|
بــاحــث مهدوي
|
رقم العضوية : 65883
|
الإنتساب : May 2011
|
المشاركات : 1,191
|
بمعدل : 0.24 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتدى العقائد والتواجد الشيعي
بيان مفهوم التكليفِ وشرائطه وحُسنه ووجوبه وأحكامه
بتاريخ : 19-07-2013 الساعة : 04:50 PM
بيان مفهوم التكليفِ وشرائطه وحُسنه ووجوبه وأحكامه
============================
بحوثٌ في أصل العدلِ الإلهيِّ
================
ومَسائله العَقَديَّة
========
القسم الخامس في بيان مفهوم التكليفِ وشرائطه وحُسنه ووجوبه وأحكامه
============================ ==========
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاةُ والسلامُ على نبينا محمد وآله المعصومين
مَدخلٌ مفاهيمي :المبادىء التصورية للبحث:
=================== ===
مفهوم التكليف
==========
إنَّ مفهوم التكليف لغةً هو مأخوذٌ من الكلفة وهي المشقة وهو يعني الأمرَ بما يشقُّ :لسان العرب:أبن منظور:مادة كلف:
وأما مفهوم التكليف إصطلاحاً فهو إرادة مَنْ يجب طاعته على جهة الإبتداء ما فيه مشقة بشرط الإعلام
ويدخلُ تحت واجب الطاعة الله تعالى والنبي :ص: والإمام المعصوم:عليه السلام: والوالدُ والمنعمُ .:كشف المراد في شرح تجريد الإعتقاد:العلامة الحلي :ص197:
أو التكليف هو البعث والتحريك على الشيء والحث بالأمر والنهي الصادر من جهة عليّا واجبة الطاعة عقلاً .أولاً وبالذات وإبتداءً .ووجه دخول طاعة المعصومين في طول طاعة الله تعالى وجوباً
هو كونها متفرعةً عن طاعته ومصداقاً لطاعته بالتبع والتكليف .
قال تعالى.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء59
: وينقسم التكليفُ إلى تكليف إعتقاد و تكليف عمل
والتكليف الإعتقادي هو ينقسم إلى علم عقلي كالمعرفة بالله تعالى وصفاته وعدله والنبوة والإمامة وغيرها من أصول الدين
وعلم شرعي كالعبادات وإلى ظن كتحديد القبلة
وأما التكليف العملي فهو إما تكليف عقلي كرد الوديعة وشكر المنعم والإنصاف وترك الظلم من الواجبات العقلية وأما تكليف نقلي:سمعي: كفعل العبادات الخمس وغيرها مما لايستقل العقل بدركه ::اللوامعُ الإلهيَّة في المباحث الكلاميَّة: العلامة السيَّوري الحلي:ص222:بتصرف مني:
شرائطُ التكليف
========
وهي إلزامات معيّنة إما أن تعود إلى نفس المُكلِّف وهو الله تعالى في مقام الجعل والتشريع
ككونه تعالى عالماً بصفات الأفعال التي يُريدُ تكليف الإنسان بها
وإلاَّ أي وإن لم يكن عالماً بصفة مايُكلِّف به لجاز عليه الأمر بالقبيح والنهي عن الحسن .
وأن يكون المُشرِّع عالماً بمقدار الثواب الذي يستحقه الإنسان المُمتثل لتكليفه .
وإلاَّ لأوصلَ بعض الحق والثواب إلى مُستحقه فيكون ظلماً
ويجب أن يكون المُشرِّع وهو الله تعالى قادراً على إيصال الثواب لمستحقه وكونه لايخل بالواجب .
وأما أن تكون الإلزامات أو الشروط المعينة هي راجعة إلى نفس الإنسان المُكلَّف وهو الحيُّ البالغُ القادرُ العاقلُ الواصلُ إليه التكليف شرعاً.
من كونه قادراً على إمتثال ما كُلّف به عقلاً وشرعاً
وكونه عالماً بالتكليف حكماً وموضوعاً
أو إمكان أن يكون الإنسان المُكلّف عالماً بتكليفه وتمكنه منه فعلاً .
وإمكان آلة الفعل المُكلّف به نفسه في الواقع الموضوعي والفعلي إن كان الفعل ذا آلة .
