[حسين الخزاعي]

الديكتاتورية المعاكسة ضرورة مستقبلية....... الا اذا

يوما ما حدث شي مهم في تاريخ العالم الحديث وتسبب أيضا بكوارث كبيرة ولعل أسباب هذه الكارثة انطلقت من استكان شاي وحديث عابر او أمسية فجرت مشاعر التغير , الذي أصبح عبئا على الإنسانية اليوم , فما هو هذا الحادث الكبير الذي نشا من همة شخصية صغيرة ؟
جلس ملا محمد عمر الذي لم يكن أحسن الطلبة ولا أكثرهم علما في احد زوايا المدارس الدينية في باكستان يستنهض عزيمة الطلبة الدينين هناك ويستعرض لهم مساوئ أمراء الحرب في أفغانستان حيث بات كل شخص أفغاني يخشى أن تتعرض ابنته للاغتصاب والابتزاز من أمراء الحرب السابقين أمثال شاه مسعود ورشيد دوستم وغيرهم من أمراء الحرب المجاهدين السابقين , كما استعرض لهم كثرة العصابات المنتشرة في أفغانستان وفقدان الأمن في هذه البلاد . لكن هذه الأمسيات كانت تنتهي بالتذمر والتأفف ولم تتحول الى صيغة عملية للتغير .
لكن ملا محمد عمر لم يصاب باليأس , بل كان لديه الإحساس الأكبر بالتغير وفعلا وقف في باحة المدارس الدينية في باكستان ليستنهض عزيمة الافغانين الذي ألفوا الراحة والطمأنينة في بلاد الغربة , وبدا يستنهض عزائم الرجال فكانت طالبان ..
وهنا نحن نتوقف لنترك لك متابعة الحديث وهذه القصة الشيقة مع كتاب( طالبان جند الله في المعركة الخطأ) لفهمي هويدي الموجود على مواقع الانترنت .
ونحن على الرغم من اختلاف رؤيتنا العقائدية والفكرية مع ملا محمد عمر وما سببه من كوارث للإنسانية بكل أطيافها الا أننا نقف منه موقف الإعجاب لحركته ولعزيمته وهذا الإعجاب يفرضه الانصاف العلمي رغم فساد مذهبه الفكري والعقدي واختلافنا معه, وهنا من الحق أن نشيد بهذه الخصلة الموجودة لدى الغربيين أيضا , فرغم اختلاف وجهات النظر بينهم وبين خصومهم الا أنهم يتركون مساحة من الاحترام وهذا مفقود مع شديد الأسف في عالمنا العربي والاسلامي , فمن تتبع أدبيات الصحف الأمريكية وغيرها لن يجد كلمة نابية تخرج منها اتجاه شخصية السيد الخميني رغم اختلافها معه فكريا , بينما إطلاله بسيطة لما كتب عن شخصية السيد الخميني في الأدبيات العربية يجعلك تحكم بأدنى تأمل مدى رهاله طبيعة المنظومة الفكرية العربية والإسلامية .
أو تعبير دونالد رامسفليد في حادثة النجف يوم شد احد امراء الحرب كذبا يده باعتباره مجروحا وكان يكذب ماذا عبر عنه رامسفيلد ؟
قال : للأسف انه يكذب قالها باشمئزاز .
ليس معنى هذا ان الغرب لايكذب لكن هناك احترام للخصومة وحدود للخصومة يفرضها الذوق الإنساني السليم .

