كان " ابن يقطين "۠ مقربا عند " هارون الرشيد " ، يثق به ، وينتدبه (1) إلى ما أهَـمَّـهُ مِنَ الأمور ، وكان " ابن يقطين " يكتم التشيع والولاء لأهل البيت عليهم السلام ، ويظهر الطاعة للرشيد ،
وفي ذات يوم أهدى " الرشيد " إلى " ابن يقطين "ۢ ثياباً أكرمه بها ، وكان في جملتها درّاعة خَـز (2) سوداء من لباس الملوك مـثقـلة بالذهب .
فأرسل " علي بن يقطين " الثياب ومعها الدراعة إلى الإمام الكاظم ، ومعها مبلغ من المال ، ولَـمّا وصَلَت إلى الإمام ، قَـبِلَ المال والثيابۢ ، وَرَدَّ الدرّاعة إليه على يد رسول آخر غير الذي جاء بالمال والثيابۢ ،
وكتب الإمام إلى " علي بن يقطين "ۢ :
۞ احتَـفِظ بالدرّاعة ! ولا تخرجها مِنْ يَدِك ! فإنَّ لها شأناً ! ۞
فاحتفظ "۠ علي " بالدراعة ، وهو لا يعرف السبب .
وبعد أيام سعى بعض الواشين (3) إلى " الرشيد "ۢ ، وقال له : إن " ابن يقطين " يعتقد بإمامة موسى بن جعفر ، ويحمل إليه خمس ماله في كل سنة ، وقد حمل إليه الدراعة التي أكرمـتَـهُ بهاۢ ،
فاستشاط (4) " الرشيد " غضباً ، وأحضر "ۢ علي بن يقطين "ۢ ، وقال له : ما فعلتَ بتلك الدراعة التي كَـسَوتكَ (5) بها ؟. قال : هي عندي في سفط (6) مختوم (7) ، وقد احتفظتُ بها تبركاً ، لأنها منك .
قال " الرشيد " : إئتِ بها الساعة ! وفي الحال نادى " علي " بعض غلمانهۢ ، وقال له : اذهب إلى البيت ، وافتح الصندوق الفلاني تجد فيه سفطاً ، صفته كذا ، جئني به الآن ! فلم يلبث الغلام ، حيت جاء بالسفط ، ووضعه بين يدي " الرشيد " .
ففتح الرشيد السفط ، ونظر إلى الدراعة كما هي فَـسَـكَـنَ غضبه ، وقال لعلي : ارددها إلى مكانها ، وانصَرِف راشداً ، فَـلَـن أصَدِّق عليكَ بعدها ساعياً ، وأمَـرَ لَـهُ بجائزة سنية ثم أمر أن يُضرَب الساعي ألف سوط ، فضرِب 500 ، ومات قبل إكمال الألف !