لماذا لا تأتي الجمهورية الاسلامية بجيوشها الجرارة فتجتاح البحرين و تقضي على الطغيان الخليفي و تحرر الشعب البحريني المظلوم
لعل هذا السؤال قد نال كفايته من التلاقف على الالسنة و الاسماع دون أن ينال كفايته من التفسير و التعليل و تبيان البين و توضيح الواضحات و خصوصاً على هذا المنتدى الكريم ..
و من حق المراقب للأوضاع السياسية سواء كان ذا حنكة في فن السياسة أو عديم المعرفة أن يتساءل بهكذا تساؤل ,,,
فالامر لن يتطلب من نظام الجمهورية الاسلامية سوى تحريك قطعات جوية و بحرية و قوات كومندوس قد تشكل نسبة ضئيلة في تركيبة حرس الثورة الايراني الـ ( سباه ) ليحسموا أمر احتلال البحرين في غضون ساعات قليلة ثم ينصبوا حاكماً موالياً للولي الفقيه مثلما فعلت الولايات المتحدة في أفغانستان بتنصيبها لكرزاي و العراق بتنصيبها لبريمر و بهذا تكسب ايران قاعدة عسكرية و اقتصادية و سياسية في أكثر مناطق العالم حسياسية في قلب الخليج الفارسي ومن ثم تنتهي القصة الحزينة نهاية سعيدة شأنها شأن أية قصة كلاسيكية يحب قراءتها المراهقون في ليالي الشتاء الباردة ..
وقد يأتي طرح أكثر تحضراً فيقول لماذا لا تؤسس إيران تشكيلات مسلحة بحرينية تشابه في تركيبتها العسكرية و العقائدية تركيبة حزب الله في لبنان أو على الاقل تركيبة كتائب حزب الله و باقي التشكيلات الشيعية في العراق و هي كلها صناعة إيرانية بأمتياز ؟؟؟..
و لكي نستطيع أن نتوصل الى مقاربة في حقيقة الامور التي أثبت القادة الإسلاميون في إيران بأنهم الاقدر على فهمها لأنهم الاقدر على وضع معادلات نجاحها ,, لابد أن نطرح كلا النظريتين تحت مبضع الجراح و نحاول أن نشخص كوامن العوق في التطبيق و الاداء على أرض الواقع ..
فالطرح الاول لا يرتقي الا الى مستوى السذاجة في التفكير و السقم في الفهم لأنه يريد من قادة محنكين بحكم التجربة على مدى عقود طويلة أن يسقطوا بتجربتهم العملاقة و إنجازهم الذي يفتقر اليه التأريخ الشيعي منذ بدايات الاسلام في فخ المارد السياسي و العسكري الاستكباري العالمي المؤتلف بكل إمكاناته لتدمير التجربة الإسلامية الايرانية المتفردة بمجرد هفوة أو زلة تزل بها قدم القيادة الاسلامية في إيران ,, التي يدعوها أصحاب ذلك الرأي الطفولي الموغل في الامية السياسية الى تجاهل الاساطيل العسكرية الجرارة بغواصاتها النووية و حاملات طائراتها و قواعدها التي تنتشر حول إيران في كل شبر بما فيها البحرين التي لم يكن وجود الاسطول الاميركي الاكبر في مياهها الخارجة عن حكم الولايات المتحدة مجرد مصادفة بسيطة خصوصاً و الجمهورية الاسلامية تخوض حرباً اقتصادية في ظل حصار اقتصادي لم يشهد له تأريخ العالم مثيلاً ,,
مما يجعل من إيران الطرف الاضعف أمام التحالف الاستكباري الشمولي ضدها بخرقها للقوانين الدولية التي تدين الاحتلال العسكري للدول و إسقاط انظمتها بدون أي غطاء من الامم المتحدة أو مجلس الامن الدولي ,, و بالتالي تقحم أيران نفسها في حرب طويلة الامد عنيفة الاداء قد تأتي على التجربة الاسلامية بكاملها و بدلاً من أن تحرر البحرين سوف تعيش إيران بنفسها حروب تحرير من الغزو الغربي الذي لا سامح الله ممكن أن يجتاحها بأسلحته النووية و الهايدروجينية التي قد تكون السبيل الوحيد لهزيمة الجيش الايراني لا قدر الله ,,
أو لا أقل تخوض حرب استنزاف طويلة الامد لن يكون لها صديق واحد يدعمها بحكم كونها الطرف المعتدي على دولة ذات سيادة وفق المعايير الدولية ,, و بهذا تتحقق الغايات الغربية و الاعرابية من اسقاط البناء الشيعي الايراني و القضاء على اسطورته الى الابد و الخروج بتدمير بلد عمره الحضاري و المدني سبعة الاف سنة ..
بل قد لا يتقبل الشعب البحريني في كثير من طبقاته و توجهاته أن يواجه الحياة السياسية العالمية وهو واقع تحت إحتلال عسكري إيراني و إن كان الاقرب إليه ايديولوجياً أو عقائدياً ..
