بحث هام حول مشروعية التقية عند السنة (جميع المصادر من كتب السنة المعتمدة)
بتاريخ : 25-07-2009 الساعة : 03:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد
كثيرا مايشنع الوهابيين على أن: مذهب الشيعة قائم على الكذب باسم التقية ولكن هؤلاء الجهلة غفلوا وجهلوا ماتحتويه كتبهم من أدلة على مشروعية التقية ومن روايات تدل على أن هناك من عمل بالتقية كالصحابي عمار بن ياسر رضي الله عنه:
أولا: تعريف التقية:
التقية في اللغة : اسم مصدر من الاتقاء ، بمعنى استقبل الشيء و توقاه ، يقال : اتقى الرجل الشيء يتقيه ، إذا اتخذ ساتراً يحفظه من ضرره ([1]) ، قال تعالى : ﴿ فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ﴾ [ غافر : 45 ] ومن ذلك قول النبي r : (( فليتقِ أحدكم النار ولو بشق تمرة )) ([2]) ، قال ابن منظور : (( التقاة تعني أن الناس يتقي بعضهم بعضاً ويظهرون الصلح والاتفاق وباطنهم بخلاف ذلك ))([3]) ، والتقية والتقاة كلها بمعنى واحد .
أما في الاصطلاح فالتقية عندما تطلق غالباً فيراد منها وقاية الناس بعضهم من بعض لسبب ما ، وأصل هذا جاء من قوله تعالى : ] لاَّ يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً [ [ آل عمران : 28 ] وقد عرّفها ابن القيـم ( رحمه الله ) فقال : (( التقية أن يقول العبد خلاف ما يعتقده لاتقاء مكروه يقع به لو لم يتكلم بالتقية )) ([4]) ، وعرّفها السرخسي بقوله : (( التقية أن يقي الإنسان نفسه بما يظهره ، وإن كان يضمر خلافه )) ([5]) ، أما الحافظ ابن حجر فقال في تعريفها : (( التقية : الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره )) ([6]) .
والفرق بين ما تقدم من تعاريف العلماء للتقية أن الاختلاف قد وقع فيها فيما يخص الفعل والقول ، إذ ذهب السرخسي إلى أن التقية تشمل القول والفعل ، في حين اقتصر ابن القيم وابن حجر في تعريفها على القول دون الفعل ، وهو ما نجد النفس أميل إليه ، لأن العلة من التقية هي المحافظة على النفس أو المال من شر الأعداء ، وإذا كان هذا الأمر يحصل غالباً بالقول دون الفعل فهو أليق بحال المسلم ، ويدل آية التقية المتقدمة ، إذ أشارت إلى أن حصول ذلك يمكن أن يكون بالقول غالباً بدليل الآية التي بعدها : ] قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ [ [ آل عمران : 29 ] ، قال ابن كثير ( رحمه الله ) في تفسير هذه الآية الأولى : (( فمن خاف في بعض البلدان والأوقات من شرهم [ الكافرين ] فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته )) ([7])
ثانيا: العمل بالتقية:
لا شك في مشروعية العمل بالتقية عند أهل السنة والجماعة في حالة الضرورة ، إذ الأصل في التقية هو الحضر ولابد من سبب قوي يبيح للمسلم اللجوء إليها ، قال الجصاص : (( وإعطاء التقية إنما هو رخصة من الله تعالى وليس بواجب ، بل ترك التقية أفضل ، قال أصحابنا فيمن أكره على الكفر فلم يفعل حتى قتل : إنه أفضل ممن اظهر )) ([8]) يعني التقية ، والأدلة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم تدل على هذا ، حيث امتنع خبيب بن عدي رضي الله عنه عن التقية ، بعد أن أخذه المشركون وحبسوه وخيّروه بين سب النبي صلى الله عليه وسلم ومدح آلهتهم وبين القتل ، فاختار الشهادة ، وأخذ بالعزيمة دون الرخصة ، فروي أن النبي صلى الله علية وسلم قال في حقه : (( هو أفضل الشهداء )) ، وفي رواية : (( هو رفيقي في الجنة )) ([9]) .
