الاخ العزيز البحث الطائي اشكر حسن تفاعلك مع الموضوع بشقيه وبعد ......
اما بخصوص راي السيد المحقق جعفر مرتضى العاملي وبحثه حول اسباب نقل العاصمة الى الكوفة ففيه مناقشة تتعلق بغزوات الامام عليه السلام قبل انتقاله الى الكوفة وهي كثيرة وقد حقق الانتصارات الباهرة والفتوحات الواسعة والتي تعطي مؤشرات كثيرة حول امكانية الامام للتغلب على التحديات وخلق فرص الانتصارات باقل الموارد المادية والبشرية وباضيق المساحات الجغرافية وبافضل المناورات الميدانية ، ولا ننسى ان المدينة قد بايعت الامام سلام الله عليه عن بكرة ابيها وقد تحقق له الاجماع واجرى الكثير من الاصلاحات الادارية والسياسية التي افرزت المنافقين الا ان ذلك لم يعدم وجود المخلصين من اهلها من المهاجرين والانصار فضلا عن بني هاشم ، كما لا ننسى القبائل الكثيرة والعريقة المنتشرة في محيط المدينة وقربها من اهل اليمن المسارعين لنصرته وغيرهم الذين يشكلون رافدا كميا ونوعيا والذي استطاع من خلال استنهاضهم تحقيق الفتوحات والانتصارات ، ولا ننسى ان استباحة المدينة ثلاثة ايام دليل على عدم مداهنتها ليزيد لعنة الله عليه وهذا يجعلنا نعيد تقييمنا لاهل المدينة وجيلها المعاصر لامير المؤمنن والحسن والحسين عليهم السلام . . هذا من جهة
ومن جهة اخرى حينما تستعرض ونراجع الكثير من الخطب لامير المؤمنين والامام السجاد والعقيلة زينب عليهم السلام التي تتعرض لاهل الكوفة واهل العراق وما تحويه من مضامين مقارنة باهل المدينة واصحاب رسول الله من المهاجرين والانصار واهل قم واليمن نجد فارقا واضحا لكنه لايعدم وجود مناصرين له في الكوفة والعراق .
الا ان السيد المحقق اشار الى وجود اعتبارات استراتيجية وعسكرية ، اوضح العسكرية منها فقط (وفيها نقاش ) ، اما الاعتبارات الاستراتيجية فلم يشر لها وهذه الاعتبارات هي بيت القصيد وعليها المناط والمدار وهذا ما سوف نتطرق اليه من خلال البحث ان شاء الله تعالى .
الحديث عن الاعتبارات الاستراتيجية هو في نظرنا حديث عن الاهداف الاستراتيجية في حركة اهل البيت عليهم السلام المترابطة والمتفاعلة والمتكاملة والتأسيسية للمشروع الالهي الاكبر حيث ابتدأها الرسول الاعظم واستمرت مع الائمة الخلفاء الاثني عشر صلوات الله عليهم اجمعين ، انها القيادة والحكومة التي تضطلع بمهمة تهيئة الظروف والمناخ لحكومة المخلص الموعود افضل الحكومات بعد ان جربت البشرية انواع الحكومات .
ان المنهج المتبع في دراسة حركة العترة لا يمكن اختزاله بالظواهر الطبيعية والاقتصار عليها رغم غلبتها ولا اجراء المقارنة بظاهرة تاريخية اخرى خارجة عن حسابات المعصومين فلا مقارنة ولا مقايسة بين المعصومين والناس فكما نعرف ان علمهم صعب مستصعب وعلمهم لدني رباني ولهم اجندة الهية على امتداد الزمان واتساع المكان لبلوغ الهدف ووراثة الارض والتمكين للمستضعفين وظهور الاسلام على الدين كله .
وهذا المنهج هو منهج التوفيق بين المنهج الطبيعي والمنهج الميتافيزيقي ان صح التعبير ، وعلى اساس ذلك يمكن بلورة رؤيا شاملة ومتكاملة ونظرة ثاقبة وفلسفة مفسرة لسياسة اهل البيت واستراتيجيتهم الممهدة والمتدرجة .
وكما اسلفنا في ردنا وتعقيبنا الموجز والمقتضب على راي السيد المحقق جعفر العاملي وملخصه ان الموارد البشرية والمادية (اقصد العدة والعديد) وجغرافية الجزيرة العربية سيما المدينة وما حولها ، لم تُعجِز الامام عن استحداث خطط بديلة وفرص اكثر ضمانا لتحقيق الانتصارات ، وكيف تعجزه وقد اظهر المعجزات وغير مجرى الغزوات تارة بعد اخرى بعد ان بلغت القلوب الحناجر في مواطن ومواقف كثيرة اصيب بها الجند بالاحباط واليأس فبث فيهم الحماس وسار بهم سبيل الخلاص على قلتهم وتخاذلهم .
