بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جَعَلَ الْحَمْدَ مفْتَاح اًلذِكْرِهِ وَخَلَقَ الأشْيَاءَ نَاطِقَةً بحَمْدِه وَشُكرِهِ
وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى نَبِيِّهِ مُحَمَّدالْمُشتَقِّ اسْمُهُ مِنْ اسْمِهِ الْمحْمُود
ِوَعَلى آلهِ الطَّاهِرينَ أُولِي الْمَكارِمِ وَالْجُوِد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
Gلِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاS
هناك حقيقة علمية أشير لها أنه لا يوجد مخلوق يخرج من بطن أمه لا يبكي والإمام الصادق يتحدث عن أسرار البكاء ، وروحية الطفل وأن هذا البكاء صحة للإنســان بحيث أنها تخرج
السوائل الموجودة في حواس الطفل وهذا من ناحية طبية ...
ونحن نريد جانب آخر يختص ببحثنا ألا وهو الامتحــــان والإبتلاء من رب العباد أن هنالك وسائل تخرج مع الطفل {وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }النحل78
{إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً }الإنسان2 هنا السمع الكامل هو الذي يجعل الإنسان ينجح في الامتحان ، والأذن هي الأداة التي نصغي بها ونستمع إلى الأصوات من خلالها {لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ }الحاقة12
{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ }الزمر18 وأنتم منهم أحبابي إن شاء الله بل نحن على يقين من ذلك فالأذن الواعية تحتاج إلى قلب واعي (إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها )
النجاح هنــا مرتبط بعقيدة الإنسان وفكره في وجود إماما يقتدى به وهذه العقيدة هي الفيصل بين الإيمان والإســـلام {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }الحجرات14
وفي حين الإمتحان يتذكر المرء هذه النفحات من آل بيت محمد ونحن نسلم على الصديقة الكبرى عليها السـلام ونقول السلام عليك يا ممتحنة إمتحنك الذي خلقك قبل أن يخلقك فوجدك لما أمتحنك به صابرة
والذي يظهر من هذه الزيارة المخصوصة للصديقة الشهيدة أنها امتحنت من قبل الباري عز وجل وقبل خلقها أي عندما كانت نورا من الأنوار التي خلقها الله تعالى قبل الخلق بألف عام والتي كانت بعرشه محدقة ، والامتحان كان لها لأجل إظهار مقامها السامي ومنزلتها الحقيقية حيث كانت نتيجة الامتحان صابرة ، والمعروف عند العرف العقلائي أن الامتحان يمتحن به الشخص ليعرف مدى استعداداته وقابلياته " عند الامتحان يكرم المرء أو . . . " ، لذا نجد من باب أن الباري عز وجل الذي هو سيد العقلاء بل هو خالق العقل أجرى الامتحان الرباني للزهراء حيث امتحنها ، ونحن نعرف أن الامتحان يكون للمرء إما لزيادة منزلة ومقام أو لأجل شئ آخر ، ولكن الزهراء ( عليها السلام ) امتحنها الله تعالى لكي تكون حاملة للأسرار الإلهية وذلك ما اقتضته المشيئة الربانية فيها ، لذا كانت ناجحة في الامتحان الرباني قبل خلقها حيث استحقت لقب الصابرة ، أما ماهية هذا الامتحان وفي أي موضوع كان ، وكيف أجراه الله تعالى عليها ؟ فهذا ما أشارت إليه بعض الروايات والتي نستفيد من خلال التمعن فيها والتدقيق في مدلولاتها أنها امتحنت في حمل العلم والأمانة الربانية فوجدها الباري عز وجل صابرة على حمل العلم والأمانة الربانية ، لذا استحقت حمل الأسرار الربانية ، ولكن ينقدح السؤال المهم في المقام ما هو حقيقة هذا السر المستودع في فاطمة ؟ . أقول : قبل الإجابة على حقيقة هذا السر ، أود أن أشير إلى مسألة مهمة تظهر لنا من خلال عرض الروايات التي تقول أن الأسرار التي كان يحملها أهل البيت لا يتحملها إلا نبي مرسل أو ملك مقرب أو عبد أمتحن الله قلبه للإيمان ، أي من خلال عرض هذه الروايات الواردة في حمل أسرار الأئمة وأنه لا يحملها إلا الممتحن ومطابقتها مع الزيارة الخاصة بالصديقة الطاهرة والتي تقول " السلام عليك يا ممتحنة " ، يظهر لنا من خلال هذه المطابقة أن العبد الممتحن هو الوحيد الذي يستطيع حمل الأسرار والعلوم الربانية
* ونقطة أخر هنا لا بأس أن نتطرق لها وهي قصة نبي الله يونس بن متى عندما كان في بطن الحوت {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ }الأنبياء87
وأرتفع بهذا الورد الذي ناجى الله تعالى به في بطن الحوت أرتفع إلى أعلى عليين
وعندنــا إمــام عظيم وقف في مشعر الحج بعرفات مناديا لله بكلمات التسبيح والتقديس وهو وارث علم النبيين ونتوجه إليه
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللهِ،
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ نُوح نَبِيِّ اللهِ،
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ اِبْراهيمَ خَليلِ اللهِ،
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُوسى كَليمِ اللهِ،
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عيسى رُوحِ اللهِ،
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُحَمَّد حَبيبِ اللهِ،
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ عَلَيْهِ السَّلامُ
ومقام الحُسين عليه السلام نجده في دعائه في عرفات حيث أضاف جملة على جملة نبي الله يونس إحدى عشر جملة كما في بعض الروايات
لا إله إلا أنت سبحان أني كُنت من المستغفرين
لا إله إلا أنت سبحان أني كُنت من الموحدين
لا إله إلا أنت سبحان أني كُنت من الخائفين
لا إله إلا أنت سبحان أني كُنت من الوجلين
لا إله إلا أنت سبحان أني كُنت من الراجين
لا إله إلا أنت سبحان أني كُنت من المهللين
لا إله إلا أنت سبحان أني كُنت من السائلين
لا إله إلا أنت سبحان أني كُنت من المسبحين
لا إله إلا أنت سبحان أني كُنت من المكبرين
لا إله إلا أنت سبحانك ربي ورب آبائي الأولين
ومعنى هذا أن الحسين في الرتبة الثانية عشر من مقام نبي الله يونس عليه السلام {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضََ }التوبة36
ولا وجود للرتبة الثانية عشر من نظام الكون وهذا يعني أن دعاء الحسين في دعاء عرفة قطع مراحل الشهور المعروفة الذي هو المعنى الباطني في هذه الآية
وقال ليونس أنت قلت لا إله إلا أنت سبحانك أنى كنت من الظالمين وبقيت الكلمات الباقية لي فأنا أقولها (إقبال الأعمال للسيد ابن طاووس 84/2 ، بحار الأنوار 222/95)
أن لكل واحد من هذه الجمل بحر من المعرفة بلا فقر يفرق فيها جبرائيل وإسرافيل وميكائيل فمن يستطع أن يفهم عند ماقال لاإله إلا أنت سبحانك أنى كنت من الموحدين
قطع إثنى عشر مرحلة من التوحيد من مقامات توحيد الألوهية إلى توحيد الربوبية حتى وصل إلى توحيد المحبة لربه فصار لسان حاله
تركت الخلق طرا في هواكو أيتمت العيال لكي أراك
فلو قطعتني في الحب إربا لما مال الفؤاد إلى سواك
وللحديث بقية فأبقوا معنا J
ال
الشكر موصول إلى سماحة الشيخ حيـدر الحسناوي وفقه الله وزاده الله من علمه
ودمتم برعاية بقية الله الأعظم