رواية الحاكم التي تذكر مبايعة أمير المؤمنين عليه السلام لأبي بكر في الميزان
بتاريخ : 04-06-2010 الساعة : 03:53 AM
نرى أن أهل السنة – قديما وحديثا - يتبجحون برواية رواها الحاكم النيسابوري في مستدركه ، ويتوهمون أنها ترد على عقيدة الشيعة الإمامية – زادهم الله تعالى شرفا – فيما ذهبوا إليه من ثبوت النص الإلهي على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، والرواية هي:
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا جعفر بن محمد بن شاكر ، ثنا عفان بن مسلم ، ثنا وهيب ، ثنا داود بن ابي هند ، ثنا أبو نضرة ، عن ابى سعيد الخدري رضى الله عنه قال:
لما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله ، قام خطباء الانصار فجعل الرجل منهم يقول: يا معشر المهاجرين ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا استعمل رجلا منكم قرن معه رجلا منا ، فنرى ان يلى هذا الامر رجلان ، احدهما منكم والآخر منا .
قال: فتتابعت خطباء الانصار على ذلك ، فقام زيد بن ثابت فقال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان من المهاجرين ، وان الامام يكون من المهاجرين ، ونحن انصاره كما كنا انصار رسول الله صلى الله عليه وآله .
فقام أبو بكر رضى الله عنه فقال: جزاكم الله خيرا يا معشر الانصار ، وثبت قائلكم ، ثم قال: اما لو فعلتم غير ذلك لما صالحناكم .
ثم اخذ زيد بن ثابت بيد ابي بكر فقال: هذا صاحبكم فبايعوه .
ثم انطلقوا ، فلما قعد أبو بكر على المنبر نظر في وجوه القوم فلم ير عليا فسأل عنه فقام ناس من الانصار فاتوا به ، فقال أبو بكر: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وختنه اردت ان تشق عصا المسلمين ؟
فقال: لا تثريب يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله ، فبايعه .
ثم لم ير الزبير بن العوام فسأل عنه حتى جاؤا به فقال: ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وحواريه اردت ان تشق عصا المسلمين ؟
فقال مثل قوله لا تثريب يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله فبايعاه .
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
المصدر: المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 76
قلتُ: ورواها البيهقي أيضا في السنن الكبرى ج 8 ص 143 بطريقين كلاهما عن وهيب عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبى سعيد الخدري رضى الله عنه ، ثم قال البيهقي بعد أن ذكر الرواية:
قال أبو على الحافظ: سمعت محمد بن اسحاق بن خزيمة يقول: جاءني مسلم بن الحجاج فسألني عن هذا الحديث فكتبته له في رقعة وقرأت عليه فقال: هذا حديث يسوى بدنة ، فقلت يسوى بدنة ؟ بل هو يسوى بدرة (1) .
انتهى
قال ابن كثير في البداية والنهاية ج 5 ص 270 ما يلي:
وهذا إسناد صحيح محفوظ من حديث أبي نضرة المنذر بن مالك بن قطعة ، عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري ، وفيه فائدة جليلة وهي مبايعة علي بن أبي طالب أما في أول يوم أو في اليوم الثاني من الوفاة . وهذا حق فإن علي بن أبي طالب لم يفارق الصديق في وقت من الاوقات ، ولم ينقطع في صلاة من الصلوات خلفه كما سنذكره وخرج معه إلى ذي القصة لما خرج الصديق شاهرا سيفه يريد قتال أهل الردة كما سنبينه قريبا ، ولكن لما حصل من فاطمة رضي الله عنها عتب على الصديق .......
ثم قال ابن كثير:
فصلٌ ، ومن تأمل ما ذكرناه ، ظهر له إجماع الصحابة المهاجرين منهم والانصار على تقديم أبي بكر ، وظهر برهان قوله عليه السلام: " يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر " . وظهر له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينص على الخلافة عينا لاحد من الناس ، لا لابي بكر كما قد زعمه طائفة من أهل السنة ، ولا لعلي كما يقوله طائفة من الرافضة . ولكن أشار إشارة ! قوية يفهمها كل ذي لب وعقل إلى الصديق كما قدمنا وسنذكره ....
