المخطوطات و أدواتها الحلقة الأولى الأستاذ صلاح الخاقاني
بتاريخ : 30-05-2011 الساعة : 01:53 AM
المخطوطات و أدواتها
الحلقة الأولى
الأستاذ
صلاح الخاقاني
مسؤل مختبر خزانة مخطوطات العتبة العلوية المقدسة
و خزانة مخطوطات مكتبة الإمام كاشف الغطاء – العامة
المقدمة
من النكبات التي مرت على العلوم الإسلامية والعربية وضياع مؤلفاتنا القديمة بسبب الفتن والحروب وحرقها وإغراقها إضافة إلى جهلنا بهذا الإرث العظيم الذي تركه لنا السلف الصالح الذي عانى مشقة جمعة وكتابته وتأليفه . وكذلك وقوع هذا الإرث في أيدي الجهلة .
وهذا الإرث خضع لفترات مد وجزر وانكماش وانتعاش وتلف ونجاة وعلينا أن نعيد انتعاشه وإنقاذه من التلف فأن هذا الإرث أسهمت الإنسانية جميعا في المشارك بصناعته وعليها أن تهتم به باعتباره ارث للجميع .
بتبادل الخبرات والتشاور وعقد المؤتمرات والدورات من اجل صيانته وترميمه وحفظه وفتح الأبواب للباحثين وطلاب العلم لترى النور وتواصل مسار نشر العلم .
تعريف المخطوط :
إن المخطوط هو كل اثر علمي أو فني كتب بخط اليد البشرية على مادة أو مواد يكتب عليها ومواد يكتب بها ومادة الكتابة .
1- وعلينا أن نعرف ما هي المواد التي كان يكتب عليها ومراحل تطورها .
2- وما هي المواد التي يكتب بها على مر العصور ومراحل تطورها .
3- ومادة الكتابة وتراكيبها .
عندما نبحث هذه الركائز الثلاثة ومراحل تقدمها نشاهد إن الإنسانية جميعا قد اجتمع في هذا الإرث فنرى بعض الأمم قد اكتشفت مادة حتى أخذت الأخرى وتطورها وأوصلتها إلى أمم أخرى وترى الأخيرة قد أعادته من حيث أخذته حيث طورته في أجمل صوره .
المواد التي كتبت عليها المخطوط
يروى إن الرقوق استعملت أولا في برغامس . في سنة 1923 وجدت في دورا ألواقعه على نهر الفرات بعض المستندات المدونه على رقوق تحمل تواريخ تقابل 196-195 و 190-189 ق.م .
وان المصريين هم أول من استخدم أوراق البردي .
سوف نستعرض بعض المواد التي كان يكتب عليها قبل صناعة الورق قبل ألفي عام من صناعة الورق كان الصينيون يكتبون على سيقان نبات البامبو ( الخيزران ) المجوفة فهذا النبات كان ينمو بكثرة عند الصينين يعملوه شرائح تثقب من الأعلى لتضم إلى بعضها بخيط . وقد كانت عسيرة التناول ، صعبة الحفظ ، ثقيلة الحركة 1 .وقد حاولوا أثناء هذه الفترة الكتابة على الحرير ، ولكن ارتفاع ثمن الحرير منع من شيوعه .
استعمال اللخاف والخزف
اللخاف حجارة بيضاء عريضة كان يكتب بها قبل الإسلام واستمر حتى الدولة العباسية حتى بعد ظهور الورق.
الكرب والعسب
الكرب : هو أصول سعف النخيل الغليظة العريضة .
العسب :وهو جريد النخل المجرد من خوصه .
وقد كتب عليها المسلمون الأوائل القران الكريم . وفي حديث زيد بن ثابت ، قال : فجعلت أتتبع القران اجمعه من العسب والرقاع واللخاف وصدور الرجال 2 .
1_ لمحات من تاريخ الكتاب والمكتبات .
2_ صحيح البخاري ج3 ص 162 .
لحاء الشجر
من أشهر أنواع قشور الشجر التي كتب فيها قبل الإسلام لحاء ( الكاذي) وهذا الشجر يكون بأرض الهند والصين وهو نوع من النبات عجيب ذو لون حسن وريح طيب لحاؤه ارق من الورق الصيني تتكاتب فيه ملوك الصين والهند 1.
العظام والأكتاف
والكتف عظم عريض يكون في أصل كتف الحيوان من الناس والدواب وكان يكتبون فيه لغة القراطيس .
وكانت تأخذ الأكتاف من الإبل والحمار الوحشي والغنم والماعز .
الخرق والثياب البيض والمهارق وأثواب الحرير .
وكان يطلى بالأصماغ ويعقل ثم يكون جاهز للكتابة وكانت الكتاب هبه على الصحف الحريرية أكثر ما تكون مختصه بالملوك ورجال الدولة والمترفين والاغنياء وكثيرا ما كانت تكتب بماء الذهب وتزخرف .
