لقد تحرك الشارع النجفي بعد نشر أسماء بعض المشاركين في هذه الجريمة البشعة وبدأت المطالبة من السلطة بالقصاص منهم، وفعلا تم إلقاء القبض على أولاد البغدادي وإبن معجونة وآخرين وأودعوا لدى المدعو عبد المنعم والذي كان مدير الإدارة المدنية للنجف آنذاك والذي وعد بدوره أن يقتص من الجناة، ولكن الذي حدث وبعد مرور أقل من إسبوع على توقيفهم، فوجئ النجفيون بخروج الموقوفين من التوقيف، وقد أشيع بأن قام أحدهم بدفع رشوة مالية كبيرة لإخراجهم، فمن الذي دفع ومن المستفيد من ذلك؟!
وقد ظهرت منشورات في النجف من مجموعة من أهالي النجف موجهة للإدارة المدنية تندد بما جرى في الروضة الحيدرية المطهرة، وأعرض لكم بعضا من هذه المنشورات :
المنشور الأول :
بسم الله الرحمن الرحيم
بعض مطالب أهل النجف
من الإدارة المدنية لمدينة النجف الأشرف
بعد خمسة وثلاثين عاما من التسلط والقهر ومظاهر السلاح والتسلح وإرغام الناس على الإنخراط في الجيش الشعبي وجيش القدس، وبعد سلسله من الحروب الطاحنة التي حصدت مئات الآلاف من الأرواح البريئة، وبعد عقود من عدم الأمان والرعب من تسلط أجهزة الأمن والمخابرات والأمن الخاص وغيرهم، وبعد سنوات سود من كتم الحريات وخنق ألأنفاس، بعد هذا كله بات العراقيون بأمس الحاجة الى حياة الحرية واستنشاق عبير الإنعتاق، إنهم يريدون أن يعيشوا حياة كريمة شريفة بعيدا عن تلك المظاهر القمعية التي ذاقوا الأمرين من هولها وجورها، ان الواحد منهم يريد ان يحس إحساسا ملموسا بحريته وان يرى مظاهر الألفة والمحبة ترتسم على الوجوه، وأن يمشي في الشارع دون أن تستوقفه سيطرة أو يفرض عليه تفتيشا يعرض كرامته للإمتهان والتعسف.
إننا لا نريد كائنا من يكون يحيط نفسه بزمرة من المسلحين ويحصن نفسه بالمظاهر التي تشد أعصابنا وتستفزمشاعرنا، لقد أشبعنا النظام الساقط من تلك المظاهر بل وأتخمنا منها.
أما اليوم، فإنه ليس كثيرا على العراقيين عامة وأهالي النجف خاصة، أن يستمتعوا بجلسة هادئة لا تروعهم فيها عيون الأمن والمخابرات ولا تعكرها عليهم قعقعة أسلحة الجيش الشعبي وجيش القدس والتي لم ترفع إلا بوجه العراقيين أنفسهم ولم يحصدوا منها إلا مزيدا من الفقر والإذلال والتعسف.
إننا لكي لا يعود أزلام صدام في أسماء أخرى، ولا ممارسات صدام في أساليب أخرى، ولا المتشبهين بصدام في وجوه أخرى،
إننا لكي لا يعود كل ذلك نطالب بما يأتي :-
1. إنهاء مظاهر التسلح التي يحيط بها البعض نفسه خصوصا الذين يمثلون واجهة من واجهات الحوزة العلمية الشريفة. لأن غدو و رواح رجل الحوزة وهو محاط بالرجال المسلحين بالبنادق والرشاشات والرمانات اليدوية والسكاكين والخناجر والقامات والذين يعاملون الناس بالدفع والعنف والعنت والشدة، إنما يذكر بالأسلوب التسلطي القديم ويبعث في نفوس الناس القلق والكراهية والتوتر وعدم الإطمئنان، فضلا عن أنه يشجع كل من هب ودب على التجرؤ على انتهاك حرمة أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو ما حصل بالفعل قبل أيام حين اغتال المسلحون المحيطون برجل الدين ذاك - في داخل الروضة المطهرة وعلى أعتابها - عددا من رجالات المدينة الشرفاء. ولا شك ان المسيرات الضخمة والتظاهرات الحاشدة التي أحياها أبناء النجف الشرفاء بالتلاحم مع العشائر العراقية الكريمة التي وفدت الى المدينة المقدسة من مختلف مناطق العراق، لهي رساله واضحة وجلية على أن العراقيين يرفضون مظاهر العنف الديني والتهديد بالسلاح ويريدون من رجل الدين ان يكون مصداقا لقوله تعالى (الذين يمشون في الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما)، وليس المشي في ظل الرشاشات والرمانات والخناجر من المشي في الأرض هونا بشيء. ولما كان خروج رجل الدين ذاك بهذه المظاهر المرفوضة لا يليق، لأنها من مظاهر الجبارين، فعليه - إلا إذا كان يخشى شيء - أن يلازم منزله في الوقت الحاضر إسوة بغير من رجال الحوزة الى ان يستقر الوضع ويستتب الأمن والإستقرار، فذلك أجدى له وأنفع للمدينة. وبإختصار، فإن الناس يريدون من رجال الحوزة أن يكونوا قدوة حسنة يقتدون بها، ومثلا مضيئا للمحبة والتسامح والخلق القويم والحكمة، وهذه الخصال التي تمثل الأرضية الخصبة لإقامة ديمقراطية تقوم على حرية التفكير والتعبير وإحترام الرأي الآخر.