وأما أن تكون الشروط والإلزمات المعيّنة هي راجعة إلى التكليف نفسه
كإنتفاء المفسدة في نفس التكليف لأنَّ التكليف المشتمل على مفسدة هو قبيحٌ عقلا.
أو أن لاتكون مفسدة للمُكلَّف في فعل آخر أو لغيره من المكلَّفين .
ويشترط في التكليف نفسه تقدمه زماناً على زمان الإمتثال والأداء له بمقدار يتمكن فيه الإنسان المُكلَّف من معرفته والعلم به
وكون متعلّق التكليف ممكناً في إمتثاله ومقدوراً عليه كماهيَّة الصلاة الواجبة وغيرها من العبادات مثلاً
ذلك لأنَّ التكليف فرعُ الإمكان والقدرة والعلم .
وأن يكون التكليف مُشتملاً على صفة حسنة زائدة عليه .
بمعنى يجب أن يكون في التكليف جنبة مشقة ما حتى يُحقق معناه ومفهومه
وإلاَّ فهناك أفعال يمتثلها الإنسان المُكلّف وهي مباحة ولامشقة فيها كالأكل والشرب والمنام .:اللوامع الإلهيَّة في المباحث الكلامية:العلامة المقداد السيوري الحلي:ص222/223:بصترف مني:
حُسنِ التكليف ووجوبه
============ :
من المعلوم في مباحث الحكمة أنَّ التكليف لو لم يكن واجباً عقلاً على الله تعالى
لكان سبحانه وحاشاه مُغرياً للإنسان في هذه الحياة الدنيا بالقبيح حيثُ خلق الشهوات في نفس الإنسان
وإمكان الميل إلى القبيح والنفور عن الحسن فلابدَّ من زاجر لتلك الأمور وهو التكليف : :انظر:شرح الباب الحادي عشر:المقداد السيوري الحلي :ص84:بتصرف مني
إنَّ الإنسان المُكلّف وإن كان ذو عقلٍ وإدراك إلاَّ أن هذا غير كافٍ في تعاطيه مع أشيائه الحياتية دون أن يكون للتكليف الإلهي أثراً عليه .
إذ مقتضى حكمة الله تعالى وإرادته هو أن تصدر أفعال الخير من المُكلّفين في هذه الحياة الدنياوهذا يتحقق بفعل حكمة وغرض التكليف نفسه .
وقد تقدّمَ أنَّ أفعالُ الله تعالى كلها حسنة ولها أغراض حكيمة ومُنتجة تعود إلى نفس الإنسان أو نظام الوجود .
وذكرنا أنه تعالى لايفعل القبيح ولايُريده أصلاً
لذا يثبت أنَّ في تكليف الإنسان جهات حسنة وهادفة وفيها مصالح فعلية.
وأهمها تعريض الإنسان المُكلّف للثواب
والثواب لايُنال إلاَّ بإمتثال التكاليف المعينة
وكذلك تحذيره من العقاب الآخروي والذي يوجب تكليفه من أول الأمر حتى يكون على دراية بذلك.
ولأنَّ إثابة من لايستحق قبيحة عقلا وشرعاً ومعاقبة مَنْ لم ينذر قبيحة أيضا
فيكون التكليف أمراً حسنا وواجباً عقلاً وحكمةً .
وقد ذكر العلامة الحلي(رحمه الله تعالى) وجهاً فلسفيا رائعاً في بيان حكمة وحسن التكليف
وقال مانصه
:: إنَّ الله تعالى خلق الإنسان مدنيا بالطبع لا كغيره من الحيوانات ولايمكن أن تبقى أشخاص الإنسان ولم يحصل لهم كمالاتهم إلاّ بالتعاضد والتعاون.
لأنَّ الأغذية والملبوسات أمورٌ صناعية يحتاج كلٌ منهم إلى صاحبه في عملٍ يستعينه عن عمله له.
حتى يتم كمال ما يحتاج إليه .
وإجتماعهم مع تباين شهواتهم وتغاير أمزجتهم وإختلاف قواهم المُقتَضيّة للأفعال الصادرة منهم هي مظنّة التنازع والفساد ووقوع الفتن
فوجب عقلاً وضع قانوناً وسنّةً عادلة يتعادلون بها فيما بينهم .
