البيئة لغة: المنزل والحال وهي لفظة شائعة الاستخدام يرتبط مدلولها بنمط العلاقة بينها وبين مستخدمها فنقول:- البيئة الزراعية، والبيئة الصناعية، والبيئة الصحية، والبيئة الاجتماعية والبيئة الثقافية، والسياسية.... ويعنى ذلك علاقة النشاطات البشرية المتعلقة بهذه المجالات..
محتويات
البيئة في اللغة مشتقة من الفعل (بوأ) و (تبوأ) أي نزل وأقام. والتبوء: التمكن والاستقرار والبيئة: المنزل( ). والبيئة بمعناها اللغوي الواسع تعني الموضع الذي يرجع إليه الإنسان، فيتخذ فيه منزله ومعيشته، ولعل ارتباط البيئة بمعنى المنزل أو الدار له دلالته الواضحة حيث تعني في أحد جوانبها تعلق قلب المخلوق بالدار وسكنه إليها، ومن ثم يجب أن تنال البيئة بمفهومها الشامل اهتمام الفرد كما ينال بيته ومنزله اهتمامه وحرصه. أما في اللغة الإنكليزية فيعني اصطلاح البيئة (Environment) كما جاء في قاموس "ويبستر" مجموع الظروف الاجتماعية والثقافية التي تؤثر على حياة الفرد أو جماعة، كالعرف والقوانين، واللغة والدين، والمنظمات الاقتصادية والسياسي.
وفي اللغة الفرنسية عرف قاموس "لاروس" البيئة (Environnment) بأنها مجموع العناصر الطبيعية والصناعية التي تمارس فيها الحياة الإنسانية. نلاحظ من العرض السابق أن المعنى اللغوي لكلمة (بيئة) يكاد يكون واحداً بين مختلف اللغات، فهو ينصرف إلى المكان أو الوسط الذي يعيش فيه الكائن الحي بوجه عام، كما ينصرف إلى الظروف المحيطة بذلك الكائن، أياً كان طبيعتها، ظروف طبيعية أو اجتماعية أو بيولوجية.. إلخ.
[عدل] التعريف العلمي للبيئة
يرجع الفضل الأول في تحديد مفهوم البيئة العلمي، إلى العلماء العاملين في مجال العلوم الحيوية والطبيعية، فيرى البعض أن للبيئة مفهومان يكمل بعضهما البعض، أولهما «البيئة الحيوية» وهو كل ما يختص لا بحياة الإنسان نفسه من تكاثر ووراثة فحسب، بل تشمل علاقة الإنسان بالكائنات الحية، الحيوانية والنباتية، التي تعيش في صعيد واحد. أما ثانيهما وهي «البيئة الطبيعية أو الفيزيقية» وهذه تشمل موارد المياه وتربة الأرض والجو ونقاوته أو تلوثه وغير ذلك من الخصائص الطبيعية للوسط.
