[Basij]

حل العام الجديد وسط ارتفاع وتيرة التهديدات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأميركية. فبعد ان هددت طهران بإغلاق مضيق هرمز في حال تم قطع النفط عنها، معتبرة أن "إغلاق مضيق هرمز أمام ناقلات النفط سيكون "أسهل من شربة ماء"، إذا رأت الجمهورية الإسلامية ضرورة لذلك" كونها تعتبر الدولة الساحلية التي يقع المضيق في مياهها الإقليمية، وصفت الخارجية الأمريكية التهديدات الإيرانية الأخيرة بإغلاق مضيق هرمز بأنها "غير عقلانية"، وهو ما رفضته إيران. وعلى الرغم من أن الصراع على مضيق هرمز يمتد إلى عقود خلت إلا أنه الأول من نوعه في الحرب الناعمة بين الجمهورية الإسلامية وأميركا. فردة الفعل الأميركية هذه تأتي عقب انسحاب الجيش الأميركي مهزوماً من العراق لتفتقد الولايات المتحدة أهم موقع جيوستراتيجي يمكن أن يجعلها تحاصر طهران، وفقدان ثاني أهم مخزون نفطي في العالم، وبوابة على الخليج الفارسی.
نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي
القدرات العسكرية والاقتصادية الإيرانية لإغلاق المضيق وبالرغم من إعلان قيادة الأسطول الأميركي الخامس أنها لن تسمح لإيران بإغلاق المضيق، إلا أنه من غير الممكن أن تستطيع ذلك لأن لدى إيران القدرة على إغلاق المضيق الذي يقع في مياها الإقليمية عسكرياً ولوجستياً بسهولة. فالجمهورية الإسلامية الإيرانية تمتلك منظومات متكاملة من الأسلحة المتطورة من السفن الحربية والغواصات والزوارق السريعة والصواريخ والطوربيدات البحرية والألغام البحرية وسلاح الطيران التابع للقوات البحرية، التي تمكنها في أي وقت من إغلاق المضيق. وكشفت إيران خلال المناورات البحرية التي أجرتها قوات الحرس الثوري والبحرية النظامية عن عدة تطويرات أجرتها على أنظمة التسليح البحرية، يرتبط معظمها بخطط العمليات تجاه مضيق هرمز.
واستطاعت الجمهورية الإسلامية تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال إنتاج الأجهزة البحرية المتطورة. وتقوم حاليًا بإنتاج بوارج مجهزة بأنظمة صاروخية متطورة، مثل: أنظمة صواريخ "بيان" و"جوشن" و"درفش". ودشنت إيران المدمرة "جمران"، وكذلك أعلنت عن تطوير المدمرة جمران "2"، وتمكنت القوة البحرية للجيش الإيراني من صناعة بارجة حربية أطلقت عليها اسم "موج". وتملك إيران العديد من القطع البرمائية، وطورت الغواصة الصغيرة "قادر" والتي بإمكانها شن عمليات إنزال مجموعات كوماندوز لمهاجمة قواعد وأهداف بحرية معادية. وكشفت عن صاروخ بحر/ بحر يسمى "الحوت" الذي يمكن إطلاقه من قطع بحرية أو قواعد ساحلية، بالإضافة إلى أنواع مختلفة من صواريخ ساحلية (أرض / بحر)،/ وصواريخ بحرية (بحر/بحر) بينها الصواريخ (كوثر،/ نور، ونصر) وصاروخ محراب المتطور، لتغطي منطقة الخليج كلها وبحر عمان، فتصبح كلها تحت السيطرة البحرية الإيرانية. وافتتحت خطاً لإنتاج غواصات محلية الصنع قادرة على إطلاق صواريخ وطوربيدات.