انتهى كلامه
إذا فهم يقابلون عقيدة الشيعة في ثبوت النص على أمير المؤمنين عليه السلام ، بهذه الرواية ! ويقولون انها تدل على عدم وجود النص على علي عليه الصلاة والسلام .
المناقشة
1 – خبر الواحد لا يفيد إلا الظن:
لا بد من التنبيه على أمر هام وهو أن أخبار الآحاد ليست هي المصدر الذي نأخذ منه عقائدنا ، بل يجب علينا أن نأخذها من مصدر نقطع بصحته ، ونحن نأخذ عقائدنا من العقل والكتاب الكريم والسنة المتواترة أو الخبر المحفوف بالقرائن التي تدل على صحته بحيث يورث لدينا العلم لا مجرد الظن .
وعقيدتنا في الإمامة – شأنها شأن بقية عقائدنا - لم نعتنقها بناء على أخبار آحاد ، بل هي ثابتة بدليل العقل والكتاب والسنة المتواترة ، هذا فضلا عن أخبار الآحاد المستفيضة التي رواها الخاصة والعامة بأسانيد صحيحة ، وأغلبها موافقة لما دل عليه العقل والنقل القطعي .
والسبب في ذلك هو أن خبر الواحد لا يفيد العلم ، فان الثقة الذي يروي لنا خبرا وان كنا نطمئن لصدقه ، إلا أنه من المحتمل جدا أن يشتبه عليه الأمر فيتوهم ويخطئ ، وهذا أمر محسوس ويدركه كل أحد فيما يسمعه من أخبار ، ويقع هذا فيما ينقل لنا بواسطة واحدة ، فما هو ظنك بالخبر الذي ينقل لنا بأكثر من واسطة ، بأن يرويه واحد عن واحد عن واحد عن واحد ... ؟
وعلى هذا الأساس فلو وردت رواية تدل على أمر مخالف لما ثبت بدليل علمي ، كما لو وردت رواية تدل على التجسيم ، فلا بد من تأويلها أو طرحها ، لمخالفتها لأمر ثابت بدليل عقلي ونقلي ، وهو أن ذات الباري المقدسة منزهة عن الجسم والجسمية ، ولا يصح أن ننقض هذا الأمر الثابت بدليل قطعي بحجة ورود رواية ، وهي دليل ظني . إذ لا يجوز أن نبطل اليقين بالشك .
قال النووي في شرح صحيح مسلم ج 1 ص 131
وأما خبر الواحد: فهو ما لم يوجد فيه شروط المتواتر سواء كان الراوى له واحدا أو أكثر ، واختلف في حكمه ، فالذي عليه جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من المحدثين والفقهاء وأصحاب الاصول: أن خبر الواحد الثقة حجة من حجج الشرع ، يلزم العمل بها ، ويفيد الظن ولا يفيد العلم ، وأن وجوب العمل به عرفناه بالشرع لا بالعقل . انتهى
وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ ج 1 ص 6 في ترجمة عمر بن الخطاب:
وهو الذي سن للمحدثين التثبت في النقل ، وربما كان يتوقف في خبر الواحد إذا ارتاب ، فروى الجريرى عن ابي نضرة عن ابي سعيد:
ان ابا موسى سلم على عمر من وراء الباب ثلاث مرات ، فلم يؤذن له فرجع .
فارسل عمر في اثره فقال: لم رجعت ؟
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سلم احدكم ثلاثا فلم يجيب فليرجع .
قال: لتأتيني على ذلك ببينة أو لافعلن بك .
فجاءنا أبو موسى منتقعا لونه ونحن جلوس ، فقلنا ما شأنك فاخبرنا وقال: فهل سمع احد منكم ؟
فقلنا: نعم كلنا سمعه .
فارسلوا معه رجلا منهم حتى اتى عمر فاخبره .