وقلنا ان من الضروري اعادة تقييم ودراسة واقع المدينة واهلها ومن حولها من الرساتيق والامصار والعشائر فلم نسمع ان وصفهم الامام بصفة الخذلان ولا اراد استبدال العشرة منهم بالاحاد من غيرهم والى غير ذلك من الصفات الشائعة .
ورغم ذلك اختار الامام الكوفة والعراق موطنا وعاصمة واجرى اعادة هيكلة للنظام واعادة انتشار وتوزيع للقبائل واحياء للمصادر والثروات .
لم ينحصر هذا النهج والتخطيط في الامام امير المؤمنين وانما تبعه وسار وفقا له ومكملا له الامام الحسن حينما استقر بالمدائن بعد خذلان الجيش له والاعتداء عليه وكذلك فعل الامام الحسين عليهما السلام حينما ترك المدينة واستجاب لرغبة ودعوة القبائل ورسائلها وهو يعلم انه راحل الى مصرع ومقتل حتمي فقال (خير لي مصرع انا لاقيه )وقد اشار الامام علي الى موقع كربلاء بعد عودته من صفين مهضوما بسب التحكيم وخذلان اصحابه . فهم يعلمون ما تخبئه الكوفة له ولولده ولكن لا بد من المضي في تنفيذ مراحل المشروع فقتل الامام وولده الحسين عليهما السلام في الكوفة وكربلاء .
ان تنوع اماكن واضرحة الائمة في العراق في الكوفة وكربلاء وبغداد وسامراء توحي وترسم منطقة جيوسياسية مميزة واذا اتجهنا شرقا وضممنا لها مشهد ايران حيث الامام الرضا عليه السلام وانحدرنا جنوبا وضممنا ائمة البقيع الغرقد اقصد المدينة ورساتيقها واليمن وما حولها لاكتملت خارطة اقليمية جيو سياسية لها اهمية كبرى في توجيه بوصلة الاحداث ورسم الملامح العامة والمعالم الرئيسية لحركة الصراع وصولا الى الظهور المبارك وبداية حركته التي تبدا من عدة محاور كما ورد في الرويات واستدراج جيش السفياني الى وسط كماشة ثلاثية المحاور . ان الامام اراد تاسيس منطقة توازن قوى مستقبلية تشكل فيما بعد محورا مهما من محاور نصرة الامام وتوفير عمق استراتيجي لانصاره واعوانه .
ولذلك كان اهل البيت حريصين على وحدة العراق ارضا وشعبا من خلال تنوع مراقد اهل البيت عليهم من اجل استقطاب الشيعة وتوسيع انتشارهم وتحركهم السلام فيما بعد والحض على اتباعه والتقريع المستمر من اجل صقل نفوسهم وتغيير طبيعتهم وتربيتهم على النصرة والانظباط والطاعة له واهل بيته واصحابه وقد عانى الامام كثيرا وكان بامكانه الرحيل عنهم ولكنه صبر حتى استشهد عليه السلام .
وكذلك دأب علمائنا الاموات منهم والاحياء على نفس النهج فحافظوا على وحدة العراق ارضا وشعبا ورفضوا كل اشكال التقسيم تماهيا وتناغما مع الاهداف الاستراتيجية للمشروع الاعظم .
ولذلك كان اهل البيت حريصين على وحدة العراق ارضا وشعبا من خلال تنوع مراقد اهل البيت عليهم من اجل استقطاب الشيعة وتوسيع انتشارهم وتحركهم ، اضافة لذلك قد مارس عليه السلام سياسة التربية والحض على اتباعهم والتقريع المستمر من اجل صقل نفوسهم وتغيير طبيعتهم وتربيتهم على النصرة والانضباط والطاعة له واهل بيته واصحابه وقد عانى الامام كثيرا وكان بامكانه الرحيل عنهم ولكنه صبر حتى استشهد عليه السلام .
وكذلك دأب علمائنا الاموات منهم والاحياء على نفس النهج فحافظوا على وحدة العراق ارضا وشعبا ورفضوا كل اشكال التقسيم تماهيا وتناغما مع الاهداف الاستراتيجية للمشروع الاعظم .
الفقرة اعلاه هي المصححة لما ورد من اخطاء طباعية في شبيهتها في المشاركة السابقة