ولدى إيران قوة اقتصادية هائلة يمكن أن تستخدمها في إغلاق المضيق. فهي إذا قررت إغلاقه فستخلق كارثة اقتصادية عالمية. فطهران قادرة على إلحاق الضرر بالمصالح الاقتصادية الأميركية والأوروبية في مياه الخليج وذلك كفيل بردع الإدارة الأميركية وغيرها عن التفكير بالخيار العسكري. ولدى إيران القدرة التكنولوجية العسكرية على إلحاق أذى كبير بسفن أميركا وحلفائها في هذه المنطقة، ناهيك عن إيقاف ناقلات النفط، ما قد يؤدي إلى رفع سعر برميل النفط لأكثر من 100 دولار، مع ما قد يترتب على ذلك من ارتفاع أسعار وسائل النقل والمنتجات الاستهلاكية المصنفة أضعاف ما هي عليه حالياً. وبإغلاق المضيق سيعاني كثير من الدول الأوروبية التي تمر في أزمة إفلاس خانقة. ومما لا شك فيه أنه إذا ما أغلق مضيق هرمز فإن ذلك سيجعل دول العالم جميعًا مخنوقة اقتصاديًا واجتماعيًا، حيث سيكون من الصعب على الدول المنتجة للنفط أن تعوض ما ينقل عبر مضيق هرمز من نفط يصل إلى 18 مليون برميل يوميًا، وبالسرعة المطلوبة في حالة إغلاق المضيق، خصوصًا الدول التي لا تملك مخزونًا استراتيجيًا من النفط وتعتمد عليه في تسيير عجلة الصناعة فيها، مثل الصين والهند واليابان وكوريا وأوروبا.
قانون البحار يكفل لإيران إغلاق المضيق
يعتبر المضيق في نظر القانون الدولي البحري جزءاً من أعالي البحار، لذلك فإن لجميع السفن الحق والحرية في المرور فيه ما دام لا يضر بسلامة الدول الساحلية أو يمس نظامها أو أمنها. وقد أقرت اتفاقية جنيف للبحر الإقليمي والمنطقة المتاخمة لسنة 1958 مبدأ المرور البريء في المضايق في الفقرة الرابعة من المادة "16". وقانون البحار يكفل نظام المرور في المضايق المستخدمة للملاحة الدولية. لكنه يؤكد أن الدول المساحلة للمضايق تمارس سيادتها وولايتها رهناً بمراعاة ما نصت عليه الاتفاقية. ووفقاً للمادة 38 من اتفاقية قانون البحار، فإن جميع السفن العابرة للمضايق الدولية بما فيها بالطبع مضيق هرمز، سواء أكانت هذه السفن تجارية أم حربية، تتمتع بحق المرور العابر دون تمييز أو عراقيل ودون الإخلال بقوانين وأنظمة الدولة الساحلية وأمنها.

وبالعودة إلى تهديد الولايات المتحدة الأميركية بأنها لن تسمح لإيران بإغلاق هرمز فإنها هي التي تكون تخالف القانون الدولي، لأن أميركا ليس لها حدود قريبة من مضيق هرمز ولا سيادة لها عليه، بل إنها مثلها مثل أي دولة تسمح لها إيران بالمرور العابر وتكون طهران التزمت بذلك بقانون البحار بعكس أميركا التي تخرق قانون البحار الذي لا يسمح بتهديد أمن دولة العبور. وبذلك تكون أميركا تتدخل بالشؤون الداخلية لإيران وتريد تقويض سيادتها. وخاصة أن المادة 39 من قانون البحار توجب على السفينة أو الطائرة في حالة المرور العابر مراعاة المضي دون تأخير عبر المضيق أو فوقه، والامتناع عن أي تهديد باستعمال القوة أو استعمالها ضد سيادة الدولة المحاذية للمضيق أو سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي. وبالتالي من حق الجمهورية الإسلامية إذا تضررت نتجية قطع النفط عنها أو نتيجة أي أمر طارئ أن تغلق المضيق حيث يكفل قانون البحار لها ذلك وأن تردع الولايات المتحدة وترفع عليها دعوى لمحكمة العدل الدولية في حال خرقها لحق إيران في إغلاق المضيق.


الانتقاد