|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 77823
|
الإنتساب : Mar 2013
|
المشاركات : 69
|
بمعدل : 0.02 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
بنت الامارات ،
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 04-04-2013 الساعة : 09:49 PM
عثمان والحكم بن العاص
التهمة السابعة: أنه -أي عثمان رضي الله عنه- رد الحكم بن أبي العاص بعد أن نفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تقول الرواية الموجودة في كتب الشيعة أن الرسول صلى الله عليه وسلم طرد الحكم بن العاص، وابنه مروان من المدينة، فلم يزل طريدا في زمن أبي بكر، وعمر، فلما ولي عثمان آواه، ورده إلى المدينة.
أولا: هذه الرواية لم ترد في أي كتاب من كتب الصحاح، والرواية التي جاءت في كتب السنة، إنما جاءت في حديث مرسل، والحديث المرسل هو الذي رفعه التابعي إلى الرسول مباشرة من غير ذكر للصحابي، وفي بعض الأقوال أن الحديث المرسل ضعيف لا يحتج به، وقد حكى في (التقريب) هذا القول عن جماهير من المحدثين، وكثير من الفقهاء وأصحاب الأصول.
ثانيا: الرواة في هذه الرواية الكثير منهم مشكوك فيه، ومنهم من يطعن فيه بالكذب.
وتعالوا بنا نتدبر أمر هذه القضية المثارة بشيء من الحكمة
أولا: الحكم بن العاص من مسلمي الفتح، فقد أسلم رضي الله عنه سنة 8 هـ، ومسلمي الفتح يسمون في التاريخ الطلقاء وكانوا ألفين، فقد كان رضي الله عنه إذن يعيش في مكة لا في المدينة، فكيف يطرده النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة، بينما هو يعيش في مكة؟ ربما قال البعض: إنه قد يكون هاجر من مكة إلى المدينة بعد الفتح. ونقول لهم: روى البخاري بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتَنْفَرْتُمْ فَانْفِرُوا.
فهذا نهي على الإطلاق عن الهجرة إلى المدينة بعد الفتح، ولما هاجر صفوان بن أمية، وهو من مسلمي الفتح إلى المدينة واستقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما أخبره أنه جاء مهاجرا رده إلى مكة وقال له: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ".
وجاء العباس رضي الله عنه برجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأقسم على النبي صلى الله عليه وسلم أن يبايعه على الهجرة وذلك بعد الفتح، فأمسك الرسول صلى الله عليه وسلم بيد هذا الرجل الذي أتى به العباس رضي الله عنه وقال: "إِنِّي أَبْرَرْتُ قَسَمَ عَمِّي، وَلَكِنْ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ".
والحديث في مسند الإمام أحمد، إذن فالحكم بن العاص كان من سكان مكة أصلا، ولم يكن من سكان المدينة حتى يطرده النبي صلى الله عليه وسلم منها.
وقال بعض العلماء: إن الحكم ذهب إلى في الطائف باختياره، وليس نفيا، وهذا الأقرب إلى الصواب؛ لأنه عاش فترة في الطائف في أواخر عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
وفي الرواية نفسها يقولون: إنه نفى الحكم بن أبي العاص، وابنه مروان من المدينة إلى الطائف، وإذا قدرنا عمر مروان بن الحكم في سنة 8 هـ عام الفتح، وجدنا أن عمره سبع سنوات، فلو أن النبي صلى الله عليه وسلم نفاه في آخر يوم من حياته فلن يتجاوز عمره عشر سنوات على الأكثر، ومن المستحيل أن ينفي الرسول صلى الله عليه وسلم غير مكلف، ولو سلمنا جدلا أن هذه الرواية التي جاءت في كتب الشيعة صحيحة، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم نفى الحكم بن العاص إلى الطائف؛ فليس هناك ذنب في الشريعة الإسلامية يستوجب النفي الدائم، فالنفي يكون إما فترة يتمها المنفي ويعود، وإما يترك حتى يتوب من ذنبه، فإذا تاب ورأى الحاكم صدق توبته عاد، فلو كان الحكم منفيا، وأعاده عثمان رضي الله عنه، فليس في ذلك ضرر، فإن قيل: لِمَ لَمْ يرده أبو بكر وعمر رضي الله عنهما مع أن عثمان رضي الله عنه كما في رواية خاطبهما في هذا الأمر؟
ولو سلمنا جدلا أنه كان منفيا في عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ولم يرداه فربما لأن توبته لم تظهر بعد، أو قد تكون مدة النفي غير كافية في عهدهما، لكنها كفت في عهد عثمان رضي الله عنه، أو أن الحكم بن العاص لم يطلب أن يعود إلى المدينة من أبي بكر أو عمر رضي الله عنهما، لكنه طلب ذلك من عثمان رضي الله عنه.