و هنا يتبين بطلان هذا الرأي السقيم الذي يريد تحويل أيران الى أفغانستان أخرى أو عراق آخر أو بحرين و يضيف الى مآسي الشعوب الشيعية مأساة الشعب الايراني بملايينه الثمانين ..
و أما الطرح الثاني و هو بلا شك الطرح الاكثر عقلانية يعتبر الأجدر بالاخذ بعين الاعتبار ..
غير انه بحاجة الى بعض المداولة على ضوء الحقائق التي تفرضها الساحة و الامكانات البشرية و الظرفية و العقائدية و الفكرية لدى الشعب البحريني نفسه .. و ليس لدى الجانب الايراني الذي يتوق الى فرض قوته و أقتداره و وجوده في مناطق التنافس و النفوذ الدولية التي تشكل حزاماً أمنياً استراتيجياً للجمهورية الاسلامية .. خصوصاً و أنها لم يظر لديها أي تقصير في دعم الحركات الاسلامية التحررية في لبنان و فلسطين و العراق و البوسنه و بعض بقاع العالم الاخرى ..
فما المانع من دعم النظال البحريني دعماً عسكريا مليشياتياً ؟؟.. و ما هي الامكانات المطلوبة من الشارع البحريني لغرض استقبال ذلك الدعم ,, و هل يكفي الاستعداد الايراني بغياب الاستعداد البحريني للتلقي من الايرانيين ؟؟...
لا شك أنه من غير المنطقي أن نتصور أن أيران سوف ترسل مساعداتها العسكرية الى الشعب البحريني عبر السحاب فتمطر صحراء البحرين و مدنها بصواريخ مضادة للدروع أو عبوات الـ ( EFP) (explosively formed penetrator ) التي سبق و أن اخترقت أقوى المدرعات الحربية في العالم و التي استخدمها حزب الله في حربه ضد العدو الاسرائيلي في تدمير أقوى دبابات العالم الاسرائلية الصنع ( ميركافا ) أو عربة الرب ,, و كذلك إستخدمتها كتائب حزب الله العراقية في تدمير عربات الهمفي و الـ ( MRAP) و الكيمن و دبابات التشالنجر و الايبرامز الاميركية في نطاقات محدودة في العراق .. فمن غير وجود مجاميع تستقبل الدعم الايراني و لديها الاستعداد في الانخراط بالعمل العسكري المسلح و الممنهج و المنظم لن يكون أي معنى لوجود أي دعم عسكري أيراني للشعب البحريني ,,
و فلولا وجود رجال أفذاذ في جنوب لبنان مستعدين للمواجهة العسكرية بقوة و اقتدار و خوض صراع حتى النهاية لما تم تشكيل حزب الله .. ولولا وجود الاستعداد لدى بعض الفئات الشيعية في العراق على العمل المسلح ضد الاحتلال الاميركي و مقاومته و ضرب الهجوم الاعرابي التكفيري لما ظهرت في العراق تشكيلات مسلحة شيعية تعتمد في تسليحها اعتماداً كاملاً على أيران ..
فمتى رأينا مجاميعاً شبابية بحرينية تتوافد على حزب الله في الجنوب اللبناني و على طهران لتطلب تنظيمها و تدريبها و دعمها للعمل المسلح ضد النظام الخليفي حتما سوف نجد الاثار و الفعل الايراني في الساحة البحرينية ,,
و ليس من المنطقي أن تفرض أيران مساعدتها على البحرينيين بالقوة فبالتالي البحرين شعب له إرادة حرة و له قيادات جماهيرية و دينية و له توجهاته الخاصة و لا تستطيع إيران و لا غيرها أن تملي عليه ما لا يريد أو لا يطيق ..
و لعل هنالك من التجارب الفاشلة التي خاضتها بعض التشكيلات الشيعية المسلحة في العراق للتواصل مع بعض الناشطين البحرينيين الذين وفدوا عدة مرات الى النجف الاشرف و كربلاء المقدسة الاثر الاكبر في تأخر الدعم العسكري الايراني للشعب البحريني كما يعرف ذلك كل من له تجربة بهذا النوع من العمل في الساحة العراقية ,, علماً أن العمل المسلح في طريق المقاومة يعتمد على التراكمية و التدريج و لا يتطلب الظهور الدفعي الموجب للوأد في المهد ,, فبعض التشكيلات الشيعية في العراق قد بدأت خطها المقاوم بصناعة المتفجرات التي تستهدف الجنود الاميركان من مواد بسيطة كالنترات و الصابون و غيرها من الامور الصغيرة المتوفرة حتى في أغلب المنازل ..
ختاماً أرجو أن يكون طرحنا للقضايا الحساسة كهذه نابعاً من قراءة للواقع السياسي بدقة وواقعية و إنصاف بعيداً عن الاضغان و عقد التنافس ,, فبقدر ما نستطيع أن نقدم من طرح علمي وواقعي سوف ننجح في وضع الرؤى الخالية من الضبابية و لعلنا ننجح أيضا في وضع منظومة متكاملة من الحلول المعتبرة للكثير من المشاكل التي تحيط بمنطقتنا..