ثمَّ تلك السنَّة لو إستندً وضعها إليهم لَزِمَ المحذور
فوجب عقلاً إستنادها إلى شخص مُتميِّز عنهم بكمال قواه وإستحقاقه للإنقياد إليه والطاعة له وهو الله تعالى.
وذلك إنما يكون بمعجزات تدلُ على أنها من عند الله تعالى .
ثمَّ من المعلوم تفاوت أشخاص الناس في قبول الخير والشر والرذائل والنقصان والفضائل بحسب إختلاف أمزجتهم وهيئات نفوسهم .
فوجب أن يكون هذا الشارع(الله تعالى) مؤيِّداً لايعجز عن إحكام شريعته في جمهور الناس بعضهم بالبرهان وبعضهم بالوعظ وبعضهم بتأليف القلب وبعضهم بالزجر والقتال.
ولما كان النبي لايتفق في كل زمان
(إشارة منه إلى حتميّة ختم النبوة المحمدية وجوب فتح الإمامة المجعولة إلهيا نصبا ونصا)
وجب أن تبقى السنن المشروعة إلى وقت إضمحلالها وإقتضاء الحكمة الإلهية تجديد غيرها ففُرِضَتْ عليهم العبادات المُذكّرة بصاحب الشرع
وكُررتْ عليهم حتى يستحكم التذكر بالتكرير فيحصل لهم من تلقي الآوامر والنواهي الإلهيّة
منافع ثلاث
:1:
رياضة النفس الإنسانية بإعتبار الإمساك عن الشهوات ومنعها عن القوة الغضبية المُكدِّرَة لصفاء القوة العقلية .
:2:
تعويد النفس النظرَ في الأمور الإلهيّة والمطالب العالية وأحوال المعاد والتفكر في ملكوت الله تعالى وكيفية صفاته وأسمائه وتحقق فيضان الموجودات عنه سبحانه
مُتسلسلة في الترتيب الذي أقتضته الحكمة الإلهية بالبراهين القطعية الخالصة عن شبهات المغالطة.
:3:
تذكرهم ما وعدهم الشارع من الخير والشر الأخرويين بحيث ينحفظ النظام المقتضي للتعادل والترافد ثم زادَ الله تعالى لمستعملي الشرايع الأجرَ والثواب في الآخرة.فهذه مصالح التكليف عند الأوايل ::كشف المراد في شرح تجريد الإعتقاد:العلامة الحلي:ص198/199:
أحكام التكليف
========
:1:
إنَّ التكليف هو إلزامٌ إلهي عام في حق المؤمن والكافر
لأنَّ حكمته وعلّته حَسنة وهو واجب عقلاً مُطلقا
وكون الكافر لاينتفع به فهذا لايقتضي قبح تكليفه لأنَّ ذلك من سوء إختياره ولوجود التمكين في حقه كما في حق المؤمن.
:2:
إنَّ التكليف مُنقطع بمعنى أنَّ له أمداً محدداً في علم الله تعالى كتبه في حق المُكلّف لينال إستحقاقه بعد الإنقطاع والموت .
:3:
التكليف هو شرطٌ لإيصال الثواب إلى مُستحقه ووصول الجزاء إلى العاصي .
إذاً طبقاً لما تقدّم من حسن ووجوب التكليف الإلهي للإنسان وبيان شرائطه وأغراضه
يكون الإنسان المُكلّف مُلزماً أمام الله تعالى الواجب الطاعة عقلاً.
لإشتغال ذمته يقيناً بوجوب طاعة الله تعالى
وذلك يستدعي الفراغ اليقيني مما إشتغلتْ ذمته به عقلا.
ويضعه في جانب المسؤولية والمُنجزية أمام الحق سبحانه .
وبالنتيجة يكون الخيار العقلاني والشرعي مُنحصراً
بلزوم إمتثال ما علمه الإنسان من تكاليف وصلتْ
إليه بحكم العقيدة والشريعة الإسلامية الحقة.
والسلامُ عليكمُ ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
|
|
|
|
|