|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 57120
|
الإنتساب : Sep 2010
|
المشاركات : 6,086
|
بمعدل : 1.18 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى العام
الغربة خارج الوطن ؟اهداء الى حب السيدة رقية
بتاريخ : 27-06-2011 الساعة : 02:48 PM
الغربة خارج الوطن مؤلمة ومحزنة وقاسية لمن جربها وعاش لياليها السود وأيامها الكئيبة
حين تكون وحيدا بلا أنيس ولا ونيس ولا من يداوي جراحك إذا أصبت بها ولا من يجبر خاطرك أو عثراتك
ولكن هناك ما هو أسوأ من الغربة خارج الوطن
فـالـغــربــة داخل الـوطــن أشـد مــرارة وأفـظـع ألـمــا
( وظلم ذوي القربى أشد مضاضة --- على النفس من وقع الحسام المهند )
حين تحس أنك لم تعش الحياة التي تستحقها برغم جــدك وإجتـهــادك وصدقــك وحبـك لوطنــك
حدثني صاحبي - عفـا الله عنا وعنه وقــال :
أتمنى أن أكــون جــنــيًّـــــا !!
تركت دلة القهوة من يدي .. وإلتفت متفاجئا نحو صديقي الذي لا أعرف عنه إلا الجدية في الطرح
فإستدرك الأمر وقال لي ... صبــرك يا أخي .. لا تظن أني أهــذر أو أهــرف بما لا أعــرف
لو كنت جنيا فسأكون مرتاحا جدا في هذا البلد .. وراح أعيش صح !!!
وأكمل حديثة لي قائلا ..
في بلد تزيد مساحته عن مساحة 9 دول أوروبية لا أملك بـيـتــا يــؤويـنـي وصغــاري من غـدر الـزمــان
في بلد الـ 2 مليون كم / مربع وأكثر .. لا أملك شبرا من أراضي هذا الوطن الشاسعة
في بلد الــ 8 مليون وافــد .. يسرحون ويمرحون كما يحبون – لا أجد وظيفة تليق بشهاداتي وخبراتي
في بلد الإنسانية وإستيراد آلاف المرضى سنويا لا أجد موعدا مع دكتور يفحص علتي إلا بعد شهور طويلة
فأكون حينها قد شفيت أو قضيت نحبي وكلاهما بأمر الله وحده
في بلد خيره وصل لآخر الدنيا من شرقها لغربها لا أجد سريرا في مستشفى إلا بشق الأنفس وحـب خمسين خـشـمـا وكتـفــا
في بلـدي ... شهاداتي وخبراتي وعلمي ليس لها أهمية .. المهم هو الوظيفة
فكما يقال ( الجود في السوق وليس في البضاعة )
فإذا كنت جامعيا وتستحق المرتبة السادسة مثلا ... فلن تجد لديهم إلا وظيفة بالمرتبة الرابعة أو الثالثة .. هذا إن وجدت
وإن لم تقبل بها .. فغيرك سيقبل وستبقى بعين أهلك مـلـومــا مـحـسـورا على التفريط بهذه الفرصة العظيمة
في بلدي يتنافس آلاف الجامعيون وخريجي الثانوية العامة على وظيفة جندي !!!!
وهي وظيفة الأميـيــن في بلدي قبل ثلاثون سنة فقط
في بلد يتربع على أضخم مخزون نفطي في العالم كله ...
لا أملك قيمة علبة حليب نيدو لطفلي الصغير آخر الشهر !!
في بلدي خطط الوزارات الخمسية والعشرية العظيمة هي
كيف تجعل المواطن خـبًّـازا أو خـضًّـارا !!
وكيف نجعله يقبل بأي وظيفة تعرض عليه وبأي مرتب كان !!
في بلد المليارات ومقصد كل باحث عن الثروة تختزل الخطط التنموية يإيجاد وظيفة خادمة لإحدى بنات الوطن
وعلى كلام الطباخ ( غازي ) الشغل مش عيب ... مع اني لا أحمِّل غازي وحده مسئولية ما يجري
فالمقطوعة الموسيقية تحتاج إلى أكثر من عازف !!!
أي غــربــة أفظع مـن هـذه الـغــربــة ؟
حين تشعر بأنك لست في وطنك .. كأنك عابر سبيل مغترب .. فلا تفكر ببناء منزل ولا عائلة ولا مستقبل
لأن الأحلام الصغيرة التي يملكها جيراننا ومن هم أقل منا مالا وعددا وإمكانات تصبح لديـنــا مستحيلة ..
كيف أصبحت بهذا القسوة يا وطن ؟ من علمك ذلك ؟
كيف يبني أسرة من راتبه لا يتجاوز 2500 ريال وأحيانا كثيرة أقل من هذا الرقم ؟
وكيف نحمي أبنائنا من أخطار الإنزلاقات الفكرية والعقائدية والأخلاقية إن لم نمد لهم يد العون ؟
إذا كنا لا نستطيع القضاء على الفقر وأسعار البترول تتجاوز الثمانون وأحيانا المائة دولارا ..
فماذا سنفعل إذا إنتهى عصر النفط ؟
إذا كنا لا نملك خططا حقيقية لتحسين مستوى المواطن فورا وعاجلا وبأسرع الطرق .. فإن الفقر سيزداد والجريمة ستتضاعف
نشاهد جميعا كيف أن محلاتنا تغلق الساعة الثانية عشر مساء .. وتمنع الصيدليات والمطاعم من إستقبال الجمهور داخلها في هذا الوقت
والسبب معروف للجميع – لا داعي لذكره
وهناك توترات في الصومال وإيران وفلسطين – وأمريكا تلوح لنا دائما بالعصا والجزرة
ولازلنـا نـفكـر بعقليـة الستينات من القـرن الماضي
ونـظـن أنـنــا بـمـأمـن وخـيــر والأمـور تمـام
ولا زال عــديــد قــوات الجيـش قليلا وليس بحجم هذا الوطن الكبير !!
يقول المثل : شعب غير قادر على حماية وطنه لا يستحق العيش فيه
وأقـــول ..
وطن لا يستطيع توفير حياة كريمة لأهله – لا يستحق الدفــاع عنـه
فالشعوب هي التي تبني الأوطان ... وليست الأوطان هي من تبني الشعوب
كيف أقضي على إحساس العجز والخوف والإحباط الذي سببته لي يــا وطــن ؟
إذا كان هذا تفكيري وأنا في الثلاثينات من عمري .. فكيف يكون تفكيري إذا دخلت خريف العمر ؟
يــا ليتني كـنــت جـنـيــــــــا ... يــا أخي
ختـم كـلامـه بهـذه الجملـة والحــرقــة تمــلأ صــدره
وأسقط في يــدي .. وتمتمت خلفة سرا ...
( والله إن الجني عـايـش أحـسن مني ومـنـك
منقول للامانة
|
|
|
|
|