لماذا خرجت عائشة للمطالبة بدم عثمان وتجييش الجيوش من أجل ذلك وهي أول من آمال حرفه وأنكر عليه قلب موقفها تماما, وقادها الى القيام بتلك الثورة الكبيرة التي راح ضحيتها عشرات الالاف من المسلمين؟!! .
. فكيف لا تعلم السيدة عائشة بمبايعة الناس لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) وهي عندما قدمت الى البصرة وجدت عليها عثمان بن صنيف عامل امير المؤمنين (عليه السلام) عليها, وقد أرسل اليها أبو الاسود الدؤلي سألها عن خبرها وعن علة مجيئها الى البصرة, فقالت له : أطلب بدم عثمان, قال : انه ليس في البصرة من قتلة عثمان أحد . قالت : صدقت ولكنهم مع علي بن أبي طالب بالمدينة ...
من حنيف وأصحابه في البصرة في مطالبها اشتد النزاع بين الفريقين حتى حصلت تلك الواقعة المسماة بـ واقعة الجمل الاصغر, والتي كان من (ثارها ان قتل أربعين رجلا شيعة علي (عليه السلام) في المسجد, وسبعون آخرون في مكان آخر, وأسروا عثمان بن حنيف, وكان من فضلاء الصحابة, فارادوا قتله / ثم خافوا أن بثأر له أخوه سهل والأنصار, فنتفوا لحيته وشاربيه وحاجبيه ورأسه وضربوه وحبسوه, ثم طردوه من البصرة ... (ويمكن مراجعة التفصيل في تاريخ الطبري 4 / 474, وانساب الاشرف 2 / 228, واسد الغابة 2 / 38, وشرح النهج لابن ابي الحديد 2 / 481) .
وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أخبر عائشة عن خروجها هذا وحذّرها منه، وقال لها (( الصبري لا تكوني التي تنبحها كلاب الحوأب )) ..
والحوأب هو وادي كثير الماء نبحت كلابه عند مسير عائشة الى البصرة, وعندما سألت عنه أخبروها ان هذا المكان يسمى بماء الحوأب, فقالت : ردوني . ردوني . وذكرت التحذير الذي سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
ولكن طلحة والزبير أحسا بجسامة الموقف فسارى الى احضار خمسين رجلا وشهدا بان هذا المكان لا يسمى بماء الحوأب ..
وكانت تلك أول شهادة زور في الاسلام كما يذكره المؤرخون, (وللتفصيل راجع : تاريخ الطبري 4 / 456, الكامل لابن الاثير 3 / 210, البداية والنهاية 7 / 230, مسند أحمد 6 / 52 / 97, مصنف ابن ابي شيبة 7 / 536, انساب الاشراف ص 224, الامامة والسياسة 1 / 63, تاريخ اليعقوبي 2 / 181).
وخلاصة القول في مسير عائشة، هو قول سيد البلغاء أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة له : (( إيها الناس, وان عائشة سارت الى البصرة, و معها طلحة والزبير, وكل منها يرى الأمر له دون صاحبه, أما طلحة فإين عمها, وأما الزبير فختنها, والله لو ظفروا بي أرادوا - ولن ينالوا ذلك ابدأ - ليضربن أحدهما عنق صاحبه بعد تنازع منهما شديد, والله إن راكبة الجمل الأحمر ما تقطع عقبة, ولا تحل عقده, إلا في معصية الله وسخطه حتى تورد نفسها ومن معها موارد الهلكة )) (راجع شرح النهج لأبن ابي الحديد 1 / 233, تاريخ ابي الفداء 1 / 78)
وقد حذّر الله سبحانه قبل هذا نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الخروج من بيوتهنّ وامّرهنّ بالاقرار فيها (سورة الاحزاب ـ 33),
فقول فما حكم من خرجت من بيتها ومدينتها بل وكل بلادها وذهبت الى بلاد اخرى تبعد عنها آلاف الاميال واشعلت كل هذه الفتنة التي يراها البعض بداية لفتن صفين والنهروان وثم تولي معاوية على رقاب المسلمين, ثم واقعة كربلاء, بسبب الفتن التي اشعلها الاوائل بوجه الخلافة العلوية وابرزهم السيدة عائشة ...
ولا نريد ان نشير هنا الى قول النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي رواه مسلم في صحيحه في كتاب (الفتن باب الفتنة من المشرق ج2 ص 560) قال : خرج رسول الله من بيت عائشة, فقال : رأس الكفر من ها هنا من حيث يطلع قرن الشيطان,
وبل جاء في (صحيح البخاري /كتاب الجهاد والسير باب ما جاء في بيوت أزواج النبي ج4 ص 46 ) قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مشيرا الى مسكن عائشة : (( ها هنا الفتنة, هاهنا الفتنة, هاهنا الفتنة, حيث يطلع قرن الشيطان ))