واعترض على هذه القصة بقصة عمار بن ياسر رضي الله عنه الذي : (( أخذه المشركون, فلم يتركوه حتى سب رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير , ثم تركوه , فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عليه الصلاة والسلام ما وراءك ؟ قال : شر ، تركوني حتى نلت منك , وذكرت آلهتهم بخير ، فقال عليه الصلاة والسلام : فكيف تجد قلبك ؟ قال : أجده مطمئنا بالإيمان قال : عليه الصلاة والسلام إن عادوا , فعد )) ([10]) ، وفيه نـزل قوله تعالى : ] إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِْيمَانِ [ ، وقد أخذ بعض العلماء هذا القول على ظاهره وإطلاقه ، ولا يمكن حمله على ذلك لوجوه عديدة ، الأول أن هذا كان في بداية أمر الإسلام حين كان المسلمون قلة مستضعفون في الأرض يخافون أن يتخطفهم الناس كما وصفهم تبارك وتعالى ، وإليه أشار كل من معاذ بن جبل ومجاهد عندما قالوا : (( كانت التقية في جدة الإسلام قبل قوة المسلمين فأما اليوم فقد أعز الله الإسلام أن يتقوا من عدوهم )) ([11]) .
والأمر الثاني كما قرر ذلك السرخسي فقال : (( وبعض العلماء رحمهم الله يحملون قوله عليه الصلاة والسلام : (( فإن عادوا فعد )) على ظاهره يعني إن عادوا إلى الإكراه , فعد إلى ما كان منك من النيل مني , وذكر آلهتهم بخير , وهو غلط , فإنه لا يظن برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يأمر أحدا بالتكلم بكلمة الشرك , ولكن مراده عليه الصلاة والسلام , فإن عادوا إلى الإكراه , فعد إلى طمأنينة القلب بالإيمان ؛ وهذا لأن التكلم وإن كان يرخص له فيه , فالامتناع منه أفضل )) ([12]) ، وهذا التقرير منه رحمه الله حسن ، فهو يدل دلالة قطعية على أن الأصل كان إطمئنان القلب ، وليس التكلم ، إذ الامتناع حينها أفضل ، والركون إلى سلامة العقيدة والصبر على الإيذاء من شيم المؤمنين ، ومن هنا حدد ابن عباس رضي الله عنهما التقية في مثل هذه المواطن : (( هو أن يتكلم بلسانه وقلبه مطمئن بالإيمان ولا يقتل ولا يأتي مأثما )) ([13]) ، والسبب في التأكيد على سلامة القلب ضروري هنا لئلا يقع المسلم في مخاطر الكفر والشرك .
والشاهد على ذلك قصة عبيد الله بن أبي سرح فإنه كان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أخذه المشركون , وأكرهوه على ما أكرهوا عليه عمار بن ياسر رضي الله عنه أجابهم إلى ذلك معتقدا , فأكرموه , وكان معهم إلى أن فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة , وقد كان من بين الذين أهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمهم يوم الفتح ، فجاء به عثمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله أن يبايعه , قال سعد بن أبي وقاص : (( إن عبد الله بن سعد بن أبي السرح اختبأ عند عثمان بن عفان ، فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم قال : يا رسول الله بايع عبد الله قال : فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى فبايعه بعد ثلاث ثم أقبل على أصحابه ، فقال : أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله ؟! فقالوا : وما يدرينا يا رسـول الله ما في نفسك هلا أومأت إلينا بعينك ؟ قـال : إنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة أعين )) ([14]) ، ويروى عن أبي عبيدة في سبب نـزول قوله تعالى : ] مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [ [ النحل : 106 ] قال : ( من كفر بعد إيمانه ) عمار بن ياسر رضي الله عنه ، وقوله تعالى : ( ولكن من شرح بالكفر صدراً ) عبد الله بن أبي سرح([15]) ، ومن المستبعد أن تصح هذه الرواية ؛ لأن الآية مكية وقصة ابن أبي سرح مدنية .
والدليل الآخر على أفضلية العزيمة على الرخصة في حالة التقية ما روي عن الحسن : (( أن مسيلمة الكذاب أخذ رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال لأحدهما : أتشهد أن محمداً رسول الله ؟ قال : نعم قال : أتشهد أني رسول الله ؟ قال : نعم فخلاه , ثم دعا بالآخر وقال : أتشهد أن محمدا رسول الله ؟ قال : نعم قال : أتشهد أنى رسول الله ؟ قال : إني أصم , قالها ثلاثا ; فضرب عنقه , فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أما هذا المقتول فمضى على صدقه ويقينه , وأخذ بفضيلة فهنيئا له , وأما الآخر فقبل رخصة الله فلا تبعة عليه )) ([16]) ، ففي هذه القصة – إن صحت - مدح النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الأول ، وشهد له بالصدق واليقين ، وهذه فضيلة له في حين لم يعب على الآخر أخذه بالتقية ، ومن المناسب الإشارة هنا إلى أن هذه الحوادث التي وردت لبعض الصحابة وقعت بين يدي أهل الكفر والشرك ، وليس بين المسلمين ، أو عند غلبة الدين ، فحينئذ لا بد من إظهار كلمة الحق ، والصدع بها كما ثبت من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم : (( سئل أي الجهاد أفضل ؟ قال : كلمة حق عند سلطان جائر )) ([17]) ، وقصة الإمام أحمد بن حنبل مشهورة في إيثاره العزيمة على أن يأخذ برخصة التقية ، رغم سطوة السلطان .
ثالثا: حكم العمل بالتقية:
تقدمت الأدلة في جواز العمل بالتقية عند الضرورة ، وأنها رخصة أقرها الإسلام على من وقع في فتنة في دينه أو ماله أو نفسه ، وقد اختلف العلماء في شروط جوازها والعمل بها ، لأن مقاصد الشريعة جاءت من أجل حماية النفس وصيانتها ، وقد لا تحصل هذه الحماية إلا باللجوء إلى التقية ، قال تعالى : ] وَلاَ تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [ [ النساء : 29 ] ولكن الحق الذي ذهب إليه جمهور العلماء هو أن يثبت المسلم على ما هو عليه من الحق بظاهره ، كما هو عليه بباطنه([18]) .
وكما هو معلوم فإن الثبات أفضل وأعظم أجراً من الأخذ برخصة التقية ، فقد وردت في القرآن الكريم قصة ( أصحاب الأخدود ) حيث أمر الملك الكافر لمن آمن منهم أن يفتن بنار عظيمة سجرت في أخدود وقال : (( من لم يرجع عن دينه فاحملوه فيها ، ففعلوا ، حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فقاعست أن تقع فيها ، فقال لها الغلام : يا أمة اصبري فإنك على الحق )) ([19]) ، قال القرطبي في معرض تعليقه على هذه الرواية : (( إن الصبر على البلاء لمن قويت نفسه وصلب دينه أولى ... ولقد أمتحن كثير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالقتل والصلب والتعذيب الشديد فصبروا ، ولم يلتفتوا إلى شيء من ذلك )) ثم أسشهد بحديث أبي سعيد وقصة خبيب بن عدي رضي الله عنه([20]) ، ولا يخفى على مسلم ثناء الله تعالى على هذه الأمة التي ألقيت في النار لإيمانها ولم يردها ذلك العذاب عن هذا الإيمان .
وحكى الله تعالى موقفاً مشابهاً مع أحد الطغاة ، وهم سحرة فرعون الذين قالوا له بعد إيمانهم برب العالمين ، وإنذار فرعون لهم بالعذاب العظيم : ] قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا [ ، [ طه : 72 ] قال ابن كثير : (( أي لن نختارك على ما حصل لنا من الهدى واليقين والذي فطرنا وخالقنا الذي أنشأنا من العدم المبتدي خلقنا من الطين فهو المستحق للعبادة والخضوع لا أنت ، فاقض ما أنت قاض أي افعل ما شئت وما وصلت إليه يدك إنما يقضي هذه الحياة الدنيا ، أي إنما لك تسلط في هذه الدار وهي دار الزوال ونحن قد رغبنا في دار القرار )) ([21]) ، والآيات في هذا الباب كثيرة معلومة .
