العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى العقائدي

المنتدى العقائدي المنتدى مخصص للحوارات العقائدية

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية kumait
kumait
عضو برونزي
رقم العضوية : 65773
الإنتساب : May 2011
المشاركات : 452
بمعدل : 0.09 يوميا

kumait غير متصل

 عرض البوم صور kumait

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي تطوّر مدلول الاجتهاد بمدرسة الخلفاء
قديم بتاريخ : 20-11-2012 الساعة : 02:20 AM


تطوّر مدلول الاجتهاد بمدرسة الخلفاء
السيد مرتضى العسكري

إن مصطلح الاجتهاد والمجتهد متأخر عن عصر الصحابة والتابعين بدهر، إذ كان الصحابة والتابعون يسمّون تغيير الاحكام من قبلهم بالتأويل مثل ما جاء في خبر قتل خالد بن الوليد عامل رسول اللّه مالك بن نويرة، فإنّ خالداً اعتذر عن فعله وقال للخليفة أبي بكر: ((يا خليفة رسول اللّه! إنّي تأوّلت وأصبت وأخطأت)).

وقال أبو بكر في جواب عمر حين قال: إنّ خالداً زنى فارجمه، فقال ابوبكر: ((ما كنت أرجمه فإنّه تأوّل فأخطأ))(1).

ومثل ما ورد عن الزهري عن عروة عن عائشة: ((انّ الصلاة أوّل ما فرضت ركعتين فأقرّت الصلاة في السفر وأتمّت صلاة الحضر)).

قال الزهري: فقلت لعروة: ما بال عائشة تتمّ في السفر؟ قال: إنّها تأوّلت كما تأوّل عثمان(2).

وقال ابن حزم في الفصل: وعمّار (رض) قتله أبو الغادية. شهد أي عمّار بيعة الرضوان فهو من شهداء اللّه له، بأنّه علم ما في قلبه وأنزل السكينة عليه، ورضي عنه، فأبو الغادية متأوّل مجتهد مخطئ باغ عليه مأجور أجراً واحداً وليس هذا كقتلة عثمان (رض) لانّهم لا مجال لهم للاجتهاد في قتله(3).

وقال ابن حجر في ترجمة أبي الغادية: والظّنّ بالصحابة في كُلّ تلك الحروب، أنّهم كانوا فيها متأوّلين وللمجتهد المخطئ أجر. وإذا ثبت هذا في حقّ آحاد الناس فثبوته للصحابة بالطريق الاولى(4).

وقال ابن حزم في المحلّى، وابن التركماني في الجوهر النقي: ولا خلاف بين أحد من الامّة في انّ عبدالرحمن بن ملجم لم يقتل عليّاً إلاّ متأوّلاً مجتهداً مقدّراً أنّه على صواب. وفي ذلك يقول عمران بن حطّان:

يا ضربةً من تقي ما أراد بهاإلاّ ليبلغ من ذي العرش رضوانا إنّي لاذكره يوماً فأحسبه‌أوفى البريّة عند اللّه ميزانا(5) وقال الشيخ عبداللطيف في هامش الصواعق: وجميع الصحابة ممّن كان على عهد عليّ إمّا مقاتل معه أو عليه أو معتزل عن المعسكرين متأوّل لايخرج بما وقع عنه عن العدالة(6).

وقال ابن كثير في حقّ يزيد: وحملوا ما صدر منه من سوء التصرّفات على أنّه تأوّل فأخطأ، وقالوا: إنّه مع ذلك كان إماماً فاسقاً لا يعزل.. . ولا يجوز الخروج عليه، وأمّا ما ذكر أن يزيد لمّا بلغه خبر أهل المدينة وما جرى عليهم عند الحرّة، فرِح بذلك فرحاً شديداً، فإنّه يرى انّه الامام وقد خرجوا عن طاعته، وأمّروا عليهم غيره، فله قتالهم حتّى يرجعوا إلى الطاعة، ولزوم الجماعة(7).

في الخبر الاوّل سمّى كلّ من الصحابي: خالد بن الوليد والخليفة الصحابي أبو بكر: قتل مالك ونكاح زوجته بالتأوُّلِ.

