بِسْمِ اللهِ الْرَّحْمَنِ الرَّحِيِمِ
الَلَّهٌمَّ صَلَِ عَلَىَ مٌحَمَّدْ وَآلِ مُحّمَّدْ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَالْعَنْ أَعْدَائَهُمْ
الْسَّلامٌ عَلَيٌكٌمْ وَرَحْمَةٌ الله وَبَرَكَاتٌهٌ
وها نحن نذكر كلمات العلماء في حقّه سواء كان من معاصريه أو ممّن أتى من بعده حسب ترتيب التواريخ. ...........:
1ـ صفي الدين الهندي (ت 644| م 715)
كان صفي الدين الهندي من أعلم الناس بالاَصلين، ومن تصانيفه في علم الكلام «الزبدة» وفي أُصول الفقه «النهاية» وكل مصنفاته حسنةٌ جامعةٌ لا سيَّما النهاية، وقد عُقد له مجلس بدار السعادة عام 715 هـ ليناظر ابن تيمية، وكان طويل النفس في التقرير، فلمّـا شرعَ يقرّر، أخذ ابن تيمية يعجِّلُ عليه على عادته، ويخرج من شيء إلى شيء.
فقال له الهندي: ما أراك يا ابن تيمية إلاّ كالعُصفور حيث أردتُ أن أقبضه من مكان فرَّ إلى مكانٍ آخر.
وكان الهنديُّ شيخُ الحاضرين كلِّهم، فالكلّ صَدَر عن رأيه.
وحبس ابن تيمية بسبب تلك المسألة وهي التي تضمّنت قوله بالجهة ونُودي عليه في البلاد وعلى أصحابه وعزِلوا من وظائفهم .(1)
2ـ كمال الدين الزملكاني (ت 667 | م 727)
الاِمام العلاّمة المناظر وُلِدَ في شوال سنة 667 هـ ودرس بالشامية، البرانية وولّـي قضاء حلب وألّف رسالة مستقلة في الردّ على ابن تيمية في مسألتي الطلاق والزيارة (2).
3ـ شهاب الدين الحلبي (م 733)
عرّفه السبكي بأنّه درس وأفتى وشغَلَ بالعلم مدةً بالقدس ودمشق، وله تصنيفٌ في نفي الجهة رداً على ابن تيمية، وقد جاء السبكي بنفس الرسالة في ترجمته وهي رسالة مفصَّلة، في تنزيهه سبحانه عن الجسم والجسمانيات، قال في مقدمته: «أمّا بعد الذي دعا إلى تصدير هذه النبذة ما وقع في هذه المدّة ممّا علقه بعضهم في إثبات الجهة، واغترّ بها من لم يرسخ له في التعليم، قدم ولم يتعلَّق بأذيال المعرفة، فعجبت أن أذكر عقيدة أهل السنّة ثم أُبين فساد ما ذكره، مع أنَّه لم يدّع دعوى إلاّ نقضها أو أوطد قاعدةً إلاّ هدمها (3)
4ـ شمس الدين الذهبي (م 748)
كان الشيخ الذهبي من الحنابلة المتعصّبين، فهو وإن لم يذكر في حق ابن تيمية شيئاً في كتاب «تذكرة الحفّاظ» - لكنه في الحقيقة ذكر ترجمته في في كتا ير اعلام النبلاء و اثنى عليه كيف و هو تلميذه كما يقال !!!!!- لكنّه نصحه في رسالة بعثها إليه، وهذه الرسالة مطبوعة في تكملة السيف الصقيل للكوثري ص 190.
كتبه من خط قاضي القضاة برهان الدين ابن جماعة، وكتبه هو من خطّ الشيخ الحافظ أبي سعيد ابن العلائي وكتبه هو من خطّ الذهبي وفي آخر الرسالة جاء:
«أما آن لك أن تَرعَوي؟ أما حانَ لك أن تتوب وتُنيب، أمّا أنت في عمر سبعين وقد قرب الرحيل، واللّه ما أدَّكِر أنّك تذكر الموت، بل تزدري بمن يذكر الموتَ، فما أظنكَ تُقبل على قولي ولا تُصغي إلى وعظي، بل لك همَّة كبيرة في نقض هذه الورقة بمجلدات!... فإذا كان هذا حالُكَ عندي وأنا الشفوق المحبُّ الوادُّ فكيفَ حالُكَ عند أعدائك، وأعداوَك واللّه فيهم صلحاء وعقلاء وفضلاء كما أنَّ أولياءَك فيهم فَجَرَةٌ كَذَبةٌ جَهَلَةٌ...» (4)
5ـ صدر الدين المرحل (م حوالي 750)
كان إماماً كبيراً بارعاً في المذهب والاَصلين، يُضرب المثل باسمه فارساً في البحث نظّاراً مُفرط الذكاء عجيب الحافظة وله مع ابن تيمية المناظرات الحسنة وبها حصل عليه التعصب من أتباع ابن تيمية (5)
6ـ الحافظ علي بن عبد الكافي السبكي (م 756)
كان الشيخ الفقيه السبكي أحد المناضلين ضدَّ آراء ابن تيمية، خصوصاً في مسألة تحريم الزيارة والسفر إلى قبر الرسول.
