|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 51434
|
الإنتساب : Jun 2010
|
المشاركات : 301
|
بمعدل : 0.06 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى العقائدي
نسيان الله .....
بتاريخ : 02-03-2011 الساعة : 07:58 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله أجمعين ...
سبحان ذي العز الشامخ المنيف ، سبحان ذي الجلال الباذخ العظيم ، سبحان ذي الملك الفاخر القديم ، والحمد لله الذي بنعمته بلغت ما بلغت من العلم به والعمل له ، والرغبة إليه والطاعة لامره . والحمد لله الذي لم يجعلني جاحدا لشئ من كتابه ، ولا متحيرا في شئ من امره ، والحمد لله الذي هداني لدينه ، ولم يجعلني اعبد شيئا غيره . اللهم اني أسألك قول التوابين وعملهم ، ونجاة المجاهدين وثوابهم ، وتصديق المؤمنين وتوكلهم ، والراحة عند الموت ، والامن عند الحساب ، واجعل الموت خير غائب انتظره ، وخير مطلع يطلع علي . وارزقني عند حضور الموت وعند نزوله ، وفي غمراته ، وحين تنزل النفس من بين التراقي ، وحين تبلغ الحلقوم ، وفي حال خروجي من الدنيا ، وتلك الساعة التي لا املك لنفسي فيها ضرا ولا نفعا ، ولا شدة ولا رخاء ، روحا من رحمتك ، وحظا من رضوانك ، وبشرى من كرامتك .
لنقرأ جيدا قوله تعالى :
( اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ )
وقوله تعالى :
( وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )
نستفيد من الآية العديد من الأمور المهمة نذكر منها في هذه العجالة :
اولا : من المسائل المهمة التي يبحثها علم الأخلاق مع علم العقائد هي مسألة نسبة الصفات الإنسانية إلى الله جل وعلا فأنت تقول لمن يساعد الفقراء انه كريم وفي نفس الوقت يتصف الله تعالى بأنه كريم .
والشيء الثابت والذي لا يقبل الشك إن الله تعالى ليس كمثله شيء فلا يشابهه احد من مخلوقاته ولا يصح أن نصفه بصفات المخلوقين وان تشابهت الصفات من ناحية الاسم لان كل ما يطرأ على المخلوق من تغيير وأحوال لا يطرأ على الله تعالى .
هذه الفكرة كمقدمة لفهم سؤال يرد هنا هو إن الله تعالى في القران العزيز نسب بعض صفات المخلوقين إليه ومنها صفة الرضا والغضب والنسيان وفي نفس الوقت نعلم ان الله تعالى وصف نفسه بقوله ليس كمثله شيء .
والجواب على هذا السؤال نقول بعد التوكل على الله ومنه العون والسداد :
هناك جواب اعتمده اغلب علماء العقائد ملخصه إن صفات المخلوقين التي نسبها الله تعالى إليه تطابق الصفات الالهية من ناحية اللفظ وتختلف من ناحية المعنى فقوله تعالى في الآية السابقة ( نسيهم ) لا بمعنى النسيان الحاصل على البشر وإنما يقصد به معنى أخر يختلف كليا ومنه مثلا الإهمال .
وجواب أخر وهو إن الله تعالى في هذا الجانب حيث نسب صفات المخلوق إليه انه تعالى يتكلم بلسان من يلي أمر البشر أي الموكلون على البشر وهم المقربون لله مثل الملائكة والأولياء وغيرهم .
فقد ورد ان رضا الله سبحانه هو رضا أهل البيت عليهم السلام حيث انه جل جلاله جعل هذه العواطف في نفوس أنبيائه وأوليائه وأهل البيت هم أعلى أولياء فيكون رضا الله ليس قائماً بذاته جل جلاله بل قائم بذواتهم سلام الله عليهم.
ثانيا : أن هناك مبدأ أساسي يقرره القران الكريم وهو إن الشخص الذي ينسى ربه فقد عرض نفسه لنسيان الله تعالى له والنسيان المقصود هنا الذي يكون بصورة متعمدة حيث يقدم الفرد مقدمات خاطئة حينها تسدل عليه شيء من حجب الغفلة ومنها عدم الاهتمام الجانب الإلهي عندها تستقر نفوسنا على الجانب الدنيوي فتصبح الدنيا مطلبنا ويكون ذكر الله تعالى ثانوي بل صوري .
ومنها إتباع الشيطان ومخططاته وتزينه الذي يؤدي إلى الغفلة ونسيان ذكر الحق تعالى كما قال الله تعالى في القران العزيز :
( اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) فالنسيان عائد إلى الاستحواذ والاستحواذ عائد إلى مطاوعة الشيطان .
ومنها عدم وجود المحاسبة والاستغفار لان المحاسبة تدعو للتذكر واللجوء إلى الله تعالى بينما يكون إهمال الفرد لمحاسبة دافع يوصل إلى الغفلة والنسيان كما قال تعالى :
( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا )
لان الهداية تحتاج إلى فهم وقناعة واطمئنان وكلها أمور قلبية والقلب هنا مقفل بل تحتاج سمع وقد أغلق الله طريق السمع فليس لهم هداية أبدا .
ومنها الانغماس بالملذات التي تؤدي تلقائيًا إلى نسيان الآخرة كما قال تعالى :
( فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )
ومنها عدم الالتفات إلى الآيات الإلهية عن طريق التفكر والعبرة كما قال تعالى :
( قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى )
ومنها الخوض في الباطل من حديث الدنيا والاستهزاء بالآخرين والسخرية فانشغلوا بذكر الناس واغفلوا ذكر الله تعالى فقربوا من الناس وابتعدوا عن الله تعالى كما قال تعالى:
( إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ )
وإما ما يخص نسيان الله تعالى للعبد فيمكن ان نفهمه من خلال إهمال الله تعالى للفرد الناسي وإبقاءه في الغفلة والانحراف وينسيه الله تعالى نفسه فلا يلتفت إلى مفاسدها فينسى نفسه بشواغل متدنية فيتردى في رجس الفسوق كما قال تعالى :
( وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )
ويتمثل نسيان الإنسان لله تعالى في البعد من رحمة الله تعالى يوم القيامة فلا تدركه الرحمة فيكون مصيره الخذلان والخسران قال تعالى : ( الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ )
وشيء أخر يتحقق في إغلاق البصيرة أي إغلاق منافذ عالم النور وقطع الاتصال بالله تعالى فيكون الفرد مقطوع الصلة بعطاء الباري تعالى وهو قمة التسافل والتردي والضلال .
ونختم بهذه الرواية عن سيد العارفين وأمير المؤمنين حيث قال له زيد بن صوحان العبدي : يا أمير المؤمنين،أي سلطان أغلب وأقوى ؟ قال (ع) :الهوى، قال فأي ذل أذل ؟ قال :الحرص على الدنيا،قال فأي فقر أشد ؟ قال:الكفر بالله بعد الإيمان,قال:فأي عمل أفضل، قال:التقوى، قال:فأي صاحب لك شر ؟ قال:المزين لك معصية الله، قال:فأي الخلْق أشقى ؟ قال:من باع دينه بدنيا غيره،قال:فأي الناس أكيس ؟ قال من أبصر رشده من غيه،قال:فأي الناس أحمق ؟ قال المغتر بالدنيا وهو يرى فيها من تقلب أحوالها،قال فأي المصائب أشد ؟ قال:المصيبة في الدين قال : فأي الناس خير عند الله عز وجل ؟ قال "ع" :أخوفهم لله وأعلمهم بالتقوى وأزهدهم في الدنيا.
أبو فاطمة العذاري
|
|
|
|
|