بقلم : نائب رئيس الجمهورية المستقيل عادل عبد المهدي
هذا المقال منقول من موقع براثا
القوات المسلحة ضرورة لاي دولة ومجتمع.. لا يمكن بدونها العيش وتحقيق الامن والاستقرار الضروري لاي اعمار وتقدم.. وان اضعاف القوات المسلحة، هو اضعاف للحياة المدنية وللاستقلال الوطني.. وان توفير القوة والمكنة لها، هو تحقيق السيادة والاستقرار للبلاد والمواطنين على حد سواء.
لم يدمر دور القوات المسلحة ومكانتها في الحياة والنفوس سوى انحرافها نحوة العسكرة التي طغت منذ فترة طويلة.. واصبحت حاكمة في الدولة والمجتمع والثقافة العامة. فالكثير من العسكريين تولدت لديهم طموحات سياسية.. يستغلون مصادر القوة التي بايديهم لنيل مواقع وامتيازات شخصية واجتماعية.. بالمقابل صار سلوك الكثير من المدنيين من حكام وقادة احزاب سلوك عسكراتي.
فشاعت الانقلابات كاسلوب شبه وحيد لتداول السلطة.. وانتشرت المظاهر العسكرية والمسلحة من المدنيين والعسكريين.. وكثرت وسائل استثمارها -بما فيها الاعلامية والتربوية- لاغراض مشروعة وغير مشروعة. ومع شيوع وكثرة مفاهيم الجيوش النظامية وشبه العسكرية التي قوامها المدنيين كالمقاومة الشعبية والحرس القومي والجيش الشعبي، والكثير غيرها سهل تقمص المدني الحالة العسكرية، ومنح المدنيون الرتب لانفسهم، وصولاً لاعلاها، كما فعل صدام حسين بمنح نفسه رتبة مهيب ركن.
فاستخدام القوة العسكرية لاغراض سياسية واجتماعية ظاهرة مفسدة للنظامين العسكري والمدني على حد سواء.. لكن قد يكون اكثر افساداً تحول المدني الى العقلية والممارسة العسكراتية.. فالعسكري -رغم كل شيء- قد تحكمه الاخلاقيات والضوابط المهنية التي تدرب عليها.. اما المدني فسيمارسها بانفلات واستهتار ودون معرفة وخبرة حقيقيتين.. والاهم من ذلك سيفقد دوره الريادي والاشرافي الضروري لبقاء القوات المسلحة في حدودها، ولاداء واجباتها المنوطة بها، بما فيها اشاعة الحياة المدنية التي هي هدف المجتمعات، وتعريفها الاول بامتياز.
لا ينكر ان عوامل تاريخية شجعت هذا التوجه وجعلته واقعاً وتربية تبدأ من الطفولة وتنمو مع الكبر.. فمعارك التحرير التي تربت عليها اجيال كاملة.. والعنف والارهاب اللذان مارستهما الدولة او الجماعات، دفعت قوى شعبنا المدنية والعسكرية للتفكير باسلوب مسلح، سواء عبر القوات المسلحة او خارجها للتخلص -عن حق او باطل- من الواقع الذي فرض نفسه على البلاد. لذلك حرص الدستور على وضع الاولويات.. وقيمومة الحالة المدنية سياسياً واجتماعياً وامنياً لتصحيح المسارات.. ولضمان التداول عبر الوسائل المدنية.. ولتحتل القوات المسلحة مكانها المناسب ودورها المشرف لتحقيق امن المواطنين والدفاع عن الوطن.
....