فإن قيل: إن نفي الحكم بن أبي العاص كان نفيا دائما استحال على الظن أن يعيده عثمان بن عفان رضي الله عنه، وذلك لأن عثمان رضي الله عنه أشد ورعا من أن يقطع أمرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والأكثر من هذا أن يسكت جميع الصحابة على هذا الأمر، أو لا أحد منهم يتحدث، ويعارض عثمان رضي الله عنه، ويقول له: إنك قد قطعت أمرا قد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدوامه واستمراره، ومن بين الصحابة علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي كان موجودا، ووافق على عودة الحكم بن أبي العاص، إذا فرضنا أنه كان منفيا، وأعاده عثمان رضي الله عنه.
فإذا قيل: لِمَ يشفع عثمان رضي الله عنه في رجل قد ارتكب ذنبا؟
نقول: لأن هذا نوع من صلته لرحمه، وهذا عمه، وقد ورد في البخاري عن عروة عن أسماء قال: قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش، ومدتهم إذ عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم مع ابنها فاستفتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أمي قدمت، وهي راغبة، أفأصلها؟
قال: نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ.
وقد أوصت السيدة صفية بنت حيي بن أخطب أم المؤمنين رضي الله عنها، وأرضاها قبل موتها لبعض قرابتها من اليهود، واحتج بعض الفقهاء بهذا الأمر أنه يجوز للمسلم أن يوصي لأقربائه من أهل الذمة، فإذا كان يجوز للمسلم أن يصل رحمه الكافر، أفلا يجوز له أن يصل رحمه المسلم؟
وإذا سلمنا جدلا أن عثمان رضي الله عنه قد أخطأ في هذا الأمر، وأنه اجتهد في إعادة الحكم بن العاص إلى المدينة، وكان الأفضل ألا يعيده، فمن يستطيع أن يطعن في عثمان بن عفان رضي الله عنه لأجل هذا الأمر؟
لننظر إلى أمر حاطب بن أبي بلتعة، ماذا فعل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
لقد أفشى سر استعداد دخول الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكة لفتحها، وكان يخشى على أهله، وماله بمكة، فأراد أن تكون له يد عند أهل مكة، فأعلم الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالوحي بهذا الأمر، في البخاري عن علي رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبا مرثد الغنوي، والزبير بن العوام، وكلنا فارس، قال: "انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا امْرَأَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مَعَهَا كِتَابٌ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ" فأدركناها تسير على بعير لها حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: الكتاب؟
فقالت: ما معنا كتاب، فأنخناها فالتمسنا فلم نر كتابا، فقلنا: ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لتخرجن الكتاب، أو لنجردنك، فلما رأت الجد، أهوت إلى حجزتها، وهي محتجزة بكساء، فأخرجته، فانطلقنا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال عمر: يا رسول الله، قد خان الله ورسوله والمؤمنين، فدعني فلأضرب عنقه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟"، قال حاطب: والله ما بي أن لا أكون مؤمنا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، أردت أن يكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي، ومالي، وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله، وماله.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صَدَقَ وَلَا تَقُولُوا لَهُ إِلَّا خَيْرًا"، فقال عمر: إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين، فدعني فلأضرب عنقه، فقال: "أَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ؟"، فقال: "لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ".أو: "فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ"، فدمعت عينا عمر، وقال: الله ورسوله أعلم.
فما فعله حاطب بن أبي بلتعة أعظم بكثير مما فعله عثمان بن عفان رضي الله عنه في شأن الحكم بن أبي العاص لو كان قد أخطأ في إعادته لو افترضنا في الأصل أنه كان منفيا.
ودرجة عثمان بن عفان رضي الله عنه أعلى بكثير من درجة حاطب بن أبي بلتعة بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن إيمان عثمان رضي الله عنه يعدل إيمان الأمة كلها إذا أخرجنا من إيمان الأمة إيمان الرسول صلى الله عليه وسلم وإيمان أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
ويقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: كنا لا نعدل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي بكر، وعمر، وعثمان أحدا، وبعدهم لا نفاضل بين الصحابة.
فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أبى أن تقطع رقبة حاطب بن أبي بلتعة في هذا الأمر الخطير الذي يسمى في عصرنا بالخيانة العظمى، بل لم يقبل الرسول صلى الله عليه وسلم أن يوصف حاطب بالخيانة، أو النفاق، أفلا نقبل اجتهاد عثمان رضي الله عنه لو كان قد أخطأ وهو من هو رضي الله عنه وأرضاه في هذه القضية التي هي أبسط بكثير من قضية حاطب رضي الله عنه !
فهذا الأمر لمستوثقي الإيمان وسليمي العقيدة واضح جلي، وكما ذكرنا أنه ينبغي أن يكون أمر الصحابة عندنا منـزه تماما، وأنه ما كان لأحد من عموم الصحابة أن يكون في نيته أي سوء للمسلمين فضلا عن أن يكون عثمان بن عفان رضي الله عنه.
بل إن الشيعة يصفون عثمان رضي الله عنه ليس بالخيانة، أو النفاق، بل بالكفر صراحة دون أي نوع من المواربة، ومثله أبو بكر وعمر أيضا، فأني يؤفكون.
يتبع
|
|
|
|
|