أما ما جاء في السنة فقد تقدمت بعض الأدلة على جواز التقية منها حادثة عمار بن ياسر ، وفعل الأسيرين عند مسيلمة الكذاب ، وكيف مدح النبي r المسلم الذي ثبت فقُتل : (( مضى على صدقه ويقينه وأخذ بفضيلته فهنيئاً له )) ، وهذا يدل على التفضيل ، والأمر نفسه ذهب إليه السرخسي في احتجاجه بقصة ثبات خبيب بن عدي على دينه وإيمانه فقال : (( فبهذا يتبين أن الامتناع أفضل )) ([22]) .
ويبدو أن مذهب البخاري ( رحمه الله ) كان في إيثار الثبات على الأخذ بالتقية ، فقد بوب لهذه المسألة بابا بعنوان ( باب من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر ) أورد فيه حديث خباب ابن الأرت أنه قال (( شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة في ظل الكعبة , فقلنا : ألا تستنصر لنا ؟ ألا تدعو لنا ؟ فقال : قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل , فيحفر له في الأرض فيجعل فيه , فيجاء بالمنشار فيوضع على مفرق رأسه فيجعل نصفين , ويمشط بأمشاط الحديد من دون لحمه وعظمه , فما يصده ذلك عن دينه ثم قال صلى الله عليه وسلم والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت , لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه , ولكنكم تستعجلون )) ([23]) ، ويتضح في هذا فقه الإمام البخاري وعمق فهمه لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن في الثبات إعزازاً لأمر الله تعالى واستظهاراً لدينه وإعلاءً لكلمته وإظهاراً لثبات المسلمين وبسالتهم وتثبيت لعامة المسلمين على الحق ، قال الحافظ ابن حجر في بيان غرض البخاري من هذا الباب : (( فالقتل والضرب والهوان أسهل عند المؤمن من دخول النار ، فيكون أسهل إن أختار الأخذ بالشدة )) ([24]) .
ومن الأدلة على ذلك أيضاً ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( دخل الجنة رجل في ذباب ودخل النار رجل في ذباب قالوا : وكيف ذلك يا رسول الله ؟ قال : مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجاوزه أحد حتى يقرب له شيئا ، فقالوا : لأحدهما قرب ، قال :ما عندي شيء ، قالوا : قرب ولو ذبابا ، فقرب ذبابا ، فخلوا سبيله فدخل النار ، وقالوا للآخر : قرب ، قال :ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله عز وجل ، فضربوا عنقه فدخل الجنة )) ([25]) ، قال الشيخ سليمان بن عبد الله : (( في هذا بيان عظمة الشرك ولو في شيء قليل وأنه يوجب النار ألا ترى إلى هذا لما قرب لهذا الصنم أرذل الحيوان وأخسه وهو الذباب كان جزاؤه النار ...)) ، ثم قال : (( إنه دخل النار بسبب لم يقصده بل فعله تخلصا من شرهم )) ([26]) .
مما تقدم بيان جلي للأدلة الواردة في الكتاب والسنة في تحديد حكم العمل بالتقية ، ومع ذلك فقد وضع العلماء أحكاماً كثيرة للعمل بها نذكر منها([27]) :-
1. أن التقية إنما تكون إذا كان الرجل في قوم كفار , ويخاف منهم على نفسه وماله فيداريهم باللسان , وذلك بأن لا يظهر العداوة باللسان , بل يجوز أيضا أن يظهر الكلام الموهم للمحبة والموالاة , ولكن بشرط أن يضمر خلافه , وأن يعرض في كل ما يقول , فإن التقية تأثيرها في الظاهر لا في أحوال القلوب ، روى البخاري عن أبي الدرداء قال : (( إنا لنكشر في وجوه أقوم وإن قلوبنا تلعنهم )) ([28]) .
2. أنه لو أفصح بالإيمان والحق حيث يجوز له التقية كان ذلك أفضل , ودليله ما ذكرناه في قصة خبيب بن عدي وأصحاب الأخدود وسحرة فرعون .