الالواح من الساج يكتب فيها والساج خشب اسود ، طويل البقاء .
والالواح هي عموما من الخشب المصبوغ بالسواد مطلي بطبقه من الشمع ليسهل الكتابة عليه ومحوها وقد سمته بالسبورة أو السفّور .
وايضا صنعت من الحجر وبعض المعادن كالرصاص
ـــــــــــــ
1- لسان العرب
وكان الألواح أو السبورة او السفوره في الإسلام طقوس خاصة فقد كان يستعملونها لتعلم الكتابة ويمكن محوها بخرقه وكانت تسمى الطلاسه 1 .
وكانوا يتدربون في كل حين على تعلم ألكتابه ونسخ آيات القران ومحوها أو غسلها وكان من وافقي المدارس من الأغنياء يشترطون في الوقفية على مكاتب الأيتام وهم يكتبون القران في ألواحهم فإذا أرادوا محوها غسلوا الألواح وسكبوا ذلك على قبور الواقفين . وهناك شروط بمسح الألوان وغسل ( الطلاسه ) أن تكون طاهرة والماء الذي يغسل به طاهر وان أمكنه ان يكون حلو وغير مستعمل وماء المسح ان يحفر له مكان طاهر او يلقى في البحر او البئر .
ورق البردي ( ورق البابيروس )
ويعتبر من اقدم انواع الورق الذي يصنع في مصر قبل خمسة الاف سنه قبل الميلاد كانت تفصل طبقات رقيقه من فلاف نبات القصب وتنقع في الماء وتوضع الالياف بصورة عموديه وافقية وتدق حتى تصبح على شكل طبقة رقيقه متماسكه وبعدها تجفف وتسقل لكي تأخذ شكلها النهائي . وكانت اوربا تستورد هذا الورق ، وقد اختفى من الاستعمال في اوربا بعد فتح العرب مصر
الجلود
كان اكثر كتابة العرب في الجاهلية وبدء الاسلام في الجلود .
ويقال للمدبوغة منها الادم وكثرها ما كانت من جلود الابل لوفرة ماكان ينحر منها للطعام وكثرتها لانها ضمن البيئة الصحراوية للعرب . وبها كانو يتاجروا في رحلاتهم الى الشام
ــــــــــــــــــــ
1_ تاج العروس ج4 .
واشتهرت اليمن خصوصا بوفرة الادم .
وكانو يكتبون كذلك في جلود الغنم والمعزى والحمير وسائر الدواب الاهلية والوحشية وعلى جلود الضباء وفيها كتبت مصاحف القران والتوراة ايضا 1، وجلد الحمير الوحشي كان يسمى ( الفلجان ) .
ان الجلود قبل ان تعرف الدباغة الكوفية كانت تصعب الكتابة ، حيث تصقل ليهون مر القلم عليها .
الرق :
هو ما يرقق من الجلد ليكتب عليه ويصنع من جلود صغار العجول والحملان والجداء والغزلان.
واستعمال الرق في بداية الامر منحصرا في الرسائل والوثائق السلطانية والاقطاعات والصكوك ..
وظلت هذه المادة الجلدية مهيمنه منذ اقدم العصور الى حدود القرن الخامس الهجري خاصة في الغرب الاسلامي الذي تأخر في معرفة استخدام الورق ، وهناك انواع متباينه من حيث الجودة والنعومه والرق هاذ يعد القضيم احسن انواع الجلد التي يكتب عليها . ويصنع من جلد العجل او الغروف الذي يولد ميتا او يموت بعد ولادته بقليل لذلك فهو مطلوب لرقته ونعومته ،
اما بالنسبة للرق الذي يضع من جلد المسن من العجول والخرفان والماعز فهو تم ترقيقه وجعله مرنا قابلا للكتابة على وجهيه .
1- احسن التقاسيم ص 87 .
اما في اوربا كانو يكتبون على الجلد السميك والجلد الرقيق بعد ما اختفى البردي من الاستعمال بعد فتح العرب لمصر .
وكان الرق متخذ من جلد الخراف الصغيرة غالي الثمن وكان يدخر للمخطوطات النفيسة بسبب هذا المحو .
وكانو ينقعون الجلود في محلول الجير لنزع الشعر او الصوف ثم يعلق ويغسل ويجفف ويشد وينعم ، وان الرقوق استعملت اولا في برغامس ، وفي سنة 1923 وجدت في دورا الواقعة على نهر الفرات بعض المستندات المدونة على الرقوق تحمل تواريخ تقابل
196- 195 و 190- 189 ق.م
ومن أفضل أنواع الرقوق رق الغزال وكذلك الرق الأبيض والأحمر والأزرق وأفضلها الأبيض .والرقوق هي اطول عمرا واقل تعرض للأضرار الكيمياويى والفيزياوية والبالوجية واقل عرضة للحامض الذي يؤثر بصورة مباشره على المخطوط لان طبيعتها قاعدية اكتسبتها عن طريق الدباغة ، ومن مساؤها فهي سريعة المحو .