وفي الخبر الثاني سمّى التابعي عروة بن الزبير إتمام عائشة الصلاة في السفر خلافاً لما ترويه، تأوّلاً، مثل فعل عثمان.

وبعد ذلك بدهر نجد ابن حزم المتوفّى 456 ه‍‍ يصف أبا الغادية في قتله عمار ابن ياسر متأوّلاً مجتهداً مأجوراً أجراً واحداً.

ونجده هو وابن التركماني الحنفي المتوفّى (750 ه‍‍) يصفان ابن ملجم في قتله الامام علياً متأوّلاً مجتهداً.

ونجد ابن حجر المتوفّى (852 ه‍‍) يصف الصحابة في كلّ تلك الحروب متأوّلين وللمجتهد المخطئ أجر!.

* * *
هكذا سمّي العمل بالرأي أوّلاً بالتأويل، وأخيراً بالاجتهاد، ثمّ اتبع علماء مدرسة الخلفاء الصحابة والخلفاء في ذلك وفتحوا لانفسهم باب هذا الاجتهاد أي العمل بالرأي‌ غير أنهم اكتشفوا للعمل بالرأي قواعد. ووضعوا له أسماء، وعقدوا له أبواباً في علم الاصول، وسمّوا أيضاً رجوعهم إلى تلك القواعد الّتي وضعوها، واستخراجهم الاحكام بموجبها ((الاجتهاد))، وسمّوا من يقوم بذلك ((المجتهد)). بينما المصطلح الشرعي لعلم الدين هو ((الفقه)) ولعالمه ((الفقيه)).

التأويل لغة وشرعاً

قال أبو العبّاس أحمد بن يحيى المعروف بثعلب (ت: 291 ه‍‍): ((التأويل، والمعنى، والتفسير، بمعنى))(8).

وقال الجوهري (ت: 396 ه‍‍): ((التأويل، تفسير ما يؤول إليه الشي‌ء وقد أوّلته، وتأوّلته تأوّلاً، بمعنى))(9).

وقال الراغب (ت: 502 ه‍‍): ((التأويل من الاول أي الرجوع إلى الاصل، ومنه الموئل للموضع الّذي يرجع إليه، ومعنى التأويل في اللغة، ردّ الشي‌ء إلى الغاية المرادة منه، وقد ورد في القرآن الكريم بهذا المعنى في:

1 (وما يعلم تأويله إلاّ اللّه والراسخون في العلم) آل عمران/7.

2 (هل ينظرون إلاّ تأويله يوم يأتي تأويله) الاعراف/53، أي بيانه الّذي هو غايته))(10).

واستعمل التأويل في الكتاب والسنة في تعبير الرؤيا، كما جاء في قصّة يوسف (نبئنا بتأويله) يوسف/36، وفي تعبير الرسول (ص) في غزوة أحد: ((فأوّلت أنّ الدرع المدينة))(11).

كان هذا معنى التأويل في اللغة وتلك أمثلة من موارد استعماله، واستعمال الصحابة والتابعون لفظ التأويل وأرادوا به تغيير الاحكام، ومن ثمّ أصبح للتأويل في عرف مدرسة الخلفاء معنى جديد.

قال ابن الاثير: التأويل من آل الشي‌ء يؤول إلى كذا، أي رجع وصار إليه، والمراد بالتأويل نقل ظاهر اللفظ عن وضعه الاصلي إلى ما يحتاج إلى دليل لولاه ما ترك ظاهر اللفظ(12).

هكذا غيّروا مدلول اللفظ، وانتشر هذا التغيير في كتب الحديث، فقد قال البخاري في كتاب الادب من صحيحه: ((باب من أكفر أخاه من غير تأويل فهو كما قال)). و((باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأوّلاً وجاهلاً))(13).

وفي شرح ((باب ما جاء في المتأوّلين)) من فتح الباري: والحاصل أنّ من أكفر المسلم، نظر، فإن كان بغير تأويل، استحقّ الذمّ، وربما كان هو الكافر، وإن كان بتأويل، نظر، إن كان غير سائغ استحقّ الذمّ ولا يصل إلى الكفر بل يبيّن له وجه خطئه ويزجر بما يليق به، ولا يلتحق بالاوّل عند الجمهور وإن كان تكفيره ‍ بتأويل سائغ لم يستحقّ الذمّ، بل تقام عليه الحجّة حتّى يرجع إلى الصواب.

