لا شك ان الموضوع المطروح للنقاش يهم كل مواطن فضلا عن السياسيين ،، ومفرح جدا ان يحتضن منتدانا جلسة الحوار والنقاش والاستبيان عن الازمة السياسية بوجود ثلة مباركة من الباحثين حفظهم الله ..
ومشروع الاصلاح السياسي المقدم يضع خيارات امام المسؤولين الحاليين لقيادة عملية التغيير والخروج من الازمة المستعصية بالدرجة الاساس على الصعيدين السياسي والامني ،، اما التغيير الذي من المحتمل ان يحدثه الجمهور فقد تلخص في المخرج الثالث من البدائل ،، ساذكر بعض الملاحظات بصددها :
1) لم يكن السياسي الشيعي مع وصوله الى هرم السلطة ومراكز القرار بعد 2003 يهتم لبناء وتأسيس ادارة لدولة ثلثي سكانها شيعة واعطاء النموذج العملي الذي كان ينتظره المواطن الشيعي . لأنهم ببساطة بهرتهم السلطة وانخرطوا في صراعات ليس لأجل المذهب مع ان الفرصة كانت مؤاتية خاصة مع الزخم الذي يشكله وجود المرجعية العليا ،، ولكن غمرتهم مصالح ضيقة جدا ،، خلقت لدى الشيعي شعورا عاما انهم غير قادرين على ادارة البلاد ،، لا باسلوب الانفراد بالقرار ولا باسلوب الشراكة مع الآخرين ..
2) المشكلة الثانية ان السياسيين لا يملكون الحنكة السياسية ولا الديبلوماسية الكافية التي تؤهلهم لقيادة الصراع ندا لند مع الاطراف الاخرى المحلية والاقليمية والدولية ،، وغالبا ما يحدث ان تكون تفاعلهم مع الاحداث من باب انا موجود لا انه يريد حل لآزمة.. وكانت واحدة من الاخطاء الكارثية في رأيي ان يُعلن على الهواء واحدا من ابرز السياسيين الشيعة على الفضائيات قولته الشهيرة (بعد ما ننطيها ) ، وكأنما هي كرة يركلونها في ساحة لعب ,, والمفروض ان يكون الفعل هو الذي يتكلم لا اللسان بلا فعل .
3) استغل السياسيون بكل سذاجة ولاء الشعب المحروم للديمقراطية ، وحبه لدينه ومذهبه ،، وعملوا على ربط القضية بوجودهم وانهم ان ذهبوا ذهب المذهب ،، وهذه مغالطة عجيبة ،، فكانت الدعايات الانتخابية ممزوجة بالتخندق المذهبي ،، وعمل الخصوم على هذا النهج ايضا ،، مما زاد من التقسيم الطائفي للبلد ..وبالنتيجة زاد من الاحتقان السياسي فضلا عن التدخلات الخارجية التي استغلت هذه الفجوة فزادت الطين بلة . وبالتالي فقد المواطن الثقة بسياسييه .. وبات من الصعب ارجاع بوصلة الولاء على طاولة الانتخابات ثانية ،، والانتخابات الاخيرة كانت خير دليل فان اكثر من 60% من الشيعة لم يذهبوا الى التصويت .
4) وقوع الحكومة منذ 10 سنوات بين كماشة التجاذب الدولي المتمثلة بالسطوة الامريكية والمؤامرات الصهيونية من جهة والشد الاقليمي الذي يمثله دول المعصم سواء بالضد أم مع الخناق الامريكي للعراق .. هذا الحراك كبّل السياسيين بقيود صعبة التحرك من خلالها الا بخطوات محدودة غير ذات فائدة .. والدليل الاكبر ان الارهاب لا ينتهي في العراق لانهم هم من يمسكون بخيوط اللعبة وليس سياسيينا .
أما المخرج والخلاص من هذا الارباك السياسي الذي لا يبدو انه سيزول في المستقبل القريب فنحن بحاجة الى :
1) : بما ان الوضع الحالي هو نتاج لسياسات واخطاء السياسيين الحاليين فليس فيهم من يستطيع ان يقود حالة التغيير المطلوبة على الاقل على الصعيد الاسلوب في الادارة وليس في الفكر .. ولذا نحن بحاجة الى عقول تستوعب اسباب الانتكاسات المتكررة وايقاف سيل الدم الذي يراق فداءً لسلطة لم تقدم لهم اي شيء.
2) : انا اميل مع الحل الثوري الممنهج على ان يرافقه او يسبقه توعية مجتمعية واسعة ،، ولا يكتب له النجاح الا بدعم واسناد المرجعيات الدينية بكل ثقلها كما حصل في ثورة العشرين عندما تدخلت الحوزة العلمية وخاضت المواجهة في الميدان .. ولا اقصد هنا خلق مواجهة عسكرية مع الاطراف ولا بناء دولة الفقيه ،، وانما تصحيح المسار على الاقل في الداخل الشيعي بشكل يجعل الناس يلتفون حول مرجعياتهم السياسية .
3) : اوافق الراي في المخرج الثالث للبدائل في تأسيس حملة توعية وتمرد منظم من اجل تعبئة الراي العام لخلق جيل سياسي واعي لخطورة المرحلة ومتفهم لتعقيداتها وتتناغم حركته مع نبض الشارع يستطيع بناء سياسية موحدة وخطاب سياسي واعلامي موحد وتطبيق واقعي لتلك الممارسات التي تبين انهم رجال دولة لا رجال سلطة. وهذا يحتاج الى جهد وطني جبار وتجاوز المصالح الحزبية والشخصية الضيقة .