومني طريقا جمع فيه بين الهدفين. وتشير قدرة رومني على الالتحاق بهذين البرنامجين الدراسيين إلى دأبه وتنوع مداركه وقدرته على التحصيل والإجادة 9.

ثالثا: الحياة العملية

وبعد تخرجه من هارفارد بدأ رومني حياته العملية في مجال المال والأعمال وبصفة خاصة تقديم الاستشارات الإدارية للشركات. واستطاع رومني في 1977 الحصول على وظيفة مرموقة في "باين وشركاؤهBain & Company" التي ترقى فيها سريعا ليشغل منصب الرئيس التنفيذي. وفى عام 1984 أسس رومني مع بعض من زملائه شركة أخرى هي باين للاستثمارات Bain Capital التي حققت نجاحا مدويا ومكنت رومني من تكوين ثروة كبيرة ساعدته على الانخراط في الحياة السياسية. وعندما تعرضت باين وشركاؤه لمصاعب جمة في بداية التسعينات من القرن الماضي استُدعي رومني لإنقاذ الشركة فاتخذ إجراءات حازمة، فقلص حصة مؤسسي الشركة بمقدار النصف، وأجرى اقتطاعات كبيرة على المرتبات والمكافآت، وفصل نصف الموظفين، وتفاوض بضراوة مع المقرضين. وقد مكنت هذه الإجراءات الحازمة الشركة على تخطى مصاعبها 10.

وعادة ما يشير رومني ومناصروه إلى نجاحه في قطاع الأعمال الخاص كأحد مصادر تفوقه على الرئيس باراك أوباما الذي قضى معظم حياته العملية في المجالين الأكاديمي والسياسي. ويركز رومني على قدرته على خلق الوظائف وإيجاد الظروف الملائمة للقطاع الخاص للانطلاق. ويكتسب هذا أهمية كبيرة في السباق الرئاسي 2012 بسبب عدم تعافي الاقتصاد الأميركي حتى الآن من آثار الأزمة الاقتصادية، وبسبب معدلات البطالة المرتفعة التي لم تستطع سنوات حكم الرئيس أوباما تخفيضها بشكل ملموس. ولكن أوباما ومناصريه يشيرون إلى أن نجاحات رومني تحققت على حطام الكثير من الشركات التي أغلقت، والعديد من العاملين الذين فقدوا وظائفهم بسبب إقامة مصانع خارج الولايات المتحدة وبالذات في الصين للاستفادة من رخص الأيدي العاملة المدربة.

ويعد الدور الذي لعبه رومني في تنظيم الألعاب الأولمبية الشتوية في مدينة سولت لايك سيتي إحدى المحطات الهامة التي يركز عليها الخطاب الانتخابي للمرشح الجمهورى؛ فمدينة سولت لايك سيتي عاصمة ولاية يوتا حاضرة المرمون في الولايات المتحدة كانت على موعد مع تنظيم الألعاب الأولمبية الشتوية بعد أشهر قليلة من الحادي عشر من سبتمبر 2011. ونظر الكثير إلى ذلك باعتباره مؤشرا على تعافي الولايات المتحدة من هذه الضربة المؤلمة. ولكن عملية التنظيم شابتها فضائح عدة شملت قضية رشوة دولية، وتحقيقات قضائية فيدرالية، واستقالة أعضاء اللجنة المنظمة، وانسحاب الراعيين الرئيسيين 11. وعرض رئيس اللجنة العليا على رومني تولى إدارة اللجنة المنظمة في ظل هذه الظروف لمحاولة إنقاذها من الفشل المتوقع، وهو التحدي الذي قبله رومني ونجح في تحويل الدفة في خلال أشهر قليلة.

وأصبح هذا الإنجاز محطة انطلاق لرومني في مجال السياسة كقائد قادر على تخطى الصعاب، ومدير ناجح في حشد الكفاءات في مجال العمل العام كحاله في قطاع المال والأعمال. وقد أبرز رومني هذا الإنجاز في كتيب ألفه حول تجربته في الألعاب الأوليمبية 12. ويعكس قرار رومني بالموافقة على الانخراط في هذا التحدي بعضا من طبيعة شخصيته المغامرة من جهة، وارتباطه الشديد بالكنيسة من جهة أخرى. حيث اعتبر الكثيرون أن الفشل الذي كان متوقعا للألعاب الأوليمبية في حاضرة المورمون فشلا للكنيسة وقيادتها بسبب الدور المسيطر الذي تلعبه الكنيسة في إدارة المدينة والولاية.

واتخذ رومني من هذا النجاح محطة للانطلاق في عالم السياسة، حيث ترشح لمنصب حاكم ولاية ماساتشوستس بعد شهر واحد من انتهاء الألعاب الأوليمبية. فبعد عامين من الفشل في الفوز بعضوية مجلس الشيوخ عن الولاية نجح رومني في الفوز بمنصب حاكم ماساتشوستس. وعادة ما يشير رومني إلى نجاحه في القضاء على عجز كبير في موازنة الولاية قدر ب 1.5 بليون دولار كدليل على قدرته على محاربة العجز الهائل للحكومة الفيدرالية ومكافحة التضخم الكبير في حجم الدين العام للولايات المتحدة 13. ولكن رومني حرص على عدم لفت الأنظار خلال الانتخابات التمهيدية بالذات إلى إنجازه الأبرز خلال ولايته المتمثل في قانون ماساتشوستس للرعاية الصحية، الذي شمل تغطية تأمينية طبية للغالبية الأعظم من ساكني الولاية للمرة الأولى في تاريخ أى ولاية أميركية. ويشبه هذا القانون إلى حد كبير قانون أوباما للرعاية الصحية الذى يلقى معارضة عاتية من الحزب الجمهوري واليمين المحافظ. وقد حرص رومني مثله مثل أى سياسي متمرس على تبيان الفوارق بين قانونه وقانون أوباما بهدف التأكيد على اتجاهه لتقليص دور الحكومة الفيدرالية في الاقتصاد والمجتمع.

وبعد انتهاء ولايته كحاكم، سعى رومني لتحقيق الحلم الذي عجز رومني الأب عن تحقيقه. فقبيل يوم واحد من انتهاء ولايته في 4 يناير/كانون الثاني 2007 أعلن رومني عن انخراطه في المنافسة بهدف الفوز بترشيح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية عام 2008. ورغم تقدمه المبدئي فان الحملة الانتخابية سرعان ما تراجعت ليفوز جون ماكين بترشيح الحزب. لكن رومني المعروف بدأبه استمر خلال الأعوام الأربعة الماضية في بناء قاعدة تأييد داخل الحزب وفى جمع المال اللازم لخوض غمار حملة انتخابات تمهيدية ممتدة ومكلفة. وقد مكن ذلك ميت رومني من أن ينال شرف الترشح عن الحزب الجمهوري كأول مرشح من المورمون.

ماذا نستطيع أن نستنتج من ذلك؟

يشير سجل رومني في مجال الأعمال والسياسة إلى قدرته على الحسم وعدم تردده في اتخاذ القرارات الصعبة، وإذا ما تلاقى ذلك مع تقاليد الحزب الجمهوري في السياسة الخارجية والانتقادات المتوالية ضد سياسة أوباما الخارجية وبالذات فيما يتعلق بالشرق الأوسط (الصراع العربي- الإسرائيلي وتطورات الربيع العربي) فإنه يمكن توقع تحول في السياسة الخارجية الأميركية في ظل إدارة يرأسها رومني. ومن المنطقي أن يثير ذلك قدرا من التوجس في العواصم العربية وبالذات دول الربيع العربي التي تولت فيها أحزاب تنتمي للتيار الإسلامي السلطة. وهناك الكثير من مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية القريبة من الحزب الجمهوري تريد للولايات المتحدة أن تمارس قدرا أكبر من التأثير في تشكيل البنية السياسية والدستورية للدول العربية التي تتحول إلى الديمقراطية. وعلى العكس من أوباما الذي لا يربطه ود كبير برئيس الوزراء الإسرائيلي نتينياهو فإن رومني لا يخفى تأييده الكامل لإسرائيل وساستها، وقد حرص المرشح الجمهوري على أن تكون إسرائيل إحدى الدول القلائل التي قام بزيارتها منذ فوزه بترشيح حزبه للرئاسة. كما حرص على تأكيد دعمه الكامل للدولة العبرية وسياستها.

وقد أثار رومني كثيرا من الاستهجان عندما ألمح خلال زيارته للقدس إلى أن اختلاف الثقافة تفسر تخلف الاقتصاد في الأراضي الفلسطينية عن نظيره الإسرائيلي 14. ولم يحمل هذا إعجابا مطلقا بإسرائيل فحسب وإنما نظرة استعلائية تجاه الثقافة العربية والإسلامية تماثل كثيرا مما يردده كتاب اليمين المحافظ في الولايات المتحدة. ويشير ذلك إلى احتمالية سياسة خارجية أميركية أقل تفهما للمصالح العربية وأكثر اقترابا من سياسية إسرائيل في المنطقة إذا ما قدر لرومني الجلوس في المكتب البيضاوي في يناير/كانون الثاني القادم.
_____________________________________

محمود حمد - أستاذ مساعد العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعتي القاهرة (مصر) ودراك (الولايات المتحدة)
المصادر
(1) Mitt Romney, No Apology: The Case for American Greatness.
(2) يمكن القول إن النظرة المجتمعية للمورمون في الولايات المتحدة تشبه النظرة الاجتماعية للمنتمين إلى الطائفة الدرزية في الوطن العربي.
(3) ولد جوزيف سميث 1805 م بولاية فيرمونت بأميركا. ويدعى أنه وهو في سن الرابعة عشرة تلقى وحيا بأن جميع الكنائس مخطئة، ومن ثم لم ينضم لأي كنيسة من الكنائس المسيحية التقليدية. كما ادعى جوزيف أنه وهو في سن السابعة عشرة ظهر له ملاك يدعى "مورونى" وأرشده إلى كتاب المورمون المكتوب على ألواح ذهبية باللغة المصرية القديمة المعدلة.
(4) لا يتزوج المورمون عادة من خارج الطائفة، وقد حرص ميت وأسرته على العمل على تحول آن رومنى إلى المورمونية قبل زواجهم.
(5) بمناسبة ترشيح رومني قامت الكنيسة بتمويل حملة إعلانية ضخمة لتقديم أبناء الطائفة في صورة المواطن العادي غير المختلف في سلوكه أو اهتماماته عن أغلب الأميركيين.
(6) يمكن مشاهدة هذا التقديم الانتخابي على الموقع الرسمي للحملة: http://www.mittromney.com/learn/mitt
(7) يعتبر التبشير في الولايات المتحدة وخارجها من المهام المقدسة لأتباع الطائفة وشرطا أساسيا للترقي في المجتمع.
(8) على العكس من نظام التعليم في العالم العربي فإن دراسة الحقوق في الولايات المتحدة تدخل في نطاق الدراسات العليا التي يُلتحق بها بعد إتمام الدرجة الجامعية الأولي. وتعتبر دراسة الحقوق وبالذات في جامعات النخبة كهارفارد ويال بمثابة مفتاح الدخول إلى صفوة رجال السياسة والأعمال.
(9) من المفيد التذكير بأن الرئيس بوش الابن قد التحق بهارفارد لدراسة إدارة الأعمال بينما التحق الرئيس أوباما بذات الجامعة لدراسة القانون.
(10) George Glider, Romney, Bain, abdMe, The American Spectator, September 2012, 24-25.