قال العلماء: كلّ متأوّل معذور بتأويله، ليس بآثم إذا كان تأويله سائغاً في لسان العرب، وكان له وجه في العلم(14).

هكذا طوّروا مدلول التأويل، وأخيراً سمّوا موارد التأويل في عرفهم بالاجتهاد. وسندرس في ما يأتي، المجتهدين في العصر الاوّل وموارد اجتهادهم.

مجتهدو مدرسة الخلفاء في القرن الاوّل وموارد اجتهادهم

أ خاتم الانبياء وسيّد الرسل (ص)

قال ابن أبي الحديد المعتزلي في مقام الاعتذار عن تخلّف الخليفتين أبي بكر وعمر عن جيش اُسامة: ((إنّه أي الرسول (ع) كان يبعث السرايا عن اجتهاد لا عن وحي يحرم مخالفته))(15). ثمّ أطال الحديث عن اجتهاد الرسول في هذه القضيّة.

ويأتي في باب اجتهاد الخليفة عمر مورد آخر ممّا وصفوا فيه حكم الرسول بالاجتهاد. كما نعرض أدلّتهم على اجتهاد الرسول مع بيان رأينا حولها في ما يأتي من هذه البحوث إن شاء اللّه تعالى ، لهذا كلّه صدّرنا أسماء المجتهدين عندهم باسم النبيّ الاكرم (ص)، خلافاً لما عليه المذهب الاماميّ الّذي ينفي الاجتهاد عنه بتاتاً.

ب الخليفة الاوّل أبو بكر (رض)

أجاب القوشجي في شرح التجريد على اعتراض الطوسي على الخليفة أبي بكر من أنّه ((أحرق الفجاءة السلمي، ولم يعرف الكلالة، وميراث الجدّة)).

قال: ((إحراقه الفجاءة بالنّار من غلطة في اجتهاده فكم مثله للمجتهدين، وأمّا مسألة الكلالة والجدّة فليس بدعاً من المجتهدين إذ يبحثون عن مدارك الاحكام ويسألون من أحاط بها...))(16).

وقال في جواب اعتراضه على أبي بكر بأنّه لم يحدّ خالداً ولا اقتصّ منه: ((تزوّج امرأته في دار الحرب لانّه من مسائل المجتهدين)).

قال: ((وإنكار عمر عليه لا يدلّ على قدحه في إمامة أبي بكر ولا على قصده إلى القدح فيها، بل أنكر عليه كما ينكر بعض المجتهدين على بعض))(17).

ج الصحابي المجتهد خالد بن الوليد

قال ابن كثير: ((واستمرّ أبو بكر بخالد على الامرة وإن كان قد اجتهد في قتل مالك بن نويرة وأخطأ))(18).

د الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رض)

نقل ابن أبي الحديد في الخامس ممّا انتقد عليه: ((إنّه كان يعطي من بيت المال ما لا يجوز حتّى إنّه كان يعطي عائشة وحفصة عشرة آلاف درهم كلّ سنة ومنع أهل البيت خمسهم...)).

وذكر في الجواب عن هذا: ((إنّ بيت المال إنّما يراد لوضع الاموال في حقوقها ثمّ وإلى المتولّي للامر الاجتهاد في الكثرة والقلّة فأمّا أمر الخمس فمن باب الاجتهاد...)).

وقال: ((فلم يخرج عمر بما حكم عن طريقة الاجتهاد ومن قدح في ذلك فإنّما يقدح في الاجتهاد الّذي هو طريقة الصحابة))(19).

ونقل عن ابن الجوزي أنّه قال في الخمس: ((إنّها مسألة اجتهاديّة))(20).

ونقل في السابع مما انتقد عليه قولهم: ((أنّه كان يتلوّن في الاحكام حتّى روي أنّه قضى في الجدِّ بسبعين، وروى بمائة قضيّة، وأنّه كان يفضّل في العطاء وقد سوَّى اللّه تعالى بين الجميع وأنّه قال في الاحكام من جهة الرأي و[الحدس(21)] والظنّ)).