و من اكبر النعم التي يمكن ان يمن بها الله تعالى على عبده هو ان يستفيد الإنسان من خصومه وان لايظلمهم أيضا , خصوصا ان الخصوم في بعض الأحيان يكونون من النعم الكبرى على الإنسان حيث يظهرون لنا مايخفيه الاقربون الينا ومن هنا تنطلق أهميه المعارضة والصحف والكتابات النقدية .
ولاشك اننا كعراقين اصبحنا اليوم ارضيه صالحة للتطرف بكل أنواعه العلماني والإسلامي معا لاشك اننا نمتلك الكثير من الملاحظات على وضعنا الحالي وبات شبه الإجماع لدينا بضرورة التغير وما نظرة قليلة لما يكتب في المواقع العراقية الا شاهدا وبرهانا لهذه الدعوى فليس من المعقول ان يضج الجميع من دون ان يكون هناك الم مشترك هذه الكتابات اذا اردنا تصنيفها فيها المغرضون وفيها المفلسون وفيها الصادقون الذي يخافون على بلادهم ان تكون ضياعا وهذه الطبقة اعم من ان تكون اسلامية او علمانية وهذه تستحق ان يصغى اليها .
نعم انا اعترف اننا كشعب نتكلم كثيرا ونعمل قليلا , اما من ناحية الكلام فنحن ابناء الطبقة النقدية التي خرجت من الجزيرة العربية الى العراق تلك الطبقة التي عاني منها الامام علي عليه السلام الامرين,لانها فهمت الدين كحرية في التعبير وحرية في مناقشة الحاكم ومسالته وهذا شكل عبئا كبيرا في مسيرة الامام امير المؤمنين عليه السلام لانه الامام كان يعلم ان البدايه لابد ان تكون من الحريه وتنتهي بالالتزام ام الذين يبداون بالتشدد سوف ينتهون بالفوضى .
ويبدو لي ان معاوية كان الأوفر حظا حينما اتبعته طبقة السخط العام الطبقي التي تختفي شخصيتها امام المغريات انها الطبقة العشائرية التي كان لديها الاسلام غنيمة ومهرجان للقتل والافخاذ الناعمه التي يوتى بها من كل حدب وصوب .
لكن الامة العراقية قد تتكى على تركتها الفكرية لتقاوم ماتعانيه من ضياع وتحلل وهزيمة لتنهض من جديد لكن نتمنى ان تصيب هذه المرة في اختيارها لتغير امورها من خلال الطلقة البيضاء التي لاتراق فيها أي قطرة دم متمثلة في الانتخابات القادمة .
ما يخيل الي ان الظروف اليوم اصبحت ظروف مواتيه لتقبل أي ديكتاتوريه تعيد الامور الى نصابها الوحدوي وتحفظ للناس ارواحها على اقل تقدير وخصوصا ان الحرية والديمقراطية اصبحت ضريبتها البشرية اثقل بشريا مع كثرة من يسقطون في الشارع يوميا .
اضف الى ذلك ان الحلم الإسلامي افرغ من محتواه ولم يتبين لدى الجميع إلا انه فاليوم ينفس فيه المهموم عن همه في شعائرية ميته لاتلامس جرح التغير مع قداسة محتوى صاحب هذه الشعائرية اما الشعار الاسلامي نخبويا فقد بات في حكم المخجل ان لم نقل انه ميتا ولا اعلم حقيقة ما هو حالنا لو استنهضنا تلك الشوارب الكريمة التي سقطت في غرف ابي غريب ايام البعث المجرم لترى تراثها تتوارثه الصبية يمينا وشمالا .
ولعلها سوف تقرا لنا قرانها "

والعصر ان الثوار لفي خسر

اتمنى ان لانصل الى مرحلة التطرف المعاكس في الاختيار مع حاجة الناس هذه الحاجة التي كان العقل الفارسي يستنهضها لاشعار الناس باهمية النظام والقانون فقد روى في احوال بلاد فارس انهم اذا مات لديهم ملكا لايعينون خليفة له لمده اسبوع حتى تحدث الفوضى في كل مفاصل البلاد وحتى يضج الجميع من الم الفوضى وحينها يتم تعين الملك لصبح هذا الملك على قباحته حلما تتغنى فيه النساء وانشودة للاطفال .
اعتقد ان ماحصل في افغانستان من تناحر لامراء الحرب ونهبهم لخيرات الافغان قد ولد طالبان وهذه السبب عينه موجودا في العراق بنفس الظروف الموضوعية وحينها سوف تكون النتيجة مشابهة من حيث الاثر وان اختلفت في التفاصيل .
اتمنى ان لانصل الى هذه المرحلة وخصوصا ان الاكتاف والارداف التي كانت تتغنى للقائد الضرورة حية ترزق ولعلها تستنهض دبكات الماضين سريعا لنرى بالروح بالدم اخرى قد يكون صاحبها هذه المرة معمما او افنديا يعلم بمكامن الضعف فيضربنا باشد ماعنده باضعف مالدينا وبس الله اليستر