يستحب التفكر في معاني القرآن وأمثاله ووعده ووعيده وما يقتضي الاعتبار والتأثر، والاتعاظ، وسؤال الجنة، والاستعاذة من النار عند آيتيهما، فإن التفكر حياة قلب البصير كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور.
ويستحب حفظ القرآن للعمل به، وتحمل المشقة في تعلمه، وحفظه ليكون له أجران وتعليمه الأولاد، فإن الله تعالى إذا هم بعذاب أهل الأرض ثمَّ نظر إلى الشيب ناقلي أقدامهم إلى الصلوات، والولدان يتعلمون القرآن، رحمهم فأخر العذاب عنهم([1]) .
ويستحب لحامله ملازمة الخشوع، والصلاة، والصوم، والتواضع، والحلم، والقناعة والعمل، وكثرة قراءته في الصلاة وغيرها، وعلى كل حال متطهراً ؛ فإن لقارئ القرآن بكل حرف يقرأه في الصلاة قائماً مائة حسنة، وقاعداً خمسون، ومتطهرا في غير صلاة خمس وعشرون، وغير متطهر عشر حسنات n([2]) .
ويستحب ختمه وافتتاحه، واستماع قراءته، واختيار القراءة على غيرها من المندوبات، ولا يتركه تهاونا حتى يؤدي إلى النسيان، فإن السورة تكون مع الرجل قد قرأها ثمَّ تركها فتأتيه يوم القيامة في أحسن صورة، وتسلم عليه فيقو: من أنت؟ فتقول: أنا سورة كذا وكذا فلو أنك مسكت بي، وأخذت بي لأنزلتك هذه الدرجةn([3]) .
ويستحب الاستعاذة عند التلاوة، ويتأكد استحباب تلاوة خمسين آية فصاعداً في كل يوم، وينبغي إذا أصبح أن يقرأها بعد التعقيب، وقراءة شيء من القرآن كل ليلة والإكثار من تلاوته في شهر رمضان، وختمه بمكة، وتلاوته في المساجد، وفي المنزل فإن البيت إذا كثر فيه تلاوة القرآن كثر خيره، واتسع أهله، وأضاء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الدنيا. واتخاذ المصحف في البيت، وأن يعلق فيه.
ويكره ترك القراءة فيه فورد: mثلاثة يشكون إلى الله عز وجل: مسجد خراب لا يصلي فيه أهله، وعالم بين جهال، ومصحف معلق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيهn([4]).
ويستحب القراءة في المصحف، وإن كان يحفظ القرآن mفمن قرأ القرآن في المصحف متع ببصره وخفف عن والديه، وإن كانا كافرينn([5]) وروي: mالنظر إلى المصحف من غير قراءة عبادةn([6]) والبكاء والتباكي عند سماعه،والقراءة بالحزن فإنه نزل بالحزن وكانت قراءة أبي الحسن الأول D حزنا، فإذا قرأ فكأنه يخاطب إنساناً([7]).وتحسين الصوت به بما دون الغناء ، والتوسط في رفع الصوت، وترتيله، وهو حفظ الوقوف، وبيان الحروف. ويكره التعجيل فيه، فعن أمير المؤمنين D في قوله تعال:>ورتل القرآن تريلا< قال: mبينه تبيانا، ولا تهذه هذ الشعر([8])، ولا تنثره نثر الرمل، ولكن اقرعوا به قلوبكم القاسية، ولا يكن هم أحدكم آخر السورةn([9]) .
وينبغي ختم القرآن في كل شهر مرة إلا في شهر رمضان فيختمه في ثلاث، فإنّه لا يشبه شيء من الشهور، له حق وحرمة. وإهداء ثوب القراءة إلى النّبي والأئمة G وإلى المؤمنين من الأحياء والأموات.
ويستحب الإكثار من قراءة التوحيد. قال أبو عبد الله D للمفضل: mاحتجز من الناس كلهم ببسم الله الرحمن الرحيم، و mقل هو الله أحدn اقرأها عن يمكنك، وعن شمالك ومن بين يديك، ومن خلفك، ومن فوقك، ومن تحتك، فإذا دخلت على سلطان جائر فاقرأها حين تنظر إليه ثلاث مرات واعقد بيدك اليسرى ثمَّ لا تفارقها حتى تخرج من عندهn([10]).
ويستحب قراءة التوحيد مائة مرة حين يأخذ مضجعه للنوم ليغفر الله له ذنوب خمسين سنة، أو أحد عشر مرة ليحفظ في داره، وفي دويرات حوله. ويستحب أيضاً عند المنام قراءة mالجحدn والتوحيد ليكتب له براءة من الشرك، وmالتكاثرn ليوقى فتنة القبر، وآخرmالكهفn ليسطع له نور إلى المسجد الحرام، حشو ذلك النور ملائكة يستغفرون له حتى يصبح، وليستيقظ في الساعة التي يريد وقراءة mالقدرn إحدى عشرة مرة والمسبحات إلى غير ذلك.
ويستحب الإكثار من قراءة mالأنعامn فلو علم الناس ما في قراءتها ما تركوها. والإكثار من قراءة mالملكn كل يوم وليلة وحفظها، وهي المانعة، تمنع عذاب القبر وورد: mمن قرأها في المكتوبة قبل أن ينام لم يزل في أمان الله تعالى حتى يصبح، وفي أمانه يوم القيامة حتى يدخل إنشاء الله تعالىn([11]).
والإكثار من mيسn التي هي قلب القرآن ليلا ونهاراً وتكرار mالحمدn وقراءتها سبعين مرة على الوجع ليسكن بإذن الله تعالى، وورد: mوإن شئتم فجربوا ولا تشكواn([12]). وقال الصادق D : mمن نالته علة فليقرأ في جيبه mالحمدn سبع مرات، فإن ذهب العلة وإلا فليقرأها سبعين مرة، وأنا الضامن له العافيةn([13]) وعنه قال: mكان رسول الله 2 إذا كسل أو أصابته عين، أو صداع بسط يديه فقرأ فاتحة الكتاب والمعوذتين ثمَّ يمسح بهما وجهه فيذهب عنه ما كان يجدهn([14]).
ويجوز بل يستحب الاستخارة بالقرآن، ويكره التفاؤل به. عن اليسع القمي قال: قلت لأبي عبد الله D: mأريد الشيء وأستخير الله فيه فلا يوفق فيه الرأي، فقال: افتتح المصحف فانظر إلى أوّل ما ترى فخذ به إنشاء اللهn([15]).
ويجوز العوذة، والرقية، والنشرة إذا كانت من القرآن أو الذكر، أو مروية عنهم G دون غيرها من الأشياء المجهولة، فإن كثيراً من الرقي، والتمائم من الإشراك([16]) وقال أبو عبد الله D: mلا بأس بالرقي من العين، والحمى، والضرس وكل ذات حمة لها حمة إذا علم الرجل ما يقول لا يدخل في ترقيته وعوذته ما لا يعرفهn([17]) .
ويجوز تعليق التعويذ من القرآن والدعاء على المريض والصبي وعلى المرأة حتى في حال الحيض إذا كان في أديم.