اهديكم كلمات رائعة للشيخ حبيب الكاظمي في "الغيبة" ،،،
- إن الغيبة هي من أسخف أنواع الحرام، ولكن كيف الناس لا يلتفتون إلى ذلك؟.. حرام سخيف، لأنّ المحرمات الشرعية عادةً فيها لذة وفيها فائدة، مثلا: السرقة فيها فائدة، إنسان يحصل على مال، ليس فائدة شرعية، ولكن يحصل على شيء.. وشرب الخمر فيه سكر، والقمار فيه ربح، والزنا فيه لذة، وأكل الحرام فيه شبع .... ولكن ما لذة الغيبة؟.. أيّ لذةٍ في الغيبة؟..
- إن هناك شيئا واحدا، وهو حبّ الانتقام.. إنسان محسود ويريد أن يتفوق عليه بشكلٍ من الأشكال يسقطه اجتماعياً، أو عنده عداوة مع الآخرين ...
- وهناك رواية عن النبي الأكرم (ص)، هذه الرواية من روايات الفريقين، يقول (ص): (الغيبة أشدّ من الزنا)!.. لماذا الغيبة أشدّ من الزنا؟.. الزنا أمر قبيح جداً، فمن يزني يسقط اجتماعياً إلى أبعد الأعماق.. أما الغيبة فإنا -مع الأسف- نراها أمرا طبيعيا في مجالسنا، ونقدم عليها مباشرة بعد أن ننتهي من مجلس العزاء، ونحن في أماكن شريفة: كالمسجد، والمآتم، والحسينيات.
- إن الدليل على أنّ الغيبة أشدّ من الزنا: الزنا عادةً عملية توافقية: شهوة في قلب هذا الشاب، وشهوة في قلب هذه الفتاة، فيتفقان على عمل لا ثالث في البين، ليس هناك تعدٍّ على حقّ الغير، ولا سرّ انكشف، وبعد فترة يتوبان إلى الله عزّ وجلّ.. ولهذا ليس هناك كفارة للزنا!.. كفارة الزنا أن تقول: أستغفر الله ربي وأتوب إليه!.. إنسان بعد مائة أو مائتي عملية محرمة، في ثانية وفي أقلّ من ثانية يتوب، هل من الممكن ذلك؟.... صاحب كتاب العروة الوثقى يقول بالنسبة للزاني التائب: الأحوط استحباباً أن يقول: أستغفر الله ربي وأتوب إليه.. أي يستحب وليس واجباً، إنما الواجب أن يعيش حالة الندامة الباطنية.. إذن في أقلّ من ثانية من الممكن أن يتوب إلى الله -عزّ وجل- ويطفئ بحاراً من غضبه.
- أما الغيبة ليست هكذا، من يقول الغيبة هكذا: فقط أن يستغفر الله وينتهي الموضوع؟.. هذا الإنسان الذي أسقطه اجتماعياً، وهتكه، وأهانه، وآذاه.. أي هناك طرف آخر، لابدّ -على كلام بعض الفقهاء- أن يستحلّ منه.. وإذا لم يمكنه الاستحلال، يقول العلماء في هذا المجال: دعها مستورة، وسل الله -عز وجل- أن يغفر لك، ويعوّضه خيراً.. ومن الراجح دفع صدقات عنه، ليس مرة أو مرتين أو ثلاث، بل إلى حدّ يجعله يرتاح فيه يوم القيامة، عندها سوف يتغاضى عنك إذا قدمت له هذه الحسنات.
- فإذن، هذه الورطة وهذه الأذية لماذا؟.. لماذا أوقعت نفسك في غيبة الآخرين؟.. والمصيبة أنهم -كما في تعبير بعض الأدباء- يقولون: الغيبة فاكهة المجالس!.. ومعروف أنّ الغيبة منتشرة في أوساط النساء، وذلك من أثر البطالة.. لأن الإنسان الذي يشغله همّ الدنيا، لا يغتاب؛ لأنه ليس متفرغا للغيبة، فكيف إذا كان يشغله همّ الآخرة؟.. هذا أصلاً إنسان ليس لديه مزاج أن يتكلم الكلام الحلال، فكيف بالكلام الحرام.. فإذن، إن الفراغ الباطني من موجبات الغيبة، والمؤمن في شغل عن هذا كله.