وذكر في الجواب أنّهم قالوا: ((مسائل الاجتهاد يسوغ فيها الاختلاف والرجوع عن رأي إلى رأي بحسب الامارات وغالب الظنّ)).

وقال: ((إنّما الكلام في أصل القياس والاجتهاد فإذا ثبت خرج ذلك أن يكون طعناً))(22).

وقال القوشجي في جواب نقد الطوسي عليه: ((انّه أعطى أزواج النبيّ، وأفرض، ومنع فاطمة وأهل البيت من خمسهم، وقضى في الجدّ بمائة قضيّة وفضّل في القسمة والعطاء ولم يكن ذلك في زمن النبيّ)).

قال القوشجي: ((واُجيب عن الوجوه الاربعة بأنّ ذلك ليس ممّا يوجب قدحاً فيه فإنّه من مخالفة المجتهد لغيره في المسائل الاجتهادية))(23).

يقصد أنّ مخالفة الخليفة عمر بن الخطّاب (رض) لرسول اللّه (ص) في هذه الاحكام هي من باب مخالفة مجتهد وهو عمر، لمجتهد وهو رسول اللّه، ولا قدح فيه عليه!!!(24).

ه‍‍ الخليفة الثالث عثمان بن عفان (رض)

قال القوشجي في جواب ما انتقد عليه من إسقاطه القود عن عبيداللّه بن عمر: ((إنّه اجتهد ورأى أنّه لا يلزمه حكم هذا القتل، لانّه وقع قبل عقد الامامة له))(25).

وأجاب ابن تيميّة عنه بأنّها ((مسألة اجتهادية))(26).

ونقل المعتزلي في جوابهم على ما انتقد من ردّ الحكم أنّهم قالوا: ((إنّ الرسول لو لم يأذن في ردّه لجاز أن يردّه إذا أدّاه اجتهاده إلى ذلك لانّ الاحوال تتغيّر))(27).

وقال ابن تيميّة أيضاً : ((هو أمر اجتهادي)).

وقال في جواب ما انتقد عليه ممّا وقع بينه وبين ابن مسعود: ((إذا كان كل واحد منهما مجتهداً في ما قاله أثابه اللّه على حسناته وغفر له سيّئاته)).

وقال: ((قد يكون الامام مجتهداً في العقوبة مثاباً عليها واُولئك مجتهدون في ما فعلوه لا يأثمون به، بل يثابون عليه لاجتهادهم مثل شهادة أبي بكرة على المغيرة، فإنّ أبا بكرة رجل صالح من خيار المسلمين قد كان محتسباً في شهادته معتقداً أنّه يثاب على ذلك(28). فلا يمتنع أن يكون ما جرى من عثمان في تأديب ابن مسعود وعمّار من هذا الباب. وإذا كان المقتتلون قد يكون كلُّ منهم مجتهداً مغفوراً له خطأه(29)، فالمختصمون أولى بذلك))(30).

وأجاب عما اُورد عليه في زيادة الاذان الثالث يوم الجمعة، أنّها من مسائل الاجتهاد(31).

وقال ابن حجر الهيثمي في صواعقه: ((وامّا ابن مسعود، فكان ينقم على عثمان كثيراً فظهرت المصلحة في عزله(32). على أنّ المجتهد لا يعترض عليه في اُموره الاجتهادية، لكن أُولئك الملاعين المعترضين لا فهم لهم بل ولا عقل))(33).

وقال: ((إنّ حبسه لعطاء ابن مسعود وهجره له فيما بلغه عنه ممّا يوجب ذلك لا سيّما وكلّ منهما مجتهد فلا يعترض بما فعله أحدهما مع الاخر))(34).

وأجاب على ما اعترض عليه من إتمامه الصلاة بمنى عندما حجّ بالناس: ((أنّ هذه مسألة اجتهاديّة فالاعتراض بها جهل وقُبْحٌ وغباوة ظاهرة إذ أكثر العلماء على أنّ القصر جائز لا واجب))(35).