2. تجريد السلاح - بكل أنواعه - من كل من يحمله، وعدم السماح بحمله إلا لمن تخوله السلطة المعينة من قبل التحالف ومن ينتخبون ويخولون من قبل شيوخ العشائر والوجهاء في النجف وبالتنسيق مع السلطة المذكورة، والحرص بشكل خاص على إقامة نقاط السيطرة على مداخل الصحن الحيدري الشريف لمنع المسلحين من الدخول إليه وانتهاك حرمته.
3. فرض حراسة دورية على دوائر الدولة ومراكزها المهمة، وتنظيم دوريات ليلية وفرض منع التجوال أثناء الليل منعا من انتشار السراق وقطاع الطرق.
4. بسط السيطرة على جميع المرافق والمؤسسات والمنشآت العامة، وعدم السماح لأية جهة كانت بوضع اليد عليها، إلا إذا كانت مخوله من السلطة المذكورة.
5. عندما يستتب الأمن ويتعزز الإستقرار ويشعر المواطن بالأمان ويرون اختفاء مظاهر التسلحويطمئنون على أنفسهم وممتلكاتهم، فإنهم سيعودون الى مزاوله أعمالهم ورعاية مصالحهم.
والله من وراء القصد وهو الموفق
إنتهى المنشور.
وقد قام سماحة آية الله السيد السيستاني وباقي العلماء بإصدار فتوى تحرم التجاوز على المال العام وسرقته لأنه يخص كل العراقيين، أما السيد مقتدى، فقد أصدر فتواه المشهورة والتي حلل فيها أخذ المال العام (السرقة والسطو) على أن يقوم الآخذ بدفع الخمس الى سماحة السيد مقتدى، حيث أنه لم يكن له في ذلك الوقت أي دعم مالي بعد سقوط ولي نعمته صدام، وكان بحاجة ماسة لتمشية اموره ماديا، فقد كان مطلوب منه الدفع للقتله الذين استأجرهم في الجريمة حيث أنهم لم يصبروا عليه كثيرا، فقد قاموا بزيارته في مكتبه مطالبين بإجورهم، وعندما لم يدفع لهم، قامت بينهم مشكله وتلاها إطلاق نار وإصابة مجموعة ممن كانوا بالمكتب، كما وأصيب أحد أولاد البغدادي وهو من القتله برجله، وهذه الحادثة يتذكرها النجفيون. كما وتبين لاحقا بأن الطمع والرغبة بالإستيلاء على سدانة الروضة الحيدرية والتحكم بأموال النذور والهدايا، كان من الأسباب الرئيسية لاغتيال السيد حيدر الكليدار بالإضافة للأسباب التي عرضتها سابقا.
وهنا تحرك الحقد الطائفي التكفيري الصدامي بقيادة أحمد الكبيسي لنجدة مقتدى الصدر، فقد تكررت زياراته للنجف، ففي البداية كانت سرا حيث يأتي متنكرا ويلتقي بمقتدى الصدر في أماكن غير معلومة، وبدأت أموال الوهابية تتدفق عليه لتقويته حتى يتمكن من القيام بالدور المرسوم له بضرب الشيعة من الداخل، حيث أصبح جليا لهم بأن زمنهم قد ولى والى الأبد، وان الديمقراطية والحرية آتية لا محال، ولن يستقم لهم الأمر إذا إستمر الشيعة على توحدهم، فكانت فتنة التيار الصدري وقائده الهمام، حيث أسس ما أسماه ظلما وعدوانا بجيش المهدي والذي استخدمه لضرب كل من يعارضه من الشيعة، وهكذا عدنا من جديد الى عهد التآمر والإغتيالات والتشنجات.
في الحلقة القادمة سوف أتطرق الى منشور آخر وبعض الأحداث التي تزامنت معه.
شهود هذه الأحداث أحياء يرزقون، وسوف يسطع نور الحق ويتمكن الشرفاء من الإدلاء بشهاداتهم.
معلومات وتفاصيل مملؤه بالدم والرعب ومع هذا لازال هناك من النجفيين بالاخص من يؤله هذا المقتدى والى متى نستجير بالله وخصصت اهل النجف لأنهم كانوا شهود عيان على المجزره