الورق
وهي صفحات رقيقه يصنع من الالياف السيلوزية للنباتات وتستخدم تلت الصفحات في الكتابة .
والمعروف ان الصينين هم اول من اكتشف صناعة الورق قبل اكثر مكن الفين عام ، عندما تمكن الصيني ( تساي لون ) من اكتشاف طريقه لانتاج الورق من الخرق والحبال القديمة وشباك الصيد القديمة بعد غسلها وتنقيعها بالماء عدة ايام ويضيف لها الماء يوميا وبعد طبخها قام بطرقها بمطارق حتى تفكك الى الياف وتوضع في اناء كبير لتصبح على شكل عجينه تفرش على مصفات وتجفف في الظل ، حيث توصل ( تساي لون ) الى طبق رقيق ومتين من الورق فهذا الشخص هومن اوائل العظماء الذين قدمو خدمات عظيمة لخدمة الانسانية جمعاء وعلى البشرية ان لا تنسى فضل هذا العبقري .
فقام هذا الاختراع تطور كبير في الصين والمناطق المجاورة لها ولهذا فقد وصل الورق اولا الى كوبا وعن طريقها الى اليابان التي عرفته حوالي 610م وفي هذه الفترة فقد كانت تقنية صناعة الورق في الصين وصلت الى قمتها حتى الذين اخذوا منها الصناعة لم يحتاج والى شيء يضيفونه لها .
وعندما قام الصين بأحتلال سمرقند نقلت لها صناعة الورق وقد ابدعت هذه المدينة بالصناعة وعرفة كل اسرارها وقد اخذ الورق السمرقندي شهرة عالمية وجوده عالية .
وعند الفتوحات الاسلامية باتجاه الشرق وبالتحديد مينه سمر قند في عام 172هـ دخلت الجيوش الاسلامية محرره الى هذه المدينة التي يكثر فيها خبراء هذه الصناعة وتعلم المسلمون هذه الخبرة وجلبوا معهم من يعمل بهذه الصناعة لنقلها الى بغداد التي تحمل اعظم حضارة اسلامية واسس اول مصنع للورق في بغداد عام 214هـ على يد وزير هارون الرشيد الفضل بن يحيى البرمكي وبعد فترة وجيزه انتشر استخدام الورق ، وصدر من الخليفة امرا ان لا تكتب الناس الا في الكاغد لان الجلود عرضتا للمحو والتزوير 1 .
ثم انتقلت من بغداد الى دمشق ثم الى طرابلس واليمن ومصر والمغرب العربي والاندلس . وكان اول مصنع انشيء في مصدر في حدود 321هـ . وفي مراكش في سنة 510هـ 2 .
وفي الاندلس 560هـ في مدينة شاطية ، ومنها انتقلت الى مدينة طليطلة في القرن السادس الهجري 3 .
ولم تظهر صناعة الورق في اوربا الا في نهاية القرن السابع الهجري في فرنسا واقيم اول مصنع للورق في مدينة لزوا شرق فرنسا في عام 672هـ وبعد ذلك في ايطاليا 698سنة هـ في القرنيني 8، 9 هـ اصبحت ايطاليا المركز الرئيس لصناعة الورق 4 .
وكذلك دخلت الصناعة من الاندلس الى فرنسا ونقلت الى انجلترا واخيرا هولندا .
ـــــــــــــــــــ
1- لمحات من تاريخ الكتاب والكتابة
2- صبح الاعشى في صناعة النشا
3- المصدر الاول
4- السابق
أسماء الورق
أنواع الورق الأسلامي
1- ورق الحرير ( المصنوع من الياف الحرير الطبيعي ).
2- الورق التبني ( الأسمر من قشر سيقان نبات الحنطة ) .
3- الورق السمرقندي ( شفاف ورقيق يصنع في سمرقند) .
4- الورق الخراساني ( المصنوع من الياف الكتان ).
5- الورق الخانباليك ( المصنوع من ذرات الحرير ) .
6- الورق الدمشقي ( المصنوع من الياف القطن الغير مرغوب ).
7- الورق البغدادي – السلطاني – المنصوري المغربي
هذه الاوراق بعد صناعتها تدلك بقضيب العقيقي جيداً كي تصبح صالحة للكتابة .
وكذلك يوجد ورق اتت تسمية من اسماء صانعيه مثل ( الطسلي والنوحي والجعفري والفرعوني والطاهري ... )
الأحبار أو المداد
1- الاحبار والالوان المستخدمة للكتابة
اختراع الحبر او المداد :
بعد جهود مضنية وتجارب كثيرة استغرقت عشرات السنوات بل مئات . خلال هذه الفترة تعرضة كثير من المدونات للتلف وتعرف احيانا بالمداد – مأخوذ من الفعل يمد أي ما يمد الاداة المستخدمة في الكتابة .