قال الذهبي: احب عمر أن يتأكد عنده خبر ابي موسى بقول صاحب آخر ، ففي هذا دليل على ان الخبر إذا رواه ثقتان كان اقوى وارجح مما انفرد به واحد ، وفي ذلك حض على تكثير طرق الحديث لكى يرتقي عن درجة الظن إلى درجة العلم ، إذا الواحد يجوز عليه النسيان والوهم ولا يكاد يجوز ذلك على ثقتين لم يخالفهما احد ، وقد كان عمر من وجله ان يخظئ الصاحب على رسول الله صلى الله عليه وآله يأمرهم ان يقلوا الرواية عن نبيهم ولئلا يتشاغل الناس بالاحاديث عن حفظ القرآن .
انتهى
وأخيرا روى مسلم في صحيحه ج 2 ص 210 بسنده عن عائشة انها قالت: وهم عمر ، انما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يتحرى طلوع الشمس وغروبها .
إذا فخبر الواحد الثقة يورث الظن ولا يورث العلم ، والسبب هو احتمال وقوع الوهم من بعض الرواة . وعليه فيجب التثبت في هذا النوع من الأخبار .
ويجب ان تبنى العقيدة على العلم لا على الظن والوهم .
2 – نظرة في سند رواية الحاكم:
أ - وهيب:
ذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب ج 11 ص 149
وقال الآجري عن أبي داود: تغير وهيب بن خالد ، وكان ثقة .
ب - داود بن أبي هند:
ذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب ج 3 ص 177 ومما قاله عنه:
وقال ابن حبان: روى عن انس خمسة احاديث لم يسمعها منه ، وكان من خيار أهل البصرة من المتقنين في الروايات ، إلا انه كان يهم إذا حدث من حفظه .
وقال الاثرم عن احمد: كان كثير الاضطراب والخلاف .
ج - أبو نضرة:
ذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب ج 10 ص 268
وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث وليس كل أحد يحتج به ...
وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال: كان من فصحاء الناس فلج في آخر عمره مات سنة ثمان أو تسع ومائة وأوصى أن يصلي عليه الحسن وكان ممن يخطئ ....
وأورده العقيلي في الضعفاء ولم يذكر فيه قدحا لاحد وكذا أورده ابن عدي في الكامل وقال كان عريفا لقومه واظن ذلك لما أشار إليه ابن سعد ولهذا لم يحتج به البخاري .
إذا ففي الرواية ثلاثة رجال وإن كانوا ثقات ، إلا أنه عرف عنهم كثرة الخطأ والوهم والاضطراب ، ونضيف لكل ما تقدم ما ذكره ابن حجر في لسان الميزان ج 1 ص 10 قال:
وقد حكى القاضى عبد الله ابن عيسى بن لهيعة ، عن شيخ من الخوارج انه سمعه يقول بعد ما تاب: ان هذه الاحاديث دين ، فانظروا عمن تأخذون دينكم ، فانا كنا إذا هوينا امرا صيرناه حديثا . انتهى
وما ذكره ابن عدي في الكامل ج 5 ص 313 قال:
سمعت علي بن أحمد بن علي بن عمران الجرجاني يقول: سمعت أبي يقول: سمعت عبد الرزاق يقول:
ما رأيت دواب قط أكذب من أصحاب الحديث . انتهى
3 – رواية الحاكم معارضة لروايات أصح منها:
فمن تلك الروايات ما رواها الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما وغيرهما ، وهي تنص على أن عليا عليه السلام لم يبايع إلا بعد ستة أشهر من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله ، وهي كما يلي واللفظ للبخاري:
حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة:
ان فاطمة عليها السلام بنت النبي صلى الله عليه وسلم ارسلت إلى أبى بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما افاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقى من خمس خيبر ، فقال: أبو بكر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث ما تركنا صدقة انما يأكل آل محمد في هذا المال وانى والله لا اغير شيئا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التى كان عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأبى أبو بكر ان يدفع إلى فاطمة منها شيئا فوجدت فاطمة على أبى بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة اشهر فلما توفيت دفنها زوجها على ليلا ولم يؤذن بها ابا بكر وصلى عليها وكان لعلى من الناس وجه حياة فاطمة فلما توفيت استنكر على وجوه الناس فالتمس مصالحة أبى بكر ومبايعته ولم يكن يبايع تلك الاشهر فأرسل إلى أبى بكر ان ائتنا ولا يأتنا احد معك كراهية لمحضر عمر فقال عمر لا والله لا تدخل عليهم وحدك فقال أبو بكر وما عسيتهم ان يفعلوا بى والله لآتينهم فدخل عليه أبو بكر فتشهد على فقال انا قد عرفنا فضلك وما اعطاك الله ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله اليك ولكنك استبددت علينا بالامر وكنا نرى لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم نصيبا حتى فاضت عينا أبى بكر فلما تكلم أبو بكر قال والذى نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم احب إلى ان اصل من قرابتي واما الذى شجر بينى وبينكم من هذه الاموال فلم آل فيها عن الخير ولم اترك امرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيها الاصنعته فقال على لابي بكر موعدك العشية للبيعة فلما صلى أبو بكر الظهر رقى المنبر فتشهد وذكر شأن على وتخلفه عن البيعة وعذره بالذى اعتذر إليه ثم استغفر وتشهد على فعظم حق أبى بكر وحدث انه لم يحمله على الذى صنع نفاسة على أبى بكر ولا انكارا للذى فضله الله به ولكنا كنا نرى لنا في هذا الامر نصيبا فاستبد علينا فوجدنا في انفسنا فسر بذلك المسلمون وقالوا اصبت وكان المسلمون إلى على قريبا حين راجع الامر بالمعروف .
المصادر:
1 - صحيح البخارى ج 5 ص 82
2 - صحيح مسلم ج 5 ص 153
3 - صحيح ابن حبان ج 11 ص 152
4 - مسند الشاميين للطبراني ج 4 ص 198
وروى البخاري ايضا في صحيحه قصة السقيفة بلسان عمر بن الخطاب نفسه في ج 8 ص 25 والرواية طويلة اخذت منها موضع الحاجة:
قال عمر: ثم انه بلغني ان قائلا منكم يقول: والله لو مات عمر بايعت فلانا ، فلا يغترن امرؤ ان يقول انما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت الا وانها قد كانت كذلك ولكن الله وقى شرها ، وليس منكم من تقطع الاعناق إليه مثل أبي بكر من بايع رجلا عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة ان يقتلا ، وانه قد كان من خبرنا حين توفي الله نبيه صلى الله عليه وسلم ان الانصار خالفونا واجتمعوا باسرهم في سقيفة بني ساعدة وخالف عنا علي والزبير ومن معهما واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت لابي بكر يا أبا بكر انطلق بنا إلى اخواننا هؤلاء من الانصار فانطلقنا نريدهم .
فلما دنونا منهم لقينا رجلان منهم صالحان فذكرا ما تمالى عليه القوم فقالا: اين تريدون يا معشر المهاجرين ؟
فقلنا نريد اخواننا هؤلاء من الانصار .
فقالا لا عليكم ان لا تقربوهم اقضوا امركم .
فقلت والله لنأتينهم , فانطلقنا حتى اتيناهم في سقيفة بني ساعدة فإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم فقلت من هذا ؟
قالوا هذا سعد بن عبادة .
فقلت ماله ؟
قالوا يوعك .
فلما جلسنا قليلا تشهد خطيبهم فأثنى على الله لما هو اهله ثم قال اما بعد فنحن انصار الله وكتيبة الاسلام وانتم معشر المهاجرين رهط وقد دفت دافة من قومكم .
فاذاهم يريدون ان يختزلونا من اصلنا وان يحضنونا من الامر ، فلما سكت اردت ان اتكلم وكنت زورت مقالة اعجبتني اريد ان اقدمها بين يدي أبي بكر وكنت اداري منه بعض الحد فلما اردت ان اتكلم قال أبو بكر على رسلك ، فكرهت ان اغضبه .
