"لا أستبعد استنجادهم بإسرائيل لحماية عروشهم …حكام العرب يكتوون بنيران مؤامرتهم على ليبيا"، قد يحسب البعض أن هذا العنوان هو لمقال، نُشر بعد نشر تسريبات عن إفتتاح رئيس الكيان الصهيوني شمعون بيريس، لأشغال قمة احتضنتها إمارة أبو ظبي، وحضرها وزراء خارجية 29 دولة من دول الخليج والجامعة العربية ودول أخرى أعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، إضافة إلى نجل ملك السعودية. حيث ظهر الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس على شاشة عملاقة في القاعة، يخاطب الحاضرين من ديوان “رئيس الدولة في القدس” في مشهد رسمي يظهر خلفه العلم الإسرائيلي، وانتهى خطاب رئيس الكيان الصهيوني بتصفيق كلّ الحاضرين.. قُلت قد يعتقد البعض أن المقال سالف الذكر نُشر بعد هذا الحدث الإنهزامي للأعراب وأشباه المُسلمين، لكن المُفاجأة أنه نُشر بتاريخ 16 مارس 2011، وكاتبه هو المُجاهد المرحوم جمال الدين حبيبي، الذي كان يرى بحقّ ما سيحدث بعد سنوات من انطلاق تنفيذ مُؤامرة "الربيع العربي". من أهم ما ورد في مقاله هذه الفقرة بالذات: "الجواب وبكل تأكيد سيصلنا عندما تندلع نيران الإحتجاجات بكل أنحاء الخليج "العربي"، فآنذاك، لن نستبعد أن يطلب أمير "إمارة المؤامرات" في قطر، من إسرائيل أن تُرسل له جيوشها لحمايته من الشعب القطري المغلوب على أمره"إضافة إلى ما كتبه: "هذه الدويلات المتآمرة، باتت تصلى نار الجحيم اليوم، لأنها اصطدمت بحقيقة حجمها القزمي، برغم تسخيرها لنفوذها المالي لشراء ذمم بعض القادة العرب"، و"دويلات مجهرية كقطر، موّلت حتى التواجد الأمريكي العسكري فوق ترابها، وموّلت الحملات الإعلامية والديبلوماسية، وحتى أجور "المعارضات المرتزقة" لزعزعة أمن واستقرار بعض البلدان العربية والإسلامية، كليبيا، واليمن ومصر وسوريا ولبنان، والسودان والصومال وتونس وحتى الجزائر، وغيرها من البلدان الإسلامية والعربية". بحكم قربي من والدي المرحوم جمال الدين حبيبي، كنت أستغرب كيف أنه تحاشى ذكر مملكة آل سعود بالإسم، وكان دائما يقول لي، "إنّني لا أستبعد على الإطلاق تورّط آل سعود في المُؤامرة، لكنني أفضل أن يستعيد السعوديون وعيهم، لأنهم سيكونون من بين ضحايا مُؤامرة “الربيع العربي"، وهم اليوم كدمية في يد مشايخ العمالة في قطر، الذين سيُورّطونهم بشكل مُباشر في المُؤامرة، وقد ينجو القطريون من تبعاتها الرئيسية، إلا أنّ آل سعود هم من سيدفع الثمن غاليا". وصدقت هواجس المرحوم، لأنّ آل سعود تحوّلوا إلى رأس الحربة في العُدوان على العرب والمسلمين، وهم من يقود الحرب على سوريا الآن، ويرفض أي حلّ سلمي للأزمة فيها، وهم من يقود حملة العداء للإتفاق الإيراني مع الغرب وأمريكا، وهم من يصطفّ الآن إلى جانب الكيان الصهيوني، ويُقيم معه غرف العمليات المُشتركة في الأردن، وهم من ينتقل أمراؤهم وعلى رأسهم بندر بن سلطان إلى الكيان الصهيوني لتنسيق المواقف العدائية ضدّ سوريا العروبة وقلبها النابض، وهم من يُريقون دماء اللبنانيين، ويصرفون الملايير، لتشويه "حزب الله"، الذي ألحق شرّ هزيمة بالكيان الصهيوني، إلى درجة أن قنوات آل سعود الفضائية وعلى رأسها "العبرية المُستعربة" لا تزال إلى يومنا هذا، تُحاول عبثا ترسيخ تسمية "حزب الشيطان" على المُقاومة الشريفة في لبنان التي استعادت شرف العرب والمُسلمين. أعود