يتسم تطبيق ممارسات الإدارة المهنية بأهمية خاصة بالنسبة للمؤسسات التي يعتمد نجاحها على نجاح مشاريعها، باعتبار أن ذلك يتيح لها موازنة الاحتياجات التي تضمن تسليم المشروع بما يلبي تطلعات الأطراف المعنية به. فإدارة المشاريع توفر الأدوات والأساليب التي تتناول القيود الأساسية الثلاثة للمشروع وهي الزمن والتكلفة وحجم العمل.
والهدف من عمليات إدارة المشاريع هو توجيه دورة حياة المشروع التي تتكون من المراحل التي يجب أن يمر بها من أجل تحويل الأفكار والمسوغات التي استدعت تطويره، إلى منتجات وخدمات ملموسة. وتشتمل هذه العمليات على آليات تحديد وتحليل وإدارة الاحتياجات المتغيرة للأطراف المعنية بالمشروع. وإذا ما تم تطبيق تلك العمليات على أيدي فريق متمرس ومؤهل ويتمتع بالمهارات المطلوبة. عندها ستكون هناك فرصة أكبر لتسليم المشروع ضمن الفترة الزمنية والميزانية المحددتين، وفي ضوء حجم العمل المتفق عليه. وتحقيق هذه الأهداف، سيتيح للمؤسسة تلبية تطلعات الأطراف المعنية بالمشروع، فضلا عن تعزيز الثقة في وعودها.
تقوم إدارة المشاريع على مجموعة من العمليات، تسمى الباقة الأولى منها 'عمليات الإعداد' التي تهدف إلى تحديد المشروع وتوضيح الأسباب التي تقف وراء ضرورته من خلال دراسة الحالة التجارية التي سوغته، إضافة إلى مناقشة تقرير دراسة الجدوى الخاصة به. ومن شأن ذلك الإتاحة للمؤسسة تحديد أهداف المشروع بشكل واضح، وحجم العمل المطلوب فيه وتواريخ تسليمه وميزانيته، والحالات المفترضة والمخاطر والمعوقات التي يمكن أن يتعرض لها. كما يساعدها ذلك في تحديد عوامل نجاح المشروع، وآلية تقييم مستوى هذا النجاح. وسيتم توثيق تلك النتائج في تقرير يعرف باسم 'مخطط المشروع'، والذي سيصبح عقب موافقة الإدارة العليا عليه، بمنزلة وثيقة رسمية تفوض مدير المشروع البدء في عملية التنفيذ.
أما الباقة الثانية فتعرف باسم 'عمليات التخطيط' وتهدف إلى وضع خارطة الطريق التي ينبغي لدورة حياة المشروع أن تسير في ضوئها لتحقيق المنتجات النهائية المنشودة. غير أن ذلك يتطلب فهما شاملا لما تتضمنه أعمال المشروع وما تستثنيه. وعليه، من خلال تحليل هذه الأعمال باستخدام أسلوب يسمى 'هيكل تقسيم العمل'، سيكون في مقدورنا توزيع حجم العمل في مجموعات واضحة. ويمكن أيضا تقسيم هذه المجموعات إلى نشاطات مفصلة تعكس الإجراءات التي يجب اتخاذها من أجل إنجاز كل نشاط. وسيتم إدراج هذه النشاطات في ما يسمى 'جدول أعمال المشروع'.
ويتم تقييم جميع الموارد اللازمة لإنجاز كل نشاط، بما في ذلك الكادر البشري والمواد والمعدات اللازمة، الأمر الذي سيتيح لفريق المشروع تقدير تكلفة تلك الموارد وغيرها من النفقات المطلوبة لإنجاز نشاطات جدول أعمال المشروع. وتستخدم هذه المعلومات لإعداد وثيقتين مهمتين للمشروع هما 'خطة الموارد' و'الخطة المالية'.
ويتم خلال عمليات التخطيط أيضا إعداد 'خطة جودة المشروع' التي تتضمن تفاصيل عن معايير الجودة المعتمدة، و'خطة اتصالات المشروع' التي تتضمن تفاصيل حول مختلف أشكال الاتصالات التي تشهدها فترة تنفيذ المشروع، واحتياجات مختلف الأطراف المعنية بالمشروع، على صعيد البيانات التي يجب أن يطلعوا عليها.
وتشتمل عملية التخطيط على تحديد فريق إدارة المشروع وصلاحيات كل عضو فيه، ومسؤولياته المتعلقة بتسليم المشروع، بما يضمن وجود نظام محاسبة لكل عمل يتم إنجازه. وبما أن عملية التخطيط تستند إلى الكثير من الافتراضات التي لن يتم التحقق من صحتها إلا بمرور الوقت، فمن الضروري أن يتم إعداد خطة لإدارة المخاطر تهدف إلى تحديد وتقييم واختيار إجراءات التصدي لها، ومنها نقل بعض المخاطر إلى طرف ثالث. وهذا بدوره يتطلب تحديد طريقة شراء البضائع والخدمات من هذا الطرف. وعليه، فإن خطة المشتريات يجب أن تتضمن تفاصيل عن حجم العمل الذي سيتم شراؤه، وآلية القيام بذلك.
وفي ختام عمليات التخطيط يتم إعداد وثيقة تعرف باسم 'خطة إدارة المشروع' التي من خلالها يتم تنسيق ومكاملة وموازنة حصيلة مختلف العمليات. وهكذا، فإن موافقة الإدارة العليا على هذه الوثيقة هي بمنزلة تصريح للبدء في تنفيذ المشروع.
المصدر | جريدة القبس
كن كالقمر يرفع الناس رؤوسهم لكي يروه ..ولا تكن كالدخان يرتفع لكي يراه الناس