الاعتداء السافر الذي جرى للمواطنات الشيعة في ساحة الحرم النبوي الشريف وقبالة مقبرة البقيع الفرقد، ليس الاعتداء الأول والأخير على أتباع المذاهب الإسلامية والذين قد يعتقدون ويرون منهجاً وطريقة غير الذي يعتقد بها أولئك القائمون على رعاية وحماية تلك البقاع المقدسة، فلقد تم من قبل العديد من الاعتداءات الشبيهة بحق زوار تلك البقاع، وأن كان أبلغها ما يتم بحق الزوار الشيعة الذين ربما تعرضوا لأبلغ الاعتداءات نتيجة التجييش والتعبئة المستمرة والتي قد تقوم بها بعض الجهات الرسمية، فضلا عن تواطأ جهات أخرى خصوصاً عندما تصمت أو تثني أو حينما توعز للجهاز الإعلامي التابع برمته للدولة إلى تشويه حقيقة ما جرى، إلى أن يصل الأمر ويبين وكأنه عمل شبه رسمي ومنظم في حقيقة ما يجري من مضايقات أو اعتداءات كما جرى في الحادثة المؤسفة مؤخراً.
لقد سبق وأن احتجت بعثات الوفود الشيعية من كثير من الدول، والذي كان آخرها ما جرى للزوار من الشيعة العراقيين في موسم الحج للسنة الهجرية الأخيرة 1429هـ, من مضايقات قد تبدوا في كثير منها شخصية تتلون بالصيغة الرسمية في معظمها، فضلاً عن أمعانها في أظهار الحقد الديني والطائفي بشكل سافر يتجاوز الشتائم اللفظية التي يكيلها كثير من رجال الهيئات الدينية وكذلك رجال الأمن بكافة فصائلهم دون هوادة أو حتى احترام لقداسة المكان ولأمنه الروحي الذي يفترض من أتباع أي دين تجاه أماكنهم الدينية المقدسة.
ونحن بدورنا نشدد على أن ما جرى بحق المواطنات الشيعة، لهو بحق عمل يندى له جبين الإنسان المسلم، والذي لا يمكن أن يحدث في البقاع الطاهرة، ويسلم من يرتكبه من أي مساءلة يتبعها العقاب الرادع لكل من تسول له نفسه الاعتداء على زوار الحرمين الشرفيين، دون جرم سوى أنهم من أتباع مذهب أسلامي لا يرتضيه أتباع المذهب الرسمي لهذا البلد، هذا أن كان الزائر من دولة أسلامية شقيقة، فكيف لو كان المعتدى عليه مواطناً من هذا البلد الذي يضمنا جميعاً، والذي توحدت أطرافه ضمن مجموع المذاهب الإسلامية المتواجدة على أرض الجزيرة العربية، ولا مجال لإغفال هذه الحقيقة التاريخية رغماً عن أي محاولة لإظهار الأمر على غير ذلك.
أننا نتطلع إلى أجراء تحقيق رسمي من قبل وزارة الداخلية يشمل بعض المتضررين لكي يبين مدى سعى الوزارة والجهات الأمنية في ضمان أمن الزوار عموما والمواطنين خصوصاً، ولكي تقوم الوزارة بواجبها في ردع الجهات التي تتطاول وتتجاوز مسئوليتها وواجبها الرسمي، وتسقط تصورها النمطي الشخصي على الزوار عموماً، خصوصاً الزوار الشيعة منهم، ولكي يكفل هذا الموقف السمعة الطيبة التي يجب أن يتحلى بها من يقوم بواجب خدمة الحرمين الشرفيين.
أخيراً يجب أن لا يترك الأمر للمزايدة من قبل بعض الجهات الذي تسعى للاصطياد في الماء العكر فتسعى من خلال أي حادثة لإثارة الشحناء والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد، لذلك يأتي مطلبنا العاجل بلجم كل من تسول له نفسه من من أحداث أي فتنة، أو العبث بأمن الوطن والمواطنين، لا لشيء سوى فهمها الخاطئ عن حقيقة ما يعتقد به غيرهم من المواطنين، أو من خلال التكسب والوصولية لبعضهم، وأن كان على حساب حقوق بقية المواطنين، والذي نثق بأن الجهات الرسمية لن تسمع أو تسمح لهم بذلك.