مرّة أخرى لمقال المرحوم جمال الدين حبيبي، لأقول له، لقد صدقت رُؤياك، وتوقعاتك، فآل سعود سقطوا أيما سُقوط، بل سقطوا في أحضان الصهاينة، وأكّدوا بالفعل تناغم تسميتي "آل صهيون وآل سعُود"، وتناغم كهذا، إنّما يُفسّر تشابه المرجعية الفكرية والعقائدية للصهاينة وأمراء آل سعود، فكلاهما يُكفّر كلّ من يُعارضه الرأي، وكلاهما يدّعي أنّ الله إصطفاه ووضعه في مرتبة أعلى من باقي البشر، ففكر الصهاينة وآل سعود، ما كان ليتوافق، لولا أن أصول الطرفين لها جُذور واحدة، وهنا يتوجب على الباحثين والمُؤرّخين تبيان الجُذور الحقيقية لآل سعود، لأن جُذور الصهاينة نعرفها جميعا. لقد تعمّدت استحضار كلّ ما سبق، لأنني بحق، كنت أنتظر أن يغرق آل سعود في مُستنقعهم الطبيعي، أي المُستنقع الصّهيوني، فاليوم أي الإثنين 2 ديسمبر كانون الأول (تاريخ كتابة المقال)، تابعت تطورات مُبادرة كسر الحصار عن غزة، على المُباشر، ولم أجد أي أثر لها لا في الجزيرة، ولا في الجزيرة مُباشر، ولا في قناة العربية العبرية، لكنّي بالمُقابل، رأيت كيف أنّ قناة الميادين، قَطعت برامجها، ونقلت الحدث على المُباشر، في وقت كانت قنوات أمراء مشايخ ومماليك الخليج "غير العربي على كلّ حال"، تُواصل بثّ سمومها بخصوص سوريا، فيما كان البعض الآخر منها يهتمّ بحال الأسهم في البُورصات، أو بثّ المُقتطفات الإشهارية لا غير، هذا المشهد برأيي كافٍ لوحده أن يُزيح الغشاوة عن أعين البعض، ممَّن توهّموا أنهم "يُجاهدون" في سوريا إبتغاء الجنة، فأية جنّة سيُبعث إليها من يُنفّذ مُؤامرات الصهاينة وحُلفائهم من آل سعود؟ في وقت لا يزال فيه الأقصى عُرضة للتهويد، والتدمير المُمنهج، فهل سمع أحد فوق الكرة الأرضية أنّ أمراء آل سعود الذين يحتلون الكعبة المُشرّفة، ويصرفون عائدات هذه الأرض الطيبة في كُبريات صالات القمار والملاهي الحمراء، قد وجّهوا ولو مُجرّد نداء استغاثة للمجتمع الدولي، لوقف فقط عملية تهويد الأقصى المُبارك؟ وكم صرف آل سعود على حماية الأقصى بالنظر إلى ما ضيّعوه في صالات القمار واللهو والبغاء؟ يكفي أن نُجيب على هذه الأسئلة، لنصل إلى قناعة أكيدة، وهي أنّ أهلنا في الشام الذين أُجبروا على تقديم أرواحهم ودمائهم لصون عرض كلّ العرب والمُسلمين، هم ومعهم كلّ الأشراف من العرب والمُسلمين، مَن سينجحون في تحرير القدس، وحتّى الكعبة الشريفة، من دَنس "آل صهيون وسعُود" ومن سار في فلكهم من التكفيريين، والمُقاولين لأمريكا الراعي الرسمي لتنظيم القاعدة الإرهابي، الذي يريد جُهّالُه إعادة كتابة القرآن، وتصحيح الشريعة الإسلامية بما يتماشى والفكر "الصُّهيُووَهّابي". ما دام أن الصهاينة وآل سعود قد جاهروا بتحالفهم، وعدائهم لمحور المُقاومة، واتفقوا على مُواصلة التنفيذ المُشترك للدسائس والمؤامرات، ضد سوريا وإيران والمقاومة الإسلامية في لبنان، وشراكة بين الصهاينة وآل سعود لن تكون في حساب أي عاقل، سوى شراكة على تصفية القضية الفلسطينية، وتمكين آل صهيون من هدم ما بقي من المسجد الأقصى، الذي قال عنه سُبحانه عزّ وجَلّ: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ" إلى آخر الآية، وبذلك لا أنتظر سوى حُدُوث هبّة غير مسبوقة من أحرار المُسلمين والعرب، لتحرير الأقصى والكعبة المُشرّفة من آل الجاحدين والكافرين، من الحلف "الصهيوسعودي" ومن سار في فلكهم.