(11) كُشف النقاب عن أن المنظمين قاموا بمنح بعض أعضاء اللجنة الأوليمبية الدولية رشا مالية وهدايا ومنح دراسية لضمان فوز المدينة بهذا الشرف الكبير خلال عملية الاختيار في شتاء 1989-1999.

(12) Mitt Romney and Timothy Robinson, Turnaround: Crisis, Leadership, and the OlympicGames.
(13) تخطى الدين الأميركي حاجز 16 تريليون دولار وعجز الموازنة السنوي مبلغ التريليون دولار خلال العام الحالي!
(14) أثارت هذه العبارات وغيرها خلال رحلة رومنى الخارجية انتقادات عديدة في الإعلام الأميركي، حتى إن صحيفة واشنطون بوست الذائعة الانتشار عنونت تغطيتها بأن رومنى لا يزال لديه الكثير لتعلمه " Mitt Romney’s international trip: Still on a learningcurve?"


من مواضيع : kumait 0 تأملات في فتوى جهاد النكاح
0 وجه واحد!
0 هل الهاتف المحمول كان موجودا عام 1938؟
0 الاعلام العربي و أشكالية الضمير..
0 الأرض تستعد لمواجهة «عاصفة شمسية مدمرة»

الصورة الرمزية kumait
kumait
عضو برونزي
رقم العضوية : 65773
الإنتساب : May 2011
المشاركات : 452
بمعدل : 0.09 يوميا

kumait غير متصل

 عرض البوم صور kumait

  مشاركة رقم : 6  
كاتب الموضوع : kumait المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي عندما انحنى كبير الجلادين عند حذاء الضحية
قديم بتاريخ : 02-11-2012 الساعة : 08:59 PM


عندما انحنى كبير الجلادين عند حذاء الضحية
تجربة جنوب أفريقيا في انتقال سلمي للسلطة، من نظام أقلية مذهبها العنصرية والفصل العنصري،
إلى نظام نقيض أساسه التساوي أمام القانون، ما أمكن!
زياد منى

قيل: الثورة يطلقها مغامر، ويسير بها ثائر، ويجني ثمارها الجبان والانتهازي والثري. هذه القاعدة، لكن ثمة استثناءات، خصوصًا في الثورات التحررية الوطنية، عندما تنتصر، والاستثناء لا يلغي القاعدة، بل يؤكدها.

الآن، ونحن ننظر إلى عالمنا العربي، نرى مشاهد في بلاد الحراك حيث "الشعب غيَّر النظام!"، ويبدو أن المنظر لم يتغير، بل بعض "اللاعبين" ليس أكثر. فما زلنا نرى على شاشات الفضائيات مشاهد المظاهرات في الشوارع وقمع الشرطة والاشتباكات بين المعارضة والموالاة، أي بين "الأغلبية" و"الأقلية"، وبين المتظاهرين والشرطة. كذلك نسمع عن اغتيالات معارضين وقصف متبادل بين بلدات وما إلى ذلك من المشاهد المروعة.

" يبدو أن المنظر في عالمنا العربي لم يتغير،بل بعض اللاعبين ليس أكثر، فما زلنا نرى على شاشات الفضائيات مشاهد المظاهرات فيالشوارع وقمع الشرطة والاشتباكات بين المعارضة والموالاة "

وكنا من قبل عبّرنا عن خشيتنا من تبسيط الأمور والدفع باتجاه شعارات شعوبية لا تسمن ولا تغني من جوع، فإسقاط "إدارة" نظام ما قد يبدو سهلاً، لكن إقامة إدارة جديدة للنظام نفسه -على أساس منتصر ومهزوم- عبثية، ولن تؤدي إلا إلى إطالة الأزمات واشتداد تعقدها، وبالتالي ازدياد صعوبة البحث عن حل قائم على المصالحة الوطنية التاريخية. والمصالحة الوطنية كما نعرف، لا تتم بين أصدقاء، وإنما بين غرماء في الوطن.

رغم كل المشاهد المروعة عن صراعات في بعض بلادنا، فإننا لا نريد نشر روح اليأس وفقدان المقدرة على وضع بوصلة المحارب. قلنا من قبل: لا شرعية لثورةٍ ليست فلسطينُ شعارَها. لكن من الواضح أن القوى السائدة والمهيمنة -على الأقل إعلاميًا- على حراكات بعض الدول العربية، لا تكترث بفلسطين ولا حتى بالحرم الشريف والمسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين، ولا بكنيسة القيامة في القدس المحتلة وكنيسة المهد في بيت لحم المحتلة، ولا بالناصرة المحتلة، وهمها الوحيد ذاك الكرسي اللعين، إضافة إلى رغبة جامحة لدى البعض في الانتقام من الغريم إلى حد إلغائه- أي حمل السلاح وقتله- أيًا كانت النتائج، مع أن هذا الطريق أثبت عقمه، وأن الاقتتال لن يقود إلى نتيجة مفيدة، بل إحدى نتائجه تدمير الأوطان، والشعوب، وجعل المصالحة/ التسوية/ المساومة الوطنية أمرا غاية في الصعوبة.

ويقال أيضًا: اشتدي أزمةُ تنفرجي، والمقصود بذلك أن الفرقاء لن يجلسوا على طاولة ويبدؤون الحوار لحل أزمة ما، إلا بعدما يصلون إلى قناعة بعبثية ما يفعلون، وأن الطريق الوحيد المتاح أمامهم للخروج من المأزق التاريخي الذي أُوقعوا به أو أوقعوا به أنفسهم، هو الحوار والتفاهم.

هذا غالبًا ما يحدث بعد فوات الأوان، وبعدما يكون الدمار المادي والروحي والنفسي قد استفحل. لكن ثمة تجارب من التاريخ جلس الفرقاء (قبل فوات الأوان) فيها سوية وتحاوروا وتوصلوا إلى حل وسط يعطي لكل ذي حق حقه (من منظور كل طرف في النزاع)، وأعني هنا تجربة المناضلين في جنوب أفريقيا أيًا كانت انتماءاتهم الحزبية، بقيادة الزعيم الأسطوري نيلسون منديلا.

تجربة جنوب أفريقيا في انتقال سلمي للسلطة، من نظام أقلية مذهبها العنصرية والفصل العنصري، إلى نظام نقيض أساسه التساوي أمام القانون، ما أمكن! تلك هي تجربة جنوب أفريقيا التي سيبقى تاريخها الحديث مرتبطًا بالتسوية التاريخية الكبرى التي صاغها منديلا.

هذه التجربة يبدو أننا في بلادنا العربية لسنا على دراية بها، مع أن شعوب أمتنا تناضل وتضحي بكل ما تملكه الجماهير الفقيرة المعدمة، التي جردها الطغاة من كل مقومات الحياة المادية والروحية، وفي مقدمة ذلك العيش كبشر ذوي كرامة، ضحى أجدادهم بأموالهم وأرواحهم كي يحرروا الوطن من المستعمر.

كثير من "الجهلة" يدّعون أن انهيار نظام بريتوريا العنصري وتسليمه بالواقع السكاني والاقتصادي في جنوب أفريقيا، لم يكن ممكنًا قبل هزيمة المعسكر الشيوعي حيث زالت أخطار "وهمية" بأن المناضلين الأفارقة المنضوين تحت راية المؤتمر الوطني الأفريقي وغيره من التنظيمات السياسية، ما هم إلا مجموعة شيوعية هدفها تقويض إحدى قلاع "العالم الحر" المزعوم.

كثير من المدعين كتبوا عن ذلك، لكن من دون معرفة تفاصيل التطورات الداخلية التي أطلقت العملية التفاوضية التي أدت إلى نيل البشر السود من أهل البلاد حقوقهم القانونية.

" عملية الانتقال السلمي في جنوب أفريقيا كانتعلى جانب كبير من التعقيد، وشهدت تقلبات كثيرة وعمليات صعود وهبوط، وتفاؤل وأقصىدرجات التشاؤم "

الواقع أن عملية الانتقال السلمي كانت على جانب كبير من التعقيد، وشهدت تقلبات كثيرة وعمليات صعود وهبوط، وتفاؤل وأقصى درجات التشاؤم. وبالنظر في وثائق عملية الانتقال تلك، من بداياتها التي انطلقت من علاقات شخصية بين أطراف في جنوب أفريقيا متصارعة ولكنها في الوقت نفسه مصممة -وإن بدرجات متفاوتة- على استبدال نظام "صوت واحد لكل ناخب" بالنظام العنصري المكروه عالميًا، والذي لم يكن يحظى بتعاطف "مستتر أحيانًا" إلا من بعض دول الغرب الاستعمارية، وفي مقدمتها إدارة مارغريت ثاتشر في بريطانيا، التي لم يكن ينافسها في عشق ذلك النظام البغيض سوى كيان العدو الصهيوني والذي وثقه باحث جنوب أفريقي -يهودي، إن كان هذا الأمر يهم البعض- في كتاب "التحالف المسكوت عنه"، وقد سبق لنا عرض الكتاب في موقع الجزيرة نت.

