في كتاب ارشاد القلوب الى الصواب
عن أمير المؤمنين عليه السلام ان النبي (صلى الله عليه واله) سأل ربه ليلة المعراج فقال:
يا رب ومن أهل الدنيا وأهل الاخرة، قال الله عز وجل:
أهل الدنيا من كثر أكله وضحكه ونومه وغضبه
قليل الرضى،
لا يعتذر الى من أساء إليه
ولا يقبل معذرة من اعتذر إليه،
كسلان عند الطاعة
شجاع عند المعصية،
أمله بعيد وأجله قريب،
لا يحاسب نفسه،
قليل المنفعة كثير الكلام،
قليل الخوف
كثير الفرح عند الطعام.
وان أهل الدنيا لا يشكرون عند الرخاء
ولا يصبرون عند البلاء،
كثير الناس عندهم قليل،
يحمدون أنفسهم بما لا يفعلون
ويدعون بما ليس لهم
ويذكرون مساوئ الناس.
قال: يا رب هل يكون سوى هذا العيب في أهل الدنيا حمد ؟
قال: يا أحمد ان عيب أهل الدنيا كثير فيهم الجهل والحمق
لا يتواضعون لمن يتعلمون منه،
وهم عند أنفسهم عقلاء
وعند العارفين حمقاء.
يا أحمد ان أهل الآخرة رقيقة وجوههم
كثير حياؤهم
قليل حمقهم
كثير نفعهم
قليل مكرهم،
الناس منهم في راحة
وأنفسهم منهم في تعب،
كلا مهم موزون
محاسبون لأنفسهم يتعبون لها،
تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم،
أعينهم باكية وقلوبهم ذاكرة،
إذا كتب الناس من الغافلين كتبوا من الذاكرين،
في أول النعمة يحمدون وفي آخرها يشكرون.
دعاؤهم عند الله مرفوع وكلامهم مسموع،
تفرح الملائكة بهم يدور دعاؤهم تحت الحجب،
يحب الرب أن يسمع كلامهم كما تحب الوالدة ولدها،
ولا يشتغلون عنه طرفة عين
ولا يريدون كثرة الطعام
ولا كثرة الكلام
ولا كثرة اللباس،
الناس عندهم موتى والله عندهم حي كريم لا يموت،
يدعو المدبرين كرما ويزيدوا المقبلين تلطفا،
قد صارت الدنيا والآخرة عندهم واحدة.
نسالكم الدعاء.