ويرى البعض الآخر أن البيئة تعني الوسط الذي يعيش فيه الكائن الحي أو غيره من مخلوقات الله وهي تشكل في لفظها مجموع الظروف والعوامل التي تساعد الكائن الحي على بقائه ودوام حياته. ويحاول اتجاه آخر التركيز على الإنسان باعتباره أحد مكونات البيئة الفاعلة، فيعرف البيئة بأنها كل مكونات الوسط الذي يتفاعل معه الإنسان مؤثراً ومتأثراً، أو هي الإطار الذي يعيش فيه الإنسان ويحصل منه على مقومات حياته، من غذاء وكساء ودواء ومأوى، ويمارس فيه علاقاته مع أقرانه من بني البشر. ويبدو أقرب للحقيقة العلمية القول إن البيئة هي مجموع العوامل الطبيعية والبيولوجية والعوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تتجاور في توازن، وتؤثر على الإنسان والكائنات الأخرى بطريق مباشر أو غير مباشر. وهذا التعريف يبصر بأن البيئة اصطلاح ذو مضمون مركب: فهناك البيئة الطبيعية بمكوناتها التي أودعها الله فيها، وتشمل الماء والهواء والتربة وأشعة الشمس، وما يعيش على تلك العناصر والمكونات من إنسان ونبات وحيوان. وهناك البيئة الاصطناعية وهي تشمل كل ما أوجده تدخل الإنسان وتعامله مع المكونات الطبيعية للبيئة، كالمدن والمصانع والعلاقات الإنسانية والاجتماعية التي تدير هذه المنشآت. [1]
بصفة عامة البيئة، تشير إلى المحيط الكائن حول شيء. وقد يكون هذا الشىء إنسان أو حيوان أو برنامج حاسوب أو نفس الإنسان. ويتفق العلماء في الوقت الحاضر على أن مفهوم البيئة يشمل جميع الظروف والعوامل الخارجية التي تعيش فيها الكائنات الحية وتؤثر في العمليات التي تقوم بها. فالبيئة بالنسبة للإنسان- "الإطار الذي يعيش فيه والذي يحتوي على التربة والماء والهواء وما يتضمنه كل عنصر من هذه العناصر الثلاثة من مكونات جمادية، وكائنات تنبض بالحياة. وما يسود هذا الإطار من مظاهر شتى من طقس ومناخ ورياح وأمطار وجاذبية ومغناطيسية..الخ ومن علاقات متبادلة بين هذه العناصر
البيئة قد تشير إلى
البيئة المبنية، التي شيدت المناطق المحيطة بها التي تقدم الإعداد للنشاط البشري، بدءا من المناطق المحيطة بها على نطاق واسع في الأماكن المدنية الشخصية
البيئة (البيوفيزيائية) العوامل المادية والبيولوجية مع تفاعلاتها الكيميائية التي تؤثر على الكائن الحي
البيئة (النظم) المناطق المحيطة بها لنظام المادية التي قد تتفاعل مع النظام من خلال تبادل الشامل، والطاقة، أو غيرها من الممتلكات
إن البيئة بمفهومها السابق، يحكمها ما يسمى بالنظام البيئي، والتوازن الإيكولوجي وهما فكرتان متلازمتان من الناحية العلمية. والإنسان جزء من نظام معقد يتفاعل معه ويؤثر فيه عن طريق المجتمع ومن خلاله. والظواهر البيئية الناتجة عن التغيرات التي يحدثها الإنسان في بيئة الأرض من خلال الأنشطة المختلفة التي يقوم بها،لا يمكن فهمها إلا في إطار علاقة ثلاثية تبادلية تقوم بين الإنسان والمجتمع والبيئة. وعليه فإن النظام البيئي كما عرفه البعض هو عبارة عن «وحدة أو قطاع معين من الطبيعة بما تحويه من عناصر وموارد حية نباتية وحيوانية، وعناصر وموارد غير حية،تشكل وسطاً حيوياً تعيش فيه عناصره وموارده في نظام متكامل، وتسير على نهج طبيعي، ثابت ومتوازن، تحكمه القدرة الإلهية وحدها، دون أي تدخل بشري أو إنساني». ويعرفه البعض الآخر بقوله «إن النظام البيئي عبارة عن وحدة بيئية متكاملة تتكون من كائنات حية ومكونات غير حية متواجدة في مكان معين، يتفاعل بعضها ببعض، وفق نظام دقيق ومتوازن، في ديناميكية ذاتية، لتستمر في أداء دورها في استمرارية الحياة». نلاحظ أن القاسم المشترك بين هذين التعريفين يدور حول علاقة الكائنات الحية في منطقة ما، ووسطها المحيط، قائمة على التأثير المتبادل. لذلك يمكن أن نعرف النظام البيئي بشكل مبسط بأنه «جملة من التفاعلات الدقيقة بين الكائنات الحية التي تستوطن قطاعاً معيناً من الطبيعة، والوسط المحيط بها». والنظام البيئي بهذا المعنى يقوم على نوعين من العناصر:
النوع الأول:
العناصر الحية:وهي عديدة تشمل الإنسان، والنبات والحيوان، وتعيش هذه العناصر على اختلاف أشكالها، في نظام حركي متكامل، كل عنصر يتأثر بالعناصر الأخرى، ويؤثر فيها، ويؤدي دوراً خاصاً به، ويتكامل مع أدوار العناصر الأخرى، ويأتي الإنسان على قمة هذه العناصر فينسق بينها ويسخرها لخدمته.