و المجتهدة أُمّ المؤمنين عائشة (رض)

قال ابن تيميّة في جوابه على اعتراض العلاّمة(36) عليها: ((وأمّا قوله وخالفت أمر اللّه في قوله تعالى (وَقَرْنَ في بيوتكنَّ ولا تَبرّجنَ تَبرّجَ الجاهليّة الاُولى)، فهي رضي اللّه عنها لم تتبرّج تبرّج الجاهليّة الاُولى والامر بالاستقرار في البيوت لا ينافي الخروج لمصلحة...)).

((وإذا كان سفرهنَّ لمصلحة جائزاً لعائشة، اعتقدت أنّ ذلك السفر مصلحة للمسلمين فتأوّلت في هذا)). ((والمجتهد المخطئ مغفور له خطأه)). ((فالمغفرة لعائشة لكونها لم تقرَّ في بيتها إذ كانت مجتهدة أَولى)).

((وبهذا يجاب عن خروج عائشة رضي اللّه عنها وإذا كان المجتهد مخطئاً فالخطأ مغفور بالكتاب والسنّة))(37).

وقال القرطبي في الاعتذار عنها: ((مجتهدة، مصيبة، مثابة في ما تأوّلت، مأجورة في ما فعلت، إذ كلّ مجتهد في الاحكام مصيب))(38).

ز الفقيه المجتهد الّذي لا يبارى والحبر الّذي لا يجارى(39) معاوية ابن أبي سفيان

ح وزيره عمرو بن العاص

قال ابن حزم في فصله ما موجزه: ((انّ معاوية ومن معه مخطئون مجتهدون مأجورون أجراً واحداً))(40).

وقال: ((معاوية رحمه اللّه مخطئ مأجور مرّة لانّه مجتهد))(41).

وذكر مرّة اُخرى معاوية وعمرو بن العاص وقال: ((إنّما اجتهدوا في مسائل دماء كالّتي اجتهد فيها المفتون، وفي المفتين من يرى قتل الساحر وفيهم من لا يراه فأيّ فرق بين هذه الاجتهادات واجتهاد معاوية وعمرو وغيرهما لولا الجهل والعمى والتخليط بغير علم))(42).

واعتذر ابن تيميّة أيضاً لمعاوية في ما فعل بأنّه مجتهد وقال: ((إنّه كعليّ ابن أبي طالب في ذلك))(43).

وقال ابن كثير: ((معاوية مجتهد مأجور إن شاء اللّه))(44).

وقال بعد إيراده قصة التحكيم بين عمرو وأبي موسى: ((فأقرّ أي أقرّ عمرو ابن العاص‌ معاوية لما رأى ذلك من المصلحة، والاجتهاد يخطئ ويصيب))(45).

ط المجتهد أبو الغادية قاتل عمّار

قال ابن حزم في الفصل: ((وعمّار (رض) قتله أبو الغادية يسار بن سبع السلمي، شهد بيعة الرضوان، فهو من شهداء اللّه له بأنّه علم ما في قلبه وأنزل السكينة عليه ورضي عنه، فأبو الغادية (رض) متأوّل مجتهد مخطئ باغ عليه، مأجور أجراً واحداً وليس هذا كقتلة عثمان (رض) لانّهم لا مجال له م للاجتهاد في قتله...))(46).

وكذلك قال ابن حجر بترجمته من الاصابة وعدّة من الصحابة المجتهدين كما سيأتي.

ي مجتهدون بالجملة

قال ابن تيمية في جواب قول العلاّمة: ((أمّا المطاعن في الجماعة فقد نقل الجمهور منها أشياء كثيرة حتّى صنّف الكلبي(47) في مثالب الصحابة ولم يذكر فيه منقصة واحدة لاهل البيت)).

قال ابن تيمية في جواب هذا القول: ((وأكثر هذه الاُمور لهم فيها معاذير يخرجها عن أن تكون ذنوباً، وتجعلها من موارد الاجتهاد الّتي إن أصاب المجتهد فيها فله أجران، وإن أخطأ فله أجر، وعامّة المنقول عن الخلفاء الراشدين من هذا الباب)).

