القاهرة: في خطوة غير مسبوقة، أعلن الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر، موافقته على قبول الطلاب الشيعة اللبنانين للدراسة في المعاهد الأزهرية وجامعة الأزهر، وقال إن الأزهر يدرس لطلابه جميع المذاهب الإسلامية، بما فيها الشيعية، حتى ولو كان ذلك على نحو أقل من مذاهب السنة، إلا أن هذا لا يمنع من قبول الطلاب الشيعة باعتبارهم مسلمين في المقام الأول، وما كان للأزهر أن يغلق أبوابه في وجه أي مسلم، طالما كان مستوفيًا للشروط اللازمة للقبول في هذا المضمار، والتي تطبق على جميع طلابه.
وسبق أن رحب شيخ الأزهر قبل شهور، بدراسة طلب إيراني رسمي، بالسماح لطلاب المرحلة الثانوية الإيرانية بالدراسة في جامعة الأزهر، وذلك من خلال لجنة علمية تبحث المناهج العلمية التي تدرس في البلدين مع إمكانية عمل معادلة، وكذلك الاستعداد لمد إيران بالكتب والمراجع السنية التي تريدها، وبحث إمكانية إقامة فرع جديد للأزهر الجامع والجامعة في إيران.
وفي تصريحات صحافية دعا شيخ الأزهر د. محمد سيد طنطاوي إلى "ضرورة بذل كل الجهود من أجل التقريب بين السنة والشيعة، والانفتاح والحوار العقلاني والإيجابي بينهما مع توافر حسن الظن وصدق النية للعمل معاً لما فيه خير الأمة الإسلامية ووحدتها ودرء أي فتن عنها"، حسب تعبيره.
وجاءت موافقة الأزهر الفريدة من نوعها على دراسة الطلاب اللبنانيين الشيعة بمعاهده، عقب لقاء شيخ الأزهر بالشيخ علي الأمين، مفتي الشيعة في مدينة صور اللبنانية، الذي تقدم بطلب للأزهر للطلاب الشيعة اللبنانيين للدراسة في الأزهر، فيما اعتبر مفاجأة، حيث عرف عن الأزهر عبر تاريخه أنه صرح علمي لدراسة مذاهب السنة في العالم الإسلامي، ولم يكن عليه أي طالب شيعي للدراسة فيه.
ونفى شيخ الأزهر وجود أية خلافات في الأركان أو الجوهر أو الأصول، بين السنة والشيعة، قائلاً إن كليهما مسلمون، ويؤمنون بإله واحد وبأركان الإسلام الخمسة ويتجهون صوب قبلة واحدة ، وإن ما يبدو من خلاف بسيط في الاجتهاد في الفروع وليس الأصول المتفق عليها للإسلام يمكن تداركه من خلال الحوار الهادئ البناء بين علماء الجانبين، والتبادل الثقافي المشترك.
وجدد شيخ الأزهر التأكيد على أنه لا إكراه في الدين ولا يجب تسفيه المعتقدات لدى السنة والشيعة ولا يجوز لأي أحد أن يجبر آخر على أي نهج، بل ينبغي التعاون والتعايش لما فيه مصلحة الجانبين، كما كرر طنطاوي عبارته الشهيرة التي يقول فيها: "إن الإكراه في الدين لا يأتي بمؤمنين صادقين، بل بمنافقين كذابين"، على حد تعبيره.
والمعروف أن الأزهر شيد في عهد الدولة الفاطمية "الشيعية" إبان حكم جوهر الصقلي سنة 358 هجرية 969 ميلادية، وفي العام 400 هجرية 1009 ميلادية جدد الحاكم بأمر الله الأزهر، وأوقف عليه الأوقاف، وبعد أن سقطت الدولة الفاطمية على يد صلاح الدين الأيوبي عام 567 هجرية 1171 ميلادية، عطلت صلاة الجمعة به وأغلق الجامع، حتى أعاد افتتاحه السلطان المملوكي الظاهر بيبرس؛ وعادت صلاة الجمعة للأزهر الذي أصبح منذ ذلك الوقت بمثابة المرجعية الأقدم والأكبر للمذهب السني في العالم الإسلامي، غير أن معظم شيوخ الأزهر اشتهروا بفتاواهم المتسامحة مع أتباع المذهب الشيعي، والداعية إلى ضرورة التقريب بين المذاهب، بل وسبق أن أفتى أحد شيوخه السابقين وهو الشيخ محمود شلتوت، بجواز تعبد المسلمين وفق أحكام مذهب الشيعة الإمامية ( الاثنا عشرية)، وهي الفتوى الفريدة من نوعها التي تصدر من عالم دين سني على هذا المستوى الرفيع.
من - الوكالة الاسلامية + وكالات اخرى