النوع الثاني:
العناصر غير الحية:وأهمها الماء والهواء والتربة، وكل عنصر منها يشكل محيطاً خاصاً به، فهناك المحيط المائي ويشمل كل ما على الأرض من مصطلحات مائية (بحار– أنهار– محيطات- بحيرات) وهناك المحيط الجوي أو الهوائي ويشتمل على غازات وجسيمات وأبخرة وذرات معادن. وأخيراً هناك المحيط اليابس أو الأرضي ويشمل الجبال والهضاب والتربة. ويلاحظ أن هذه الأوساط أو المحيطات ترتبط ببعضها البعض، وبمكونات العالم الحي، أو العناصر الحية السابق ذكرها، بعلاقات متكاملة متوازنة والاختلال الذي يلحق بالتوازن البيئي يتأتى من ازدياد أو نقصان، غير طبيعي، لعنصر من عناصر النظام البيئي، الذي يحكم كل بيئة من تلك البيئات، بفعل تأثير خارجي، كتلوث الماء، أو الهواء، أو التربة، أو انقراض بعض النباتات أو الحيوانات أو غيرها ويمثل الإنسان أحد العوامل الهامة في هذا النظام البيئي، بل هو يعتبر من أهم عناصر الاستهلاك التي تعيش على الأرض، ولذلك فإن الإنسان إذا تدخل في هذا التوازن الطبيعي دون وعي أو تفكير، فإنه يفسد هذا التوازن تماماً. [2][3]
يمكن تقسيم البيئة، وفق توصيات مؤتمر ستوكهولم، إلى ثلاثة عناصر هي:
البيئة الطبيعية:وتتكون من أربعة نظم مترابطة وثيقاً هي: الغلاف الجوي، الغلاف المائي، اليابسة، المحيط الجوي، بما تشمله هذه الأنظمة من ماء وهواء وتربة ومعادن، ومصادر للطاقة بالإضافة إلى النباتات والحيوانات، وهذه جميعها تمثل الموارد التي اتاحها الله سبحانه وتعالى للإنسان كي يحصل منها على مقومات حياته من غذاء وكساء ودواء ومأوى.
البيئة البيولوجية:وتشمل الإنسان "الفرد" وأسرته ومجتمعه، وكذلك الكائنات الحية في المحيط الحيوي وتعد البيئة البيولوجية جزءاً من البيئة الطبيعية
البيئة الاجتماعية:ويقصد بالبيئة الاجتماعية ذلك الإطار من العلاقات الذي يحدد ماهية علاقة حياة الإنسان مع غيره، ذلك الإطار من العلاقات الذي هو الأساس في تنظيم أي جماعة من الجماعات سواء بين أفرادها بعضهم ببعض في بيئة ما، أو بين جماعات متباينة أو متشابهة معاً وحضارة في بيئات متباعدة، وتؤلف أنماط تلك العلاقات ما يعرف بالنظم الاجتماعية، واستحدث الإنسان خلال رحلة حياته الطويلة بيئة حضارية لكي تساعده في حياته فعمّر الأرض واخترق الأجواء لغزو الفضاء.
^ عبد الوهاب محمد، المسؤولية عن الأضرار الناتجة عن تلوث البيئة، رسالة دكتوراه، جالقاهرة،1994، ص20.
^ أحمد عبد الكريم سلامة، البيئة وحقوق الإنسان في القوانين الوطنية والمواثيق الدولية، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، ج المنصورة، العدد15، أبريل 1994، ص3.
^ حسن شحاتة، التلوث فيروس العصر، دار النهضة العربية، القاهرة، 1999، ص17 ومابعدها.