ثمّ أطال الحديث حول ذلك في الصفحات 19 30 من الجزء الثالث من منهاجه، ثمّ أجاب بعدها عن كثير ممّا أورده العلاّمة على الكبراء النابهين بأنها من موارد الاجتهاد(48).

وقال ابن حجر في ترجمة أبي الغادية من الاصابة: ((والظن بالصحابة في كلّ تلك الحروب أنّهم كانوا فيها متأوّلين، وللمجتهد المخطئ أجر، وإذا ثبت هذا في حقّ آحاد الناس فثبوته للصحابة بالطريق الاولى))(49).

هكذا أجمع أتباع مدرسة الخلفاء منذ القرن الثاني الهجري حتّى اليوم أوائل القرن الخامس عشر على أنّ الصحابة كلّهم مجتهدون، وأنّ اللّه سبحانه يثيبهم على كلّ ما فعلوا من خصومات وإراقة دماء، لم يقتصر على رفع القلم عنهم، بل يثيبهم على سيّئاتهم. وعلى ما يزعمون! ما أعدله من حاكم ديّان حين يجازينا بسيئاتنا سيئات ويجازيهم بها حسنات!!!

أجمعوا على هذا القول في حقّ الصحابة حتّى عصر معاوية، وقال بعضهم: إنّ ذلك يجري حتّى عصر يزيد كما قاله ابن خلدون عمن كان يومذاك قال: إنّ منهم من رأى الانكار على يزيد ومنهم من رأى محاربته ثمّ قال: ((وهذا كان شأن جمهور المسلمين والكلّ مجتهدون ولا ينكر على أحد من الفريقين، فمقاصدهم في البرّ وتحرّي الحقّ معروفة، وفّقنا اللّه للاقتداء بهم))(50).

لست أدري إن كان كلّ هؤلاء مجتهدين لادراكهم صحبة الرسول، فما بال قتلة عثمان ولِمَ لَمْ يعدّوا من المجتهدين!

قال ابن حزم بعد ما سبق ذكره في باب اجتهاد أبي الغادية قاتل عمّار:

((وليس هذا كقتلة عثمان (رض) لانّه لا مجال للاجتهاد في قتله، لانّه لم يقتل أحداً ولا حارب ولا قاتل ولا دافع ولا زنى بعد إحصان ولا ارتدّ فيُسوِّغ المحاربة تأويل، بل هم فسّاق محاربون سافكون دماً حراماً عمداً بلا تأويل على سبيل الظلم والعدوان فهم فُساق ملعونون))(51).

لست أدري إذاً كيف أصبح قاتل الامام عليّ مجتهداً متأوّلاً وقد ضربه بالسيف في الصلاة وفي محراب مسجد الكوفة كما يأتي التصريح به في ما يأتي:

ك المجتهد المتأوِّل عبدالرّحمن بن ملجم قاتل الامام علي (ع)

قال ابن حزم المحلّى، وابن التركماني في الجوهر النقي، واللفظ للاوّل: ((لاخلاف بين أحد من الامّة في أنّ عبدالرحمن بن ملجم لم يقتل عليّاً إلاّ متأوّلاً مجتهداً مقدّراً أنّه على صواب))(52).

لست أدري كيف أصبح عبدالرحمن بن ملجم مجتهداً، ولم يكن من الصحابة! ولست أدري كيف أصبح يزيد أيضاً مجتهداً كما يأتي التصريح به، ولم يكن من الصحابة!

ل الخليفة الامام يزيد بن معاوية

قال أبو الخير الشافعي في حقّ يزيد: ((ذاك إمام مجتهد))(53).

وقال ابن كثير بعد ما نقل عن أبي الفرج(54) تجويز لعنه: ((ومنع من ذلك آخرون وصنفوا في ذلك أيضاً لئلاّ يجعل لعنه وسيلة إلى [لعن(55)] أبيه أو أحد من الصحابة، وحملوا ما صدر منه من سوء التصرّفات على أنّه تأوّل فأخطأ وقالوا: إنه مع ذلك كان إماماً فاسقاً، والامام إذا فسق لا يعزل بمجرّد فسقه على أصحّ قولي العلماء، بل ولا يجوز الخروج عليه لما في ذلك من إثارة الفتنة ووقوع الهرج وسفك الدم الحرام... وأمّا ما ذكره بعض الناس من أنّ يزيد لمّا بلغه خبر أهل المدينة وما جرى عليهم عند الحرّة من مسلم بن عقبة(56) وجيشه فرح بذلك فرحاً شديداً، فإنّه يرى أنّه الامام وقد خرجوا عن طاعته، وأمّرُوا عليهم غيره فله قتالهم حتّى يرجعوا إلى الطاعة ولزوم الجماعة))(57).