فتكلم أبو بكر فكان هو احلم مني واوقر والله ما ترك من كلمة اعجبتني في تزويري الا قال في بديهته مثلها أو افضل حتى سكت فقال ما ذكرتم فيكم من خير فانتم له اهل ولم يعرف هذا الامر الا لهذا الحي من قريش هم اوسط العرب نسبا ودارا وقد رضيت لكم احد هذين الرجلين فبايعوا ايهما شئتم فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا فلم اكره مما قال غيرها كان والله ان اقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من اثم احب الي من ان اتأمر على قوم فيهم أبو بكر اللهم الا ان تسول الي نفسي عند الموت شيأ لا اجده الآن .
فقال قائل الانصار انا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا امير ومنكم امير يا معشر قريش ، فكثر اللغط وارتفعت الاصوات حتى فرقت من الاختلاف .
فقلت ابسط يدك يا ابا بكر فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعته الانصار ونزونا على سعد بن عبادة فقال قائل منهم قتلتم سعد بن عبادة .
فقلت قتل الله سعد بن عبادة .
قال عمر وانا والله ما وجدنا فيما حضرنا من امر اقوى من مبايعة أبي بكر خشينا ان فارقنا القوم ولم تكن بيعة ان يبايعوا رجلا منهم بعدنا فاما بايعناهم على ما لا نرضى واما نخالفهم فيكون فساد فمن بايع رجلا على غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي بايعه تغرة ان يقتلا .
ورواها الطبري في تاريخه ج 2 ص 446 ولفظ الشاهد منها كما يلي:
وإنه كان من خبرنا حين توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن عليا والزبير ومن معهما تخلفوا عنا في بيت فاطمة وتخلفت عنا الانصار بأسرها واجتمع المهاجرون إلى أبى بكر .
وكذلك ابن حبان في الثقات ج 2 ص 153 ولفظه:
وإنه كان من خيرنا حين توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عليا والزبير ومن تبعهما تخلفوا عنا في بيت فاطمة وتخلفت عنا الانصار في سقيفة بنى ساعدة واجتمع المهاجرون إلى أبى بكر .
4 - نظرة في متن الرواية:
1 - رواية الحاكم اهملت ذكر تفاصيل ما جرى في السقيفة بشكل يخل بالمعنى بشكل كبير ، خصوصا ما يتعلق بموقف الانصار ونزاعهم ، فقارن بين ما تذكره هذه الرواية وبين ما تذكره رواية البخاري وغيره عن لسان عمر بن الخطاب . وسترى ان رواية الحاكم الغت النزاع من اساسه ، في حين رواية البخاري تنص على وقوع نزاع كبير .
2 - والعجيب ان رواية الحاكم تنص على أن أبا بكر قال لأمير المؤمنين علي عليه السلام: اردت ان تشق عصا المسلمين ؟
فهي تثبت أن خلافا واعتراضا صدر عن الامام علي عليه السلام .
وفي الوقت نفسه فالظاهر منها ان ابا بكر قعد على المنبر في نفس اليوم وقال لعلي عليه السلام ذلك الكلام في نفس اليوم أيضا ، وهو نفس اليوم الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وآله .
علما بأن أمير المؤمنين عليه السلام كان مشغولا بتجهيز أخيه رسول الله صلى الله عليه وآله .
فلا أدري كيف حصل كل هذا في يوم واحد ، تجهيز النبي صلى الله عليه وآله ن وظهور نزاع وخلاف من علي عليه السلام ، ثم رضى ومبايعة ، كل هذه الأمور تجتمع في يوم واحد ؟؟؟!!!
النتيجة
فرواية الحاكم لا تساوي حتى بعرة ، وذلك لما يلي:
1 - الرواية معارضة لأصل ثابت من أصول الدين ، ولا يجوز أن نهدم أصلا يقينيا بخبر ظني .
2 - الرواية من أخبار الآحاد ، وخبر الآحاد لا يفيد العلم .
3 - الرواية معارضة لروايات أخرى عديدة أصح منها .
4 - ثلاثة من رجال سند الرواية نص علماء الجرح والتعديل على كثرة توهمهم وخطأهم .
وأخيرا ، بدلا من أن يتشبث أهل السنة بهذه الرواية ، بقصد الطعن في عقيدتنا في الإمامة ، فإن الأحرى بهم أن يأتوا للأدلة التي ذكرها علمائنا رضوان الله عليهم في كتب العقائد ، ويذكروا ما لديهم من أوجه النقد .