لقد مرت عملية الانتقال التفاوضي بمراحل مختلفة بدأت باتصالات شخصية شارك فيها رجال أعمال جنوب أفريقيين وأوروبيين، في بيوت تقع وسط الغابات وفي غرف فنادق في سويسرا، بعيدة عن أعين المتطفلين والصحفيين الذين لو اطلعوا عليها لألحقوا بالعملية أخطارا حقيقية.

ومع أن سرية المحادثات بين الطرفين -والتي امتدت سنين طويلة- كانت حاسمة لاستمرار البحث عن حل سلمي يضمن للبشر السود في جنوب أفريقيا حقوقهم القانونية في بلادهم، فإن الوثائق ذات العلاقة والحقائق المرتبطة بها، تثبت أن العامل الحاسم الذي مكّن المؤتمر الوطني الأفريقي وحلفاءه من الوصول إلى أهدافهم الوطنية، كان تمسّك قيادته بحقوق شعبها كاملة، ورفض التنازل عن الحقوق الوطنية والمدنية مهما كان حجمها ضئيلاً، إضافة إلى تمسكها بالوحدة رغم محولات نظام بريتوريا زرع الفرقة بين أفرادها ومحاولة خلق تناقضات بين قيادة الداخل، أي في سجون نظام بريتوريا العنصري، وقيادة الخارج التي كانت تقيم بين الجزائر وزامبيا وغيرهما، ورفض إملاءات الخارج ومغرياته انطلاقًا من معرفة حقيقة أن الشيء الوحيد الذي يقدم مجانًا هو قطعة الجبن في مصيدة الفأر!

سرية المفاوضات كانت ضرورية لأن "الرؤوس الساخنة" في كلا المعسكرين كانت متوثبة لإفشال أي حل لا يحقق لها كل مطالبها، أو يضمن سيادتها العنصرية. في الواقع، شهدت مرحلة التفاوض العلني بين الطرفين سقوط عدد من الضحايا في كلا المعسكرين يفوق ما سقط إبان فترة الكفاح المسلح. مع هذا، تمكنت قيادة المؤتمر الوطني الأفريقي، بفضل حنكة زعيمها منديلا وتفانيه من أجل القضية الوطنية، من إثبات صحة الطريق الذي اختطته، والمتمثل في التسوية التاريخية الكبرى عبر التركيز على ما هو جوهري والابتعاد عما هو ثانوي قد يعرقل المصالحة.

لقد اجتمعت عوامل كثيرة ساهمت في إنجاح التسوية التفاوضية في جنوب أفريقيا، أهمها كما نرى، التعالي عن الجراح، والنظر إلى مستقبل أفضل يتساوى فيه كل سكان البلاد أمام القانون، وترك الاتهامات والاتهامات المتبادلة وكل ما يتمسك به صبية العمل السياسي ومراهقوه الذين نراهم يحيطون بنا في بلادنا وأوطاننا.

نيلسون منديلا كان على قناعة بأن الانطلاق من الجراح الشخصية وتقديمها على مصلحة الوطن والشعب لن يؤدي إلا إلى سكب المزيد من أنهر الدماء البريئة، والمزيد من الجراح وإشاعة الخراب في كل زاوية من زوايا الوطن. ويكفي برهانًا على صحة ذلك النظر حولنا لنرى بحور الدموع والدماء الغارقين فيها، ولكي نفهم أن خوض طريق غير المصالحة الوطنية التاريخية لن يغير سوى عدد الضحايا وكمّ الخراب والدمار.

منديلا انطلق في مشروع المصالحة التاريخية من قناعاته كثائر حقيقي يعشق الحياة عشقه لوطن حر. رئيس النظام العنصري أجبر على السير في الطريق ذاته، لكن التاريخ سيكتب أنه ساهم فيه بقسط وإن كان مجبرًا، حيث سجل أنه وصل إلى تلك القناعة عبر رؤية إلهية كانت تطالبه بالسير في طريق التسوية التفاوضية.

إن تجربة التسوية التفاوضية في جنوب أفريقيا فريدة ودرس في حكمة العمل يمكننا، بل علينا جميعنا الاستفادة منها لإخراج أوطاننا من أزماتها الحالية، ودليل عملي وعلمي لا مثيل له، لكيفية السمو عن كل ما هو شخصي، والنظر إلى مستقبل أفضل للجميع، وترك الماضي وإدانة الجاني السياسي لكتب التاريخ.

لذا فإننا في حاجة إلى عقلية مبدعة من أبناء أمتنا الذين لم يتلوثوا بأوهامنا وأكاذيبنا وحالات الإنكار التي تحيط بأعناقنا كحبل المشنقة، يتعلمون من دروس من سبقنا من شعوب العالم المظلومة، حتى يقدروا على ابتداع طرق تجنب أوطاننا الدمارَ الكلي والمنطقة الخرابَ الشامل.

" التاريخ يعلمنا أن المصالحة التاريخية الكبرىكانت نهاية كل أزمة وطنية. وكل من ظن أنه ربح الحرب الأهلية، اضطر في نهاية المطافإلى الدخول في مساومة تاريخية تعيد التوازن بين مكونات الوطن "

لنتذكَّر أن التاريخ يعلمنا أن المصالحة التاريخية الكبرى كانت نهاية كل أزمة وطنية. وكل من ظن أنه ربح الحرب الأهلية، اضطر في نهاية المطاف -أي بعد خراب البصرة- إلى الدخول في مساومة تاريخية تعيد التوازن بين مكونات الوطن، أي الشعب، وأنه ليس ثمة رابح وخاسر في الحرب، هناك منتصر ومهزوم، لكن الكل خاسر.

لقد توهم عنصريو جنوب أفريقيا بديمومة سيادتهم، وانطلقوا من وهمهم بأن انتماءهم إلى "العرق" الأبيض يمنحهم حقًا إلهيًا لاستمرار الهيمنة على البلاد. لكن الوقائع التاريخية أثبتت عكس ذلك، وأجبرتهم على الاقتناع بأن ما كانوا يؤمنون بأنه حقيقة مطلقة، ما هو إلا وهم. بل إن زعيمهم بوتا يصرح بأن ما دفعه للسير في طريق المساومة التاريخية الكبرى كانت رؤية مسيحانية سماوية ألهمته وكلفته بإنجازها.

الأطراف الأكثر تطرفًا في ذلك المعسكر المصاب بهوس ووهم امتلاك الحقيقة المطلقة، عملت على تصعيد الاقتتال حتى تمنع بحورُ الدم أيَّ مساومة. لكن هذا لم يُجدِ نفعًا، واضطرت في نهاية المطاف إلى الانكفاء أمام إصرار أغلبية المجتمع في تلك البلاد على إنهاء الأزمة عبر "التسوية التاريخية الكبرى"، وعادت عنقاء الحروب إلى دفن نفسها تحت الرمال التي أثارتها رياح التغيير المتعقل، وإن كان من منظور البعض "مكرهًا أخاك لا بطلا"!

أخيرًا، ثمة حادثة معبرة، عن أول لقاء بين نيلسون منديلا "السجين" الذي استجلبه السجان الأبيض من الزنزانة للاجتماع ببوتا رئيس نظام جنوب أفريقيا العنصري، إبان اللقاءات السرية التي كانت تتم بين الطرفين تحضيرًا للوصول إلى المساومة التاريخية الكبرى تقول: استقل الجميع المصعد مباشرة إلى الطابق الأول وخرجوا باتجاه باب مكتب الرئيس بوتا، وعندما كانوا على وشك الدخول، لاحظ برنارد "رئيس كل أجهزة مخابرات نظام بريتوريا العنصري" أن رباط حذاء منديلا غير معقود, فانحنى على ركبتيه ليربط شريط حذائه قبالة باب مكتب رئيس جمهورية جنوب أفريقيا!

تلك الانحناءة تلخِّص على نحو بليغ مصير كل جلاد، فهل نتعلم جميعنا قبل فوات الأوان!
المصدر:الجزيرة


من مواضيع : kumait 0 تأملات في فتوى جهاد النكاح
0 وجه واحد!
0 هل الهاتف المحمول كان موجودا عام 1938؟
0 الاعلام العربي و أشكالية الضمير..
0 الأرض تستعد لمواجهة «عاصفة شمسية مدمرة»

الصورة الرمزية kumait
kumait
عضو برونزي
رقم العضوية : 65773
الإنتساب : May 2011
المشاركات : 452
بمعدل : 0.09 يوميا

kumait غير متصل

 عرض البوم صور kumait

  مشاركة رقم : 7  
كاتب الموضوع : kumait المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي مالي.. في قبضة طالبان أفريقيا
قديم بتاريخ : 04-11-2012 الساعة : 04:37 AM



مالي.. في قبضة طالبان أفريقيا
تمبكتو وغاو وكيدال في يد المتشددين.. حتى موعد الضربات الجوية

قبل الوصول إلى مدينة «غاو»، وهي إلى جانب تمبكتو وكيدال، أكبر ثلاث مدن في شمال مالي، يصعد «رجل شرطة» من حركة «التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا» التي تسيطر على المنطقة إلى حافلة مقبلة من الجنوب. يتحدث «الشرطي» باللهجة المحلية ويبلغ المسافرين بلهجة صارمة «ممنوع التدخين، لا راديو، لا كاميرات، لا أقراص كومبيوتر، ولا حلي في غاو». يأمر «الشرطي» بعد ذلك المسافرين المرعوبين، أن لا يجلس الرجال إلى جانب النساء، ويتأكد أن جميع النساء يرتدين الحجاب، في حين لا بد أن يرتدي الرجال سراويل قصيرة تصل إلى مستوى الركبة. كل ذلك أصبح الآن إجباريا في «غاو». عندما ينهي «رجل الشرطة» مهمته التفتيشية، يقفز من باب الخلفي للحافلة متأبطا رشاشه الكلاشنيكوف، ويقول بصوت مرتفع «السلام عليكم» وهي إشارة للحافلة المهترئة لمواصلة السير، في مناطق نفوذ «طالبان أفريقيا».

هذا المشهد رواه الصحافي الألماني بول هياسنس مبن، الذي زار المنطقة.. أخيرا وكتب عنها مقالا بعنوان «رحلة عبر الجحيم».. يكاد يكون هياسنس مبن الصحافي الغربي الوحيد الذي جال منطقة شمال مالي، وعاد بعدها إلى العاصمة باماكو، ليقدم وصفا دقيقا للأوضاع في الشمال حين استغلت الجماعات المتشددة حالة الفوضى التي سقطت فيها البلاد عقب الانقلاب العسكري الذي وقع في مارس (آذار) الماضي وانسحاب بعض وحدات الجيش المالي، ليبسطوا سيطرتهم على المنطقة، خاصة مدن تجمعات السكان الأساسية. قبل انقلاب مالي الذي قاده الرائد أمادو سانوغو وأطاح بالرئيس المالي المنتخب أمادو توماني توري في مارس الماضي، كان هناك قرابة مائة ألف من السكان معظمهم من الطوارق يعيشون في «غاو».

كانت المدينة في وقت مضى محطة مبهجة يستريح فيها السياح قبل مواصلة سفرهم إلى تمبكتو، العاصمة التاريخية لشمال مالي. لكنها الآن، وتحت سيطرة المتشددين من «حركة التوحيد والجهاد» أغلقت مطاعمها ومقاهيها، ومنعت الموسيقى، ولم يعد فيها سوى «رجال الشرطة» المتشددين يرهبون المعارضين لهم، يحملون شعارات «دولتهم الإسلامية»، التي أدت إلى نزوح 400 ألف من سكان شمال مالي إلى موريتانيا والنيجر. ومما أدى إلى تدهور الأوضاع أكثر أن المهندسين والفنيين الذين كانوا يشغلون محطات توليد الكهرباء والمياه غادروا المدينة، ولم تعد هناك خدمات أساسية، وانهار اقتصاد المنطقة تماما.

لم يعد أمام الشبان في «غاو» سوى الانضمام إلى «الشرطة» التي يوجد مقرها الرئيسي في «شارع واشنطن» وسط المدينة. ودور هذه «الشرطة» ليس «حفظ الأمن» كما هو معتاد، لكن أن يحددوا للسكان ما هو «الحلال» وما هو «الحرام»، وفي الغالب ما يكون ذلك بناء على اجتهادات أشخاص لا يفقهون شيئا في الدين.

كان مقر «محكمة الشريعة» في «شارع واشنطن»، لكن بعد أن حاولت مظاهرة غاضبة، في وقت سابق، فك أسر معتقلين كان يفترض أن يمثلوا أمام هذه المحكمة، راحت تعقد جلساتها في قاعدة عسكرية، تابعة للجيش تقع في ضواحي المدينة. ويصف بول هياسنس مبن وقائع، محاكمة شاب اتهم بسرقة قطيع من الماشية، يدعى «الحسان بونكانة مايغا»، فيقول «أحضر الشاب الحسان من طرف أربعة حراس وهو مقيد ويرتدي جلبابا فضفاضا أبيض اللون، وربط إلى كرسي في غرفة مظلمة، وأحضر طبيب ليحقنه بمخدر، وبعد ذلك استل رئيس المجموعة ويدعى (عمر بن سعيد) سكينا وراح يقطع كف الشاب الذي كان يتأوه من الألم مغمض العينين لكنه لم يصرخ، حتى حين وصلت السكين إلى العظم، وبعد ثلاث دقائق كانت كف الحسان تسقط في سطل وضع أمامه، ثم اتصل عمر بن سعيد برئيسه وأبلغه أن الشاب تمت معاقبته».

ربع ساعة بعد ذلك، أطلق سراح الحسان، وكان يصيح «أنا بريء، ماذا سأفعل الآن»، بعد أيام توفي «الحسان بونكانة مايغا» بسبب نزيف الدم من يده المقطوعة، ومضاعفات التهاب الجرح. بالمقابل شرعت مجموعة «أنصار الدين» في تطبيق قوانينها المتشددة في تمبكتو العاصمة الروحية والتاريخية للبلاد في يوليو (تموز) الماضي، وراحوا يهدمون البنايات التاريخية في هذه المدينة، وكان آخر عملياتهم هدم النصب التذكاري للاستقلال في الأسبوع الماضي بالبلدوزرات. كما حطموا ثلاثة مساجد تاريخية، شيد أحدها في عام 1327. ومثل «غاو» يلقى القبض في تمبكتو، على النساء غير المحجبات ويجلدن، كما يجلد المدخنون، وتقطع أيدي من يتهمون بالسرقة، حتى من دون ثبوت التهمة، وفي هذه المدينة نفذ حكم بالرجم على زوجين لم يستطيعا إثبات زواجهما.

يعيش «آياد أغا غالي» زعيم مجموعة «أنصار الدين» في مدينة «كيدال» التي تبعد 320 كيلومترا من «غاو» وعلى الرغم من أنه عاش حياة ماجنة عندما كان يقود إحدى فصائل «جبهة أزواد» التي تطالب باستقلال طوارق شمال مالي، فإنه الآن أصبح من المتطرفين، وبعد سيطرته على «كيدال» فرض قوانين متشددة، مثل منع الاستماع إلى الراديو وأزال أطباق الالتقاط من فوق البنايات وراح يفرض عقوبات على الذين يخالفونه باعتبارهم «أعداء للدين». في هذه المدينة أفلس «المليونير» يعقوب محمان مايغا، الذي كانت له شركة بناء تبلغ استثماراتها مليوني دولار تعمل في تشييد المباني الحكومية، كل من يزور المدينة حاليا يجد ميغا جالسا تحت ظل شجرة قرب المقر السابق لشركته، يحتسي أقداح الشاي وهو أقرب إلى حالة الجنون.

يتفاوض قائد جماعة أنصار الدين «آياد أغا غالي» مع عدة أطراف في منطقة غرب أفريقيا بما في ذلك الجزائريون، للبحث عن إمكانية إيجاد تسوية لأزمة شمال مالي، وهو في هذا الموقف يختلف عن «مجموعة التوحيد والجهاد» التي لها علاقة قوية مع «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» وترفض أي تفاوض.

في حوار أجرته صحيفة «الغارديان» البريطانية عبر هاتف ثريا، قال «عمر ولد حما» رئيس جهاز أمن حركة «التوحيد والجهاد» إن مجموعته ستهاجم باماكو إذا تعرضت المنطقة إلى غزو أجنبي، مشيرا إلى أن الجماعة جندت آلاف المقاتلين، ومضى يقول «إذا هاجمنا جيش مالي أو قوات أجنبية سنسيطر على باماكو خلال 24 ساعة، والمجتمع الدولي يتباطأ في قراره لأنه يدرك أنه في حالة مهاجمتنا فإن الجهاد سيكون في كل مكان». وزاد «نحن متيقنون أننا سنهزم أي قوات تأتي إلى هنا (شمال مالي) نحن نحظى بدعم السكان المحليين، وهناك مقاتلون من جميع أنحاء أفريقيا سينضمون إلينا، نحن مستعدون للموت». وقال ولد حما بشأن موقفهم من حكومة مالي التي تشكلت في باماكو في أغسطس (آب) الماضي «لا نعترف بأي حكومة في باماكو، دعاني وزير الدفاع للتفاوض حول دولة علمانية، وكان جوابي عليه إما الشريعة أو السيف».

السيناريو المتوقع في مالي الذي حصلت عليه «الشرق الأوسط» من مصادر وثيقة الاطلاع، يهدف إلى تحييد جماعة «أنصار الدين» بقيادة «آياد أغا غالي» ومحاولة إشراكه في السلطة قبل تنظيم انتخابات عامة في أبريل (نيسان) المقبل، وفي حال فشل الجهود السياسية في تسوية الأزمة، تتولى كل من فرنسا بريطانيا وألمانيا تدريب وحدات من «منظمة دول غرب أفريقيا الاقتصادية» (إكواس) التي تضم 15 دولة، تتكون في البداية من ثلاثة آلاف جندي، وطبقا لقرار مجلس الأمن الذي اتخذ في 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي يمكن لهذه القوات أن تتدخل، في حال فشل التسوية السياسية، بعد 26 نوفمبر (تشرين الثاني)، ومنح مجلس الأمن مهلة 45 يوما لإعداد خططها. ومن المرجح أن تساند كل من أميركا وفرنسا هذه القوات، إلى جانب الدعم اللوجيستيكي، بطائرات من دون طيار لضرب مواقع الجماعات المتشددة في كل من «غاو» و«كيدال» و«تمبكتو»، وكانت قيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) شيدت عددا من المطارات السرية الصغيرة في دول أفريقية في حزام يمتد من موريتانيا حتى جيبوتي، أي من الأطلسي وحتى البحر الأحمر.

في أديس أبابا قالت رئاسة الاتحاد الأفريقي التي تؤيد موقف مجموعة «إكواس» إن القوات الأفريقية التي ستتدخل في شمال مالي ستكون جاهزة خلال أسابيع. وقالت نوكسازانا دلاميني زوما رئيسة مفوضية الاتحاد «طلب منا مجلس الأمن إعداد خطة للتدخل العسكري خلال 45 يوما، وهذه الخطة ستكون جاهزة في المهلة المحددة». لكن مصادر أوروبية تعتقد أن خطة وقوات التدخل الأفريقية لن تكون جاهزة إلا في بداية السنة المقبلة، وفي هذا الصدد يقول ستيفن أوبراين ممثل بريطانيا في منطقة الساحل والصحراء، إن العمل سيتواصل حتى ديسمبر (كانون الأول) المقبل لإعداد خطة تدخل في مالي. ومن المقرر أن يعقد وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في 19 من الشهر الحالي اجتماعا لبحث الخيارات المطروحة في مالي، وقال غيدو فيسترفيلي وزير الخارجية الألماني إنه من المبكر الحديث عن تفاصيل بشأن أمكانية إرسال طائرات من دون طيار، مؤكدا أن الدول الأوروبية لن ترسل قوات أو أسلحة، وقال إنها ستقدم دعما لوجيستيكيا، مرجحا تدريب قوات التدخل الأفريقية. من جانبه أعلن رومانو برودي، رئيس الحكومة الإيطالية الأسبق، والمبعوث الأوروبي لمنطقة الساحل، أن الأولوية يجب أن تكون للحل السياسي. وأشار برودي إلى أن حكومة مالي التي تشكلت في أغسطس (آب) الماضي تضم 31 وزيرا من بينهم سبعة من الوزراء مقربين من قائد الانقلاب أمادو سانوغو، الذي أعلن تخليه عن السلطة لكن نفوذه ما يزال قويا على الحكومة، وتوقع برودي عدم إجراء انتخابات هناك قبل أبريل من العام المقبل.

في غضون ذلك يعاني الوضع الداخلي في مالي من غياب مؤسسات واضحة، رئيس المرحلة الانتقالية ديونكوندا تراوري يساند التدخل العسكري، وكاد أن يقتل إثر هجوم على القصر الرئاسي بعد مظاهرة قادها التحالف المساند للتدخل العسكري، ورئيس الوزراء يبحث عن توازنات داخلية والساحة السياسية منقسمة إلى «الجبهة الموحدة للحفاظ على الديمقراطية والجمهورية» وجبهة أخرى هي خليط من أحزاب مؤيدة للانقلاب العسكري وللرائد سانوغو. والواضح أن الجبهتين معا لا تراعيان عامل الزمن، وهذا ما أثار استياء وغيظ تجمع دول غرب أفريقيا، وهو أيضا ما دفع مجلس الأمن إلى التريث في مساندة التدخل العسكري.

وتسعى كل من واشنطن وباريس إلى أن تنضم الجزائر، التي تصل حدودها مع شمال مالي إلى ألفي كيلومتر، إلى مجموعة التدخل، لكن الجزائر حتى بعد زيارة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية ومحادثاتها مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، تركت الباب مواربا، لم تقل «لا» لكنها لم تقل «نعم» كذلك.

وفي هذا الإطار يقول المتحدث باسم وزارة الخارجية الجزائرية عمار بلاني إن حكومة بلاده «تبحث عن مقاربة شاملة في إطار القرار الدولي 2071، الذي أصدره مجلس الأمن الدولي تحت البند السابع، في 12 أكتوبر الماضي، والذي يطالب الماليين بالحوار». ويبدو جليا، من خلال تصريح بلاني أن الجزائر لا تزال متمسكة بإعطاء فرصة لحل سياسي قائم على التفاوض بين الحكومة المالية والجماعات الإسلامية المسلحة غير المنتمية للإرهاب. ويقصد الجزائريون بذلك، عزل تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» وذراعه «حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا»، عن مسار تفاوضي احتضنته الجزائر في الأشهر الماضية، شارك فيه انفصاليو أزواد الطوارق و«جماعة أنصار الدين».

وبشأن ما يشاع حول ضغوط تعرضت لها الجزائر، للمشاركة في التحضير للحرب، قال مسؤول جزائري فضل عدم نشر اسمه لـ«الشرق الأوسط»: «إن مسألة الخيار العسكري مسؤولية مجلس الأمن، وبالنسبة للجزائر فإنها ستتخذ القرار السيد في الوقت المناسب بما يخدم مصالحها.. وما يهمنا بالدرجة الأولى في هذه المرحلة هو تحصين أمننا وحماية حدودنا». «أما بالنسبة لمالي كدولة جارة وصديقة» يقول المسؤول الجزائري، «فسنواصل دعمنا للحكومة والجيش المالي خاصة في مجالات التكوين والتجهيزات والاستعلام». وحول زيارة كلينتون، أضاف «لقد جرت معها محادثات معمقة، واتسمت بتطابق وجهات النظر فيما يتعلق بحتمية مقاربة شاملة للخروج من الأزمة التي يعاني منها مالي».

ويقول أستاذ العلوم السياسية محمد خوجة المتخصص في قضايا الاستراتيجية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الجزائر «وجدت نفسها في شبه عزلة دولية بخصوص مساعيها لتفادي الحرب في مالي. فقد حاولت بكل قوة إقناع شركائها الأساسيين في الساحل، وتحديدا موريتانيا والنيجر، برفض التدخل العسكري الأجنبي بذريعة أن ذلك يمنح الجهاديين شرعية قتال المحتل الغاصب». وتمكنت كلينتون، بعد زيارتها للجزائر، من ضم الجزائريين إلى قائمة البلدان الأفريقية التي تريد خوض المعركة مع «القاعدة»، ولكنها فشلت، إلى حد ما، في إقناعها بتوفير تغطية جوية للحرب المنتظرة. فالجزائر هي أقوى بلد بالمنطقة من حيث القدرات العسكرية، تجمعها حدود طويلة مع مالي حيث يسيطر المتطرفون، وبالتالي هي في عين الأميركيين والفرنسيين وتتوافر على أفضل الظروف لحسم الموقف عسكريا ضد الإرهاب انطلاقا من القواعد العسكرية في الجنوب الجزائري.

اهتمام واشنطن بالوضع في مالي مرده بالدرجة الأولى أن لا يكون هناك «ملاذ آمن» لـ«القاعدة» كما حدث في أفغانستان. ومن هذه الزاوية دخل الموضوع إلى جدالات الحملة الانتخابية في أميركا. ومن المقرر أن تنتقل ماريا أوترو مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية لأمن المدنيين والديمقراطية وحقوق الإنسان، في مطلع الأسبوع المقبل إلى باماكو لبحث «جميع الاحتمالات» يقول بيير بويلي رئيس معهد الدراسات الأفريقية في باريس «التدخل العسكري في شمال مالي ممكن من دون مساندة عسكرية من طرف الجزائر، لكنه مستحيل من دون ضوء أخضر منها». وقال بيير بويلي إن الجزائر استدعت قيادات مهمة من «جماعة أنصار الدين»، لإقناعهم بقطع علاقاتهم مع «جماعة التوحيد والجهاد» التي تسيطر على «غالو» بالدرجة الأولى.

وفي السياق نفسه يعتقد الدكتور الموساوي العجلاوي، الباحث في «معهد الدراسات الأفريقية» في الرباط، أن الحل العسكري في شمال مالي ربما يعيد إنتاج مشكلات منطقة الساحل والصحراء، لذلك لا بد من البحث عن حل سياسي، مشيرا إلى أن الحل العسكري ربما يستهدف فقط استعادة المدن الثلاث من قبضة الحركات المتشددة، خاصة «التوحيد والجهاد» لكنه سيجعلها خارج العملية السياسية في مالي، وهو ما يعني أن المشكلة ستبقى من دون حل. وقال العجلاوي لـ«الشرق الأوسط» في معرض تحليله لتحفظ الجزائر بشأن الحل العسكري، إن الجزائر تخشى أن تتحول إلى «باكستان» المنطقة في حال توجيه ضربات للمتشددين في شمال مالي، نظرا لتداخل قبائل طوارق الجزائر في منطقة تمنراست مع طوارق شمال مالي، مشيرا في هذا الصدد إلى أن قبائل طوارق الجزائر يبلغ تعدادهم 50 ألفا.

ويؤكد العجلاوي أن تدفق السلاح في المنطقة بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي في أكتوبر من العام الماضي، هو الذي جعل الجماعات المتشددة في شمال مالي تحصل على كميات كبيرة من الأسلحة. ويرى أن تنسيقا بين المغرب والجزائر بشأن الوضع في شمال مالي «من المستحيلات لعدم وجود مواقف متشابهة بينهما، إذ يعتبر الجزائر المغرب منافسين ولا علاقة لهما بدول الساحل والصحراء». ويرجح العجلاوي إمكانية اللجوء إلى الحل العسكري في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وهو يعتقد كذلك أن المعلومات التي تتحدث عن مشاركة الأميركيين والفرنسيين في ضربات جوية ضد المتشددين، افتراض راجح.


من مواضيع : kumait 0 تأملات في فتوى جهاد النكاح
0 وجه واحد!
0 هل الهاتف المحمول كان موجودا عام 1938؟
0 الاعلام العربي و أشكالية الضمير..
0 الأرض تستعد لمواجهة «عاصفة شمسية مدمرة»

الصورة الرمزية kumait
kumait
عضو برونزي
رقم العضوية : 65773
الإنتساب : May 2011
المشاركات : 452
بمعدل : 0.09 يوميا

kumait غير متصل

 عرض البوم صور kumait

  مشاركة رقم : 9  
كاتب الموضوع : kumait المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي الانتخابات الأمريكية: مرشحون وأحزاب مقموعة
قديم بتاريخ : 05-11-2012 الساعة : 05:11 AM


الانتخابات الأمريكية: مرشحون وأحزاب مقموعة
الخليج الإماراتية

عندما يتوجه الناخبون الأمريكيون الثلاثاء المقبل للإدلاء بأصواتهم، فالأغلبية منهم ستفاجأ بوجود أسماء غير معروفة لديهم في خانة المرشحين للرئاسة، سواء كانوا مرشحين عن أحزاب شبه مجهولة أو كمستقلين، فعلى مدى التاريخ السياسي للولايات المتحدة احتكر الحزبان الجمهوري والديمقراطي السلطتين التشريعية والتنفيذية، إلى درجة أقصاء غيرهما من اللعبة الديمقراطية بكافة الطرق الممكنة .

صحيح أن التاريخ يسجل لكل من المرشح المستقل رالف نادر خوضه غمار الانتخابات مستفيداً من تاريخه كمدافع عن حقوق المستهلك والضعفاء في مواجهة هيمنة الشركات الكبري، وأيضاً الملياردير روس بيرو الذي فضح سيطرة الحزبين مستغلاً قدرته المالية على الإنفاق على حملة انتخابية، إلا أن كل التجارب المنفردة لأشخاص وأحزاب أمريكية لخوض غمار أية انتخابات بما فيها التشريعية باءت بالفشل .

وحدهما فقط الحزبان الجمهوري والديمقراطي باتا يتحكمان في صنع وتسيير السياسات الأمريكية بل وفي العملية الانتخابية بما في ذلك تحديد المناظرات بين المرشحين وهي الفرصة الذهبية لأي مرشح لعرض برنامجه على ملايين الأمريكيين عبر محطات التلفزة لاسيما العامة، وذلك بفرضهما قواعد صارمة لا تسمح لغير مرشحيهم بالمشاركة .