الهوامش:

1 - راجع موارد إجتهاد أبي بكر في ما يأتي.
2 - صحيح مسلم، باب صلاة المسافرين وقصرها ح3، والبخاري 1/134، باب تقصير الصلاة وقد حذف ((في السفر)) من لفظ الحديث حفظاً لكرامة أُم المؤمنين.
3 - الفصل 4/161.
4 - الاصابة 4/151.
5 - المحلى لابن حزم 10/484، والجوهر النقي لابن التركماني الحنفي (ت: 750 ه‍‍) بذيل سنن البيهقي 8/58 و59.
6 - بهامش الصواعق ص 209.
7 - تاريخ ابن كثير 8/223، ذكرتها باختصار.
8 - مادة ((أول)) في لسان العرب.
9 - مادة ((أول)) في الصحاح.
10 - مادة ((أول)) في مفردات الراغب. وقد أوجزت ما نقلت عنه، وراجع البخاري، كتاب الاذان، باب 139 وتفسير سورة 110، وصحيح مسلم، كتاب الصلاة، ح 217، وسنن ابن ماجة، كتاب الاقامة، الباب 20.
11 - سنن الدارمي 2/129، وراجع في موطأ مالك كتاب اللبس باب ما جاء في الانتعال ح 16، والدارمي كتاب الرؤيا الباب 13.
12 - نهاية اللغة: مادة ((أول)).
13 - صحيح البخاري بمتن فتح الباري 13/129 130.
14 - فتح الباري 15/333، لست أدري ماذا يقولون في تكفير الخوارج عامّة المسلمين، بلى إنّهم لا يعذرونهم ويسمّونهم المارقين عن الاسلام، عدا ابن ملجم قاتل أميرالمؤمنين، فهو متأوّل معذور!!!
15 - في شرح ((ومن كتاب له إلى أهل مصر مع مالك)) من شرح نهج البلاغة 4/178 ط. مصطفى البابي بمصر سنة 1329 ه‍‍ تأليف عزالدين عبدالحميد بن محمد بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد المدائني المعتزلي الاديب المؤرخ (586 655 ه‍‍) ببغداد.
16 - قاله الخواجة نصيرالدين محمد بن محمد بن الطوسي الجهرودي (ت: 672 ه‍‍) في كتابه تجريد الكلام في شرح عقائد الاسلام، راجع الذريعة 3/351.
17 - هذه أقوال القوشجي في شرح التجريد ط. تبريز عام 1301 ه‍‍ ص 407 وقد تكرر هذا الرقم في هذه الطبعة، وراجع شرح النهج 4/183 في الطعن السادس.
18 - ابن كثير في تاريخه 6/323.
19 - شرح النهج 2/153 في ذيل شرح ((ومن كلام له (ع) للّه بلاد فلان)) وقال أيضاً في 3/180 في جواب هذا النقد: ((أدّى إليه اجتهاده)). 20 - المصدر السابق ص 154.
21 - في الاصل (الحدث) وهو تصحيف. 22 - المصدر السابق ص 165.
23 - شرح التجريد ص 408.
24 - يا ناعي الاسلام قم فانعه!
25 - شرح التجريد ص 409، وراجع شرح النهج 1/243.
26 - في منهاج السنة 3/203 تأليف أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن عبداللّه بن أبي القاسم بن تيمية الحرّاني الدمشقي الحنبلي مؤسس المدرسة السلفية. أفتى علماء عصره بفساد عقيدته فحبسه الوالي حتّى توفي بسجن دمشق (661 728 ه‍‍). ترجمته في تاريخ ابن كثير 14/135.
27 - بشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1/233.
28 - لست أدري ماذا يقول في المغيرة وفي ما شهد الشهود الاربعة عليه بأنّه جلس بين رجلي أم جميل، وهل يراه مجتهداً مثاباً على فعله لانّه من صحابة رسول اللّه (ص)!؟
