هل صحيح ان السيد محمد بن الحنفية غير راضي عن ثورة الحسين ولم يقبل للحسين بالخروج
الْسَّلامٌ عَلَيٌكٌمْ وَرَحْمَةٌ الله وَبَرَكَاتٌهٌ
سَلامٌ قَوْلا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ
هذا كلام لايليق ولم يقل به أحدٌ ممن هم في عُرف الشيعة والتشيع والموالاة لأهل بيت النبوة عليهم الصلاة والسلام أبداً على الأقل في حد علمي واطلاعي أيها الطيب الكريم ...!
وللعلم إنا لنا شواهد كثيرة تنافي قولك اعلاه ...، ويكفينا علة عدم خروجه للجهاد مع أخيه الامام الحسين عليه السلام رداً على مثل هذا القول إذ أن من أسباب عدم الخروج وأنه كان على ما كان عليه أخيه الامام الحسين عليه السلام في هذا الامر ومن الاسباب هي :
العلة الأولى:
أنّ الحسين أمره بالبقاء في المدينة؛ لأجل مصالح أخيه الحسين ومصالح مَن بقي من بني هاشم، حتّى لا يتجرى عامل المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان على أذاهم، حياءً منه أو خوفاً من الخروج عليه.
قال الحسين عليه السلام : وأما أنت يا أخي فلا عليك بأن تقيم بالمدينة فتكون لي عيناً لا تخفي عني شيئاً من أمورهم [1].
العلة الثانية:
أنّه أصابته عين، فخرج بيده خراج وعطَّل يده عن المقارعة بالسيوف، فكان هذا عذره في ترك المسير مع أخيه الحسين وترك تكليفه في الخروج معه إلى العراق.
روي انه قال لأخيه الحسين عليه السلام : إنّي ـ والله ـ لَيَحزُنُني فراقُك، وما أقعَدَني عن المسير معك إلاّ لأجل ما أجِده من المرض الشديد.. فواللهِ ـ يا أخي ـ ما أقدر أن أقبضَ على قائم سيف، ولا كعبِ رمح، فواللهِ لا فَرِحتُ بعدك أبداً! ثمّ بكى بكاءً شديداً حتّى غُشيَ عليه، فلمّا أفاق من غشيته قال: يا أخي، أستَودِعُك اللهَ مِن شهيدٍ مظلوم! [2].
العلة الثالثة :
امره بالبقاء من اجل التغطية الاعلامية لابراز اهداف الثورة او ابراز مظلومية الامام الحسين عليه السلام لاهل المدينة. فأنّ كتابة الوصية لمحمد بن الحنفية تؤكد ذلك[3] .
العلة الرابعة:
ما ورد في الأخبار من أنه لمّا عوتب مُحمَّد بن الحنفيه وعبد الله بن العبّاس على ترك المسير معه ، قالا: إنا نعرف مَن يخرج معه ويستشهد في حضرته، ونعرف أسمائهم وأسماء آبائهم بعهدٍ عهده إلينا أمير المؤمنين ، قال مُحمَّد بن الحنفيّة: ولم يكن فيه اسمي، فكيف أخرج معه إلى العراق[4].
العلة الخامسة:
ما رواه مُحمَّد بن يعقوب الكليني (طاب ثراه) في كتاب الرسائل، بإسناده إلى حمزة بن حمران، عن أبي عبد الله ، قال: ذكرنا خروج الحسين وتخلّف ابن الحنفية، فقال أبو عبد الله : "يا حمزة، إنّي سأُخبرُك بحيث لا تسأل عنده بعد مجلسك هذا، إنّ الحسين لمّا فصل متوجهاً، دعا بقرطاس وكتب فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن عليِّ بن أبي طالب إلى بني هاشم.
أمّا بعد؛ فإنّه مَن لحق بي منكم استشهد، ومَن تخلّف لم يبلغ مبلغ الفتح، والسلام".[5]
والنتيجة :
ان محمد بن الحنفية كان له تكليفه الخاص في ثورة الاصلاح الحسيني , وقدكان مؤيدا من امام زمانه حسب الشواهد التاريخية .
وهذا والله تعالى أعلم
----------------------------------------------------------------
[1] - بحار الانوار :ج44ص329.
[2] - معالي السبطين 1 : 229 ، أسرار الشهادة : 246 ، مقتل الحسين ومصرع أهل بيته : 61.
[3] - بحار الانوار :ج44ص329.
[4] - ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج 3، ص 211, المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 44، ص185 .
[5] - بصائر الدرجات : 501 / 5 ، كامل الزيارات : 75 / 15 " نحوه " ، نوادر المعجزات : 109 / 6 ، مناقب ابن
شهرآشوب 4 : 76 .
ذكر الشيخ المفيد أنّ محمّد بـــن الحنفــــيّة لــــم يكن يعرف أين سيذهب الإمام عليه السلام واقترح عليه الامتناع عن بيعة يزيد والذهاب إلى المدن, وأن يرسل رسله إلى الناس يدعوهم إليه، فإذا قبلوا منه وبايعوه شكر الله، وإذا اجتمعوا على شخص آخر, فإنّ الله لن ينقص من دينك وعقلك شيئاً, وبهذا النحو يتمكّن الإمام عليه السلام أن يحتفظ بمروءته وفضله. وقد سأله الإمام عليه السلام : إلى أين أذهب؟ قال: أخرج إلى مكّة, فإن اطمأنّت بك الدّار بقيت فيها, وإلّا فاخرج إلى مدينة أخرى, وامتنع عن بيعة يزيد. فمحمّد كان يخالف الحركة نحو مدينة خاصّة.
(المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 33 ـ 35)
هذا يدل بأن القول بأن محمد بن الحنفية عليه السلام لم يكن راضيا على النهضة الحسينية باطل و غير صحيح