وتاريخياً كان ترتيب هذه المناظرات يترك لما كان يعرف ب »عصبة النساء« وهي تجمع نسائي جرى تحفيزه في الماضي بتكليفه بهذه المهمة في إطار تشجيع النساء الامريكيات على المشاركة الانتخابية، ولكن بعد أن بدأت »عصبة النساء« قبل نحو العقدين في دعوة المزيد من مرشحي الرئاسة وفق قواعد قديمة تجعل من حق أي مرشح يستوفي التسجيل وجمع عدد مناسب من التوكيلات وهي نفس القواعد التي كانت تؤمن للحزبين عدم تمكن غير مرشحيهما من الوصول للناخب الأمريكي، لاسيما بعد أن تمكن الملياردير روس بيرو من فرض نفسه على مناظرة المرشحين وفضح تحكم الحزبين في أمريكا، ما جعل الحزبان الديمقراطي والجمهوري يتفقان على سحب المهمة من »عصبة النساء« والتحكم في الأمر بنفسيهما عبر تشكيل لجنة مشتركة للمناظرات وهو ما حدث بالفعل من وقتها وحتى الآن، وحيث أصبح معتاداً أن يوقع قادة من الحزبين كل انتخابات عقد اتفاق تعكس تفاصيله سيطرة اللجنة المشتركة على سير المناظرات بشكل يوظف لمصلحة ممثلي الحزبين، بل تحددها بثلاث فقط، وتضع قيوداً غير عادية على أي أسئلة خارج السياق، وتحدد من يسمح له بالحضور داخل القاعة، بل أيضاً هوية من يدير المناظرة، وكيفية ضمان عدم قيامه بتوجيه أسئلة غير متفق عليها، فضلاً عن تحديد الشركات التي يقبل وضع إعلاناتها بقاعة المناظرة .

هذه السيطرة التي يراها البعض أنها توصم الديمقراطية الأمريكية المفترضة، تحجب جانباً من المشهد الانتخابي الأمريكي فهناك عشرات من المرشحين والأحزاب الأمريكية يخوضون غمار انتخابات الرئاسة الأمريكية جنباً إلى جنب مع باراك أوباما وميت رومني وهؤلاء جميعاً لهم اجندتهم وبرامجهم الانتخابية، وبغض النظر عن هؤلاء المرشحين الذين يخوضون الانتخابات للشهرة أو دفاعاً عن وجهة نظر بعينها لتسجيل موقف ليس إلا فإن عدداً محدوداً منهم فقط تم اعتمادهم على قوائم الترشح في معظم الولايات وبعضهم اعتمد في ولايات محدودة بمعني أن مجرد تسجيل الناخب لاسم مرشح بعينه غير معتمد بالولاية قد يعرض تصويته للإلغاء حسب قانون الولاية، وبمراجعة سريعة لقائمة مختصرة لهؤلاء وتمثل مرشحين من أقصى اليسار لأقصى اليمين سنتوصل لنتيجة مختصرة وهي أن صاحب القرار في تحديد ديمقراطية أمريكا هو سلطة المال والنفوذ الإعلامي ودونهما لن يتمكن قط في الزمن الحالي على الأقل أن يصل أي شخص غير مدعوم بهما إلى إذن وعين الناخب الأمريكي وبالتالي إلى بطاقته الانتخابية .

أحزاب وتيارات وحركت سياسية

ظهرت مؤخراً على الساحة السياسية الأمريكية حركات جديدة أبرزها الحركة المعروفة باسم »جماعة حزب الشاي« وهي محسوبة على اليمين المتطرف، وتدعم الحزب الجمهوري الذي بات المحافظون الجدد يسيطرون على توجهاته . وهذا التيار أي »حزب الشاي« تمكن بحكم توافقه هذا مع الجمهوريين من اقتناص عدة فرص بما في ذلك وصول منتمين إليه إلى مقاعد بالكونغرس الأمريكي والمجالس المحلية، وذلك على عكس حركات تقدمية أخرى ظهرت في نهاية عهد بوش الابن وبدايات عهد أوباما، مثل الحركة المعروفة باسم »الوول ستريت« و»مجموعات ال 99%« المناهضة لسيطرة سوق المال الأمريكية والشركات الكبري المتسببة في الكارثة الاقتصادية التي ضربت الولايات المتحدة والعالم بتأثير جشع هذه الشركات وتلاعبها في سوق المال والقروض، والتي اعتمدت على المال العام الأمريكي أي جيب دفع الضرائب لإنقاذها من الانهيار . وقد نجحت السلطات الأمنية الأمريكية وإلى حد بعيد وبدعم من الإعلام الأمريكي من فرض الممكن من التعتيم في احتواء هذه الحركات التقدمية وملاحقة زعاماتها ومحاصرة تظاهراتهم التي اندلعت في مختلف الأنحاء الأمريكية لذا لم يسمع لها صوت يذكر في سجال الانتخابات الأمريكية على عكس الحركات اليمينية .

الأحزاب الأمريكية

على عكس الحزبين الجمهوري والديمقراطي وبسبب قانون أمريكي يلزم كل حزب بالتسجيل في الولايات المختلفة وللامتداد الجغرافي الأمريكي المتسع، فإن كثيراً من الأحزاب الأمريكية لم تتمكن من التسجيل بنفس الاسم في كافة الولايات الخمسين نتيجة القصور المالي أو تكرر تسجيل الاسم أو التشابه في أسماء الأحزاب المسجلة بنفس الولاية لذا نجد أحزاباً كثيرة - بما فيها الحزبان الرئيسيان - مسجلان بأسماء مختلفة مع وجود جزئي للاسم الأصلي، عموماً فإنه ومن قائمة طويلة للأحزاب الأمريكية التي يوجد لها مرشحين في انتخابات هذا العام الرئاسية نجد أحزاباً مثل: حزب أمريكا المستقل - حزب الموقع الثالث - حزب الدستور - حزب الخضر - حزب العدالة - حزب الأحرار - حزب الأهداف- حزب التحريم - حزب الاشتراكية والتحرر - حزب الإصلاح - حزب المساواة - الحزب الاشتراكي الأمريكي وحزب العمال الاشتراكي .

ومع ملاحظة أن الحركة العالمية الأمريكية يجري تقويضها منذ عقود طويلة، وتم سحقها في المهد لمصلحة أصحاب رأس المال، فالعالم كله كان شاهداً على أكبر حركة انتفاض عمالية تمت في العصر الحديث عندما أطلق أفراد الشرطة بمدينة شيكاغو الأمريكية في أول مايو/ أيار عام 1886 النار على المضربين من العمال أثناء إضراب عام شارك فيه عموم العمال، والحرفيين والتجار والمهاجرين مطالبين بحد أقصى لعدد ساعات العمل في اليوم الواحد لا يزيد على ثماني ساعات، وقد راح ضحية تلك الحادثة العشرات من العمال، وتمت بعد ذلك محاكمة مثيرة للجدل، حيث جرت محاكمة ثمانية من العمال بسبب معتقداتهم السياسية، وأدت المحاكمة في نهاية المطاف إلى إعدام سبعة عمال وصفوا بالفوضويين . في تلك الحادثة المعروفة باسم حادث هاي ماركت وألهمت العالم للاحتفال بعيد العمال في ذكرى الحادث في الأول من مايو كل عام، وحيث أصبح الأول من مايو احتفالاً دولياً للإنجازات الاجتماعية والاقتصادية للحركة العمالية فيما عدا الولايات المتحدة نفسها، حيث تم التعتيم عملياً على الذكرى لمحوها من ذاكرة العامة بتحديد يوم آخر للاحتفال بعيد العمال وهو الاثنين الأول من شهر سبتمبر/ أيلول من كل عام، حيث تحول الاحتفال بعيد العمال عملياً إلى الاحتفال بنهاية فصل الصيف وإجازات المدارس وأصبح مناسبة للتسوق .

وعلى مدى عقود تقترب من القرن لم يكن للاتحادات العمالية بالولايات المتحدة تأثيراً يذكر في نتائج الانتخابات الأمريكية باستثناء قطاعات بعينها مثل قطاعات صناعة السيارات وفي سنوات الكساد وبتأثير منظور لأصحاب الأعمال .

بالتالي فإن الأحزاب الأمريكية المدافعة عن حقوق العمال تبقى بعيدة كغيرها من الأحزاب عن إمكانية التأثير في انتخابات الرئاسة، ومن خلال رصد عينة تمثل مختلف توجهات هذه الأحزاب ومرشحيهم للرئاسة يمكننا التوقف عند الأحزاب والمرشحين التالية:

توم هوفلينغ عن الحزب الأمريكي:

وهو حزب يميني ويترشح عنه في انتخابات الرئاسة هذا العام توم هوفلينغ - من ولاية ايوا - ونائبه جي دي اليس - من ولاية تنيسي، وبرنامجهما الانتخابي يعكس توجه حزبهما، وهما ضد إباحة الإجهاض وضد زواج المثليين ومقتنعون بالملكيات الخاصة وبأنها منحة من الله ويتبنون سياسات فرض السلام في العالم باستخدام القوة ويفخرون بوجود أعداد كبيرة من الجنود الأمريكيين السابقين والحاليين ضمن مؤيديهم .

