سيدنا الكريم الشرع ..
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
المشكلة ليست في اختلاف المدارس و الرؤى و الافكار و لا بواقع عرضها على طاولة الحوار ,, المشكلة تكمن في طريقة تعاطي البعض مع ما يطرح ,, الان انا عندما اريد ان اعرض موضوعاً يتعلق بمصير الامة و سبل حركتها و مكامن الاستنهاض في قوتها ,, و الطرح الذي اروم عرضه هنا هو من باب اسلامي ,, فأول المقومات التي يدور في فلكها الموضوع هو عامل القيادة ,, و لكون القيادة الاسلامية الميدانية الشمولية هي العامل الاكثر ندرة في حياة الامة من بعد غيبة الامام الحجة ارواحنا فداه لذا فأن التركيز في الموضوع لابد ان يكون على تلكم القيادة ,, لأنه مادام هنالك فارق في النتيجة لابد من تحديد اسباب ذلك الفارق ,,
فمثلاً اسباب نجاح ثورة الامام الخميني رضوان الله عليه من غير المنطقي ان اعزوها الى المصادفات و الظواهر الطبيعية ,, و من المجحف ان انسبها للخط البارد الكلاسيكي الغير حركي في مسار الامة الشيعية بل ذلك هو الظلم بعينه ,, فأول علامة فارقة في نجاح عملية التغيير التي احدثتها الثورة هو وجود القيادة الحركية الشمولية الميدانية .. فعليه وجب التمييز بينها وبين القيادة الفقهية التي لا تتخطى مستوى الفقه الفردي مهما قست الظروف و جارت على ابناء الامة ..
و بأعتبار ان هكذا بحث هو من صميم الطرح العلمي فلا مكان فيه للمجاملات البروتكولية و التقديسات الكهنوتية لأن المجاملة و التغطية التنسكية هي مما يضفي بالضبابية على الموضوع و يدخل المتلقي بدوامات الخلط بين الخطوط و التداخل الغير واقعي بين التيارات و الشخصيات ..
هنا تختلف عملية التعاطي و هنا تبدأ المشكلة ,, فالذين يؤمنون ببقاء الاسلام في عرش كهنوتي تبركي بعيداً عن حركة الواقع و متغيرات الظروف و محركات الحياة السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و العسكرية ينفعلون غاية الانفعال من طرح الفكر القيادي الناجح و المغير و قد يظهر الانفعال على شكل هجوم مباشر او على شكل غلو في التقديس لرؤى ما يخدم طريقهم من اجتهادات الفقهاء و ارسال تلكم الرؤى ارسال النصوص السماوية المقدسة معتمدين تسخير كل الاخبار الواردة عن المعصوم صلوات الله عليه من أجل خدمة تلك الرؤى و اثبات صحتها لا محاكمة الرؤى وفق طرح المعصوم و حقائق الواقع ..
و أما بخصوص الحديث عن الاساطير البالية التي صارت من تراثات الامة ,, فأنا لست اتحدث عن الروايات الصادرة من المعصوم ,, و لقد كنت اربأ بمثلك ان يوجه لي مثل هذا النقد الذي ليس في محله اطلاقاً ,,
انما تحدثت عن اضمحلال الطرح الذي قد يأت به البعض ممن يتسمون بسمة المكانة الدينية سواء علا شأنهم او صغر فيصورون للأمة من خلال فهمهم للنصوص ( و كما تعلم هنالك فارق كبير بين فهم النص و بين واقع النص ) ان واجبها الشرعي هو الرضى بحكم الطواغيت انتظاراً للفرج الذي لا يأتي بحسب طرحهم الا اذا كانت الامة المنتظرة مستسلمة خائفة مهزومة مستباحة الدماء و الاعراض و الاموال منقادة بحبال الطواغيت تذبح في كل حين كما الانعام دون ان تحرك ساكن ,,
وهذا ما يثبته الواقع اليوم فقبل انتصار الثورة الاسلامية كانت مسألة طرح حاكمية الاسلام او بناء الدولة وفق الاطر الاسلامية بقيادة الفقهاء العدول محض خيال في اذهان متناثرة على مر الزمان و تغير المكان ,, و بعد انتصارات حزب الله على الكيان الاسرائيلي صار الطموح الثوري يسري في جسد الامة سريان الدماء في العروق اليابسة ,,
فترى ثورية الاسلام اليوم و امكانيته على بناء الدولة المدنية و قدرته على المواجهة و التحدي و المقاومة هو من الطموحات المشروعة للكثير من التيارات و الاحزاب و التجمعات و التشكيلات و المؤسسات و المدارس في كل مدن الشيعة وبلدانها بدون استثناء ... الامر الذي يفرض نفسه على واقع الامة شيئاً فشيئا بسلمية و هدوء مما قد يجعل الكثير من النظريات المعارضة مع هكذا طرح تسير وئيداً الى ما سارت اليه الاساطير من قبل ,, تماما كما هو الحال مع اصحاب اطروحة الانتظار السلبي التي دفعت الكثير من الشيعة الى دفن اموال الخمس في التراب أنتظاراً للأمام المهدي ارواحنا فداه ان يظهر فيخرجها ,, كما تشير بعض الروايات ...
فأرجو من جنابكم المكرم ملاحظة الفارق بين النص المعصوم و بين ذوق المتلقي للنص و الباحث فيه المجتهد بتفاصيله مع شديد الاحترام لتخصص اصحاب الاختصاص ..
و لعل ما ذهبتم اليه هنا حول مفهوم الاساطير و اضمحلالها هو عينه ما تحدثت عنه في ان المشكلة تكمن في طريقة التعاطي من الطرح تعاطياً ذاتياً لا موضوعياً
|