|
عضو متواجد
|
رقم العضوية : 26730
|
الإنتساب : Dec 2008
|
المشاركات : 85
|
بمعدل : 0.01 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
بين يدي الحكومة العراقية الجديدة
بتاريخ : 05-04-2010 الساعة : 12:09 AM
بين يدي الحكومة العراقية الجديدة
لقد أفرزت المرحلة الراهنة من تاريخ وطننا العصيب عن بروز أربع نماذج رئيسية تمثل الواجهات السياسية الرئيسية في البلاد، وقد كشفت لنا الأحداث المتتابعة بغربلة تامة لترفع لنا النقاب عن السلبية منها والإيجابية فكانت حصيلة النماذج السلبية ثلاثة في مقابل واحدة إيجابية، ونعني بالسلبية هي التي تقدم المصالح الشخصية أو الفئوية على المصلحة العامة وتعمل من أجل شريحة معينة من مكونات الشعب العراقي أما اعتماداً على القومية أو الطائفية أو الولاء الحزبي السياسي، لذلك طفت على ساحة الواقع السياسي العراقي مبدئية المحاصصة منذ إنشاء مجلس الحكم والحكومات المتتابعة بعده، أي أن هذه النماذج الثلاث ـ نقولها وبكل صراحة ـ لا تمتلك أي حس وطني بل ولا تعتمد المواطنة بالدرجة الأولى وإن اعتمدتها بعض هذه النماذج الثلاث فإنها تضعها في آخر الصف! وأما النموذج الرابع والذي صنفناه بالنموذج الإيجابي فهو النموذج الذي يعتمد الحيادية ومبدأ الاحتواء لبقية الأطياف أو المكونات الأخرى أي أنه يعتمد على المواطنة بالدرجة الأولى، وكذلك فهذا النموذج يتمتع بفضيلة نكران الذات ويكون دائماً في طليعة المضحين من أجل تقديم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية أو الفئوية، وهذا النموذج يعتبر نموذجاً نادراً ليس في العراق فحسب بل في كل بلدان العالم وهو وكما صنفناه جزء من كل أو ربع من أربعة أرباع.
فأعلم أخي المواطن الكريم أن السبب الرئيسي في حدوث المشاكل والكوارث والأزمات التي عصفت ولا زالت تعصف في البلاد هو النماذج السلبية الثلاث التي دائماً تكون متصارعة فيما بينها بحيث يبلغ الصراع أوجه ولكن في ليلة وضحاها ينتهي ذلك الصراع الذي تتفاقم خلاله الأزمات ونجد المتنازعين متصالحين ومتفقين بل وقد يطلون علينا من خلال شاشات الفضائيات وقد أخذ بعضهم البعض بالأحضان! والسبب في ذلك واضح غير خفي فانعدام المبادئ واعتماد المصالح وتقديمها فوق كل شيء هو أساس الاختلاف. وبالنتيجة يكون هو أساس الصلح والتراضي بين الفرقاء الذين يصبحون في لحظة أخلاء! لماذا؟ لأنها حرب مصالح فالمصالح الشخصية والفئوية هي غايتهم المثلى والتي دائماً تكون على حساب المصالح العامة، بل ونجد بعضهم من يتعمد افتعال الأزمات التي تؤثر على المواطن بصورة مباشرة ويتسبب بعضها بسفك دماء العشرات منهم من أجل تمرير قرار يرفضه الفرقاء السياسيين فيما بينهم، وهكذا يُستهتر حتى بدماء الشعب من أجل إمضاء بعض القرارات المتعلقة بالمصالح الشخصية.
لأجل ذلك بدأ وطننا العزيز المستباح يضيع شيئاً فشيئاً ودماء أبنائه تسفك دون أدنى ورع، وفي متمة الأمر تنتهي الأزمات إعلامياً بعد أن تتم المحاصصة وتوزع المناصب وتقسم الأدوار فيما بينهم في حين أن الأزمة المفتعلة تبقى تعصف بالمواطن، وبعد ذلك يجتمع الفرقاء السياسيين تحت قبة المصالح وتسيل من تحت كراسيهم دماء الشعب فتشتبك الأيادي الثلاث وتشرب كأس الانتصار الفئوي في نخب الشعب المظلوم وتبقى اليد الرابعة التي تحمل هموم الشعب حائرةً خائرة القوى، أمام حرب المصالح التي تنتهي بتسنم النماذج الثلاث الأولى المواقع الرئيسية في الحكم بعد أن يضمن كل نموذج منهم ما سال لعابه من أجله.