يقول وَلدُه : إمام ناضَح عن رسول اللّه بنضاله، وجاهَدَ بجداله، حمى جناب النبوة الشريف بقيامه في نصره ... قامَ حين خلط على ابن تيمية الاَمر وسوّلَ له الخوضَ في ضحضاح ذلك الجمر، حين سدّ باب الوسيلة، وأنكر شدّ الرحال لمجرَّد الزيارة. (6) .
ويقول السبكي أيضاً في ديباجة كتابه «الدرَّة المضيئة في الردّ على ابن تيمية» ما هذا نصّه:
«لمّا أحدث ابن تيمية ما أحدث في أُصول العقائد ونقَضَ من دعائم الاِسلام الاَركان والمعاقد، بعد أن كان مستتراً بتبعية الكتاب والسنّة مُظهراً أنّه داع إلى الحق، هادٍ إلى الجنَّة، فخرج عن الاتباع إلى الابتداع، وشذَّ عن جماعة المسلمين بمخالفة الاِجماع، وقال بما يقتضي الجسمية والتركيب في الذات المقدّسة وأنّ الافتقار إلى الجزء ليس بمحال وقال بحلول الحوادث بذات اللّه تعالى ... ». (7).
له كتاب آخر أيضاً أسماه «شفاءُ السقام في زيارة خير الاَنام عليه أفضل الصلاة والسلام» أثبت فيه استحباب الزيارة بروايات كثيرة كما أثبت جواز السفر للزيارة وطبع بمصر عام 1318، وقدَّم له مقدَّمة العلاّمة الشيخ محمّد بخيت أسماها بـ : «تطهير الفوَاد من دنس الاعتقاد».
7ـ محمد بن شاكر الكتبي (م 764)
إنّ الكتبي هو الذي ألّف كتاب «فوات الوفيات» تذييلاً لكتاب «وفيات الاَعيان» لابن خلكان، فقال في ترجمة ابن تيمية أنَّه ألّف رسالة في فضل معاوية وفي أنّ ابنه يزيد لا يُسَب. (8)
وهذه الرسالة تُعرب عن نزعاته الاَموية ويكفي القول في «الوالد وما ولد» أنّ الاَوّل بدل الحكومة الاِسلامية إلى الملوكية الموروثة ودعى عباد اللّه إلى ابنه يزيد، المتكبر، الخمّير، صاحب الديوك، والفهودِ، والقرودِ، وأخذَ البيعةَ له على خيار المسلمين بالقهرِ والسطوةِ والتوعيدِ، وهو المجاهرُ بكفره بقوله:
لَعِبَتْ هاشمُ بالمُلكِ * فلا خبر جاءَ ولا وَحيٌ نَزَل
والثاني قتل الاِمام السبط الحسين أوّلاً، وارتكب مجزرة الحرّة ثانياً، وأحرق الكعبة ثالثاً.
8 ـ أبو محمد اليافعي (م 768)
قال في ترجمة ابن تيمية:
ماتَ بِقَلعة دمشق تقي الدين أحمد بن تيمية مُعتقلاً ومُنِعَ قبل وفاته بخمسة أشهر عن الدواة والورقة، وسمع من جماعة، وله مسائل غريبة أُنكر عليه وحُبس بسببها مباينةٌ لمذهب أهل السنّة، ومن أقبحها نهيه عن زيارة النبي، وكذلك عقيدته في الجهة . (9)
9ـ أبو بكر الحصني الدمشقي (م 829)
يقول:
فاعلم إنّي نظرتُ في كلام هذا الخبيث الذي في قلبه مرض الزيغ، المتتبع ما تشابه من الكتاب والسنَّة، ابتغاء الفتنة وتَبِعه على ذلك خلقٌ من العوام وغيرهم ممّن أراد اللّه عزّ وجلّ إهلاكه، فوجدت فيه ما لا أقدر على النُّطق به، ولا لي أنامل تطاوعني على رسمه وتسطيره، لما فيه من تكذيب ربّ العالمين، في تنزيهه لنفسه في كتابه المبين، وكذا الازدراءُ بأصفيائه المنتخبين، وخلفائهم الراشدين، وأتباعهم الموفّقين، فعدلت عن ذلك إلى ذكر ما ذكره الاَئمّة المتّقون وما اتفقوا عليه من تبديعه وإخراجِهِ ببغضه من الدين . (10)
-------------------------------------------------------------------------
(1) السبكي: طبقات الشافعية، ج9: 164ـ 169، والبداية والنهاية ج14:36ـ 38.
(2)المصدر نفسه ج9: 190ـ 191.
(3)السبكي: طبقات الشافعية ج 9: 34ـ35.
(4)تكملة السيف الصقيل: 190.
(5)السبكي: طبقات الشافعية ج 9: 253.
(6)المصدر نفسه ج10: 149ـ 150.
(7)السبكي: الدرَّة المضيئة ص 5.
(8)الكتبي: فوات الوفيات ج1: 77.
(9)اليافعي: مرآة الجنان ج4: 240 و 277 في حوادث سنة 728.
(10)الدمشقي: دفع شبه من شبه وتمرد : 216.
ولنا عــــــــــــــــــودة بإذن الله تعالى ...
حيـــــــــــــــــــدرة