|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 480
|
الإنتساب : Oct 2006
|
المشاركات : 18,076
|
بمعدل : 2.73 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى العقائدي
الرضا عن الله سبحانه وتعالی
بتاريخ : 24-03-2007 الساعة : 11:17 AM
إن الله إذا رضى عن إنسان أدخله الجنه . . ويسر له الدنيا . . وصرف عنه السوء . . وشفاه من مرضه . . ووسع عليه رزقه . . وسخر له القلوب . . ورزقه من حيث لا يحتسب . . ومنحه ما يرضيه . . ويسر له القيام به . . وتقبل منه عمله . . وضاعف له الأجر . . وأعطاه بغير حساب . . أو كما قال الشاعر : " إذا رضى المحبوب صح لك الوصل " .
هذا هو تفسير : رضى الله عنهم " . . فما هو تفسير " ورضوا عنه " ؟.
التفسير له مداخل كثيره . . لكنه فى النهايه يتلخص فى جمله واحده : " الرضا بقضاء الله " . . أن يعتبر أن الله سبحانه وتعالى ما قضى أمراً وهو مرغم عليه . . وغير تابع لإرادة غيره . . هنا يرضى بالقضاء . . ويصبر على البلاء و الصبر على البلاء قد يكون مراً وقد يكون حلواً وقد يكون عشقاً .
الصبر المر هو أن يصبر الإنسان لقلة حيلته على ما أصابه . . " حاعمل أيه " ؟ . . " آدى الله وآدى حكمته " . . " ما باليد حيله " . . والصبر فى هذه الحاله يتفجر مراره فى حلقه . . لكنه . . يمسك لسانه عن الخطأ والتبرم والتمرد . . فلا يلطم خداً . . ولا يشق جيباً . . ولا يدعوا بدعوة الجاهليه . . بل ينتظر على صبره أجرا أوبشرى . . يقول سبحانه و تعالى : " وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبه قالوا إن لله وإن إليه راجعون " . . هذا النوع الأول من الصبر . . الصبر المر على البلاء .
وإذا إجتمع الناس ضد ذلك الشخص . . كل الناس . . فإنه يلجأ إلى قول الله تعالى : " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فإخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمه من الله وفضله لم يمسسهم سوء و اتبعوا رضوان الله و الله ذو فضل عظيم " . . هذا هو النوع الثانى من الصبر . . ويسمى صبر الرضاء . . وهو يشبه النوع الأول . . غير أنه خال من المراره فى الحلق . . بل معه التسليم بأن يقول : أنا لا أريد تغيير القضاء . . ولا أعانى من صعوبة تقبله . . بل وأشعر براحه فى صدرى . . ولذة الإذعان له . . لقضاء الله . . واثقاً أن الخيره فيما يختاره الله .
غير أن النوع الثالث من الصبر يسمى صبر الراضين عن الله . . وهم الذين إذا أصابتهم مصيبه يفرحون بها لأنها إختبار محبوبهم سبحانه و تعالى . . وإختبار محبوبهم رحمه . . ولاشك أن فى تلك المصيبه ما لا يعلمون ولا ينتظرون . . خيراً من وراء ذلك . . بل ويعتبرون أن الخير فى المصيبه نفسها . . هؤلاء هم الذين يرضون عن الله . . كما يقولون بالعاميه : " إفتكار الله لنا رحمه " . . أى تذكرنا الله سبحانه وتعالى وذكرنا بهذا الإبتلاء .
والإبتلاء عند أهل هذه الدرجه له أكثر من زاويه : الزاويه الأولى : أن الإبتلاء قد يكون للإنتقام . . وهذا النوع من البلاء لا ينزله الله على المؤمنين . . لكنه ينزله على أعدائه والكافرين به . . وهو بلاء لا يعطل العقوبه فى الآخره . . يقول سبحانه وتعالى : " لهم فى الدنيا خزى وفى الآخره عذاب أليم " . . وقوله تعالى : " فأنتقمنا منهم " . . وهذا يسمى بلاء الإنتقام .
والزاويه الثانيه : أن البلاء ينزله الله على المؤمنين لمحو سيئاتهم كما قال النبى ( ص) الله ما معناه : حمى ليله كفارة سنه . . وهو ما يقوله العامه عند زيارة المريض . . يقول له " كفاره " . . أى أن الله إبتلاه بما جرى له كى يمحو عنه سيئه . . وهو خير .
والزاويه الثالثه من الإبتلاء ننظر إليها من ناحية رفع الدرجه . . ويسمى البلاء فى هذه الحاله بلاء رفع الدرجه . . وهو بلاء يصاب به خواص المؤمنين . . أى كبار الصالحين . . لأن الله يبتليهم لا لينتقم منهم ولا ليمحو عنهم سيئه – فهم أهل حسنات وطاعه وقرب – ولكن ليرفع بهذا البلاء درجاتهم عنده .
ولنا العبره فيما حدث مع سيدنا يوسف وأخيه بنيامين عليهما السلام يوم أن وضع سيدنا يوسف بإذن الله صواع الملك ( سقاية الملك ) فى رحل ( حموله ) أخيه ثم نادى مناد يعلن ضياع السقايه ثم راحوا يفتشون من كان موجوداً وبالذات أخو سيدنا يوسف . . وفى النهايه إستخرج سيدنا يوسف السقايه بيده من رحل سيدنا بنيامين . . وفى هذا فضيحه حسب ما يفسره الناس . . فضيحه بنيامين الذى ظهر أمام الناس و كأنه سارق و لص . . وهو لم يسرق ولم يقرب السقايه . . والملك ويوسف يعرفان ذلك . . لكن . . هذا بلاء أبتلى به بنيامين . . والحكمه منه هو رفع درجته عند الله لقوله تعالى : " جعل السقايه فى رحل أخيه وأذن مؤذن إنكم لسارقون " . . إلى قوله سبحانه و تعالى : " فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم إستخرجها من وعاء أخيه " . . إلى قوله : " وكذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه فى دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذى علم عليم " . . فبنيامين لم يبتل إنتقاما ولا محوا لسيئه وإنما أبتلى رفعة لدرجه .
وبقيت الزاويه الأخيره للإبتلاء . . وهى تنظر إلى نوع غريب جداً لا يبتلى به الكفار ولا يبتلى به أهل السيئات من المؤمنين ولا يبتلى به الذين خلوا من السيئات وهم أهل الدرجات وإنما يبتلى به خاصه الأنبياء ويسمى إبتلاء المحبه . . فما حدث مع رسول الله( ص) يوم الطائف لم يكن إنتقاماً ( حاشا لله ) ولم يكن لمحو سيئه ( حاشا لرسول الله ) ولم يكن رفعا لدرجه ( فلا توجد درجة أعلى من درجه سيدنا محمد حتى يرفع إليها ) وإنما يسمى هذا النوع إبتلاء المحبه . . بمعنى إذا أحب الله عبداً إبتلاه . . قال تعالى : " وهنالك إبتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداًً " . . وقال تعالى : " حتى إذا أستيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا " .
هكذا . . يفهم أهل الرضا عن الله إبتلاء الله لهم ولغيرهم فهم على أى حال يرضون . . ولكن هناك فرق بينهم وبين من يرضى طوعاً ومن يرضى كرهاً . . فالصبر عندهم ليس مراً وإنما يستمتعون بقضاء الله ويشعرون بخصوصيتهم عند الله إذا إبتلاهم بما لم يبتل به غيرهم لأنه سبحانه وتعالى أعطاهم من الدعم ما لم يعطه لغيرهم " ويبتلى المرء على قدر دينه " . . وكما قيل على قدر أهل العزم تأتى العزائم وتأتى على قدر الكرام تأتى المكارم . . و لا حول و لا قوة إلا بالله .
م...........
|
|
|
|
|