وهذا يجرُّنا إلى سؤال آخر :
هل كان النبي الأكرم يشك في زوجاته أن يضعن له شيئاً في تلك القرب ؟ وَيَقُمن بمزجه مع الماء ؟!
يقول ابن حجر :
الحكمة في هذا العدد أن له خاصية في دفع ضرر السم والسحر !
لماذا ذكر ابن حجر هذا العدد ؟
وهل يريد ابن حجر أن يقول أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مات مسموماً ؟!
نعم ، يريد ابن حجر هذا المعنى ، وانظر الحاكم في المستدرك ، ماذا يقول :
رواية الحاكم النيسابوري :
فقد جاء في المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري :
... الشعبي يقول : والله لقد سُمَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسُمَّ أبو بكر ... (1) .
وبما أن الحاكم قال : مات النبي مسموماً وكذلك أبو بكر .
أقول : فمن الذي سمَّه ؟!
وهل يُعقل أن التي سمَّته يهودية وذلك بكتف شاة كما يدَّعي أهل العامة أن السم كان سارياً في جسده إلى أن توفي !
رواية الشاة المسمومة :
جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة ... قال : لما فُتحت خيبر أُهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة فيها سُم (1) .
يقول ابن حجر :
لما اطمأن النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتح خيبر ، أهدت له زينب بنت الحارث امرأة ( سلام بن مشكم ) شاة مشوية ، وكانت سألت : أي عضو من الشاة أحبَّ إليه ؟
قيل لها : الذراع ، فأكثرت فيها من السم ، فلما تناول الذراع لاك منها مُضغة ولم يُسغها ، وأكل معه بشر بن البراء فأساغ لقمته ... وإن بشر بن البراء مات منها .
وروى البيهقي : ... أن امرأة من اليهود أهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مسمومة فأكل ، فقال لأصحابه : أمسكوا ! فإنها مسمومة .
وقال لها : ما حملك على ذلك ؟
قالت : أردت إن كنت نبياً فيُطلعك الله ، وإن كنت كاذباً فأريح الناس منك .
قال : فما عرض لها ... ( فلم يعاقبها ) ... .
قال الزهري : فأسلمت فتركها .
أجاب السهيلي وزاد : إنه كان تركها لأنه كان لا ينتقم لنفسه ، ثم قتلها ببشر قصاصاً (1) .
ويقول البخاري :
قالت عائشة : ... كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي مات فيه : يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلتُ بخيبر ، فهذا أَوَانُ وجدتُّ انقطاع أَبهَري من ذلك السُّم (2) .
يقول ابن حجر :
قال أهل اللغة : الأبهر : عِرق مُستبطن بالظهر مُتَّصل بالقلب ، إذا انقطع مات صاحبه (3) .
وروى ابن سعد عن شيخه الواقدي بأسانيد متعددة في قصة الشـاة
التي سُمَّت له بخيبر ، فقال في آخر ذلك :
وعاش بعد ذلك ثلاث سنين حتى كان وجعه الذي قُبض فيه .
وجعل يقول : ما زلت أجد ألم الأكلة التي أكلتها بخيبر ! عداداً حتى كان هذا أوان انقطاع أبهري – عرق في الظهر – وتُوفي شهيداً ! انتهى .
وقوله : ما أزال أجد ألم الطعام ، أي : أحس الألم في جوفي بسبب الطعام (1) .
أقول :
نحن نعلم أن غزوة خيبر كانت في السنة السابعة من الهجرة .
فيلزم بناءً على ما ذكر آنفاً أن ذلك السم بقي في بدن النبي الأكرم مدة ثلاث سنين !
إمّا أنه كان يعاني من ذلك السم طيلة هذه السنوات الثلاث ، وإما أن ذلك السم كان راكداً طيلة السنوات المذكورة وتحرك حين المرض .
فهل يعقل هذا الكلام ؟!
فقد ذكر الذهبي في تأريخه بأن النبي الأكرم والصحابة بعد أن أكلوا من تلك الشاة المسمومة ثم قال لهم ارفعوا أيديكم فإن هذه الذراع تخبرني أنها مسمومة ، ( وأمر أصحابه فاحتجموا أوساط رؤوسهم ، وعاش بعد
ذلك ثلاث سنين ) (1) .
النبي الأكرم ينهى زوجاته من أن يعطينه الدواء :
جاء في صحيح البخاري ، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته من كتاب المغازي :
قالت عائشة : لَدَدْناه (2) في مرضه فجعل يُشير إلينا أن لا تَلُدُّوني ، فقلنا كراهية المريض للدواء ، فلما أفاق قال : ألم أنهَكم أن تلدُّوني ! قلنـا : كراهية المريض للدواء ، فقال : لا يبقى أحد في البيت إلا لُدَّ وأنا أنظر إلا العباس فإنه لم يشهدكم .
وفي سنن الترمذي : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لَدَّني؟ فكلهم أمسكوا ، فقال : لا يبقى أحد ممن في البيت إلا لُدَّ ، غير عَمِّهِ العباس (3) .