3. أنها تجوز فيما يتعلق بإظهار الموالاة والمعاداة , وقد تجوز أيضا فيما يتعلق بإظهار الدين فأما ما يرجع ضرره إلى الغير كالقتل والزنى وغصب الأموال والشهادة بالزور وقذف المحصنات واطلاع الكفار على عورات المسلمين , فذلك غير جائز البتة .
4. أن ظاهر الآية يدل على أن التقية إنما تحل مع الكفار الغالبين إلا أن مذهب الشافعي ( رحمه الله )أن الحالة بين المسلمين إذا شاكلت الحالة بين المسلمين والمشركين حلت التقية محاماة على النفس([29]) .
5. التقية جائزة لصون النفس , وهل هي جائزة لصون المال ؟ يحتمل أن يحكم فيها بالجواز , لقوله صلى الله عليه وسلم : (( حرمة مال المسلم كحرمة دمه )) ([30]) ولقوله صلى الله عليه وسلم ((من قتل دون ماله فهو شهيد )) ([31]) ولأن الحاجة إلى المال شديدة القدر من نقصان المال , فكيف لا يجوز هاهنا ؟ ، واعترض على ذلك بقصة صهيب الرومي عندما خرج مهاجراً من مكة إلى المدينة فاعترضه رهط من قريش فاشترى نفسه بماله وفيه نزل قوله تعالى : ﴿ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [ البقرة : 207 ] ([32]) ، وهذا هو الذي يترجح لدينا .
6. قال مجاهد : هذا الحكم كان ثابتا في أول الإسلام لأجل ضعف المؤمنين فأما بعد قوة دولة الإسلام فلا , وروي عن الحسن أنه قال : (( التقية جائزة للمؤمنين إلى يوم القيامة )) ([33]) , وهذا القول أولى , لأن دفع الضرر عن النفس واجب بقدر الإمكان .
المصادر:
([1]) لسان العرب ، مادة وقى : 25/402 ؛ الموسوعة الفقهية : ج 28 ، مادة : ( التقية ) .
([2]) الحديث أخرجه البخاري عن عدي بن حاتم رضي الله عنه ، الصحيح ، كتاب الزكاة ، باب الصدقة قبل الرد : رقم 1347 ؛ مسلم ، الصحيح ، كتاب الزكاة ، باب الحث على الصدقة ، رقم 1016 .
([3]) لسان العرب ، مادة وقى : 25/402 .
([4]) أحكام أهل الذمة : ص 1038 .
([5]) المبسوط : 24/45 .
([6]) فتح الباري : 12/314 .
([7]) تفسير ابن كثير : 1/358 .
([8]) أحكام القرآن : 2/290 .
([9]) كذا ورد في كتب الفقهاء ، قال الحافظ ابن حجر : (( ولم أجده بكلا اللفظين )) . الدراية : 2/197 .
([10]) الحاكم ، المستدرك : 2/389 وقال : (( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين )) ؛ البيهقي ، السنن الكبرى : 8/389 قال الحافظ ابن حجر : (( وإسناده صحيح )) . الدراية : 1/197 .
([11]) القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن : 4/57 .
([12]) المبسوط : 24/44 .
([13]) المصدر نفسه .
([14]) أبو داود ، السنن ، كتاب الجهاد ، باب قتل الأسير ولا يعرض عليه الإسلام : 3/59 ، رقم 2683 ؛ النسائي ، السنن ، كتاب تحريم الدم ، باب حكم المرتد : 7/106 ، رقم 4067 .
([15]) ابن سعد ، الطبقات : 3/250 .
([16]) مصنف ابن أبي شيبة : 6/476 .
([17]) الحديث أخرجه الإمام أحمد ، المسند : 3/19 ؛ الترمذي ، السنن : 4/471 ؛ ابن ماجة ، السنن : 2/1329 ؛ أبو داود ، السنن : 4/124 ؛ النسائي ، السنن : 7/161 .
([18]) الموسوعة الفقهية : مادة ( التقية ) .
([19]) مسلم ، الصحيح ، كتاب الزهد والرقائق ، باب قصة أصحاب الأخدود : 4/2300 ، رقم 3005 .