29 - حتّى في ما إذا كان اجتهاده مخالفاً لنصوص الكتاب والسنة؟!
30 - منهاج السنة 3/193، وكلّ ما ذكر ابن تيمية هنا من أمثلة اجتهاد الصحابة دفاعاً عن عثمان، هي من قبيل المصادرة بالمطلوب. 31 - المصدر السابق 3/204.
32 - مصلحة مَن؟ مصلحة ابن مسعود أم المسلمين أم بني أُمية؟!
33 - الصواعق المحرقة لابن حجر شهاب‌الدين أحمد بن محمد بن علي بن حجر المصري الهيثمي الانصاري 909 974 ه‍‍ ، ط. تصحيح الشيخ عبدالوهاب عبداللطيف مكتبة القاهرة بمصر سنة 1375 ه‍‍ ، ص 111.
34 - المصدر السابق ص 112. 35 - المصدر السابق ص 113.
36 - العلاّمة أبو منصور جمال‌الدين الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (647 726ه‍‍) من مؤلفاته منهاج الكرامة وهو الّذي ردّ عليه ابن تيميّة وسمّاه بمنهاج السنّة ورجعنا في بحثنا هذا
إلى ط. الاميرية بمصر عام 1322 ه‍‍ .
37 - منهاج السنة لابن تيمية 3/190.
38 - تفسير القرطبي 14/182 بتفسير الاية (ولا تبرَّجن).
39 - هكذا وصفه ابن حجر الهيثمي في تطهير لسانه ص 22.
40 - الفصل في الملل والاهواء والنحل، تصنيف أبي محمد علي بن حزم الاندلسي الظاهري (ت: 456 ه‍‍) ط. مصر أحمد ناجي الجمالي ومحمد أمين الخانجي سنة 1321ه‍‍، وبهامشه الملل والنحل للشهرستاني. راجع الفصل 4/161.
41 - الفصل لابن حزم 4/89. 42 - الفصل لابن حزم 4/160.
43 - راجع منهاج السنة 3/261 و275 276 و284 و288 289.
44 - بتاريخ ابن كثير 7/279. 45 - تاريخ ابن كثير 7/283.
46 - الفصل لابن حزم 4/161.
47 - ويقصد بالكلبي أبا المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي؛ قال الذهبي في العبر 1/346: وتصانيفه تزيد على مائة وخمسين.
48 - منهاج السنة 3/19.
49 - الاصابة بتراجم حرف الغين المعجمة من الكنى: 4/151.
50 - مقدمة ابن خلدون ط. دار الكتاب اللبناني سنة 1956م ص 380.
51 - الفصل لابن حزم 4/161.
52 - ابن حزم في المحلّى 10 / 484، وابن التركاني في الجوهر النقي بذيل سنن البيهقي 8 / 58 و 59.
53 - بتاريخ ابن كثير 13/9.
54 - أبو الفرج ابن الجوزي عبدالرحمن بن علي بن محمد البكري الحنبلي الواعظ المحدث المفسر، له كتاب الردّ على عبدالمغيث بن زهير الحنبلي الّذي ألّف كتاباً في فضائل يزيد، توفي
ببغداد سنة 597 ه‍‍ .
55 - يقتضيه السياق ولم يكن في الاصل.
56 - مسلم بن عقبة قائد جيش يزيد في واقعة الحرّة بمدينة الرسول (ص).
57 - بتاريخ ابن كثير 8/223 224.


توقيع : kumait


يحتاج الإنسان إلى سنتين ليتعلم الكلام وخمسين ليتعلم الصمت
إرنست همنغواي
من مواضيع : kumait 0 تأملات في فتوى جهاد النكاح
0 وجه واحد!
0 هل الهاتف المحمول كان موجودا عام 1938؟
0 الاعلام العربي و أشكالية الضمير..
0 الأرض تستعد لمواجهة «عاصفة شمسية مدمرة»
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 11:45 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية