مفهومان متلازمان منذ النشأة وحتى الرجعة ، فالمعنى الاصطلاحي للشهيد يعني من قتل في سبيل الله وما يحب ويرضى وما انزل وأوصى من رسول او وصي ، بل يتسع مفهوم الشهادة ليشمل من قتل دون ماله وعرضه فضلا عن دينه ، اما المعنى اللغوي له هو ان المقتول في سبيل الله سيشهد الحقيقة التي كان يؤمن بها غيبياً عن طريق الفطرة والاستدلال والتفكر والتأمل (الذين يؤمنون بالغيب )، وهناك الحقيقة الشرعية لمفهوم الشهادة والتي يترتب عليها أحكام والتي اختصت في السقوط في ساحة المعركة من حيث الغسل والتكفين وغير ذلك من تفصيل , وهذا الاختصاص او التخصيص لا يضيّق مفهوم الشهادة ويبطل ثوابها ونتائجها .
وحسبنا ما اسلفنا من بيان موجز في معنى الشهادة ولننتقل الى نشأتها في الاسلام
فلو انحدرنا ورجعنا الى بداية الدعوة ومراحلها الاولى السرية والعلنية لرأينا انها شهدت ابادة جماعية وحربا شاملة على اتباع الرسول صلى الله عليه واله فاستخدم العدو كل الوسائل المتاحة بغض النظر عن مشروعيتها عندهم ودون اعتبار للقيم العرفية والخلقية ، فكانت معظم الخسائر في صفوف شيعة وأتباع الرسول من العبيد والفقراء والمستضعفين الذين آمنوا بدين ورسالة النبي الداعية الى التوحيد والعدل والحرية ، وقتل من قتل وهاجر من هاجر واكره من اكره وقلبه مطمئن بالإيمان ونزلت الايات بحقهم وواساهم الرسول وقال صبرا فان موعدكم الجنة ، فكانوا شهداء المعتقد وشهداء الولاء والولاية للرسول وأهل بيته الذين أكدوا أن من مات على حب آل محمد (صلى الله عليه وآله ) مات شهيدا ومغفورا له تشجيعا وتثبيتا لهم واستشرافا للمستقبل العدواني الذي ينتظرهم , فاستمرت قافلة الشهداء عبر التاريخ ولن تتوقف حتى يرث الله الأرض ومن عليها .
ان الشيعة يواجهون حربا كونية شاملة من قبل أعدائهم بمختلف الأساليب في سبيل التنازل عن عقيدتهم ومذهبهم أو محوهم ما استطاع العدو إلى ذلك سبيلا , وان مفهوم المعركة او الحرب قد اتسع باتساع وتطور المجتمعات والحضارات والثقافات ولم يتوقف عند المواجهة الميدانية المحددة زمنيا بل تعداه إلى أشكال مختلفة كالحرب السياسية والاقتصادية والنفسية والثورات المخملية الناعمة وإثارة النزاع الطائفي والتطاحن المذهبي .
ان الذين يسقطون في العراق اليوم انما يقتلون من اجل ولائهم لأهل البيت عليهم السلام في ساحة الصراع الكبرى والقرابين العظمى من أئمة وأصحاب وعلماء ومفكرين وحسن أولئك رفيقا من الذين صدقوا , فمضوا الى مضاجعهم وقضوا نحبهم وفازوا فوزا عظيما وبقي من ينتظر ان يلحق بهم وينال الشهادة او ينال النصر مع بقية الله الاعظم .