([20]) الجامع لأحكام القرآن : 19/293 .
([21]) تفسير ابن كثير : 3/160 .
([22]) المبسوط : 24/45 .
([23]) صحيح البخاري ، كتاب الإكراه : 6/2546، رقم 6544 .
([24]) فتح الباري : 13/268 .
([25]) أخرجه ابن أبي شيبة من حديث سلمان الفارسي ، المصنف : 6/473 ؛ البيهقي ، شعب الإيمان : 5/485 ؛ ابن أبي عاصم ، السنة : ص 15 ؛ أبو نعيم ، الحلية : 1/203 .
([26]) تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد : ص 161 .
([27]) الموسوعة الفقهية ، مصدر سابق .
([28]) صحيح البخاري : 5/2271.
([29]) الجصاص ، أحكام القرآن : 2/290 .
([30]) أخرجه الإمام أحمد من حديث ابن مسعود ، المسند : 1/446 ؛ الدارقطني ، السنن : 3/26 ؛ الطبراني ، المعجم الكبير : 10/159 ، والحديث حسنّه الشيخ الألباني في صحيح الجامع ( رقم 3596 ) .
([31]) أخرجه البخاري من حديث عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما : 2/877 ، رقم 2348 .
([32]) تفسير ابن كثير : 1/248 .
([33]) ابن أبي شيبة ، المصنف : 6/474
كل مواضيعكم تراها استفزازية لذلك لانقوم بالرد عليها فالنار تاكل نفسها ان لم تجد ما تاكلة
ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه دافع عن دينك وكتبك المتناقضة ابني, اما بالنسبة: انتوا ماتردون: خليك يا حلو لا ترد أحسن خلينا بس نضحك على كتبكم.
الفرق انو في ناس حرّموا التقية على غيرهم و هم عايمين و هايمين فيها ...
أغلب الشيوخ حاليا هل هم راضون عن أعمال حكّامهم ؟؟؟
و تراهم يعملون في مؤسسات حكومية ... لا يستطيعون ذمّهم أو الإشارة الى اخطائهم بل يمدحونهم دائما و ينهون صلاتهم و خطبهم بمديحهم و الدعاء لهم ( و طبعا صارت سنّة لا يجوز مخالفتها ) !!!!! و بصراحة ما بعرف ازا كان هاد الوضع المبالغ به من باب التقية او من باب النفاق ؟؟؟!!!!
هي فعلا رخصة من الله تعالى رحمة بعباده
فتخيّل لو لم يسامح رسولنا الكريم ( عليه و على آله اشرف الصلاة و السلام ) عمّار بن ياسر بل و قال له ان عادوا فعد !!!!
تخيّل لو أنّك ملزم دائما باظهار مكنونات صدرك تحت أي ظرف و أي خطر ... كل من يحيطون بك ينتمون الى حزب و انت مخالف لهم ... هل من الحكمة ابداء رأيك في هكذا موقف ؟؟؟!!!!
يا اخي الكل بيعمل بالتقية ... بس الفرق انو الشيعة واضحين صريحين و بيحكوا التقية حلال في حالات معيّنة ... بينما غيرهم يحرّم التقية و يعمل بها !!!!
عن قناعة تامة هاي النقطة من النقاط اللي بتبيّن مصداقية و شفافية المذهب الشيعي ... و إلّا فليعملوا كغيرهم بتحريمها و العمل بها مع التحريم ... و عندها سيكونوا كغيرهم و بيكونوا سكّروا باب بيضلّوا يتهاجموا منه ... لكنّهم لا يحرمون ما شرع الخالق الرحمن الرحيم لإرضاء اهواء العباد الذين لا يرضون ابدا ...
فهذه نقطة للمذهب لا عليه
مشكور اخي على الموضوع اللي بتخيّل القليل رح يفهموه و الكثير رح يكابروا
هههههههههههه
والله احتارو ايكولون علينا نعمل بلتقية
ناتيهم بادلة هم اهل التقية
شو بيقولو يلقون الدر دامغ هع
الف شكر لكم للموضوع المتكامل الي اخجل البعض هع