الكتاب : الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة
المؤلف : أبي العباس أحمد بن محمد بن محمد بن علي إبن حجر الهيتمي
إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله فاعلم أنه زنديق وذلك أن الرسول حق والقرآن حق وما جاء به حق وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة فمن جرحهم إنما أراد إبطال الكتاب والسنة فيكون الجرح به ألصق والحكم عليه بالزندقة والضلالة والكذب والفساد هو الأقوم الأحق
(2/608)
كمال قربهم منه من حيث أنزلهم منزلة نفسه حتى كأن أذاهم واقع عليه وفيه أيضا أن محبة من أحبه النبي كآله وأصحابهرضي الله تعالى عنهم علامة على محبة رسول الله كما أن محبته علامة على محبة الله تعالى وكذلك عداوة من عاداهم وبغض من أبغضهم وسبهم علامة على بغض رسول الله وعدواته وسبه وبغضه وعداوته وسبه علامة على بغض الله تعالى وعداوته وسبه فمن أحب شيئا أحب من يحب وأبغض من يبغض
(2/620)
الانتصار للصحب والآل من افتراءات السماوي الضال
المؤلف : إبرهيم بن عامر الرحيلي
ففي هذه الأدلة الصحيحة الصريحة، وما في معناها من النصوص الأخرى، المتضمنة حسن الثناء من الله ورسوله على هؤلاء الصحابة، أكبر دليل على عدالتهم وطهارتهم ونزاهتهم، وأنه لا يبحث عن عدالتهم. ولهذا كان أئمة الإسلام متفقين على عدالتهم.
يقول الخطيب البغدادي بعد أن ذكر الأدلة على عدالة الصحابة: «والأخبار في هذا المعنى تتسع، وكلها مطابقة لما ورد في نص القرآن، وجميع ذلك يقتضى طهارة الصحابة، والقطع على تعديلهم ونزاهتهم، فلا يحتاج واحد منهم مع تعديل الله تعالى -لهم المطلع على بواطنهم- إلى تعديل أحد من الخلق....
إلى أن قال: هذا مذهب كافة العلماء، ومن يعتد بقوله من الفقهاء ». (2)
__________________
(1) صحيح مسلم (كتاب فضائل الصحابة، باب بيان أن بقاء النبي صلى الله عليه وسلم أمان لأصحابه) 4/1961.
(2) الكفاية في علم الرواية 48-49.
[ 217 ]
وقال النووي:« الصحابة كلهم عدول، من لابس الفتن وغيرهم ، بإجماع من يعتد به». (1)
وقال ابن كثير:
والصحابة كلهم عدول عند أهل السنة والجماعة لما أثنى الله عليهم في كتابه العزيز، وبما نطقت به السنة النبوية في المدح لهم في جميع أخلاقهم وأفعالهم، وما بذلوه من الأموال والأرواح بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم رغبة فيما عند الله، من الثواب الجزيل، والجزاء الجميل ». (2)
وقال ابن الملقن: « للصحابة بأسرهم خصيصة وهي أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم بل ذلك أمر مفروغ منه، لكونهم على الإطلاق معدلين بنصوص الكتاب والسنة، وإجماع من يعتد به.-إلى أن قال بعد أن ساق بعض النصوص في الثناء عليهم-: ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، ومن لابس الفتن منهم كذلك بإجماع العلماء الذين يعتدبهم في الإجماع إحسانا للظن بهم، ونظرا إلى ما تمهد لهم من المآثر وكأن الله تعالى أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة ». (3)
__________________
(1) التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير للنووي مع شرحة تدريب الراوي 2/190.
(2) الباعث الحثيث ص154.
(3) المقنع في علوم الحديث 2/492-493.
[ 218 ]
فظهر بهذا اتفاق العلماء المعنيين بنقد الرجال والنظر في أحوالهم على عدالة الصحابة، وأنه لا يسأل عن عدالتهم ولم يخالف في ذلك أحد ممن يعتد بقوله: بل لم يخالف في ذلك إلا متهم في دينه من أهل البدع والزندقة.
ولهذا عد العلماء قديما أن الطعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم علامة أهل البدع والزنادقة، الذين يريدون إبطال الشريعة بجرح رواتها.
قال أبو زرعة: ( إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقه). (1)
وعن الإمام أحمد أنه قال: ( إذا رأيت رجلا يذكر أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوء فاتهمه على الإسلام). (2)
وقال الإمام البربهاري: ( واعلم أن من تناول أحدا من أصحاب
__________________
(1) رواه الخطيب في الكفاية ص49.
(2) ذكره ابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد ص209 وشيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول ص568.
[ 219 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلمفاعلم أنه إنما أراد محمدا وقد آذاه في قبره). (1)
__________________
(1) شرح السنة ص54.
[ 220 ]
فكيف بمن آذاه في أهل بيته ؟!
لا مفر لك يا ابن تيمية من الحكم عليك بالزندقة