ومن الليل هدوءه
ومن الصبح إشراقته
يغار النعناع من أنفاسها
ويجدل الليل ضفائرها
وبينها وبين سجادة صلاتها ارتباط دائم
تلثم جبينها كل ليلة وهي تستمع لدعواتها
وجميع همسات الحب الذي يتفجر بداخل إحساسها
لاتعني بها سوى ذاك الفارس.. زوجها ..
الذي غزا ممكلة قلبها بالحلال واستحوذ على كنز مشاعرها
تلك هي التي تستحق أن تكون ملهمة الشعراء
إنسانة هي كالحلم برقتها
تبحث عنها في استقامتها
تلون الأرض حين تطأها بقدميها لتستحي ألوان الطيف
ويتوارى في السماء خجلا من بهائها
تحول الحزن فيمن حولها إلى أمل
وتبدأ يومها بالفرح مع كل الذين جعلوها حزينة
تغمرهم بحنان لا متناهي
وتلملم أحزانهم وترمم زلاتهم
حتى يخيل لهم أنها هي التي زلت ،، لا أقدامهم
ثم تحترق
فقط لتُضئ حياتهم
ومع أنهم كثيرا مايطفئونها بزفراتهم
الآن نفسها المضيئة تعود وتحترق ثانيةً لتضيئهم
تلك التي تحمل بداخلها شموخ الأمومة
ركضت إلى الشمس شرقاً
فخانها الظلام
فهربت منه
فخانها الضوء
تعاند الواقع وتحارب التحجر
وتسير في الطريق
تتأرجح
وتسقط
وتنهض
وتكمل المسير
وتصمم على الوصول للهدف البعيد
وتنأى بنفسها عن التورط بالأقوال والأفعال
ورغم أنف الظروف تكون كما تريد
نجم وقاد
تقود من حولها إلى واحة الراحة
وأمل يضئ طرقهم المعتمة
إنها طموح امرأة
لأنها وحيدة وأم لأربعة أطفال
يغمضون عيونهم بالليل ،، فتغطيهم بالحنان
ولا يبقى لها سوى الالتحاف بِــ الهم والسماء
وفي الصباح
تعجن من ماء دموعها خبزا لهم
وتودعهم وتدعو لهم
وتبقى وحيدة..
تطبخ على نار الهم ،، وتتبخر
وتغزل من الكفاح ثيابا ،، وتتضاءل
وتوزع عليهم فرحتها ،، لتحزن
وتحمل على عاتقها تحقيق طموحهم ،، وتنكسر
وتنتظر ،، وتنتظر
يوما يأتي ليمحو آلام الصبر
ثم تخرج إلى الناس بأبهى حلة وأحلى ابتسامة
ليحسدها الجميع على لا مبالاتها
بينما واقعها يقطع أنياط القلب بوحشية
تلك هي من تصنع الكبرياء في الرجال
لم تغادر عتبة البراءة إلاعند عتبة بيت زوجها
ولم تتعلم فنون الحب إلا على يديه
أحبته بطريقتها وعلى طبيعتها
وأحبها بعيوبها وعقلانيتها وأخطائها البريئة
فهي نصف واقعية ونصف حالمة ،، ونصف عاقلة ونصف مجنونة
ونصف بدوية ونصف متحضرة ،، ونصف أميرة ونصف أسيرة
ونصف امرأة ونصف طفلة
جمعت بين الفكر والجدل والثرثرة والغزل
حتى جعلته يتأرجح بين دنياها ودنياه
وبين الزهد و العشق
وبين العاطفة و العقل
وبين الهوس والضحك
لتصبح مملوكةً بين يديه
ومملوك في ثناياها
تغفر بكل كبرياء زلاته وتتغاضى بكل هدوء عن هفواته وتعــقّـــل بكل رزانة تهوره
لتصنع منه زوج استثنائي يمتلئ بالشغب الهادئ والهدوء المتوتر
وتجعل منه الرجل الحالم التلقائي والمرهف القوي والمغرور
والمجنون الرزين والرجل الطفل
وليس بغريب أن تفعل كل ذلك
فهي صادقة في مشاعرها
في زمن تباع به المشاعر
تلك هي خير متاع الدنيا
أنثى كالطلفة المدلـلـــــــة
تثير بالمرح الأجواء ،، وتغسل الأوجاع
وتملأ بالفرح الأرجاء ،، وتسكن الأضلاع
تتحمل الكثير عن أهلها، تطبطب على أحزانهم وتلملم بعثراتهم
وتلقنهم دروساً في الوفاء
وتعرف كيف تصنع من ضعفها قوة
وبقوتها تتسامى،، لتجسد كل صور العطاء
تعطي بلا حساب ،، وتغدق بلا سباب
وتتألم بصمت ،، وتفرح بصخب
حتى جاءت ليلة خطبتها التي تحولت إلى ليلة فرح بكاءية
فخروجها من المنزل خسارة للجميع
فهي لهم البلسم
وهي الحنان
وهي المعلم
وهي الأمان
وهي الدرّ العفيف اللطيف المعطاء
فلا عجب أن يبكي أهلها بليلتها ،، فراق الوفاء."