جيل ستاين مرشحة الخضر

تخوض الطبيبة جيل ستاين ونائبتها شيري هنكلا انتخابات الرئاسة الأمريكية عن حزب الخضر الذي يحظى رسمياً بدعم الحركات التقدمية المعروفة بحركة »وول ستريت«، وقد تعرضتا للاعتقال خارج مكان مناظرة الرئيس أوباما والمرشح ميت رومني التي انعقدت في نيويورك في السادس عشر من الشهر الحالي وذلك عندما قامتا بالاعتصام احتجاجاً على منعهما من المشاركة في المناظرة، وكذلك على وثيقة خطيرة تم تسريبها لاتفاق وعقد تفاهم يكشف عن قيام الحزبين الجمهوري والديمقراطي بالسيطرة سراً على المناظرات الرئاسية، وهو الأمر الذي نفاه المعسكران في البداية ثم قالا إنه مجرد اتفاق حول الشكليات خلال سير المناظرة ثم لاذا بالصمت . ومع ذلك فقد فرض تعتيم إعلامي على الحادث في مختلف وسائل الإعلام الأمريكية فيما عدا الصحافي الأمريكي مارك هالبرين ومحطة »إم اس إن بي سي« والإعلامية ايمي جودمان التي كانت الوحيدة تقريباً التي أتاحت المجال لبقية المرشحين للرئاسة ومنهم جيل ستاين بالظهور في برنامجها والرد على الأسئلة نفسها التي وجهت إلى أوباما ورومني . ويركز برنامج ستاين الانتخابي على دعم حقوق العمال وزيادة الحد الأدنى للأجور ومساواة أجور النساء بأجور الرجال وإجراء تخفيض في ميزانية البنتاغون بنسبة 50%، وتقليص الاعتماد على العسكر في وضع السياسات الخارجية واعتماد سياسة خارجية تركز على الدبلوماسية وتحترم القانون الدولي وحقوق الإنسان، وفرض منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط تلتزم بها جميع دول المنطقة دون استثناء - أي بما في ذلك إسرائيل - وإنهاء الحرب الأمريكية في أفغانستان والعراق بسحب جميع القوات الأمريكية بما في ذلك المتعاقدين، وإغلاق مايقرب من 140 قاعدة عسكرية أمريكية حول العالم، ووقف استخدام الطائرات من دون طيار والاغتيالات، بما في ذلك الاغتيالات عن طريق أطراف أخرى، وإلغاء التأمين الصحي الخاص وفرض ضرائب أكبر على الأثرياء مع تخفيض الضرائب على الفقراء والطبقة المتوسطة وتوسيع استثمار الدولة في البنية التحتية والتعليم ومنع خصخصة الخدمات العامة وتوفير مظلة تأمين شاملة لكل الأمريكيين واعتماد الطاقة النظيفة والبديلة وتوفير فرص عمل في هذا المجال بدعم وتشجيع الشركات التي تعتمد الحفاظ على البيئة، واحترام الحريات المدنية وإلغاء قوانين المواطنة المقيدة للحريات والمعروفة باسم قوانين ديك تشيني التي قلصت الحريات المدنية بزعم حماية أمريكا والحرب على الإرهاب .

روكي اندرسون عن حزب العدالة:

وهو عمدة سابق لمدينة سولت سيتي بولاية يوتا يخوض الانتخابات عن حزب العدالة وهو ذات الحزب المسجل تحت أسماء مختلفة في عدة ولايات - في ولاية كونكتكنت اسمه »الاستقلال« وفي ميشجان »الوطني« وأجندته عموماً تركز على مسألة إنهاء سلطة الحكومة على المواطنين ورفض هيمنة وحروب الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وفي شعارات اندرسون نجد بوضوح هذه التوجهات ومنها »إذا كنت ضد الحرب فلا تصوت للديمقراطي ولا للجمهوري« ونجد أيضا دعاية مطبوعةتحمل جدولاً ورصداً للحروب التي تمت في عهد الحكومات الديمقراطية والجمهورية وتكلفتها .

ستيوارت الكسندر عن الحزب الاشتراكي

يخوض الأمريكي من أصل إفريقي ومعه نائب من أصل لاتيني وهو اليكس مندوزا الانتخابات الرئاسية الأمريكية بشعارات تحاول استقطاب نسبة ال 99% أي الطبقة المتوسطة وفقراء أمريكا، ويلاحظ في دعاية ستيوارت استخدامه مقابلته وهو طفل لمالكوم اكس الزعيم الأمريكي الأسود .

على أية حال فقائمة المرشحين للرئاسة الأمريكية طويلة وفيها إلى جانب الجادين أو مرشحي أحزاب بعينها الكثير من المستقلين ولأسباب بعضها غريب، ولكن يبقى السؤال الذي يؤرق الكثيرين وهو إلى متى تبقى سيطرة حزبين لا يسمحان لغيرهما بمجرد المشاركة في دولة متفردة كالولايات المتحدة، وهل تنجح أمريكا فعلاً في تصدير هذا الاحتكار للسلطة إلى عالمنا العربي لاسيما أن معالم من محاولة كهذه بدت واضحة في الممارسات الأمريكية في دول الربيع العربي؟


من مواضيع : kumait 0 تأملات في فتوى جهاد النكاح
0 وجه واحد!
0 هل الهاتف المحمول كان موجودا عام 1938؟
0 الاعلام العربي و أشكالية الضمير..
0 الأرض تستعد لمواجهة «عاصفة شمسية مدمرة»

الصورة الرمزية kumait
kumait
عضو برونزي
رقم العضوية : 65773
الإنتساب : May 2011
المشاركات : 452
بمعدل : 0.09 يوميا

kumait غير متصل

 عرض البوم صور kumait

  مشاركة رقم : 10  
كاتب الموضوع : kumait المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي قطر راعي جديد للسلفية والحركات الجهادية تأسلم قطر بالوهابية
قديم بتاريخ : 05-11-2012 الساعة : 05:53 PM


قطر راعي جديد للسلفية

والحركات الجهادية تأسلم قطر بالوهابية
بقلم: جاسم محمد

قطر، هي شبه جزيرة تقع على الشاطئ الشرقي من شبه الجزيرة العربية ، وفي منتصف الساحل الغربي للخليج العربي، عاش سكان قطر كغيرهم من سكان الخليج العربي على رزقهم في التجارة والغوص على اللؤلؤ، حتي أكتشاف النفط الذي ساهم في الازدهار العمراني والثقاقي والأقتصادي في قطر. في اليوم الثالث 3 سبتمبر من عام 1971 تم إنهاء العلاقات التعاهدية مع بريطانيا وإلغاء المعاهدة التي كان الشيخ عبد الله بن قاسم ال ثاني قد وقعها مع بريطانيا في عام 1916، فأصبحت قطر دولة مستقلة ذات سيادة كاملة وفي الشهر ذاته انضمت قطر إلى جامعة الدول العربية

ألسياسة الخارجية

بدأت علاقات قطر الخارجية تشهد تغيرا مع وصول حمد بن خليفة ال ثاني الى الحكم في 27 يونيو من عام 1995،حيث تم عملية تغيير جذري في السياسة الخارجية القطرية ، ونتج عنه تثبيت مكانة دولة قطر في العلاقات الدولية مما خولها للعب دور مؤثر وفق سياسة تنتهج ألجرأة .على الصعيد الخليجي، تحاول دولة قطر على تشجيع مسيرة التعاون بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من خلال حضورها الدائم ومشاركتها الفاعلة في الندوات والاجتماعات الخليجية ، وبحث القضايا والتحديات التي تواجه المنطقة. كما تدعو قطر دوماً إلى تعزيز مكانة مجلس التعاون الخليجي باعتباره نموذجاً للتكامل والتنسيق يقود إلى توحيد مواقف الدول الأعضاء. وبالرغم من أن العلاقات بين الرياض والدوحة مرّت بأزمة سياسية حادة منذ عام 1992 بعد حادثة مركز الخفوس الحدودي الا أن الجانبين حافظا على قدر من ضبط النفس .

الوساطة

لعبت قطر دور الوسيط العربي في المنطقة وشاركت منذ سنوات في جهود الوساطة في الصحراء الغربية، واليمن والصراع بين أثيوبيا وارتيريا ، وفي اندونيسيا وفي الصومال وفي دار فور، السودان وفي لبنان والعراق وفي فلسطين بين حماس وفتح وليبيا. وقد يكون دور قطر الوسيط نتيجة تمتعها بعلاقات جيدة مع اميركا واوربا واطراف قوى عالمية اخرى .

تأسلم بالوهابية

افتتح حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر في 17.09. 2011 أكبر مساجد الدوحة الذي سمي على اسم إمام الدعوة السلفية النجدية محمد بن عبد الوهاب وقال الشيخ حمد لدى افتتاحه الجامع الذي تبلغ مساحته 175 ألف متر مربع "جدنا المؤسس الشيخ جاسم – رحمه الله – وهو العالم بالدين والحاكم في الوقت نفسه كان ممن تلقفوا دعوة الشيخ ابن عبدالوهاب وتبنوها ونشروها في بلادنا وخارجها في أنحاء العالم ألاسلامي." ويتسع الجامع الذي بدأت أعماله الإنشائية أواخر عام 2006 لأكثر من 30 ألف مصل بالاضافة الى مصلى للنساء .

فتح حوار مع طالبان

جاء الإعلان عن فتح حركة طالبان الأفغانية مكاتب لها في قطر مطلع كانون الثاني 2012 ليثير الكثير من الجدل وعلامات الاستفهام حول الأهداف التي تبتغيها جميع الأطراف من وراء هذا الإجراء، ولاسيما انها تضمنت الولايات المتحدة وأفغانستان وحركة طالبان ودولة قطر . ويرى الخبراء أن هذه الخطوة جاءت من اجل احتواء حركة طالبان سياسياً، وبدء مفاوضات غير مباشرة بينها وبين أميركا على إلقاء السلاح، والانخراط في الحياة السياسية .

ووفقاً للدكتور جهاد عودة ، أستاذ السياسة الدولية جامعة حلوان، فإن هذا الاتفاق كان متوقعاً، ولاسيما أن الحرب في أفغانستان لن تستمر مدى الحياة، وقال لـ"إيلاف" إن أميركا لها نفوذ على جميع الأطراف في المعادلة الأفغانية ودول الجوار لها، بالإضافة إلى دول الخليج العربي، وأضاف أنه لا يمكن قراءة الاتفاق الجديد بمعزل عن القراءة التاريخية للوضع في أفغانستان ."

الدور الوسيط

وحول الدور القطري في الصفقة الجديدة ، قال عودة إن قطر لديها علاقات إستراتيجية مع أميركا، وتقوم بأدوار سياسية لصالحها في المنطقة ، بما يمكن وصفه بـ"المقاول من الباطن"، لكن لا يمكن وصفها بالدولة العميلة كما يحب البعض وصفها دائماً، مشيراً إلى أن تلك الأوصاف أو اللغة لم تعد موجودة في العلوم السياسية في المرحلة الراهنة ، بل يتم الاستعاضة منها بالقول إن هناك علاقات إستراتيجية مع أميركا وتبادل مصالح .