ولو أردنا تسليط الضوء على هذه النماذج الأربعة أجمالاً لكانت كالتالي:
أ ـ النموذج الأول : وهو الذي يعتقد أن فئته فوق بقية فئات المجتمع العراقي بغض النظر عن كونها أكثرية أو أقلية بذريعة أنها كانت مضطهدة اضطهاداً مميزاً خلال فترة حكم الديكتاتورية، ويرى هذا النموذج بأنه يجب أن يُعوض مادياً ومعنوياً قبل أي فئة أخرى لأن مكونه الأساسي لا يتحمل الأزمات فهو في معزل تام عن باقي فئات الشعب الأخرى، وهو لا يهتم بما يعصف بالبلاد من كوارث وأزمات ما دامت بعيدةً عنه بحيث يضمن أن النار التي سوف تحرق غيره لن يناله منها سوى ما ينضج بها رغيفه فحسب.
ب ـ النموذج الثاني : هو نموذج تشبث بالأمجاد التي سطرها الرساليون الوطنيون الذين قدموا دمائهم الزكية في سبيل إعلاء كلمة الله وفي سبيل هذا الوطن ومن أجل رفعة وعزة وسلامة هذا الشعب المظلوم بكافة فئاته، ومع ذلك فلم يكن هذا النموذج يتحلى بصفات من رفع رايتهم أو بمستوى ما قدمه الرساليون من تضحيات وعلى كافة المستويات، فلم ينهج نهجهم وشمر عن ذراعيه للاستقتال من أجل نصيب أو حظوة شخصية وبصورة مفضوحة. وقد ترك خلف ظهره المبادئ التي أرساها صاحب اللواء الذي لم يصل إلى ما وصل إليه إلا من خلاله الانتساب إليه.
ج ـ النموذج الثالث : هو نموذج فئوي احتواه اليأس في بادئ الأمر كونه كان مرتعاً للطاغوت وأعوانه، فكان يعمل كخط معارض دون أي برنامج معين سوى محاولة فرض الوجود وسط التراكمات الحزبية التي أفرزتها مرحلة ما بعد السقوط. إلى أن سنحت له الفرصة بالارتقاء إلى مستوى بقية النماذج حينما أعُطي الضوء الأخضر من قبل جهات إقليمية وحسب ما تقتضيه المصالح الفئوية المشتركة معها، وقد سهل عملية انضمامه إلى العملية السياسية أمرين الأول: استغلاله لحرب المصالح الدائرة بين النموذجين المتقدمين ليكون طرفاً ثالثاً يميل في كل حين إلى طرف ما مشكلاً ورقة ضغط أثناء استعار الأزمات المفتعلة وحسب ما تقتضيه المصلحة الشخصية. الثاني: تنازله عن بعض الأمور الأساسية التي يؤمن بها مع عودته للتشنج حيال ما تنازل عنه وحسب ما تقتضيه الضرورة.
د ـ النموذج الرابع : وهو النموذج الإيجابي الوحيد كما ذكرنا، وهو مصداق للنموذج الرسالي الوطني الذي يضحي دائماً بالمصالح الشخصية من أجل المصلحة العامة، وينظر إلى جميع مكونات الشعب بعين واحدة، ويحمل هموم الشعب وآهاته ويجعل مصالح الشعب نُصب عينيه في كل خطوة يخطوها، ويتبنى المكاشفة والمصارحة ويبغض الغموض والمداهنة، والأهم من ذلك أنه ينظر إلى الحكم والإدارة بمنظار علي بن أبي طالب (ع) كـ(عفطة عنز).
ولعل هذا الذي سلسلناه هو مجرد إطلالة يسيرة ومبسطة كشفنا خلاها عن أهم الأزمات السياسية المصطنعة التي تُعثر العملية السياسية وعن النماذج القيادية التي أفرزتها المرحلة الراهنة والتي لم ولن يُكتب لها النجاح إلا إذا تخلت عن روح الفئوية وتقديم المصالح الشخصية.
|
|
|
|
|