فكما أن ادلة علمائنا هي من العقل والقرآن والسنة المتواترة أو المقطوع بصدورها ، فيجب على أهل السنة أن يكون مستوى أدلتهم المعارضة بنفس مستوى أدلة علمائنا ، أما أن يعترضوا بأدلة هي دون مستوى أدلتنا من حيث القوة فهذا دليل العجز .
تواجد أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه في السقيفة محتمل .
والذي يبدو - والله أعلم - أن هذه الرواية موضوعة على لسانه ، فأبو سعيد من الصحابة الذين عرفوا بالولاء والتشيع لأمير المؤمنين عليه السلام وقد شهد الجمل وصفين والنهروان مع أمير المؤمنين عليه السلام ، وكان مجاهرا بذكر مناقب أهل البيت وفضائلهم عليهم السلام ، ومن ذلك روايته لحديث الغدير ، والآيات المتعلقة به ، فقد روى ابن عساكر بسنده عن أبي سعيد الخدري أنه قال:
لما نصب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عليا بغدير خم فنادى له بالولاية هبط جبريل عليه السلام عليه بهذه الاية: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) .
وروى ابن عساكر ايضا بسنده عن أبي سعيد الخدري قال:
نزلت هذه الاية (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ) على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم غدير خم في علي بن أبي طالب .
انظر تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج 42 ص 237
وقال الشيخ المفيد أعلى الله مقامه في الارشاد ج 1 ص 6
فاختلفت الامة في إمامته - يعني أمير المؤمنين عليه السلام - يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت شيعته - وهم بنو هاشم وسلمان وعمار وأبو ذر والمقداد وخزيمة ابن ثابت ذو الشهادتين وأبو أيوب الانصاري وجابر بن عبد الله الانصاري وأبو سعيد الخدري ، وأمثالهم من جلة المهاجرين والانصار - : إنه كان الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله والامام .... الخ
قال السيد التفريشي قدس سره في نقد الرجال ج 2 ص 313
سعد بن مالك الخزرجي: يكنى أبا سعيد الخدري ، الأنصاري ، العرني ، المدني ، من أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام ، رجال الشيخ .
وروى الشيخ رحمه الله في التهذيب في باب تلقين المحتضرين من الزيادات - بطريق صحيح - عن الصادق عليه السلام: أنه كان مستقيما .
وروى الكشي أيضا - بطريق صحيح - عن الصادق عليه السلام: أنه كان مستقيما .
وروى الكشي أيضا عن الفضل بن شاذان: أنه من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام .
ونقل العلامة في آخر الباب الأول من الخلاصة ، عن البرقي: أنه من الأصفياء .
وفي كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام للشيخ الصدوق أعلى الله مقامه ج 1 ص 134
والولاية لامير المؤمنين عليه السلام والذين مضوا على منهاج نبيهم ( ص ) ولم يغيروا ولم يبدلوا مثل: سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري والمقداد بن الاسود وعمار بن ياسر وحذيفة اليماني وأبي الهيثم بن التيهان وسهل بن حنيف وعبادة بن الصامت وأبي أيوب الانصاري وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين وأبي سعيد الخدري وأمثالهم رضي الله عنهم ورحمة الله عليهم والولاية لاتباعهم وأشياعهم والمهتدين بهداهم والسالكين منهاجهم رضوان الله عليهم ....
منقووووول
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
أحسنتم على النقل الموفق ....
وأنما علمائنا ان وجدت بعض الاقوال منهم انه بايع لانهم قد أحرزوا الكبرى ومادونها خرط قتاد ......
ومثل هذه المرويات يكفي سقوطها أنها لم تكن يوما دليلا تمسك به احد علماء المسلمين الا اللهم صاحب فتح الباري اذ لم تخنا الذاكرة وموقف مسلم من هذه المرويه يدل جيدا على ان هذا العلم الكبير عندهم لم يعبرها لانها موضوعه
والسلام على سيدي ومولاي المظلوم علي أبن ابي طالب عليه السلام