ويتبنى الدكتور رفعت سيد أحمد رئيس مركز يافا للدراسات والأبحاث وجهة نظر مغايرة، ويقول في تصريح نشرته ايلاف "إن قطر تلعب دوراً في إطار الإستراتيجية الأميركية في المنطقة ، مشيراً إلى أن حينما تفشل أميركا تدفع بقطر وبعض دول الخليج، ووصفها بأنها تعرف بـ"الدولة الشركة ".

ترحيب أميركي

وأعلن البيت الأبيض ترحيبه بقرار فتح مكتب سياسي لطالبان في قطر، وقال جاري كارني المتحدث باسمه "إن ذلك من شأنه أن يوفر عنوانا للمفاوضات مع المتشددين، ويزيح قتال واشنطن معهم لأكثر من عقد". وأضاف: "أننا نرحّب بأي خطوة على طول الطريق لعملية تقودها أفغانستان من أجل تحقيق المصالحة ."وأشار كارني إلى أن حركة طالبان طالبت بفتح مكتب في قطر ولكن أيضا كانوا يطالبون بالإفراج عن سجناء طالبان المحتجزين في غوانتانامو، وهذا ما دعا إليه الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطابه حول بدء السلام في المنطقة والدعوة للمصالحة والمفاوضات التي تقودها الحكومة الأفغانية.

الخلاصة
شراكة أميركية

وصف المراقبون ان الخطوة القطرية هذه ـ فتح مكاتب طالبان ـ تعتبر امتداد لدورها الوسيط في اغلب ازمات المنطقة ، ولم تكن مفاجأة . حيث تبذل اميركا جهودا الان لاحتواء المجموعات الاسلامية الاصولية الجهادية في المنطقة بهدف تغيير مسارات تلك المجموعات بعد ان عجزت عن تحجيمها ، وهي سياسة اميركية جديدة باحتواء المجموعات الاصولية الجهادية الاقل تشددا من ايدلوجية القاعدة وتقليل الخصوم وتخفيض ميزانية الدفاع وسحب القوات الاميركية ومحاولة الفصل مابين القاعدة و طالبان .

كذلك تاتي هذه الخطوة ضمن استعدادت الادارة الاميركية بسحب قواتها من افغانستان 2014 ، هذه السياسة لايمكن اختصارها بالانتخابات الاميركية القادمة بقدر ماهي ستراتيجية اميركية جديدة بسحب قواتها وابدالها بالجهد الاستخباري المبرمج لوكالة المخابرات المركزية واصطياد اهدافها بعمليات طائرة بدون طيار ومجموعات النخبة القتالية ( الكومندوز) لتقليل الخسائر وتجنب استفزاز مشاعر الشعوب.

أختيار قطر

ان اختيار الادارة الاميركية قطر مكانا للحوار مع طالبان جاء امتداد للدور القطري الوسيط الذي عرفت به واشارة الى توصيات لجنة بيكر هاملتون ) الصادرة في عام 2006 ) و اعادة قرائتها من قبل مجموعة الخبراء نهاية العام الماضي 2011 ، القائمة على الحوار مع الخصوم وممكن اعتباره خيارا افضل بعد ان تدهورت علاقات الولايات المتحدة مع الباكستان و استخباراتها واستنفذت دورها الوسيط مع طالبان افغانستان و احتمالات الخروقات ألامنية .

اما ديفد باتريوس فهو وراء سياسة التفاوض مع طالبان خلال فترة مسؤوليته للقوات الاميركية في افغانستان وقبل تسلمه مسؤولية وكالة المخابرات المركزية في سبتمبر 2011 وان خبر تفاوض الادارة الاميركية مع طالبان لم يكن بمفاجأة فقد كانت هنالك تسريبات اعلامية للتفاوض في شهر اكتوبر عام 2010.

وقد تناولت الوكالات في الثامن والعشرين من ديسمبر الماضي 2011 حذف مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية اسم الملا عمر زعيم حركة طالبان الأفغانية من قائمة أكثر المطلوبين لدى الجهاز الأمني الأمريكي " اف بي اي" ومن المعروف أن أمريكا كانت قد خصصت 10 ملايين دولار من أجل القبض عليه وقد وافقت الولايات المتحدة من حيث المبدأ على الإفراج عن مسئولين رفيعى المستوى من حركة طالبان من المعتقل الأمريكى فى خليج جوانتانامو كصفقة مقابل موافقة المقاتلين على فتح مكتب سياسى لمفاوضات السلام فى قطر ، وفقا الى تصريحات ذبيح الله المتحدث الرسمي باسم طالبان وبمباركة اجتماع العشائر الوطني "لويه جركه" و المجلس الأعلى للسلام في أفغانستان . بعض المراقبون وصفوا المفاوضات بموت حركة طالبان عسكريا بتحولها الى حركة سياسية . ومن الجدير بالذكر ان المفاوضات قد تعكرت في موجة نشر الفلم الاميركي المسيء للرسول محمد ( ص ) الشهر الماض/ سبتمبر 2012 .

مواجهة الحراك الشيعي في الخليج العربي

ان دولة قطر باتت تلعب دوراً كبيراً في السنوات الأخيرة رغم أنها دولة صغيرة ، فقوة الدولة وقدرتها في التأثير على السلوك السائد لم يعد وفقا للتقاليد الكلاسيكية القديمة ، فقد تغيرت قواعد اللعبة جذريا وأصبحت هنالك دول صغيرة الحجم والسكان تحتل مكانة هامة .

أن دولة قطر هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تتمتع بدرجات مختلفة من العلاقة مع الولايات المتحدة وايران وحزب الله وإسرائيل . ويرى المراقبون ، أن افتتاح الجامع جاء في سياق تبني قطر بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كخطوة لسحب البساط من الدور السعودي في زعامة الوهابية / السلفية التكقيرية . وان عرض وكالة الأنباء القطرية لنسب الشيخ محمد بن عبد الوهاب مشيرة إلى انتمائه إلى قبيلة بني تميم التي تنتمي إليها الأسرة الحاكمة في قطر، وهو أمر يعتقد بأنه لإضفاء المزيد من الشرعية على تسميته . وممكن تفسير الخطوة القطرية هذه هي لمواجهة والمد الاخواني في مصر في اعقاب الثورات العربية .

ويرى مراقبون في الخطوة القطرية رغبة لاستقطاب السلفيين والحركات الجهادية ، وان واشنطن تستخدم قطر للتأثير على السلفيين بعد أن نجحت ـ اميركا ـ في احتواء الإخوان تحت مظلتها . أن الموقف القطري جاء منسجما مع الموقف السعودي لغرض أستخدام التيارات السلفية في مواجه التمدد ألايراني ومواجهة الحراك الشيعي في دول الخليج العربي ولغرض محاربة الإرهاب .هذه التطورات لا يمكن ان تكون بعيدة في جهود قطر والسعودية مع المعارضة السورية ، فهنالك تقسيم الادوار فاحدهما يمول الجيش السوري الحر والاخرى تمول الحركات السلفية التكفيرية داخل سوريا.

السياسة القطرية والسعودية تتماشى مع السياسة الاميركية في المنطقة التي تهدف الى تحجيم ايران في المنطقة وتفكيك المثلث السوري الايراني وحزب الله . اميركا والدول الداعمة تستخدم السلفية في سوريا والمنطقة حزام امان ضد ايران والتمدد السيغي في المنطقة ، ويبدو انها ستراتيجية اميركية للمستقبل البعيد لتحجيم ايران. هذه السياسة قد لا تكون مستبعدة عن ما يجري في سوريا. أن الوضع في سوريا اصبح فعلا معقد ومايحدث في سوريا من مجازر وابادة جماعية للشعب السوري تعدى كل معدلات القتل والعنف التي تعرضت لها الشعوب ومنها حرب فيتنام ومجازر صبرا وشاتيلا ومجازر البوسنه والهيرسك وغيرها من عمليات الابادة الجماعية.

السيناريو الاميركي في سوريا

الموقف الاميركي المتذبذب والاختلافات داخل المعارضة السورية تلقي بظلالها على النتائج المتوقعة لاجتماعات المعارضة السورية القادمة تحت الرعاية القطرية . يبدو ان الولايا ت المتحدة تعيد ذات السيناريو، عندما شنت حرب الخليج الثانية 1990 على العراق وفرضت الحظر والعقوبات الاقتصادية وغيرها من التحالفات التي كانت تهدف انذاك الى اضعاف العراق وصندقة النظام وفرض شروطها في خيمة صفوان، والتفاوض مع قادة العسكر اكثر من رجال السياسة ، وهذا في تقديرنا ماهو متوقع في الازمة السورية . وما جاء من تصريحات على لسان مسؤوليي الادارة الاميركية في واشنطن التي تلمح فيها الى امكانية تغيير رأس النظام والتحضير لحكومة انتقالية افضل من ترك مصير سوريا مفتوحا على كل الابواب ، قد اثارت غيض المعارضة السورية واعتبرته تناقضا لمقررات اجتماع جنيف.

تنظر الولايات المتحدة الى سوريا وحلفائها بشكل يختلف عن المعارضة السورية او الدول الداعمة للتغيير. ، فهي تاخذ بالحسابات تداعيات انهيار النظام السوري وعلاقات النظام مع حلفائه واحتمالات نبش الصراعات وتاجيج ألمنطقة الى ابعد ما تنظر اليه المعارضة السورية والدول الداعمة ، وهي حسابات ستراتيجية، أعتمدتها اميركا من تجربة العراق وافغانستان ، تلك السياسة ،التي عملت على ايقاظ وتفريخ الخلايا والشبكات الارهابية في المنطقة وتاجيج الارهاب ،وتحويل المنطقة الى صفيح ساخن .


من مواضيع : kumait 0 تأملات في فتوى جهاد النكاح
0 وجه واحد!
0 هل الهاتف المحمول كان موجودا عام 1938؟
0 الاعلام العربي و أشكالية الضمير..
0 الأرض تستعد لمواجهة «عاصفة شمسية مدمرة»
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 05:26 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية