|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 48825
|
الإنتساب : Feb 2010
|
المشاركات : 1,822
|
بمعدل : 0.34 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى العقائدي
الاعتقاد بعلم النبي وأهل بيته هل هو غلو.... ادخل وستعرف بنفسك
بتاريخ : 11-08-2010 الساعة : 08:29 PM
هل الاعتقاد بعلم النبي وأهل بيته بالغيب غلو ؟
عرّفوا الغلو : بأنّه مجاوزة الحد ، يقال غلا فلان في الدين غلوّاً تشدّد حتى تجاوز الحد[1] ، وكل مَن تجاوز حد الاعتدال وغلا ، يصح لُغوياً تسميته بالمتطرّف ، جاء في المعجم الوسيط في معنى تطرف ( تجاوز حد الاعتدال ولم يتوسط )[2] .
وقد عرّف ابن تيمية الغلو شرعاً ( بأنّه مجاوزة الحد بأن يزاد في الشيء في حمده أو ذمّه على ما يستحق )[3] .
وجاء في فتح الباري : ( إذ إنّ الغلو هو المبالغة في الشيء والتشديد فيه بتجاوز الحد )[4] .
وبذلك تبين أنّ الغلو هو تجاوز الحد الذي حدده الله تعالى ورسوله
للشيء ، فالمغالي هو الذي يتجاوز ما حدده الله ورسوله لذلك الشيء اتّباعاً للهوى ، وخروجاً عن الحق إلى الباطل ، بحيث يصفه بوصف لم يسبق أن يصفه الله ورسوله به من غير دليلٍ عقلي عليه .
وعلى ضوء ما سلف هل يمكن إطلاق الغلو على مَن قال : إنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) أخبر بالمغيبات كما تقدم إثبات ذلك ؟ وهل من الغلو أنّه (صلّى الله عليه وآله) أعلم وأفضل الأنبياء السابقين ؟ وهل من الغلو أن نقول : إنّ الله تعالى اصطفاه واختاره ؟
وهل من الغلو أن نقول : إنّ علم أهل البيت من علم النبي (صلّى الله عليه وآله) ورّثهم إيّاه كما ثبت ذلك في جملة من الروايات المتضافرة ؟
هل تعظيم الرسول (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته من الغلو ؟
ولكي تكون الإجابة واضحة بعيدة عن الملابسات ، ينبغي أن نعرض هذا السؤال على الشريعة الإسلامية :
وبدءاً نقول : إنّ الذي نلمسه من الشريعة هو أنّه ليس كل تعظيم وإكبار واحترام يكون تأليهاً للشخص المعظّم ، وغالباً ما نجد أنّ الأمر بتعظيم واحترام هذه المخلوقات مشفوع ببيان السبب من وراء ذلك التعظيم ، وهو أنّ نفس الإعظام والإكبار بأمر من الله لمخلوق معين هو طاعة لله تعالى وتعظيم له ، ومَن استكبر وأبى ورفض تعظيم مَن أمر الله تعالى بتعظيمه يُعدّ عصياناً لله تعالى وإنكاراً عليه .
وهذا ما يتجلّى واضحاً من أمر الله تعالى للملائكة بالسجود لآدم ، فهو إعظام لآدم بأمر منه تعالى ، وحاشا لله تعالى أن يشرك أحداً في كبريائه .
إذن إعظام الملائكة لآدم إنّما هو إعظام لله تعالى ؛ لأنّه متسبّب عن أمره تعالى ، ولذا نجد أنّ الله جعل مصير إبليس مرهوناً بإعظام آدم والسجود له ، فرفض إبليس لإعظام آدم يعدّ استكباراً على الله تعالى ، كما هو صريح قوله تعالى : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوْا لآِدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ )[5] .
وهذا الأمر يكشف عن حقيقة مهمّة جدّاً على صعيد العقيدة أو الإيمان ، وهي أنّ تعظيم أولياء الله تعالى يعتبر طاعة وامتثالاً لأوامر الله عزّ وجلّ ، وما إبليس إلاّ مثل ضربة الله تعالى للذين ينكرون ذلك ؛ إذ لم يكن عصيان إبليس لربّه إنكاراً لتوحيده تعالى .
ومن هنا فإنّ الروايات المختلفة لدى الشيعة والسنّة تشير إلى أنّ كفر إبليس لم يكن كفر شرك كما تقدم ؛ لأنّه لم يعبد غير الله ، وإنّما كان جحوده واستكباره على الله عزّ وجلّ في توحيده في مقام الطاعة ، وقد ورد في بعض الروايات أنّه طلب من الله تعالى إعفاءه من السجود لآدم (عليه السلام) ، وسوف يعبده لا نظير لها ، وكان الجواب من الحق تعالى هو : ( إنّي أُحب أن أطاع من حيث أريد )[6] ، وفي رواية أخرى : ( إنّما أريد أن أعبد من حيث أريد لا من حيث تُريد )[7] .
ومن موارد أمر الله تعالى بتعظيم مخلوقاته ، أمره تعالى بتعظيم النبي (صلّى الله عليه وآله) ، وقد ورد ذلك في آيات عديدة :
منها : قوله تعالى : ( لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزّرُوهُ وَتُوَقّرُوهُ وَتُسَبّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً )[8]، وقال ابن عباس في تفسير هذه الآية : تُعَزّروه : تجُلوه ، وقال المبرد : تُعزّروه : تبالغوا في تعظيمه[9] .
ومنها : قوله تعالى : ( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النّبِيّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ * إِنّ الّذِينَ يَغُضّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللهِ أُولئِكَ الّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتّقْوَى لَهُم مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ * إِنّ الّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ )[10] .
وليست هذه الأوامر من الله تعالى إلاّ لبيان وجوب احترام النبي (صلّى الله عليه وآله) وتعظيمه ، وقد نقل القاضي عياض أنّ هذه الآية نزلت في محاورة كانت بين أبي بكر وعمر بين يدي النبي (صلّى الله عليه وآله) واختلاف جرى بينهما ، حتى ارتفعت أصواتهما[11] ، فهنا يأمر الله تعالى بوجوب إعظام النبي (صلّى الله عليه وآله) وتوقيره ، وأن ترك الأدب بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يؤدّي إلى حبط العمل ، والخروج عن ربقة الإيمان ؛ ولذا ورد عن الفريقين أنّ الشاتم للنبي (صلّى الله عليه وآله) أو الذي يستهزئ به (صلّى الله عليه وآله) يقتل ، ويحكم عليه بالكفر .
ومنها : قوله تعالى : ( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرسُولِهِ وَاتّقُوا اللهَ إِنّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )[12] وهذه الآية صريحة في وجوب التعظيم والخضوع
بين يدي الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) .
ومنها : قوله تعالى : ( لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضاً ) ونقل القاضي عياض أنّ معنى ذلك : أن لا تسابقوه بالكلام ، وتُغلظوا له بالخطاب ، ولا تنادوه باسمه نداء بعضكم بعضاً ، ولكن عظّموه ووقّروه بأشرف ما يحب أن ينادى به : يا رسول الله ، يا نبي الله[13] .
وقد بلغ الأمر في شدّة تعظيم الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) من أهل البيت (عليهم السلام) أنّ مالك بن أنس قال : ( لقد كنت أرى جعفر بن محمد الصادق ، وكان كثير الدعابة والتبسّم ، فإذا ذكر عنده النبي (صلّى الله عليه وآله) اصفرّ ، وما رأيته يحدث عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلاّ على طهارة ، وقد اختلفت إليه زماناً فما كنت أراه إلاّ على ثلاث خصال : إمّا مصلّياً ، وإمّا صامتاً ، وإمّا يقرأ القرآن ، ولا يتكلّم فيما لا يعنيه ، وكان من العلماء والعبّاد الذين يخشون الله عزّ وجلّ)[14] ، وكان مالك نفسه إذا ذكر النبي (صلّى الله عليه وآله) يتغيّر لونه[15] ، إلى غير ذلك من إعظام المسلمين للنبي (صلّى الله عليه وآله) والتبرّك به بما لا يسع المقام ذكره .
[1] انظر : الصحاح للجوهري مادة (غلا) واللسان لابن منظور (غلو) .
[2] المعجم الوسيط : مادة (طرف) .
[3] اقتضاء الصراط المستقيم ، ابن تيمية : ج 1 ص 106
[4] فتح الباري ، ابن حجر : ج 13 ص 234 .
[5] البقرة : 34 .
[6] بحار الأنوار ، المجلسي : ج 2 ص 262 ، وج 11 ص 45 .
[7] المصدر نفسه : ج 11 ص 141 .
[8] الفتح : 9 .
[9] انظر : الشفا بتعريف حقوق المصطفى ، القاضي عياض : ج 2 ص 35 . ط بيروت ـ دار الفكر ، 1409 هـ .
[10] الحجرات : 2 ـ 4 .
[11] الشفا بتعريف حقوق المصطفى ، القاضي عياض : ج 2 ص 36 .
[12] الحجرات : 1 .
[13] الشفا بتعريف حقوق المصطفى ، القاضي عياض : ج 2 ص 35 ـ 36 .
[14] المصدر نفسه : ج 2 ص 42 .
[15] المصدر نفسه : ج 2 ص 42 .
|
|
|
|
|