علم البلاغة من أشرف علوم الأدب و أهمّها. كيف؟ و القرآن و هو المعجزة الإلهية الخالدة، قد تحدّى ببلاغته كلّ خطيب مصقع، و كلّ أديب مبدع. فلم يتصدّ للإتيان بما يوازيه أو يدانيه، واحد من بلغاء العرب و فصحائهم، على الرغم من أنّهم كانوا أكثر من حصى البطحاء، و أوفر عدداً من رمال الصحراء.
و نحن أبناء هذا العصر كيف يمكن لنا أن نصدّق بذلك تصديقاً عملياً، إن لمنطّلع على مسائل هذا الفنّ، لنرى بعين اليقين خلود هذه المعجزة على مرّ الليالي و الأيام.
و تشتدّ الحاجة لهذا العلم، لمن أراد أن يشتغل بالروايات الواردة عن النبي و أهل بيته صلوات اللّه عليهم أجمعين، ليستنبط منها الأحكام الشرعيّة، و القوانين الإلهية، فإنّ كلامهم على جانب كبير من البلاغة و البيان؛ إذ هو دون كلام الخالق، و فوق كلام المخلوق. و لذا نجد في سِيَر الكثير من فقهائنا عدم اكتفائهم بدراسة هذا العلم، بل تعدّوه إلى مطالعة الكثير من المتون الأدبية. و ما ذلك إلاّ ليحصلوا على ملكة في البيان و الأسلوب، يستطيعون بها درك مغازي الأحاديث و مفادها.
و عليه، فلا يصغى إلى مقالة بعض أبناء العصر، من الذين تاهوا الطريق، فقادوا حملة ضدّ هذا العلم، مدّعين عدم أهمّيته، و ضرورة الإعراض عن دراسته، حتّى اغترّ بمقالتهم جملة من المبتدئين، ألهمنااللّه و إيّاهم إلى جادة الصواب.
دور علماء الشيعة في توسيع هذا العلم
يبحث في البلاغة ـ كما هو معلوم ـ عن فنون ثلاثة: المعاني و البيان و البديع. و كلّ فنٍّ منها قد اشتهر فيه جملة من العلماء، وضعوا أركانه، و شيّدوا بنيانه. و قد كان لعلمائنا ـ رضواناللّه عليهم ـ قصب السبق في هذه الفنون الثلاثة. فعلم المعاني و إن اشتهر نسبته إلى الشيخ عبد القاهر الجرجاني(ت 471 ه)، كما نصّ على ذلك جلال الدين السيوطي في كتابه الأوائل، إلاّ أنّ الإمام المرزباني (ت 378 ه) قد سبقه في التصنيف في هذا العلم، فإن له كتاب «المفضل في علم البيان و الفصاحة»(1)، الذي قال عنه ابن النديم في فهرسه: إنّه نحو ثلاثمائة ورقة.
1. البيان في ذلك العصر يطلق على المعاني و البيان.
و الإمام المرزباني هذا، من علماء الشيعة و محدّثيهم، كما نصّ على ذلك اليافعي في تاريخه، حيث قال:
«أخذ عن ابن دريد، و ابن الأنباري العلوم الأدبية، و هو صاحب التصانيف المشهورة، و المجامع الغريبة، و رواية الأدب، و صاحب التآليف الكثيرة. ثقة في الحديث، قائل بمذهب التشيّع، و شعره قليل لكنّه من الجيد ...».(1)
و ذكره ابن خلكان بمثل ما ذكره اليافعي بلا تفاوت حتى في التشيع. و هو صاحب كتاب ما نزل من القرآن في علي عليهالسلام .(2)
أما البديع، فالمشهور بين مؤرخي الأدب ، أن واضعه الخليفة العباسي، عبداللّه بن المعتز بن المتوكل(ت 296 هـ )، و أنه دَوَّنَه سنة 274 هـ في كتابه الموسوم بالبديع.
و الحق أنّ هذه النسبة غير متيقّنة؛ و ذلك لأن الأصل فيها دعوى ابن المعتز نفسه، حيث قال في كتابه الآنف الذكر:
«و ما جمع قبلي فنون الأدب أحد، و لا سبقني إلى تأليفه مؤلف، و ألفته سنة أربع و سبعين و مائتين، فمن أحب أن يقتدي بنا، و يقتصر على هذا فليفعل، و من أضاف من هذه المحاسن أو غيرها شيئاً من البديع، و ارتأى غير رأينا فله اختياره».(3)
1. نقلاً عن تأسيس الشيعة ص: 94.
2. المصدر السابق ص: 168.
3. المصدر السابق ص: 168.
مع أن معاصره قدامة بن جعفر الكاتب الشيعي، صنّف في ذلك كتاب نقد الشعر، المعروف بنقد قدامة، و هو أكبر من ابن المعتز سنّاً، فيحتمل قوياً سبق قدامة على ابن المعتز في التصنيف، و إن كان ابن المعتز قد سبقه بالتسمية.
و يؤيد ذلك، أن ابن المعتز جمع في كتابه سبعة عشر نوعاً من أنواع البديع، بينما قدامة بن جعفر، جمع منها عشرين نوعاً، توارد معه على سبعة منها، و سلم له ثلاثة عشر.
و كيف كان فقد تكامل لهما ثلاثون نوعاً، ثم اقتدى بهما الناس في التأليف، إلى أن وصل إلى نابغة زمانه في هذا الفن؛ صفي الدين الحلي(ت 750 ه)، و الذي جمع في قصيدته المشهورة، في مدح الرسول صلىاللهعليهوآله ، الموسومة بـ (الكافية البديعية في مدح خير البريّة) جمع فيها مائة و خمسين نوعاً، و هو أول من ابتدع البديعية و شرحها، ثم تبعه على ذلك جماعة من العامّة و الخاصّة....
بسم الله الرحمن الرحيم
الَلَّهٌمَّ صَلَِ عَلَىَ مٌحَمَّدْ وَآلِ مُحّمَّدْوعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَالْعَنْ أَعْدَائَهُمْ
اللهمَ اجْعلْ صِيامي فـيه صِيـام الصّائِمينَ
وقيامي فيهِ قيامَ القائِمينَ ونَبّهْني فيهِ عن نَومَةِ الغافِلينَ
وهَبْ لي جُرمي فيهِ يا الهَ العالَمينَ واعْفُ عنّي يا عافياً عنِ المجْرمينَ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاخت الحنون المواليه الحره الطيبه بارك الله بك على هذا الاختيار
وهذا الكم الهائل من المعلومات الرائعه القيمه
بارك الله بك ووفقك الله
دمتم محاطين بالالطاف المهدويه
الراحله الى ربها في وقت غير معلوم: خادمة السيد الفالي